ليست فقط الشوارع السورية هي المزدحمة بالمسلحين الملثمين الذين يمسكون بالسواطير والسلاح ويروعون الناس ويقيمون المتاريس والحواجز في الطرقات والأحياء بل ان شوارع الاعلام وحارات الصحافة العربية تشهد انتشارا كثيفا لميلشيا كتّاب وصحافيين يقفون في كل المفارق الصحفية ويتموضعون كقناصة “الاخوان المسلمين” على كل صفحات الجرائد يسددون طلقاتهم على كل حر يريد أن يفكر دون قيد ويمنعون الناس العاديين من القراء من محاولة الوصول الى الحقيقة ..والمهمة التي كلفت بها هذه الوحدات القتالية الصحفية هي التأكيد على سلمية “الثورة” السورية وتكذيب تسلحها وتلطخ يدها بالدم وامتلاء فمها بلحوم السوريين المهروسة ورفض كل الأدلة الدامغة على عنف الثوار وبربريتهم بل وتصوير الجيش والأمن على أنه جيش من القتلة والشبيحة الذين لايعرفون الرحمة والأخلاق ..أي عملية تبديل للحقائق على الأرض بعملية الصاق ممارسات هولوكوست بالجيش السوري وتصوير الثوار كضحايا المحرقة..كذبا وبهتانا..
يتدفق هؤلاء الكتّاب وبكثافة غريبة ويجوبون أعمدة الصحف وزوايا المواقع الاكترونية على عربات جرائد “رباعية الدفع” كمقاتلي طالبان .. وتأتي كل يوم شاحنات وناقلات الجنود (الاعلامية) وتقوم بانزال المزيد من تعزيزات المرتزقة بعتادهم على صفحات المواقع الالكترونية والفضائيات وبعضهم يقوم بانزال مظلي فوق الأخبار القادمة من سوريا ويستولي على مداخل الخبر ويمنع أي فرد من الدخول الى الموقع ويفرض حصارا على الحقائق ..
بعض الكتّاب تمت ترقيته الى مرتبة جنرال في معركة الاستيلاء على سوريا وبعضهم تمكن من الحصول على مرتبة فيلد مارشال (من مستوى مونتغمري في معركة العلمين الشهيرة)..ويتولى فريق الوحدات الخاصة من الكتّاب عملية قيادة الهجوم المعاكس الشرس على كتاب مستقلين ووسائل اعلام غير صديقة..
لم تعد القواعد العسكرية الأمريكية هي فقط الموجودة بغزارة في قطر والبحرين والامارات وعمان والسعودية والكويت وووو .. بل صارت لدينا قواعد عسكرية صحفية تتمثل في قاعدة (صحيفة الشرق الأوسط) وقاعدة (الحياة) وقاعدة (الجزيرة) وقاعدة (أورشليم)..الخ ..ومئات المناطق العسكرية الصحفية .. وكل قاعدة ومنطقة تضم عشرات الكتاب وأحيانا مئات منهم ينتشرون كل صباح على زوايا الأخبار ويقيمون الحواجز والمتاريس ويفرضون علينا اتجاها اجباربا نحو تأييد الثورة السورية وتكذيب كل مايقال عن بلطجيتها وزعرانها ومجرميها…انها بالضبط ديكتاتورية الاعلام التي لاتقل ارهابا وقسوة عن ديكتاتوريات وملكيات العرب..
أحد القادة الميدانيين الكبار الذي يتولى قيادة أحد الفيالق الصحفية ويتولى اقامة المتاريس في وجه عقولنا هو الكاتب حازم صاغية الذي يكتب في الحياة اللندنية … وحازم صاغية رجل معروف منذ زمن بعيد بأنه ضد مشاريع المقاومة وهو حاضنة دافئة رؤوم لقضايا اسرائيل، وبأن له نظريات تليين فكرة القبول باسرائيل فهو من يؤيد تبرير وجود اسرائيل بقبوله وترويجه لمثال اليهودي اسحاق دويتشمان من أن قصة فلسطين تشبه قصة شخص (اليهود) كان يسير في الفلاة فاعترضه وحش (النازية) فهرب مرعوبا الى بيت أمامه وجده بالصدفة (فلسطين) واقتحمه، فوجد ساكن البيت (الفلسطيني) الذي حاول منعه من الدخول فحدث الصراع … اي ان كل التخطيط الصهيوني للاستيلاء على فلسطين محض ترهات، والمساكين الصهاينة جاؤوا بلادنا لائذين مستجيرين لكننا قاتلناهم !!
