فأر لاهاي والأسد .. هل يستحق لبنان لجنة فينوغراد تحقق مع الحريري بعد لاهاي؟؟ – بقلم: نارام سرجون

عندما يتجاوز الغضب حجم السخرية في أي قصة للتسلية فستعرف انك أمام كوميديا وقحة .. وعندما تكتشف أنك دعيت الى وليمة ضخمة ومهرجان وتجد أن الذبيحة فأر فتأكد أنك في وليمة من ولائم تيار المستقبل الذي تعد له ولائمه المطابخ الدولية للاستخبارات .. وستجد ان صاحب الدعوة قد نجح في خدعته في جعل المدعوين وأهل القرية في انتظار الغداء فيما كان هو يسرق بيادرهم ويقتل خيولهم ويستولي على كروم العنب والزيتون ..


انتظر اللبنانيون “الحئيئة” في محاكمة الحريري خمس عشرة سنة .. وعندما جلسوا الى المائدة ينتظرون ان يشربوا مرق لحم الأسود .. وان توضع رؤوس الأسود في الأطباق كما وعدهم سعدو الحريري .. وجدوا رأس فأر في أطباقهم .. فالمحكمة العتيدة التي دفع ثمنها اللبنانيون عشرات ملايين الدولارات من جيوبهم ودخلوا في حروب داخلية وخارجية ونزاعات مع بعضهم تبين انها أتفه من محاكمات قضاة داعش الشرعيين ومحاكم جبهة النصرة الميدانية .. وتكتشف ان الطريق الى العدالة سحق العدالة .. وتجد أن المحكمة لم تعرف من نفد الجريمة ولم تعرف اسم الانتحاري ولا اسم من اشترى السيارة المفخخة ولاتجار هواتف الخليوي ولا من اتصل بوسائل الاعلام .. شخص واحد فقط اصطادته شبكة المحكمة الدولية وهي التي نصبت شباكا لاصطياد حيتان الجريمة السياسية ..


هذه المحكمة هي فرع من فروع المطابخ التي طبخت لنا وليمة ثقيلة في العراق وسمتها أسلحة الدمار الشامل العراقية ودعت العالم الى الوليمة التي لم يكن فيها الا لحم الشعب العراقي الذي أكله العالم .. وهي نفس المطبخ الذي طبخ لنا ولائم الربيع العربي الذي تبين انه دعا العرب الى وليمة ضخمة غنية بالحرية والديمقراطية .. ولما لبى العرب والمسلمون الدعوة اكتشفوا ان مافي الأطباق هو مرق من الورق والحبر وبول البعير الذي اختلط بالكثير من دمهم في ذلك الوعاء الأممي ..


بعد خمس عشرة سنة لايجب ان يكون الاحتفال بالعدالة بل يجب ان يكون السؤال عن الرحلة الى العدالة .. فالرحلة ومايحدث فيها أهم من الوجهة النهائية .. وأهم من ان تكون العدالة قد تحققت .. فالطريق الى العدالة كان مرصوفا بالجرائم والخسائر والفظاعات النذالات وسقوط الاخلاق واحتقار الانسان .. وهذه العدالة التي نبلغها بعد سير على الجثث عدالة مجرمة ..

وهنا دعوني أذكركم أن الكيان الصهيوني قد شكل لجنة فينوغراد ليحقق مع الجيش الاسرائيلي والطبقة السياسية الاسرائيلية لما قدمته من أداء هزيل في حرب عام 2006 بعد ان اعداد وتخطيط طال 3 سنوات ووعدت النخب العسكرية والسياسية الاسرائيليين بأنهم سيشاهدون مقاتلي حزب الله معروضين بالسلاسل في ساحات تل أبيب وأن السيد حسن نصرالله سيتم عرضه كما عرض صدام حسين يوم ألقي القبض عليه من قبل الاميريكيين .. فيما أظهرت حرب عام 2006 أن الجيش الاسرائيلي هو الذي كان يعرض بدباباته المحترقة في ساحات بنت جبيل ووادي الحجير وكان منظر جنود لواء غولاني يقطع القلب وهم يبكون باذلال .. وكانت الوليمة التي دعي اليها الاسرائيليون ليس فيها اي لحم او دسم فيما الأطباق كانت مليئة بالوحل ..


فهل هناك لجنة فينوغراد لبنانية تستدعي سعدو الحريري وعائلته التي ساقت لبنان وجيشت مشاعر مئات آلاف اللبنانيين طائفيا وسياسيا الى منعرجات خطرة وأخذتهم الى صراع مع سورية ومع لبنانيين آخرين وكاد فريقه مع 14 آذار ان يدفع بلبنان الى حرب أهلية عدة مرات كادت تلتهم عشرات آلاف اللبنانيين من أجل (الحئيئة) التي كانت كاليقين في منطق آل الحريري وكأن جبريل قد نزل بالوحي الالهي ومعه أمر الله باتهام سورية .. ألا يستحق مافعله تلاعب الحريري وعائلته بمصائر ومشاعر ملايين المسلمين الذين صدقوا كذبة ان زعيم السنة في لبنان قتله أصحاب مشروع الهلال الشيعي ان يحاسبوا بعد ظهور نتيجة المحكمة وقبول الحريري بقرارها؟ هل يدرك أهل الحئيئة ان كل التحريض على سورية جعل الحرب السورية مبنية على مزاعم ان هذا المحور يريد بأهل السنة شرا وأنه قتل زعماء أهل السنة .. وتسبب هذا الزعم بعشرات آلاف الضحايا من اللبنانيين والسوريين والعرب والمسلمين من كل أصقاع العالم الذين ماتوا بسبب التحريض الذي نشأ من مقتل الحريري .. ألا يستحق لبنان لجنة فينوغراد لبنانية تنظر الى تصرفات وتصريحات فريق 14 آذار وهم يحرضون على العمال السوريين الأبرياء الذين اختفت آثار المئات منهم ولانعلم مصائرهم .. وكيف انعكس التحريض على كل حلفاء سورية وأن آل الحريري منعوا اللبنانيين من ان يقتربوا سياسيا واقتصاديا من سورية وايران وتسببوا بخسائر هائلة وبمعاناة من نقص الوقود والكهرباء بسبب قرار مقاطعة قتلة الحريري .. وتسبب هذا بحرمان ملايين اللبنانيين والسوريين من التفاعل الاقتصادي وغير الاقتصادي مما تسبب في افقار البلدين والشعبين وانفصالهما أكثر ..


