من أخذ الذاكرة منا وألقى بها في البحر؟؟ لو كنا ندري أن الذاكرة ليست مجرد جينات في خلايا المخ بل شرائط جينات في خلايا الأرض وخلايا الروح تغير لون القمح وشكل القمح وطعم اللحم لزرعنا بذور الروح في أرحام الارض .. ولو كنا ندري أن الذاكرة هي سر الخلود وسر البقاء وسر الروح لما أرسلنا جلجاميش يبحث عنها في أصقاع الارض .. فالروح من غير ذاكرة هي كائن هوائي هائم لاعنوان له ..
أعداؤنا لم تعد قنابلهم تؤثر فينا وتمحو آثارنا وعمراننا .. لكن قصفهم لذاكرتنا كان أشد أنواع الفتك والدمار الشامل .. وهو الذي صرنا ندرك انه الهدف الحقيقي لهذا الاعلام الشامل المدجج بكل وسائل الاقناع والتشكيك والتي مارست أشد أنواع التشويش على رادارات الذاكرة التي صارت عمياء .. وسرقت سجلاتها ..

الذاكرة المتقدة للأمم هي من يحميها وعندما تموت الذاكرة الجماعية تصاب الأمم بالجنون الى أن تنتهي وتنضب وتتفكك .. فالأمة تتكون من ذاكرة أولا .. وبعدها تأتي كل مكونات الأمة .. ولاتنهض الأمم اذا لم تجد من يوقد لها السراج في ذاكرتها المعتمة .. ولذلك نجد ان عملية تدمير الذاكرة هي أهم ركن من اركان الحرب وأهم أساس في معاهدات السلام الاسرائيلية العربية .. التي تركز بشدة على محو الذاكرة بما تسميه شروط التطبيع حيث لاتعلم أبناءك أي شيء من التاريخ والجغرافيا .. فتموت فيهم روح الأمة ..
وأنا كلما تأملت فيما أقرأ من هذيانات وأفكار متطايرة في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي أحسست انني أقرأ لأمة مصابة مصابة بفقدان الذاكرة الشديد .. ومصابة بالجنون والعتاهة لأنها نسيت التاريخ الطويل والمديد .. وفقدت روحها ..
نحن ضحايا العقلية الاستعمارية الفرنسية والانكليزية التي تسببت في كل مصائب اليوم وزرعت اسرائيل ولازالت .. ولكن هناك من يدمر ذاكرتنا ويقنعنا ان أجمل أيام حياتنا هي فترة الاستعمار لأن الاستعمار أرقى منا واكثر رأفة ورحمة وأدرى منا في تدبير أمورنا .. وهناك عرب ومسلمون تم محو ذاكرتهم ويحنون لزمن الاستعمار ولايدرسون عن مهرجانات الابادة الجماعية ولايرون في الغرب الا بياناته الرقيقة والمبللة بالدموع والانسانية والمكتوبة بالشفقة والرحمة .. ويصدقون ان الغرب هو بياناته وصوره ودعايته .. ماهذه الأمة التي نسيت مافعلته تركيا وفرنسا وبريطانيا واسرائيل وأميريكا بها؟ .. فما حل بنا منذ عدة قرون الى الآن من ابادات وصلت بنا الى حد الانقراض هو بسبب هذه الدول تحديدا ..