وصاغية هو من يدعو للتعامل بلين مع اسرائيل ويعترض على التعامل بعنف معها لأن العالم – كما يقول- لايتفهم عنف الأكثرية (العربية) تجاه الأقلية (اليهودية) بل يتفهم العكس وعلينا أن نراعي مايتفهمه العالم !!…وصاغية يرى أن الدول العربية لم تفعل الكثير لتطمين اسرائيل وكان عليها استئصال المقاومين العرب من جذورهم وخاصة الاسلاميين منهم وتقديم رؤوسهم على طاولة المفاوضات..كي يطمئن الجمهور الاسرائيلي لنوايانا..
هذا هو بعض صاغية الذي ارتدى زي المحاربين والثوار مؤخرا على صفحات جريدة الحياة وامتشق بندقيته وأمطرنا بالرصاص دفاعا عن الثورة السورية …أما ماذا قال، فعجب عجاب ..قال صاغية معترضا على من رأى قندهار في حماة: يعلم هؤلاء، ونعلم معهم، أنه في مقابل كل صوت ارتفع في سورية داعياً إلى السلفية أو إلى حكم الشريعة، ارتفعت مئة ألف صوت داعية إلى الديموقراطية والوحدة الوطنية والسلمية …ويتابع المحارب صاغية قصفنا بزخات الرصاص من مدفع عيار 35 ملم: ان النظام السوري يصنِّف إحدى مدنه وبعض أبناء شعبه على هذا النحو. وأمر كهذا يدل على نظرة مترسِّخة في السادة الذين ما إن يرفض العبيد عبوديّتهم لهم حتى يواجهوهم بالرَّذْل ويُخرجوهم من خانة التمدّن المتعارَف عليها. هكذا، وبين طرفة عين وانتباهتها، يتحوّل «شعبنا العظيم» حُفَناً قندهارية متعصِّبة ترسّبت عن القرون الوسطى…
لايهمنا ما أضافه صاغية من أن حماة ليست قندهار وهو يجلس في مكتبه فالرجل كذب عندما اتهم النظام بأنه هو من يروج لهذه المشاهد القندهارية لأن أول من كتب عما رآه وشاهده من لحى وجلابيب وبراقع وحواجز وسلاح هو صحفية لبنانية اسمها غدي فرنسيس تكتب في السفير دفعت ثمن هذا التقرير بصرفها من عملها وهي (صحافية شابة، قادها الطموح أولاً واللهفة إلى الحقيقة ثانياً، لتصنع سبقاً صحفياً من خلال زيارتها مدينة حماة المنطوية على نفسها كـ “مدمن” على ارتكاب الجهاد الأكبر، والتوغل في أزقتها المحرمة على أهلها، والقفز فوق حواجز الإرهاص بالخوف أو الأمن، ثم لترسم لنا صورة أسطورية عما يجري هناك وتفتح أعيننا على الحقيقة التي طالما سعت إليها)..
صاغية لايستحي من الكذب علنا بل ويخبئ المقاتلين بجلابيبهم ولحاهم عن العيون ويريدنا أن نعتقد أن البنادق الاوتوماتيكية المنتشرة في المدن السورية هي بنادق للأطفال وأن السواطير هي قطع خشبية وأن الملتحين المسلحين والمكبرين في الشوارع هم أتباع فرقة الانشاد الوطني السورية في يوم العيد لحمزة شكور وتوفيق المنجد وأن الشباب من الأمن الذين ذبحوا في جسر الشغور سقطوا اثر توغل المارينز في البلدة لأن الاخوان المسلمين كانوا يلعبون معنا ببراءة لعبة الأطفال المعروفة (شرطة حرامية)..
