بدأ النخر يدب في جسد المعارضة السورية وبدأت أعراض الحمى والتعرق تظهر.. فعلى خلاف الثورات الشعبية النقية التي تتواصل ليلا نهارا وبزخّات مظاهرات مليونية متواصلة كما اليمن ومصر فان هؤلاء الثوار يستريحون خلال الاسبوع ليصبوا جام غضبهم وانفلات أعصابهم ونزقهم يوم الجمعة بالرصاص وسياسة “الصدمة والرعب” التي اتبعها جورج بوش في ضربة العراق..البعض لايدري ماهي دلالة هذا الانفلات والنزق ..لكن المراقب لتسلسل الاحداث يستطيع بالضبط اعطاء الحكم الصحيح وتشخيص المرض..
نخلص من ذلك الى ان المتظاهرين يدفعهم هاجس الدافع الطائفي الذي يداعبه ويدغدغه لهم العرعور وقبله داعبه “العاوي” القرضاوي صاحب فتوى ..وهذا الجمهور الذي يريد جر كل السنّة السوريين الى الثورة جرا لم ينجح الا حيث الفقراء في الأرياف فيما السواد الأعظم من السنة السوريين شكّل الحاضنة الحنون الدافئة والراعية للوطن السوري وطوائفه المتعددة…. وجمهور الأرياف السني المتطرف نشأ خلال السنوات العشر الأخيرة حيث استمرت عملية الحقن الديني والطائفي بشكل غير مسبوق باستغلال هزيمة الحكم السني في العراق وتأجيج مشاعر السنة في لبنان بقضية الحريري المقتول بيد المشروع الشيعي كما يزعم الداعون لذلك
من الاشارات التي تدل على أن بعض الجهات بدأت تغير رهانها على المعارضة ظهرت في تغيير الخائن عبد الباري عطوان ينقلها بأمانة كساعي البريد للتهديد بالتمهيد للانسحاب من دعم المعارضة السورية بعد تلقيه أوامر عليا باستعادة موقفه التمثيلي الرخيص بالحرص على فلسطين ومستقبل الاستقلال العربي ..موقفه من المعارضة الليبية فبدأ يكتب ذامّا بها ويمثل علنا أنه صار يخشى على استقلال ليبيا في ظل هذه المعارضة المرتهنة للغرب وهو بالطبع يريد أن يقول للمعارضة السورية بشكل غير مباشر أنكم خذلتمونا وسنقول فيكم مانقوله في المعارضة الليبية ان لم تحققوا نجاحا على الأرض (أي كما يقول المثل: الكلام لك ياجارة بس اسمعي ياكنة أو بالعكس) وكلامه المبطن يعكس رسالة من مشغليه ومموليه
على الجانب السياسي اصيبت خطط المعارضة بنكسة اثر شيوع أخبار أن معارضين مثل عارف دليلة وميشيل كيلو يقومان الآن بالمشاركة بصياغة قوانين الأحزاب والاعلام وهما منخرطان في لجان الحوار الوطني وهما يقللان كثيرا من تصريحاتهما في الشأن السوري كمؤشر انسحاب ..المعارضة ردت بسعار المؤتمرات من أنطالية الى بروكسل للايحاء أنها تشد المراحل وتنتقل للخطوة التالية وهي الظهور بمظهر التنسيق والانتشار الدولي الواسع لكن هشاشتها واهتزاز ثقتها بنفسها ظهرت في غياب جمهورها الذي طنطنت بحجمه في غياب جمهورها الملفت للنظرفالمؤتمرات أحيطت على عكس التوقع بمؤيدي الدولة والاصلاحات والرئيس بشار الأسد لعقليات رجال العصابات وزعماء المافيا الذين لم يتحملوا مظاهرة منددة بهم في الغرب فكيف اذا وصلت هذه المافيات الى السلطة في سوريا؟ بل كيف نصدق أنها تفهم معنى المواطنة والرأي المغاير؟ بل كيف تعيب هذه العصابات على النظام عدم تحمله لمظاهراتها وهي مظاهرات عنف ودم وقتلة وشهود زور..
الأكثر من ذلك أن اهل الحكم لم يبد عليهم أي انشقاق رغم كل ماأشيع عن تفكك وانقسامات فيما تخلف معارضون علمانيون معروفون عن أنطاليا حيث اختلف المعارضون وتلاكموا في قاعات المؤتمر فيما لوح معسكر آخر من جبهة بروكسل أن الهدف لم يعد اسقاط النظام ..وتحاول مجموعة أخرى تنظيف اسمها بالنأي عن تصريحات برنار هنري ليفي وتحذير المجموعات الأخرى من التمادي في الانجراف خلف الخطة في سوريا..
كنت كلما تحدثت الى صديقي المعارض أحس أن المعارضة قد تحقق تقدما لأنه كان واثقا بنفسه منذ أسابيع ومتفائلا ويحدثني بحماس عن الشهداء والحرية الحمراء .. واليوم صار مصابا بعصابية غريبة وبموقف يطلق عليه نفسيا حالة انكار.. وبعد جمعة “أطفال الحرية” قال لي بعد صمت طويل عندما سألته عن انطباعه من هذا التحول العنيف وهذه المؤتمرات الهستيرية “ان الثورة في طور الانتحار..مبروك عليكم..هذا هو مصير الثورات التي تتولاها مافيات” وخرج لايلوي على شيء..
الرئيس بشار الأسد وقيادته تبرهن كل يوم على أنها القيادة الوطنية الكبرى والأنظف والأكثر جماهيرية ولذلك فانها تضيف للسوريين نصرا الى سجلات انتصاراتهم الأخيرة.. والسوريون كانوا بصلابة الفولاذ وكان كل مواطن سوري أشبه بدبابة ومدرعة من الفولاذ لم تتمكن كل مضادات الدروع المزودة باليورانيوم المنضب التي أطلقتها الجزيرة من طراز (عزمي بشارة) و(شاهد عيان) من اختراقها، ولم تتمكن الأسلحة الجرثومية والكيماوية باستعمال (صورة الطفل حمزة) و (المقابر الجماعية) من الوصول الى خياشيمهم..ولم تتمكن كاسحات الألغام في صحيفة “أورشليم” لعطوان من تطهير ميليمتر واحد من عقل سوري واحد عقله مسوّر بحقول ألغام مضادة للخيانة والفتنة..
المعارضة السورية فوق الشجرة
هذا المنشور نشر في المقالات وكلماته الدلالية فلسطين, قطر, نارام سرجون, أمريكا, أوروبا, أردوغان, إسرائيل, اﻷخوان المسلمون, اﻹرهاب, اﻹسرائيليين, القرضاوي, المقاومة, المجلس اﻹنتقالي, المعارضة السورية, الثورة السورية, الجيش العربي السوري, الجزيرة, الدبيحة, الرئيس اﻷسد, السعودية, الشرق اﻷوسط, الصحف, العرعور, برهان غليون, بشار اﻷسد, تركيا, جماعات مسلحة, حمد, حرب تموز, حزب الله, شاهد عيان, عبد الباري عطوان. حفظ الرابط الثابت.