فنحن ليس بيننا وبين فنلندة اي حرب ولم تأخذنا السويد في اي سفر برلك ولا وزعت علينا بولندا الخوازيق وقتلت أجدادنا الى حد الابادة والفناء في حروب البلقان وحروب السلطان .. وليس بيننا وبين الكونغو ولا الارجنتين ولا الهند ولا اليابان ولا كوريا اي حرب .. وروسيا لم ترسل حملة صليبية واحدة ولن ترسل فاتحين لبلادنا .. والصين جلست خلف الاسوار من أيام هولاكو ولم تخرج علينا .. وحتى ايران التي اجتمع العرب لاعلان الحرب معها لم تحاربنا منذ معركة القادسية منذ 14 قرنا .. فكل ما حدث لنا من مصائب خلال 400 سنة كان بسبب الأتراك الذين صنعوا منا امبراطورية لهم وأحذية لتوسعهم .. وفشلوا في ان يكون لهم اسم حضارة عثمانية فليس في كل كتب التاريخ شيء اسمه الحضارة العثمانية لأنه لم يقدم الاتراك للعالم أية آثار انسانية في الفلسفة .. فهل سمع أحدكم بالفلسفة العثمانية ؟ أو بالأشعار العثمانية؟ ولم يقدم الأتراك للبشرية الرياضيات العثمانية ولا معادلة رياضية واحدة كما فعل الاغريق والفراعنة والفرس والعرب والهنود .. ولم يسمع أحد عن الأدب العثماني ولا الكتب العثمانية حتى جلال الدين الرومي وشمس التبريزي كانا فارسيين .. ولم يخترع العثمانيون للبشرية الا اختراعا واحدا هو الخازوق العثماني .. ومع هذا يريد بعض العرب من الاخوان المسلمين ان يعودوا الى حكم بني عثمان ويريدون سوقنا اليه بالقوة بسحق ذاكرتنا وجعلها ذاكرة عثمانية فقط .. رغم ان من حقنا كسوريين ان نقول ان ذاكرتنا تقول لنا بأن دمشق هي أول عاصمة لامبراطورية اسلامية وليست استانبول .. ودمشق من حقها أن تعود للمطالبة بولاية الاناضول لتلحق بها وببساتين هشام بن عبد الملك وأن نصحح التاريح اذا أردنا ان نعيده الى لحظاته الاولى لاأن يأتي أحفاد الدماشقة ليصبحوا أتباعا لسلاطين بني عثمان .. لأن دمشق في الذاكرة هي التي صنعت أول حضارة اسلامية وهي التي توسعت وصنعت أول مجد لاستانبول .. ولولاها لما كانت استانبول .. وفي نكران هذه الذاكرة ماأسميه الخطيئة الاخوانية والرزية الاخوانية وقصر النظر الاخواني .. فالنظرة الاخوانية تمسح ذاكرتنا وتريدنا أن نرى أن العصر الاسلامي بدأ في الخلافة العثمانية وتغفل كل ماقبلها .. وأن اللحظة الاسلامية يجب ان تعود الى اللحظة العثمانية فقط دون غيرها .. لا الى اللحظة ألموية ولا الى اللحظة العباسية .. وهذا هو شكل من اشكال تدمير الذاكرة الاسلامية والعربية لصالح ذاكرة أصحاب الخازوق .. ليصير مسلمو دمشق والقاهرة وبغداد يباهون بخلافة بني عثمان ولايتذكرون أنهم أولى بالزعامة الاسلامية من استانبول وأنهم الأرقى اسلاميا في التاريخ الاسلامي من استانبول ..
ومع ذلك فان ذاكرة العرب أصيبت في الصميم وصار حديث العرب في اعلامهم مثل حديث المعتوهين والمجانين .. بلا ذاكرة .. تستمع الى ساعات من الثرثرة عن العدو الايراني والروسي والصيني وتقرأ مئات الصفحات عن الأخوة الاسرائيلية العربية ولاتستطيع ان تجد السر الرابط بين الكلام لأنه كلام فاقد للذاكرة .. بناء بلا اسمنت .. وماان تهزه قليلا باصبعك حتى ينهار وتتبعثر كلماته كحجارة مدينة دمرها زلزال ..
من هنا سأقول ان الذاكرة هي الأرض وهي التاريخ .. ولم يعد اليوم مهما ان تحتل بالدبابات والجيوش الأرض بل ان تنزع من السكان ذاكرتهم .. والتجربة تقول بأن الحرب على الذاكرة هي أخطر أنواع الحروب .. لأن سقوط الذاكرة يعني سقوط غريزة الأمم .. فتفقد قدرتها على تحديد العدو وتصبح مثل الحمل الذي يرى قطيع الذئاب خرفانا مثله ويسير معهم الى حتفه .. حيث يتلاشى مفهوم العدو والخطر ..
