انتهينا فى الجزء الثانى عند احتلال سيناء والجولان فى حرب خاطفة لم تواجه فيها القوات الاسرائيلية اى مقاومة تذكر , ولعل قراءة سريعة فى كتاب رئيس الاركان محمد فوزى فى ذلك الوقت حول قرار انسحاب الجيش المصرى من سيناء يعكس تماما حالة التخبط المزرية التى كانت تتخذ فيها القرارات المصيرية والتاريخية والاستراتيجية , كما ذكر الفريق فوزى انه اجتمع مع المشير ليعرض عليه خطة الانسحاب بناء على طلبه والتى سوف تتم فى عدة ايام , ليرد عليه المشير وانا لسه هنتظر ايام قرار الانسحاب صدر خلاص.
وحتى اللحظة التى اكتب فيها لم يعرف احد من اصدر قرار الانسحاب من سيناء وكيف نفذت القوات المسلحة القرار, وكيف انسحبت الفرق الرابعة للغرب ثم صدرت لها الاوامر بالعبور مرة اخرى للشرق والتمركز فى الممرات وعندما فعلت واضطررت للانسحاب مرة اخرى للغرب كان كبارى العبور تم تدميرها لتترك كل معدادتها سليمة فى سيناء .
انا لا ادعى شيئا انا اعيد قراءة وقائع ما حدث ومن اهم مصادرها .
صدر قرار وقف اطلاق النار 424 وقبلته الدول العربية وظل الخلاف فى تطبيقه حول ارض او الارض التى احتلت فى 67 لكن فى كل الاحوال العرب قبلوا وقف اطلاق النار على حدود 67 فماذا يعنى ذلك تحديدا اليس ذلك اعترافا صريحا بدولة اسرائيل, التى سبق ان اعترفت بها القوى الكبرى بالعالم , الم يكن ذلك خضوعا من مصر وعبد الناصر للشرعية الدولية التى لن تسمح ابدا بتجاوز الخطوط النهائية لدمار العالم كله .
حتى فى حرب الاستنزاف الم يغادر عبد الناصر اجتماع مجلس السوفيت الاعلى الاخير مهددا بالاستقالة اذا لم يقم الاتحاد السوفيتى بمد مصر بنظام للدفاع الجوى, والميج 27 حتى يوقف استباحة وعربدة الطيران الاسرائيلى لكل الاجواء المصرية, الم يوافق عبد الناصر على مبادرة روجرز بوقف اطلاق النار والدخول فى مفاوضات , حتى يمكن ان يستكمل حائط الصواريخ , وتوفى قبل انتهاء شهور المبادرة . والذى لم يوافق على مدها مرة اخرى كان انور السادات .
السؤال المهم طبقا للظروف الموضوعية للوقائع التاريخية هل كان باستطاعة السادات ان يأخذ قرار العبور فى ظل الفوضى الضاربة التى كانت تهيمن على الادارة المصرية خصوصا من هؤلاء الذين ظنوا انهم ورثوا عبد الناصر ,
قرار العبور كما قلت يتحمل تبعياته كاملة انور السادات , والجيش المصرى تم اعداده للعبور والتمركز فى شرق القناة . وقرار السادات بعدم الاستماع الى نصيحة الشاذلى بانسحاب بعد القوات من الشرق لمواجهة القوات الاسرائيلية التى تسللت الى غرب القناة والدخول في مفاوضات فض الاشتباك كان فى قمة الحكمة ولنعد لقرار الانسحاب من سيناء , وكيف تم تنفيذه وماذا كان يمكن ان يحدث اذا رأت القوات المصرية البعض منها يعود مرة اخرى لغرب القناة.
ولنعد الى كيف كان العالم على وشك حرب نووية بعد تهديد بريجنيف لينكسون عبر الخطوط المطلقة بالتدخل في الحرب اذا لم تحترم اسرائيل قرار قف اطلاق النار والعودة لخطوط 25 اكتوبر , خطوط 25 اكتوبر وليس الانسحاب الكامل من سيناء والجولان , .
قراءة السادات للوقائع على الارض ورؤيته التى لم نستوعبها حين ذلك حول مستقبل الحروب التقليدية والصراعات فى العالم تؤكد انه كان على حق وان اى اجتهادات اخرى مخالفة لم تختبر ابدا على ارض الواقع وستظل مجرد تصورات ذهنية نتيجة لإدماننا الشعارات المجانية والقيم المطلقة .
عندما صرح السادات ان حرب اكتوبر هى اخر الحروب اتهمناه بالخيانة بينما نتيجة للتطور الذى كان يحدث فى العالم فى ذلك الوقت حول الحرب عن بعد بعيدا عن خطوط القتال التقليدية كان ايضا على حق وليذكر لى احد متى كانت اخر حرب تقليدية بالعالم لم يتم احتوائها قبل ان تهدد السلم العالمى حتى حرب العراق وايران تم حسمها عن بعد بعد ان انهالت الصواريخ الايرانية على المدن العراقية .
