عندما قابلت صديقي زيوس منذ بضع ساعات لم يكن مبتسماً كعادته و لعلَّه هو الأولى بامتلاك تعريف الابتسامة و بقيت أسأله مراراً ما بك يا زيوس يا حامل لواء الزمن الجديد فقال هل يفشل الحبّ بالحبّ أم نفشل نحن في تعريف الحبّ بالحب و من قال أنَّ الحبّ مسخَّرٌ لإقناع الحبّ بالحبّ فالحبُّ انفجارٌ عظيم لكنَّه لا يحوّلنا إلى شظايا بقدر ما يلملم شظايانا و من قال أنَّ الحبّ يقبل الروتين و يرضى أن يتحوَّل إلى كائنٍ رتيب تحزر أفعاله قبل أن تبدأ و تخمِّن نهاياته قبل أن تصير؟!
لا يا صديقي الحبُّ هو ضياعٌ نلاقي به أنفسنا و نعاود الضياع ليتقد أكثر و أكثر و لعلَّ مايا حبيبة زيوس المغرقة في الحقيقة بقدر ما تتالى الرمز في حروفها العاشقة هي الأولى بإنقاذه من رتابة التاريخ و من برود الزمان و المكان فاليوم الذي يقبل فيه الحب أن يعدلَ عن انفجاراته لن يتبقى منه إلَّا أشلاء ضياعٍ قديم !
الحبُّ ليس حصاراً لمعرفة هويَّة العاشق و المعشوق فيكفي أنَّه عاشقٌ ومعشوقٌ كي يحرق كلَّ أوراقه الثبوتية في الماضي و الحاضر و المستقبل لأنَّ هذا الحبّ لا يقبل بطاقات التعريف و لطالما كانت الشروط و مرايا اللحظة تقتلع قلبه ليبقى باحثاً طويلاً عن هذا القلب قبل صمته الطويل المطبق على حين غرَّة!
وسط هذا الحبِّ العظيم الضائع تحت ركام دموعه أتى من الجمهورية الخامسة ذاك الآفَّاك ماكرون ليعصر قلب بيروت و ينقل دمه إلى أوردة إعادة تصنيعه كما يشاء و كما تشاء الجمهوريات المستعمرة !
البعض في لبنان من تيارات فنية و سياسية و شعبية محتقنة مشبوهة و غير مشبوهة حوَّلوه إلى مكسر عيون ماكرون و بدؤوا بذرف الدموع في أحضانه و كأنَّه أب لبنان مذْ شرع آدم في البحث عن حوَّاء و كأنَّ نطافه الاستعمارية تبرر لهم مطالبتهم بعودة الانتداب لإعادة تسويقه كزعيم استعماري من الطراز الرفيع المتحرِّر حتَّى من أمِّه أميركا التي لم تفكّ قيوده و أصفاده بعد , وكلُّ ذلك لا ينفي فشله الصريح أمام حركة الستر الصفراء و أمام العثماني القذر أردوغان و أمام ملفات أكاذيب حقوق الإنسان التي أول ما تسحقها فرنسا في القارة الإفريقية , و ما دعايات التنمية إلا في بلدان تسويق وجهها المسخ على أنَّه لامع إلى حدِّ اعتناق الحضارة بكافة فصولها !
ماكروفوبيا بات هذا المصطلح يسبق بأميال كثيرة مصطلح الإسلاموفوبيا في لبنان و من منَّا لا يشكو من جور الطبقة السياسية الحاكمة و مَنْ منَّا لا يشكو من الفشل الحكوميّ المتتالي و منْ منَّا لا يكابد أضعاف أضعاف ما يكابده اللبنانيون المدلَّلون إلى حدِّ تسليم بلدهم خاصرة سورية إلى مطامع ماكرون و هم يرددون دعايات الماكروفوبيا التي صارت راسخة في دعاياتهم الفنية و السياسية المشبوهة فهل بعد كلِّ تعاريف العولمة ترضون للبنان أن يكون جرو ماكرون و تريدون من المقاومة أن تجري معكم في كلِّ جحرٍ أعمى ؟!
من يريد تحويل لبنان إلى جرو الجمهورية الخامسة السادس المربوط بحبل ماكرون فليبحث عن حبال التاريخ كي لا يضيع مرساه على مرافئ المستعمرين تحت أعين الصفقات و آذان المصفقين و ألسنة التابعين الخاضعين الخائنين !
فجأةً ابتسم زيوس و هو يرى مرفأ حيفا غائراً تحت انفجار عاشقين من حزب الله سيِّد عشَّاق المقاومة !
بقلم زيوس حامورابي