ومن هنا ندرك كم تمكنت اسرائيل من اللعب بذاكرة العرب طوال العقود الماضية و تجد تفسيرا لهذه البلاهة العربية الجماهيرية في ردة الفعل على التهويد وعلى مصادرة القدس ومصادرة الجولان وعلى هدم بيوت الفلسطينيين .. فيما ترى ان الشعوب العربية تردد لك حديث الاخوة بين النبي وبين اليهود .. واليوم تتساءل عما تفعله مئات الفضائيات العربية ومئات المواقع الرسمية وعشرات آلاف منصات السوشيال ميديا لتكتشف ان الغاية منها هي تدمير الذاكرة ونزع فتيلها الصاعق وحشوها بالتفاهات والاسرائيليات وبالشعارات الصناعية لقضايا لاقيمة لها .. صار الاسرائيلي من أهل الكتاب وليس عدوا .. وابن الوطن هو العدو ..
أستطيع ان أقول بأن عملية قتل الذاكرة مستمرة على قدم وساق عبر حقنها بكل السموم .. ونستطيع ان نراها في البلاهة الجماهيرية العربية التي لاترتكس ولا تبالي بكل الخيانات .. فالربيع العربي كان مهرجانا للخيانات .. والآثام .. ومهرجانا للانتحار .. وكل معاهدات السلام تحولت الى عمليات جراحية لاستئصال الذاكرة .. فصار المصريون من بعد معاهدة كامب ديفيد بلا ذاكرة .. والاردنيون بلا ذاكرة منذ وادي عربة .. والفلسطينيون أنفسهم بلا ذاكرة منذ أوسلو ونسوا أنهم خلقوا ثوارا وفدائيين وليسوا موظفين برواتب عند دايتون ومجاهدون عند أردوغان …
عندما تفقد الذاكرة فان كل ماتقوله الشفاه ويفكر فيه العقل لامعنى له لأنه يفقد المادة السرية لترابط الأفكار والكلمات مع الروح والغريزة .. ولذلك فان المجانين والمعتوهين والمصابين بأمراض شيخوخة الامم يكون لديهم شيء ما من فقدان الذاكرة فيفقدون غريزة البقاء والمعرفة الغريزية بالعدو .. ويقنعون القطيع أن الذئاب هي نوع من أنواع الجواميس البرية النحيلة وأن هذه الجواميس الرشيقة التي تعوي لاتأكل الحم .. ولا الشحم .. وأنها ترفع الأذان اذ تعوي بيننا ..
نتنياهو واردوغان وماكرون وترامب وباقي القطيع الذي يعوي .. ذئاب تعوي في قلب القطيع العربي .. والقطيع يتابع القيام والصيام دون أن يتوقف .. ويتابع أكل البرسيم ويتابع التطبيع .. ويكبّر كلما سمع العواء يقترب ويعلو ..
GLOIRE AS BASHAR HAFEEZ AL ASSAD
GLOIRE AU HIZBOLLAH
GLOIRE AS L’IRAN
شكرا لكم الاستاذ نارام،
المسلمين وغير المسلمين يفقدون الذاكرة…
يقال “رجعت حليمه لعادتها الئديمة”
أغثَّ في الكلام غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المحترم اليوم (20200817) “مذكرة لبنان والحياد الناشط”1 وقال “فجميعُ البلدان المتاخِمةِ لإسرائيل (سوريا، الأردن ومصر) خَسِرت أجزاءَ من أراضيها باستثناءِ لبنان”.
1-
https://elmarada.org/690096/البطريرك-الراعي-أطلق-مذكرة-%e2%80%8bلبنان%e2%80%8b.html
*بعض كلام الراعي محزوف*
لا يعترف بعدوان إسرائيل اليومي على سيادة لبنان واحتلال اراضيه!!! عدنا الى لبنان أوي(قوي) بضعفه والانفصال عن الواقع. لا يمثلني “كعبد طائع أتيت توابا”؟
لبنان الرسالة؟
رسالة الطائفية والفساد والا-عدالة والعمالة والعبودية والرياء والاستكبار والحنكة والإحتيال والاستقواء بالغرب وبوق التضليل.
نتمسك بالعدالة ولا حياد للسيد المسيح بين الظالم والمظلوم. المقاومة إلى الأبد كجهاز المناعة في الجسد.
“أغث قلبي
أغث قلبي أيا من تسمع النجوى
أغث قلبي يا نبي الدمع من هجري
أجرني حيث مل الصبر من صبري
الخ…”2
2- الشاعرة فاطمة رزق – صور – لبنان