ورغم التفوق الايرانى فى النهاية قبلت ايران وقف اطلاق النار وصرح الخمينى انه بقبول وقف اطلاق النار كأنه يتجرع كاسا من السم , ما الذى اجبره على ذلك اليس لان للعالم اصحاب يقودوا التطور الحضارى المذهل به , وان استدعاء القيم المطلقة والشعارات الدينية المجانية لن يحسم المعارك على الارض, ولن يسمح لها بتهديد السلم العالمى .
لن اتوقف طويلا امام كامب ديفيد ولعل نتائجها الان على ارض الواقع تؤكد ان ما تم ادراكه فى كامب ديفيد يعجز العرب الان عن مجرد التفاوض حوله وانا فى الحقيقة لست بصدد الحديث عن اتفاقية اوسلو ولا محادثات السلام وفك الاشتباك بين سوريا واسرائيل , فى سرد اخر للوقائع التاريخية واريد ان انتهى الى ما اود قوله فى النهاية حول الصراع الدينى العربى الاسرائيل الضمان الوحيد الوجودى للدولة الدينية اليهودية والذى لن يحدث ابدا الا فى ظل استمرار الصراع الدينى العربى العربى الذى يطغى ويدمر العقود الاجتماعية لدول المنطقة التى من بينها دول مثل سوريا ومصر تطور عقدها الاجتماعى عبر الاف الاعوام , و شكلت اعراف وتقاليد وشرائع بشرية انسانية تدير العلاقات بتحضر انسانى بالغ الرقى والتحضر بين شعوبها والا لنسال انفسنا كيف استطاعت دولة مثل سوريا ان تحتوى عشرات الملل والعقائد والطوائف فى هوية واحدة سورية , وماهى الصورة النهائية لها بعد ان تضع الحرب اوزارها , ما هى الصورة النهائية وهناك خليفة على الابواب ودولة خلافة تتشكل وبدعم ايضا من قيم دينية مطلقة وشعارات اسلامية مجانية , ودولة اخرى يقودها السلف الصالح الذى يظن انه بتطوير اسلحة دمار شامل سوف يضمن لها ان تناطح الكبار , وتتجاهل تماما انها تدار من الداخل ببرامج وتكنولوجيا هؤلاء الكبار , وسبق ان تحدثت باستفاضة عن الحرب السيبرانية القادمة التى ستدار فيها الحروب من غرف النوم وعدوك مستلقى على سريره , وسبق ان تم تجريب هذه الحرب مع ايران ومازالت انفجارات مفاعل نطنز تتوالى .
على اية حال حديثى ليس ابدا دعوة لليأس ولا للاستسلام وليس اكثر من قراءة متواضعة للحاضر ولما يحدث حولنا خصوصا هذا التقدم التكنولوجى الذى يحدث بالعالم , والذى يضع اسرائيل فى مأزق حول المستقبل كدولة دينية يهودية تستمد وجودها من غيبيات لن يضمن لها الاستمرار الا فى ظل استمرار الصراعات الدينية بين الملل والنحل والعقائد والطوائف زخذا البلاء الازرق بين ابناء المنطقة الذى تحيط بهم الاخطار الوجودية ربما لاول مرة فى تاريخهم بينما هم مشغولين باين يضعوا ايديهم اثناء الصلاة .
ليس امام العرب خيارات كثيرة للضغط على الوجود الاسرائيلى اليهودى فى المنطقة لكن ما علاقة كل ذلك بالصراع الدينى والتهديدات الوجودية لدولنا ربما يحتاج الامر لجزء رابع نعيد فيه قراءة كل الثوابت التى تقود حياتنا ولا علاقة لها بسياق حياة الانسان على الارض ربما نتذكر اننا مازلنا على الارض ولم نلحق بعد بالسماء.
===========================
تعليق من نارام
الصديق أحمد لطفي
التنبيهات: آراء الكتاب: الصراع الدينى العربى الاسرائيلى 3 – بقلم: أحمد لطفي (مصر) — نارام سرجون | Mon site officiel / My official website
كل الإحترام لكل عربي مقاوم الذي يعلم ان النصر قادم. شعاراتنا لا مجانية بل غنيه بالامل والعمل لمصلحة الانسان.
الدولار السيد العصار، عصر عقول بعض السياسيين فنشفت الحلول. الاعتراف بالهزيمه افضل من الخنوع والاستسلام المطلق. هل مصر افضل اليوم؟؟ لا.
قرارات قصيرة النظر وللاسف البعض مدمنون على سكة الفشل.
هذه حرب طويلة الأمد، لاجيال، والنصر قادم.
الشكر الكبير لتعلق نارام.