آراء الكتاب: آهٍ يا بيروت …آهٍ يا نزار – بقلم: متابعة من ألمانيا

يا صاحبة القلب الذّهب .. جعلوكِ بالأمسِ وقوداً وحطب ..رماداً وغضب..
سامحينا يا أطهر ويا أجمل ويا أطيب ويا أعظم بيروت ..

عذراً نزار
آهٍ يا نزار … ما الذي أكتبُه بعدك ..
وكإنّك تنبَّأتَ بما يخططون وعلمتَ ما يضمرون..

آهٍ بيروت ونزار ..
هل بعدكُما من شِعرٍ يُغَنَّى .. هل بعدكما من حبٍ يُسمَّى.. وهل بعدكُما من إسمٍ يُكنَّى..

850723

عذراً نزار ..

أُنبيكَ يا نزار بأنهم باعوا بيروت في سوق الإماء والنخاسة ..

أُنبيكَ يا نزار بأنهم تركوا بيروت بالأمس تموت وحيدة شهيدة ..
أُنبيكَ بأنهم باعوا أساورها المشغولة بالياقوت..
أُنبيكَ بأنهم صادروا خاتمها السحري وقصّوا ضفائرها الذهبية ..
أنبيكَ يا نزار بأنهم شطبوا وجه بيروت بالسّكين والتَّفجير ..
أُنبيكَ يا نزار بأنهم ألقوا ماء النار على وجهها … وسَّمموا ماء البحر .. ورَّشوا الحقد والنّار على شطآنها الوردية!..

أُنبيك يا نزار بأنهم بالأمس قتلوا كل البحرَ والحياة في قلب بيروت..

أُنبيكَ يا نزار بأنهم بالأمسِ قتلوا البشرَ والحجر على وجه بيروت .. والحُّب فيها أصبح لاجئاً بين الوف اللاجئين كما توقعتَ وكتبتَ ونشرت..

ذبحنا بالأمس يا نزار ذاك التفجير اللعين من غير معنى ..
أفرغنا من أهلنا ومعانينا تماماً.. وبعثرنا في أقاصي الأرض..
منبوذين مسحوقين مرضى ومُتعبين ولاجئين لا سقف يحمينا ولا مشفى يداوي جراحنا ولا من يحمينا..

وهذه المرة يا نزار لم يغدرُ بنا العدو .. لكننا إِنتُحِرنا بطُغمَةٍ من أرذل البشر .. هذه المرة حُرقنا ورُدِمنا بسببِ غشّ اللاعبين في كل الدكاكين من خريجي مراحيض السياسة .. وأشباه البشر ..

آهٍ يا نزار كم تتعذَّب عواصمنا ونتعذّب ..

عذرا نزار ..

لم تَعُد حجارة بيروت تكتبُ شِعراً ..
لم تَعُد أشجار بيروت تكتب شِعراً ..
لم تعد حيطان بيروت تكتب شعراً ..
قتلوا البشر وسَّمموا الحجر والكورنيش والبحر..
وأصبحنا نفتش عن بيروت بين الحطام ونصرخ كالمجانين ضيعانك يا بيروت..

عذراً نزار ..

هل تعلم يا نزار بأن الشمس والمينا في بيروت صارتا كرةً في أرجُل المرتزقين..

هل تعلم يا نزار بأن الشّام الجريحة بعدك تأبى إلا ان تُكفكف الدَّمع وتمُدّ اليد لتوأم روحها بيروت رغم انف الحاقدين…

هل تعلم يا نزار بان إستقلالنا لا يزال في خطر !؟ ..
هل تعلم يا نزار بأنهم حاصروا وحاولوا قتل وقطف ياسمين الشام عنوةً!؟..
هل تعلم بأنّ فاقدي العزة والكرامة لا يخجلون وإنّ “خمسين الفاً من مسّقفي ” بلاد الشام لا يشبهون ولا يحملون جينات رجالات الاستقلال .. يسرقون السيف الدمشقي ويرفعون علم الإنتداب ويُسَّلمون الرئيس الفرنسي بالامس عريضةً تطلب فيها وتتمنى عودة الإنتداب الفرنسي الى لبنان!… يا للعار يا للعار ..

هل تعلم يا نزار بأن الدّم العربي سال من جديد ودون تمييز في بيروت..
هل تعلم بأن دماء العشرات والمئات من العمال السوريين واللبنانين وغيرهم سالت بالامس وإمتزجت في مرفأ بيروت..
هل تعلم يا نزار بأن عائلة سورية من أم وخمسة اطفال حضرت منذ ايام الى بيروت بانتظار رحلتها الى المانيا واستشهدت بالكامل في التفجير وبقي الاب مفجوعاً في المانيا لا يعلم مصير عائلته لأيامٍ وأيام!!…

وكإنّ القدرَ يذكرنا بأن ست الدنيا بيروت هي توأم قاسيون وياسمين الشام .. وبيروت هي الرفيقة والابنة المدللة لبغداد … وحبيبة قلوب قاهرة المعز .. وزميلة بلاد المغرب العربي ووِجهة الخليج الذي كان عربياً واصبح عبرياً بامتياز ..

سامحينا يا بيروت ..

انه زمن العار

وبئس هذا الزمن يا نزار ..

بئس هذا الزمن يا نزار الذي أصبحت فيه عواصم العرب ودول الطوق ذبيحة جريحة لا حول لها ولا قوة!..

بئس هذا الزمن الذي ينام فيه العدو شامتاً قرير العين بفضلكم ايها الساقطون المتآمرون!..
.
وسقى الله ايام “الوصاية” السورية حسب قولهم .. الوصاية التي بنَت وحمَت ودافعت وحَلَّت مشاكل صيصان السياسة وحافظت على لبنان وقصمت ظهر أشباه الرجال..
إنه خراب آب يا نزار…

يا نزار .. بالامس كان عباقرة فرانكوفونية لبنان وفلاسفته الأوريجينال يستجدون الإنتداب الفرنسي من ممثل الأم الحنون المندوب السامي الجديد الذي أشبعَ الجنس اللطيف تعبيطاً وتقبيلاً… غير عابئٍ بعدوى وفيروس في مشهدٍ معيب مهين وغير مسبوق!!….

يا نزار .. كانوا يتوسلون بالأمس الى ماكرون النزيه العفيف وأبو الديموقراطية ان يأتي لهم بالانتداب على بساط الحرية … ونسوا وتناسوا ان الام الحنون فرنسا إعتقلت وتعتقل البطل الاسير ظلماً وعدواناً في السجون الفرنسية منذ أنتهاء فترة سجنه من سنوات وسنوات إرضاءً لعدوٍ غاصب ومجرم !..
ولست أدري يا نزار عمَّا إذا تجرَّأ المسؤولون في بيروت بالامس على النطق والكلام (بعد ان تم تقريعهم وتأنيبهم وإهانتهم ) في الطلب من ماكرون اطلاق سراح البطل العربي جورج عبدالله فوراً ودون قيدٍ او شرط !؟؟؟…

يا نزار … كما سّلموا القدس وكما سَّلموا بغداد وحاولوا تسليم دمشق .. ها هم اليوم يريدون تسليم بيروت التي تُحب ونُحب الى الأفاعي والحيتان من جديد!..

هذا المنشور نشر في آراء الكتاب, المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s