آراء الكتاب: الربا و مشروع اسياد اليهود – بقلم: محمد العمر

أظهر الربيع العربي حقيقة ما كانت عليه الروح الوطنية لدى شعوبه من وهن و ضياع لم يكونا وليدا الصدفة و إنما نتاج عهود طويلة من الإهمال كان فيها القيمون عليها يؤمنون أنهم يولون أوطانهم و أشجانها كل الاهتمام
في حالتنا .. لم تفعل النظم التعليمية التربوية غير تعزيز النزعات القبلية و المذهبية و باقي الآفات المجتمعية حين تعاملت معها كإرث مقدس منزل لا يجوز الاقتراب منه ، و لم تر فيها ذلك المرض الخبيث الذي يجب المبادرة إلى استئصاله بأدوات العقل و الأناة قبل الشروع في أي محاولة لإلغاء الحدود بين الأقطار و القبائل الشقيقة ، و كان إغفالها المتعمد و مداراتها التي تهدف للحفاظ على وهم الوحدة الوطنية أو خلقها هي ما تسبب في استفحال أمره و تعاظم خطر المصابين به حتى صاروا واقعا وازنا معيقا لكل تقدم و لكل انفتاح حتى على أبسط أنواع الثقافة المحررة للوعي حيث تضاعفت الرقابة عليها لكيلا ينفذ عبرها أي طيف يثير حساسية أولئك المرضى المفصولين المقيدين بمآثر السلف و أحقاده و عفنه ، و الآن بعد أن وصلوا بالدولة إلى آخر رمق و كادوا أن يجعلوا منها أثرا بعد عين و في ظل الإرهاق و تعاظم الأخطار من كل صوب لا أفق منظور للالتفات نحوهم و مواجهتهم مواجهة علاجية نهائية ، لقد بدلوا جلدهم بجلود و بدلوا اسمهم بأسماء و ربما ننتظر منهم هبة أخرى أكثر فتكا و أكثر دموية قد لا نكون على قدر من الاستعداد لمواجهتها كما فعلنا للتو

thumbnailتات


قامت النظم التربوية على أساس النظرة الحزبية التي كانت مرغمة على تكوين صورة سريعة للمستقبل و راحت تتناهب المراحل لتصلها ، و بسبب ظروف نشأتها و ارتباطها هي الأخرى بخلفيات تاريخية و آنية ملحة لم تتعد بأي حال نظرة القبيلة و المذهب للعالم و إن بطريقة مغايرة و أكثر مرونة
ليس في كلامي انتقاد للأحزاب و إنما للسياسة التي اتبعت في تربية النشئ و لا أقصد حزبي أنا بعينه ليقيني أن أي حزب كان سيسلك بنهجه التربوي ذات المسار إن لم يكن أسوأ ، فقد تأكد لي أن الأسماء إن اختلفت أو الشعارات فالمقدرات ذاتها و خاصة الذهنية المؤدلجة ، لانبثاقها عن ذات البيئة و الظروف و هي بالمجمل تشترك بالنكران لغيرها و حتى لبعضها داخل الحزب الواحد ، و ليس في ذكر القبيلة و المذهب أي انتقاص لعرق أو دين و إنما ألمح إلى طباع التخلف و الجهل كحقائق مثبتة بأفعال أهلها
الفرق بيننا و بين قبائل بني إسرائيل واضح لدرجة أن فكرة المقارنة مضيعة للوقت و لكن يمكن الحديث عن الأمر بطريقة ما
هم أقدم لناحية فكرهم القبلي المتوحش لكن توحشهم انصب بخطره على الأغيار ، أما نحن فكان توحشنا و بطشنا منصبا على بعضنا و كانت أوطاننا ساحات تعيث فيها أحقادنا ، هم انطلقوا منذ قرون من كرههم للعالم لتحقيق أهدافهم ، أما نحن ننطلق كل مرة و كأن أهدافنا قد تحققت فلا ندري إلى أين نذهب ، فإذا كان شعارنا خلافة رسول نعامل الخلق الأقربين بالحرام و الحلال الخاصين بنا و بالسكين ، و إن كان شعارنا وحدة قومية نعامل الناس و كأن الوحدة قائمة و أي انتقاد للأسلوب يعامل صاحبه معاملة الخائن لقضايا الأمة و كالمرتد ، و إن كان شعارنا وحدة قومية على مستوى الوطن الواحد نكرس النفور من أخوتنا فيه و نصمهم بالعروبة لأنها تهمة تلصق بها البداوة كعار لا يليق بحضارتنا و رقينا ، و بعضنا رفع شعار الأممية و كان يدعو للإنسان و هو لا يلقي السلام لجاره في الخيمة الأخرى

