في السياسة الأسد لا يجامل بقدر ما يدير انعطافاتها على مستوى الداخل و الخارج من هنا تتأتَّى نظرة الباحثين عن معرفة الرئيس السوري كما يجب و كما ينبغي أن يكون وسط المسارات غير المحدودة لشيطنته في سجلات الشيطان الأكبر في العالم و شرطيه الأقذر ألا و هو العم سام , و أنا ككاتب أنظر إلى الأبعاد المبدئية و البراغماتية لم أرَ أفضل من هدوء الرئيس الأسد و من قدرته على تحييد الانفعالات و الشخصنة و من انطلاقه المبدئي إلى إكمال حماية سورية بعقل بارد براغماتي رغم أنَّه كرجل في عين العاصفة و رغم أنَّ بلده القوي تحت وطأة جرحه النازف في عيون و أطماع و مخطَّطات القوى الكبرى !
لا تنظروا إلى سورية من زاوية جيوحدودية فقط رغم أهمية هذه الزاوية في هذا العالم الموبوء مركزياً و حدودياً بل انظروا من خلالها بعين جيومركزية و ديموغرافية إلى كافة تفاصيل المنطقة لتعرفوا أنَّ دستورية الوجود الشعبي فيها لا بدَّ و أن تنطلق منها لتكمل التعاريف الدستورية داخل حدود سورية الكبرى و خارجها !
لم يكن الأسد في سرداب المهدي و لا في كهف ساراماغو ولا في جمهورية أفلاطون بل كان و ما زال بيده العليا يبحث عن سورية كلَّما وجدها و أوجد مخلوقاً خالقاً فيها و من أجلها , و هو نفسه وسط هذي الحرب الضروس و التكالب غير المسبوق على اقتضامها لم يجدْ بدَّاً من البحث عنها أكثر و أكثر دونما تردد و دونما وضع البوصلة على جبهة ضياعٍ جمركيّ أو تركها على مائدة القوى الكبرى ليزيحوا سهمها كما تشاء أفواههم و مصالحهم و شهواتهم و هُمْ مَنْ لهم ما لهم و مَنْ لهم في الداخل السوريّ المخترق بالمحتكرين و دواعش الداخل و تجَّار التبعيات العابرة للحدود رغم أنَّه كان عصيَّاً برجالٍ أبطال أفشلوا كلَّ اختراقٍ مَّما دفع هؤلاء إلى صبِّ جام غضباتهم و أحقادهم أكثر و أكثر على هذا البلد العظيم !
سورية تعبر بأجيالها الرقمية العواصف السياسية و ما زالت بطاقتها الذكية تصارع هويتها على تمويل أجندات استمرارها اليوميّ فهل تحملنا هويّاتنا الوطنية أم بطاقاتنا الرقمية أم أنَّ رقمنة الأشياء ستجعلنا أشياء مجرَّدة لا لون لها و لا طعم و لا رائحة على خارطة المجهول ؟!
بقلم زيوس حامورابي