قصة قصيرة صارت معي .. دفعتني دفعاً للتفكير مليّاً والعودة لك بألف سؤال وسؤال ….
خذوا أسرارهم من صغارهم !؟…
هي هايدي الطفلة والجارة الشّقية التي لم تتجاوز طفولتها سنينَ عَشر ، دأبَت على مناداتي ” نافال – بالألمانية ” كلّما لمَحَتني، ويطيبُ لها محادثتي لساعات في كل ما يخطرُ ولا يخطر على بالِكم ، في السياسة في النظافة، في رائحة طعامي الذي تعشقه، أو في درسٍ إضافي خاص لمساعدتها في حلّ أمثولتها و تحضيرها للإمتحان ،أو في أمور التلاميذ اللاجئين ” الشاطرين” في مدرستها الذين يُعانونَ من التنَّمُر و”التمييز العنصري” ، كل هذا نناقشه من على سور حديقتنا المشتركة خلف المنزل ..
المدموزيل هايدي لاحظت ان سيارتي في اجازة طويلة وبالكاد تخرج للشارع ، وبالطبع للآنسة هايدي حبلُ أفكارٍ طوييييل وأسئلة لا تنتهي، فكانت لي بالمرصاد يوم الأحد الفائت حين لمحتني في الحديقة وبادرت فوراً وبكل تهذيب بسؤالي عن سيارتي المركونة بالأحرى عن سبب ملازمتي للمنزل ؟ وأسرَعَت بجلبِ درّاجتها وبالطَلب مني ان أُجهِّز درّاجتي للقيام سوياً بزيارة للغابة القريبة .
إنني تعِبة وأتمتعُ بصحبة قططي بالشمس ولا أرغب بالخروج ، هكذا أجبتها على أمَل ان تنسى الفكرة وتتركني بحالي ، إلاّ ان الآنسة هايدي كانت ترى رأياً آخر .. تمنَّت عليَّ أن نلتقي بعد خمسة عشر دقيقة امام المنزل سيراً على الأقدام … وهكذا كان ….
لم تُضَيِّع الآنسة هايدي دقيقة واحدة ، فبادرت بعد دقائق بسؤالي لماذا لا أمارس عملي كالمعتاد ولماذا أُلازم المنزل على غير العادة ايضاً وهي التي تُشَّبهني ” ببنت بطوطة” ؟ وتابعت بأنها تتفهَّم عملي، لكنها عاتبتني وخاب ظنها بي ، لانها لاحظت انني ربما كنتُ من “القطيع” الذي يحاولون تدجينه وتطويعه حسب قولها ، وآن الأوان لوقفة تأمل ويجب عليَّ ان اسمع نصيحتها القائلة بدون إعتراض:
-بأنّ فيروس كورونا موجود لكنه أكبر كذبة … لانه ربما صار عندنا وعندكِ كورونا ولم نشعرُ وتشعري به … ويبدو انه فيروس مُرَّكب في مختبر لخدمة شيئ ما .. ( هنا تحسَّستُ رأسي وبلعومي وقهقت)..