 

thumbnailحمن
نظرة قبائل بني إسرائيل للعالم قديمة لم تشخ للحظة و لم ينل منها مرور الأيام بل هي من أحاط بالأيام و عملت على التحكم بمسارها حين اتخذت لها منهجا للعمل شمل العالم بأسره ، مشروعا محكما لا تفوته صغيرة أو كبيرة إلا لحظها و ابتكر لها من الأسباب ما يلحقها بخدمته ، و من العالم في نظر قبائل بني إسرائيل بكل الأحوال غير منبع للثروات و يزخر ببهائم الأعداء تسعى لإشباع غرائزها ، و من امتلك المال سهل عليه قيادة القطعان و من امتلك الخطة المحكمة سهل عليه التلاعب بميولهم و معتقداتهم و تغذية أحقادهم و تطرفهم ، و البداية كانت دائما مع النشئ الجديد ، بينما أجيال قبائل بني إسرائيل فعليها ألف طلسم و ألف حجاب يمنع الاقتراب منها لغير تلك الفكرة القديمة عن سيادة عالم مكتظ بالأعداء
يكفي أن نذكر يوم دخل المسيح فناء الهيكل و قلب طاولات الصيارفة و بائعي الحمام كدليل ساطع لتحريم المسيحية للربا ، و كيف استطاع اليهود بعد ذلك أن يتجاوزوا ذلك التحريم و جعلوها مشرعنة حتى وصل بهم الأمر أن أقرضوا بابا الفاتيكان لتمويل حملاته الصليبية المقدسة و أقرضوا الملوك و النبلاء لقاء إطلاق يدهم في جباية الضرائب لسداد فوائدها ليرهقوا العامة و يراكموا النقمة فيهم على ملوكهم و أسيادهم فيصبحون أداة طيعة للتمرد و العصيان و التخريب ، و كيف طوروا أساليبهم بمرور الزمن فأنشأوا البنوك كمنافذ قانونية محمية بسلطة الحكومات يمتصون من خلالها جهد و وقت الآخرين ما زاد من سلطتهم و سيطرتهم ، كانوا و ما زالوا أرباب المال و كان العالم و ما زال مليئا بعبيد المال
هذا التشتت و الضياع على مستوى الشعب الواحد و على مستوى مكون واحد من مكوناته و هذا اللامنطق و الفشل في التعاطي مع أبسط شروط الحياة هو أحد مرتكزات المرابين ، الذين سعوا لتخريب مؤسسة الدين و الأسرة و قيدوا الحرية بثوابت و مصطلحات لا معنى لها و دمروا الأخلاق و أسس القوة لدى معظم الشعوب التي شاركتهم في تحقيق مشروعهم فقام بعضهم بثورات ملونة و بعضهم بثورات الربيع و قبلهم كثر ممن دمروا دولهم و قزموها بدافع حق تقرير المصير
قال يهوه في كتابه
” يباركك الرب إلهك كما قال لك ، فتقرض أمما كثيرة و أنت لا تقترض ، و تتسلط على أمم كثيرة و هم عليك لا يتسلطون ”
و جاء في التلمود الذي يعكس أخلاق يهوه
” و قد أمرك الرب إلهك بأن تقرض المال للغوييم و لكن أن يكون ذلك لقاء فائدة “

هذا المنشور نشر في آراء الكتاب, المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s