كلام من رحيق الانجيل ..

عندما قرأت منشور الدكتورة ريم عرنوق احسست انني مطمئن جدا .. وأنني لم اعد أخشى على الوطن .. وعجبت كيف ان الربيع العربي مر من هنا .. ولكني عرفت ان تلك العاصفة السوداء تمزقت عندما اصطدمت بهذه الروح المخبأة فينا التي صاغت هذا الكلام الشبيه بالمعلقات الوطنية ..

كلام عفوي جدا وبسيط جدا لكنه يجعل احدنا يحس انه يملك مفاتيح العالم ومفاتيح الحقائب النووية في يديه كأي زعيم جبار وهو يثق بوطنه .. عجيب كيف أن بعض الكلام يتسرب كالماء الى أعماق الروح بين صخور اليأس وطبقات القنوط ليسقي بذرة تطلع منها شجرة من بين مفاصل الصخر لتعلن قهر الصخر والحجر .. من قال ان الكلام مجرد كلام ومن الكلام خرج الانجيل والقرآن؟ .. وبالكلام تغير الكون مرات عديدة .. فللكلمة تأثير كيماوي وفيزيائي .. عندما تتفاعل في داخل الارواح ..

وأتذكر كلام الامام حسين عندما اقترح عليه الوليد حاكم المدينة المنورة ان يقول كلمة “بايعت” ولينصرف بسلام.. فقال له مشجعا على لفظها: نحن لانريد سوى كلمة ياابن رسول الله .. فلتقلها .. ان هي الا كلمة .. قلها واذهب بسلام لجموع الفقراء .. فلتقلها .. ماأيسرها .. فقال له الحسين باصرار: تريدني ان أقول كلمة؟ مادين المرء الا كلمة؟؟ .. ماشرف الرجل سوى كلمة؟؟ ماشرف الله سوى كلمة؟؟ أتعرف مامعنى الكلمة؟؟ مفتاح الجنة في كلمة .. ودخول النار على كلمة ..وقضاء الله هو الكلمة .. الكلمة نور .. وبعض الكلمات قبور .. وبعض الكلمات قلاع .. الكلمة فرقان مابين نبي وبغي .. الكلمة نور .. ودليل تتبعه الامة .. عيسى ماكان سوى كلمة ..

الامريكيون لايريدون من قانون قيصر سوى ان نقول لهم كلمة واحدة وهي (بعنا) الجولان والقدس .. إن هي إلا كلمة.. قولوها وارتاحوا.. ولكن ماقالته هذه الرسالة الوطنية ان هي الا كلمة من مواطن سوري لايريد ان يبيع وهو لايخشى قيصر ولا دولة قيصر ولاجيوش قيصر و لا مال قيصر .. انها كلمات بسيطة تجعلك تحس انك تقرأ مقطعا في الانجيل وحوارا بين السيد المسيح وصيارفة الهيكل .. لأن هذا الكلام شرب من رحيق الانجيل حتما .. اقرأ وتمتع:

مسيح

الدكتورة #ريم_عرنوق مواطنه سوريه تدوس على قيصر
بسم الله وسوريا والمقاومه
د. ريم عرنوق 
فوجئتُ اليوم صباحاً باتصال من الكاهن  الأب الياس زحلاوي (أبي الروحي) … سألني من أول كلمة آلو  :
ـ ريم أنتي شو كاتبة ؟؟؟
وقع قلبي من الرعبة …. وقلتُ لنفسي : أكيد وصل للأب زحلاوي شي منشور مثير للجدل من منشوراتي المشاغبة ….
ـ ليش أبونا ؟؟؟ شو في ؟؟؟ والله أنا مظلومة ……
ـ مظلومة شو يا ريم ؟؟؟ في إلك مقال على موقع إعلامي ثقافي فرنسي كبير مترجم للفرنسية وقد أحدث ضجة في فرنسا …. المقال بعنوان ( ردّ امرأة سورية على قانون سيزر ) …. ماذا فعلتِ يا ريم ؟؟؟ لقد أبكيتِ الناس …. أنا نفسي رغم أني قرأته بالفرنسية لم أتمالك نفسي عن البكاء …… 
تصوري أن المترجمة بدأت مقالك بجملتك : بسم الله وسوريا والمقاومة ……
وكتبت بالتعريف بكِ :
( د . ريم عرنوق هي كنز مكتشف حديثاً , كلماتها تضع بلسماً على الجروح , لذلك فأنا أشاركها مع كل من يحتاج الشفاء …. )
بصراحة ابتسمت في قلبي الذي وقع قبل قليل , وسألت أبونا :
ـ يعني مانك زعلان مني ؟؟؟؟
ـ بالعكس يا ريم ….. فرحان كتير فيكي ……
هذا نص منشوري بالعربية بتاريخ 7 حزيران :
كلمتين هيك صغار قبل ما روح على الشغل ….
هاتان الكلمتان موجهتان للسوريين المغتربين , ليس جميعهم كي لا تقوم القيامة على رأسي , فبعض مغتربينا السوريين أكثر وفاء وإخلاصاً من العديد جداً من السوريين الفاسدين الخونة ….
هاتان الكلمتان موجهتان فقط للسوررين برا الذين قرأت البارحة منشورات حمدهم وشكرهم لله تعالى كونهم لا يعيشون معنا في سوريا , وقد وصل الأمر ببعضهم أن قال : كل مين بدو يحكي عن الحنين والاشتياق للوطن سأبصق في وجهه …..
تمام لهون ؟؟؟
وهما أيضاً موجهتان للسوريين جوا الذين كتبوا يعبرون عن رغبة عارمة لديهم بالهجرة , ساخرين بأنه في حال فتحت الدول أبوابها لهم سيزدحم مطار دمشق بالهاربين من جحيم الغلاء والفساد و و و ……
لهؤلاء فقط , ومليون خط تحت فقط , أوجه كلامي وأقول :
حبيباتي السعداء في دول برا الحامدين ربكم على عدم وجودكم معنا في سوريا ….
الله يهنيكم ويفتح بوجوهكم ويعطيكم ليرضيكم , يعطيكم لينسيكم إيانا …..
أجل أجل … ينسيكم إيانا …. نسونا يا أخي …. نسونا واتركونا …..
نحنا هون بسوريا مرتاحين هيك , مبسوطين يا أخي ….. متدايقين من الفساد والغلاء والدولار الحقير والتجار الوسخين والمسؤولين الحرامية و و و ….. بس مبسوطين ومرتاحين , رغم كل شيء , رغم نق الفيس والشعور العام بالقهر والدوار بسبب الدولار ….
نحن كالسمك لا نستطيع أن نعيش خارج ماء سوريا , نحن كالشجر نموت إذا انتزعت جذورنا من تراب سوريا ……
نحنا هيك يا أخي …. متعلقين بهالأرض , بهالتراب , ما فينا بلا بحرنا , بلا جبالنا , بلا زيتونا , بلا مية الشام وخير السويدا , بلا صابون حلب وحلاوة حمص ….
ما فينا ما فينا ….. ما فينا نعيش بلا ريحة هالأرض ….. أنا شخصياً ممكن موت نظامي إذا بنام 3 أيام برا سوريا …..
نحن عندما نتحدث عن الوضع الاقتصادي نتحدث من قهرنا , من وجعنا , من غضبنا , ولكننا رغم كل الزفت الذي في وضعنا الاقتصادي مستعدون أن نأكل التراب ولا نرحل …
أقسم بذات الله في حلب 2014 شربنا ماء المطر الذي جمعناه من الصواني على الشرفات عندما قطع عنا الإرهابيون ماء فراتنا , ولم نرحل , ولم نترك حلب ……
أليس هذا الماء ماء سمائنا السورية ؟؟؟ أليس هذا التراب تراب أرضنا السورية ؟؟؟
يا سيدي أحلى على قلوبنا من العسل ……
أنتو تصطفلوا , عم تحمدوا الله أنكم لست في سوريا … تصطفلوا ……. إذا كان لديكم ذرة احتمال للعودة إلى سوريا فقد ماتت الذرة ….. تصطفلوا …..
ونحنا كمان نصطفل …..
نصطفل في عشقنا لأمنا سوريا , سوريا أمنا التي ولدتنا بالألم وربتنا بالسهر وشالت من فمها وأطعمتنا , واليوم جار عليها الزمان وأنذال الزمان …. هل نتركها ؟؟؟ هل ننفر منها ؟؟؟ هل ينفر الإنسان من أمه الفقيرة المتعبة ؟؟؟ أم يقبل قدميها ويقول : سامحيني يا يوم إذا لحظة وحدة تذمرت منك .؟؟؟!!
عندما كنتُ صغيرة كان تعلقي شديداً بالكنيسة والمسيح والعذراء , كان إيماني بالله قوياً ومتجذراً داخل روحي …..
اليوم الله في عيوني هو سوريا , والمسيح هو كل جندي في الجيش , كل شهيد وكل جريح , والعذراء كل أم سورية أنجبت أبطالاً يحمون وطنهم ….
هذا هو إيماني اليوم , وأنا متمسكة به حتى آخر رمق … كنتُ متمسكة فيه بحلب عندما كان بيني وبين سكين جبهة النصرة شارع واحد , ولا زلت متمسكة به في دمشق وبين ليرتي والدولار 2000 ضعف ……
أنام وأصحو وأنا أقول : بسم الله وسوريا والمقاومة ………
الله يهنيكم حيثما كنتم , فقط لو كنتم عاشقين مثلنا لفهمتم كلامنا ……
حبة من ترابك بكنوز الدني ……
هذا المنشور نشر في المقالات, بقلم: نارام سرجون. حفظ الرابط الثابت.

2 Responses to كلام من رحيق الانجيل ..

  1. سلمى كتب:

    أنا عاشقة مثلكِ ، أعيش في الخارج من 25 سنة لكن قلبي مازال في دمشق جسمي هنا لكن روحي بالشام .
    “اليوم الله في عيوني هو سوريا , والمسيح هو كل جندي في الجيش , كل شهيد وكل جريح , والعذراء كل أم سورية أنجبت أبطالاً يحمون وطنهم”

    “حبة من ترابك بكنوز الدني ……”

    كلام رائع ، مع كل الشكر للأستاذ نارام.
    رابط الموقع الفرنسي:
    http://www.comite-valmy.org/spip.php?article11917

  2. سيف الشام كتب:

    بالفعل كلام مؤثر جدا يعيد الى الروح الحياة والتفاؤل بأن طائر الفينيق سينهض مجددا وأن الخير والحق لابد سينتصر مهما جار الزمن وعربد الباطل كل الشكر للدكتورة ريم وطنيتك وإيمانك يجب ان تكون منارة لكل السوريين

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s