تابعت هايدي
-العدوى من الفيروس ممكنة لكنها أكبر كذبة .. لأنها لم ولن تلبس كمامة ولم تُصَبْ هي وعائلتها حتى الساعة بالفيروس…
-الحجر في المنازل خشية العدوى أكبر كذبة .. فهي لم ولن تبقى في المنزل .. ومع هذا فهي تتمتع بصحة ممتازة رغم كل التهويل والتحذير والتجييش الإعلامي !…
-عدم الإختلاط للتقليل من احتمال العدوى أكبر كذبة .. فهي لم تنقطع عن أحد وتمارس حياتها كالمعتاد وتتابع نشاطاتها بين رعاية دجاجاتها وكلابها وأرانبها ، و تحرص على ركوب الخيل وزراعة الحديقة وووو و .. رغم كل التحذيرات من نقل الفيروس .. وحثَّتني للعودة لحياتي الطبيعية ولي منها هدية تصنعها بيديها!.. فوعدتها بالتفكير …
وقفت هايدي امامي مثل الألِف وقالت بكل حواسها:
-رهاب القطيع !.. هذا هو رأي هايدي والدليل هو الهَوَس الحاصلفي تعقيم اليدين والأسطح وكل ما حولنا للوقاية من الفيروس وهو مبالغة وتهويل وتخويف … فلا يجب ان نُبالغ و لا يجب ان يتعرض جلد الإنسان لهذه المعقمات !!!… ألَم تسمعين برأي عالم الفيروسات البروفيسور شتريك؟ وبدون ان تنتظر مني الإجابة تابعت الآنسة هايدي هل تعلمين بأن الكثير من المعلومات الخاطئة التي تتداولها الميديا الألمانية ؟ هل تعلمين ان الفيروس لا يعيش على باب البيت ومقابض الأبواب ولا يعيش على الاسطُح ….ولا ينتقل كورونا باللمس أو المصافحة ولا فائدة من حجر الناس في بيوتها …. فكلما عشنا حياةً طبيعية لا نؤذي أمنا الأرض كلما هرب الفيروس!…
(لأنّ هايدي وعائلتها لهم فلسفتهم في العيش ببساطة تامة ، يعيشون كما عاش اجدادنا وأجدادكم بحذافير العيش القروي والمدني … يزرعون ويأكلون … ينسجون الصوف للكبار والصغار ويلبسون مما صنعت أيديهم … ويطيب لهم لحم وبيض الدجاج البلدي من حديقتهم… ويكتفون بالحصول على مونة سنوية من الفلاحين … ولا غَرَامَ عندهم بالتسوّق من المولات والأسواق العملاقة ووووو)…
وتابعت الآنسة هايدي عِظَتها وقالت:
-وهل تصدّقين الأخبار الرسمية عن خطورة الفيروس وعدد الوفيات بسببه فلربما كانت جلطة أو سكتة قلبية أو أمراض خبيثة سبب الوفاة أو ربما كانت أمراض الشيخوخة والسلام … أو هل تصدقين أعداد الإصابات الفعلية … أو عدد حالات الإصابات التي شُفِيَت !؟..
والأهم فيما خلصُت اليه تلك الطفلة العملاقة وبادرتني بالسؤال هل تعلمين ماذا حدث ويحدث وسوف يحدث في الخارج عندما طُلِبَ ويطلبون مني ومنك ومن الجميع ان نلتزم بيوتنا ؟..
هل تدركين انهم أرادوا لنا ان نبقى في المنازل ، وفي المنزل لا غِنى لنا جميعاً عن النت، فهل تعلمين ماذا ضخُّوا لنا من معلومات عوجاء وأفكار مريضة وعرجاء كي نمشي معهم كالقطيع !؟…
وتابعت هايدي تساؤلاتها وعاجلتني بنبرة الواثقة والعالمة والفاهمة وقالت: عما قريب ستفتح مدارسنا فهل ستقبلينَ بالشرط القادم على بساط الريح!؟.
وعاجلتها بسؤالي وما هو الشرط القادم؟
وكأنها كانت تنتظر مني هذا السؤال لتربح واحد صفر ، ففركت يداها بحرارة وغمزتني غمزةَ المنتصِرة :
يقولون انهم سيفرضون اللقاح على الجميع طلاباً وأساتذة ووووو فهل ستوافقين على اللقاح والشريحة الخفيّة كي تصبحين فرداً من القطيع الوديع أو الماعز الأليف ؟!..