ان المواطن العربي والسوري تحديدا يريد التخلص من قبضة الأمن ويريد الحرية فاذا به امام عملية انقلاب للاستيلاء عليه من قبل منظومة أمنية أخرى هي (الكتاب والصحفيين العرب) ومحاط بعساكر الصحافة العربية وناقلات جنودها وضباطها الأمنيين القساة الذين لايتورعون عن اعتقال عقله ودماغه وارادته واقتيادهم عنوة الى أقبية الأمن والمخابرات الصحفية العربية ومواقعها الالكترونية (لوضعه في الدولاب) ولتعليقه و”شبحه” (أي سحله وصلبه، ومن هنا كلمة شبيحة) ولمنعه من السفر الى أي بقعة للحقيقة
وسيصير السوري بعد اصلاحات الرئيس الأسد حرا من أجهزة الأمن السياسي ليحل محله جهاز أمن صحيفة الشرق الأوسط وقائدها اللواء طارق الحميد ومساعده اللواء عبد الرحمن الراشد ومدير مكتبهما المقدم غسان الامام ومجموعة صف الضباط المثرثرين على صفحاتها يوميا والذين يمارسون عمليات الاستدعاء و الاعتقال التعسفي لعقول القراء العرب وترهيبها باطلاق الشبيحة الصحفيين …
وهناك همس أن المشير وضاح خنفر يتولى قيادة (الفرقة الرابعة) في الجيش الصحفي المحاصر لسوريا وهو من المقربين للدكتور حمد..وهذه الفرقة التي يتولى قيادة الأركان فيها القومندان عزمي بشارة معروفة بدمويتها الصحفية ولديها قوة جوية تسمى الجزيرة وفيها فرقة من الكتّاب التي تلقت تدريبتها على يد الفرقة البريطانية الخاصة الشهيرة المسماة (جرذان الصحراء) المرابطة في الكويت منذ عاصفة الصحراء
صارالمواطن العربي والسوري حرا من اللواء علي مملوك وهشام بختيار وآصف شوكت وغيرهم في المخابرات العسكرية لتحل محلهم معتقلات صحيفة الحياة ويصبح العماد حازم صاغية الآمر الناهي للعقل السوري في أقبية جريدة الحياة وليصبح طلال سلمان محل علي دوبا..
وصار السوري حرا من قائد جهاز المخابرات – فرع فلسطين ليحل محله العميد الركن عبد الباري عطوان ومساعده العقيد صبحي الحديدي المعروف بانه ليس لديه (يمه ارحميني – انظروا الى نظرته الجهنمية في موقع صحيفة أورشليم).. صار السوري حرا من المخابرات الجوية ليحل محلها العقيد الركن أيمن عبد النور والمقدم غسان عبود ..ومقر عناصره الصحفية محطة أورينت وموقع كلنا شركاء المعروف بأن “العقل الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود”.. والقائمة طويلة لجيل الجنرالات الصحافيين المنتشرين والذين يحاصروننا ويتهيؤ لمرحلة قمعية جديدة وأقبية اعتقال لعقولنا ستكون أشد رهبة ورعبا من معتقلات أجهزة الأمن العر.
من هي خضراء الدمن التي تذرف الدمع الغزير وينزف قلبها على حماة والمدن السورية؟
روى لي أحد أصدقائي الذي عمل في مؤسسة اعلامية سورية قبل أن يتقاعد أنه حضر مؤتمرا صحفيا للسيد حسن الترابي (الوجه الاسلامي المعروف) في القاهرة منذ سنوات وعندما اقترب منه مراسل صحيفة الشرق الأوسط السعودية ليأخذ منه تصريحا سأله الترابي عن الجهة الاعلامية التي يمثلها كصحفي فأجابه بأنه ممثل صحيفة الشرق الأوسط السعودية، وهنا ابتسم الترابي ابتسامته الشهيرة وبانت أسنانه البراقة وضحك بصوت عال ثم قال للصحافي: هل تعرف ماذا نسمي صحيفتك في السودان؟ فتعجب الصحفي لكن الترابي قال: اننا نسميها خضراء الدمن”..وأتبع الترابي تعليقه الساخر بضحكة مجلجلة
وهذا اشارة لحديث الرسول (ص) عندما قال: “اياكم وخضراء الدمن” وقصد بها المرأة الحسنة المظهر في منبت السوء..وكما تعلمون فان صحيفة الشرق الأوسط تنفرد بلونها الأخضر لأنها بالفعل… خضراء الدمن..
نعم ان حماة هي قندهار وفي وضح النهار .. ياخضراء الدمن
هذا المنشور نشر في المقالات وكلماته الدلالية فرنسا, قطر, نارام سرجون, أمريكا, أوروبا, أردوغان, إسرائيل, اﻷخوان المسلمون, اﻹرهاب, اﻹسرائيلية, المعارضة السورية, الثورة السورية, الجيش العربي السوري, الجزيرة, الدبيحة, الرئيس اﻷسد, السوري, السعودية, الشقفة, الشرق اﻷوسط, الصحف, العرعور, بشار اﻷسد, تركيا, جماعات مسلحة, حماه, سوريا, سورية, عبد الباري عطوان. حفظ الرابط الثابت.