هاتفتني صباحاً صديقة وصحفية المانية ترغب بلقاءٍ وداعي معي قبل هِجرتها الى ما وراء المحيطات وإتفقنا على اللقاء مساءً…
بكثيرٍ من الوجوم حضَرتُ وحَضَرَت الصحفية على الموعد … مُتجَّهمة الوجه وكئيبة .. وسرعان ما كان خبر الانفجار محور حديثنا…
والسؤال الاول الذي سألته لي الصحفية هل تعتقدين انه حادث مأساوي فعلاً ؟..
بسرعة البرق خطرت لي فكرة ان يكتب كلٌ منّا اجابته ورأيه على ورقة امامنا وسوف نرى … كتبنا وتبادلنا الإجابات ويا للهول … كم كانت اجاباتنا شبه متطابقة !..
كان رأي تلك الصحفية الالمانية يتناغم جداً مع رأيي انا العربية رغم ندرة لقاءاتنا واحاديثنا!..
كتبتُ ما حرفيته انني بعد ان استوعبت صدمة الانفجار المزلزل اصبحت شبه متأكدة بأن الانفجار حصل بفعل فاعل.. ومحبوك بعناية فائقة الجودة … ومُتقَن بل شديد الإتقان .. ومُفتَعل وبأيادٍ مسمومة من الباطن وعن سابق اصرارٍ وتصميم … لأن المستفيد من الدمار الذي اصاب هذا الموقع الحيوي بإمتياز وما اصاب الجوار يدرك تماماً ماذا فعل ويفعل وسوف يفعل!.. وانا لا استبعد أبداً ان يكون الفاعلون جيران السوء من جهة الجنوب!..
والغريب ان الصحفية الالمانية أضافت مقهقهة:
جيرانكم يعرفون ومتأكدون من وجود اسلحة على شكل متفجرات ضمن حرم المرفأ اللبناني وحتى انهم قاموا بإظهار صورة الاقمار الصناعية لعين المكان الذي وقع فيه الانفجار!… وهذا ما دفعني للرَّد بأنني لا استبعد أبداً العمل التخريبي خاصةً ان جوقة جماعة الاربعتش من صقور وحمائم وصيصان وكلاب مستنفرون ، ما ان طلعت شمس الصباح حتى بدأوا بالإستثمار في الكارثة فتناوبوا على التصريح والتشكيك بحيادية وأهلية القضاء اللبناني ومطالِبين بلجنة تحقيق دولية وعربية محايدة !.. فعاجلتني قائلة:
يبدو انهم يفتقدون ويحِّنون للسهرات والليالي الملاح وعزومات الاشقر الماكر ميليس ويطالبون بعودته لإكمال ما بدأه عام 2005!.
وكان لافتاً جداً ومنذ اللحظة الاولى التي تلَت الإنفجار ما صدر عن المسؤولين في الحكومة اللبنانية الذين توالوا على الكلام والتصريح بكل حسمٍ وجزم بأن الإنفجار هو ناتجٌ ان حادث وليس تفجيراً بالتأكيد، وقبل إجراء اي تحقيق ميداني لأرض الحدث!.. لست ادري لماذا يحاول وزير الداخلية اللبناني على حصر اسباب الكارثة ” بالحادث ” ولماذا يستبعدون فرضية الإستهداف او التفجير ولمصلحة من !؟..
وكان لافتاً جداً كما ذكرت نشاط اوركسترا جماعة الاربعتش التي عادت بذاكرتي الى14 شباط 2005 ولقاء البريستول لا سيما فحيح رأس الافعى بيك المختارة الذي سارع بالامس الى قيادة سيارته مصطحباً ولي عهده البيك الصغير الى جانبه قاصداً زيارة سعدو في بيت الوسط للإطمئنان عليه كما قال ، وكإنَّ سلامة الشعب اللبناني لا تهم البيك وكإن من احترق واستشهد ورُدِمَ بفعل التفجير ليس بإنسان ولا يستحق الحياة!!. وكإن الدنيا امن وامان ولم يعُد مستهدفاً كما كان يدَّعي !..
بتُّ لا استبعد بل على يقينٍ تام بأنّ من استقبل مجرم الحرب وجزّار صبرا وشاتيلا على درج المختارة هو نفسه الذي سَّهَل عِبر وزير الاشغال والنقل المحسوب عليه غازي الفاسد المتشدِّق العريضي بالسماح للسفينة المشؤومة بتفريغ حمولتها وتخزينها فيما بعد في المرفأ!..
وهذا ما يفسر لنا لماذا وكيف امر بيك المختارة منذ زمن بتخزين البيوت والمخازن ودور العبادة بالقمح والحنطة والحبوب والمواد الغذائية بكميات عملاقة وكأنه يعلم بكل تفاصيل ما سوف يحدث في مرفأ بيروت!!..
ودَّعت صديقتي التي تغادر بلادها الى غير رجعة وانا مذهولة من تطابق آرائنا في بلاد اليورو وإختلاف آراء اللبنانين على ارضهم التي اصبحت منكوبة في تجهيل السبب والمُسبِّب وتهميش الفاعل والمستفيد فعلاً من الكارثة التي حصلت!..
ويبقى السؤال هل يعيد التاريخ نفسه !؟.
حادثة اغتيال الحريري عام 2005 سبقت حرب تموز عام 2006 ومحكمة دولية عبثية دفعنا اثماناً باهظة لها من جيوب اللبنانيات واللبنانيين دون جدوى !…
فهل تسبق اليوم كارثة تدمير مرفأ بيروت حرباً تلوح في الافق بالجوع والحصار والافلاس والاقتصاد ، ومحكمة دولية قادمة على بساط ريح حكم محكمة الحريري !؟..