ولم تنتظر إجابتي على سؤالها بل أتبَعَت سؤالها بتنبيهي إلى انها فتاة واعية ولا يمكن لها ان توافق على ذاكَ اللقاح الموعود، ويستحيل ان يوافق والديْها وكل محيطها على هذه التفاهات ، ولن يرتضوا ان يكونوا من الهمج الرُعاع وهم واعوون لكلِ ما جرى ويجري ولن توافق العائلة على اي لقاح ولو كان في ذلك مخالفة القوانين الألمانية !.. بإنحناءةٍ من رأسي أجبتُها بأن رسالتها وصلت ، ولكنّ ذلك لم يكفها فأومأت لي من جديد سائلة عن جوابي …. وألَّحَت عليّ للإجابة لأننا شارفنا على الوصول للمنزل …
وقبل ان نودّع بعضنا وبعد إلحاحها الشديد ،أجبتُها بأنّني أيضاً لن أوافق على أي لقاحٍ وحتى ولو أصبح إلزامي في المانيا وأنا أعتقد انه سيصبح إلزامي ، بل سأطلب من النائب الذي انتخبتُه والذي يُمثلني في مدينتي، ومن المختار ومن رئيس البلدية ومن وزير الصحة ومن وزير الداخلية وووو سأطلب منهم ان يُبادروا هم أولاً بلقاح أنفسهم من نفس اللقاح ونفس العيّنَة ، وبعدها سوف أنظر في الأمر … وقبل ان تستجمع أفكارها للتعليق سارعتُ لدخول المنزل…
بالأمس كان الزمن عندي يُراوح مكانه، وحين تأمّلتُ في عظّة هايدي وجدتني اليوم صباحاً أُهاتف و أُبشِّر : انا قادمة … فبعد ان إستجمعتُ نفسي وعدت لأخوض تجربة العمل بزمن كورونا … وهنا المفاجأة .. وفوجئت فعلاً بأنّ كورونا ايضاً في إجازة …
وبالمناسبة، يبدو ان كل ما يصدر عن معهد روبرت كوخ من توصيات وأوامر و وشوشات يتبنّاها السياسيون ذهبَ ويذهب أدراج الرياح !… لهذا السبب رأينا المستشارة الألمانية بالأمس خلال مؤتمرها الصحفي تشعر بالغضب الشديد (إعتراضاً ) اثناء تصريحها لأن أكثر رؤساء الولايات الألمانية عارضوا و كان لهم رأيٌ آخر يختلف ويتعارض كلياً معها ومع رأي معهد روبرت كوخ … رفضوا تمديد الحجر العام ورفضوا إغلاق الحياة العامة بل باشروا برفع الحظر المنزلي وفتح بعض المؤسسات ، وفتح الجامعات وحتى المدارس في بعض الولايات و العودة للحياة
الطبيعية مع أخذ تدابير الحيطة والأمن الصحّي …
صدق أو لا تصدق.. لولا ظهور بعض الكمامات اليوم على الوجوه ، ولولا قانون التباعد الاحتياطي متر ونصف لقلتُ لكم اليوم وكإنّ كورونا لم يكن … فالحياة بدَت شبه طبيعية وزحمة في كل مكان. أينما يمَّمتَ وجهك ترى اليوم حياةً شبه عادية !… فهل رافقَت هايدي أو تحدَّثَت مع كل هؤلاء وأقنعتهم بوجهة نظرها، أو هل فَلَتَ أكثر الشعب من نير السياسيين؟!..
عُدتُ يا هايدي .. والعودُ أحمدُ ..
مرتا مرتا … إنكِ تهتمين بأمورٍ كثيرة وتضطربين !.. إنما المطلوبُ واحد ..
الكلام ليس متل الفعل. عندما تكون الكورونا في بيتك وعندما تكون عاجز عن فعل أي شي من أجل قريبك المصاب عندها تتأكد بأن الفيروس هو حقيقة وليس وهم.
هذا الفيروس علمنا شيئا مهماً أو بالحري كشف لنا مدى الكذب الوقح عند الدول التي تعتبر نفسها دول ديموقراطية والتي تعطينا دروساً في الحرية والديموقراطية.
رغم أنهم غارقون في الأزمة ولا يعرفون كيف سيخرجون منها ولكي يخفوا على الشعب عجزهن ماذا يفعلون؟ بدأو بإنتقاض الصين!لأنها ليست ديموقراطية.شر البلية ما يضحك!