على كل حال لم يتغير رأيي في محاكم العدل الدولية فهذه المحكمة أدت وظيفتها واستثمرت كل مايمكن استثماره في تضليل الحقيقة وهي في الطريق الى هذه النتيجة المتواضعة المليئة بالخبث .. وقدمت البراءة على طبق من ذهب لاسرائيل وأصدقاء الحريري من فرنسيين وامريكيين وسعوديين .. واسرائيل هي التي لاتزال المتورطة الرئيسية في القتل لغايات استفادت منها وقطفت ثمارها في استعادة لبنان من أمه سورية واعادته الى حضانة الغرب .. واسرائيل هي التي حضّرت من قضية الحريري مسرح مايسمى بالحرب السورية واستولدت من مشاعر الكراهية لسورية ولمحور المقاومة كل التكفيريين الجهاديين وداعش وجبهة النصرة ..


واليوم وبعد تدمير هذه الثمار العفنة للتنظيمات التكفيرية التي ولدت من رحم قضية الحريري التي زرعتها اسرائيل لم يعد من الضروري المتابعة فيها فكان القرار بابعاد التهمة واسقاطها نهائيا وابعادها عن اسرائيل وابعاد التحقيق عنها .. بل واستثمر قرار المحكمة كما تستثمر المشاريع التجارية في عملية الترويج لبضائعها باظهار أن المحكمة ليست مسيسة رغم انها تركت خيطا رفيعا لابقاء حزب الله رهينة عبر اتهام شخص منتسب اليه كما يزعم .. وعلى الفور أظهر سعدو الرغبة في الترويج لبضاعة المحكمة وبأنه يجب الايمان بعدم تسييس قرارات المحكمة وذلك للتحضير بقبول استدعاء محكمة دولية أخرى بشأن مرفأ بيروت لارتهان لبنان خمس عشرة سنة أخرى وابعاد التهمة عن اسرائيل ثم تقديم قرار تافه .. فمحكمة الحريري برّأها القرار من تهمة التسييس .. وأعطاها مصداقية عدم التسييس لبعث الطمأنينة في نفوس اللبنانيين من ان هذه المحاكم بريئة .. لاستدراجهم الى فخ محمكة دولية أخرى تبعد الاتهام عن اسرائيل وتسوق اللبنانيين الى معارج صراعات واتهامات بلانهاية تستنزف قلوبهم وأعصابهم وأموالهم وابناءهم .. فكما ظهر بعد خمس عشرة سنة تحقيق ان الفاعل الحقيقي مجهول وان المتورطين مجهولون وان من اشترى المتفجرات والسيارة والانتحاري الحقيقي كلهم مجهولون .. فان من تورط في تفجير بيروت سيكون بعد خمس عشرة سنة شخصا عابر سبيل ..


لاهاي كانت اسخف محكمة رأيتها في حياتي .. ولاشك ان كل اللبنانيين كان لديهم سؤال عن عبثية وضياع كل هذا الوقت من أعصابهم وحياتهم وندواتهم الحوارية وسهراتهم .. حيث تمخضت لاهاي وولدت فأرا .. وظهر الحريري الذي كان يتوقعون ان يصلهم مثل الزير سالم يمتطي ظهر الاسد .. فاذا به يصل من لاهاي على ظهر فأر ويدخل اليهم دخول الأبطال ويتوقع ان يصفقوا لبطولته .. التي انتظروها خمس عشرة سنة .. ولكن كل من انتظر الفارس الهمام الذي وصل وهو يمتطي فأر لاهاي يستحق هذا الفارس ويستحق ان ينتسب بنادي الفروسية الحريرية ويستحق ان تكون له مكانة الفئران بين البشر .. فلا فرق بين فئران لاهاي .. وفئران بيروت في 14 آذار .. التي ظنت أنها ستدمر عرين الأسود في دمشق عندما تعمل أسنانها في العرين ..


هل لدى اللبنانيين الذين ملؤوا الدنيا صراخا ومهرجانات عندما أرادوا الحئيئة والاستئلال .. هل لديهم الجرأة والشجاعة الأخلاقية أن يسألوا الحريري عن حئيئة أخرى وهي عن سبب اصراره على اتهام سورية وخداعهم وتضليلهم طوال هذه السنين وجرهم الى كل هذا الصراع وطواحين الهواء وكأنه يوحى اليه من الله بالحقيقة؟ هل يجرؤ اللبنانيون على استدعائه للجنة فينوغراد لبنانية لأنه باعهم التضليل والخداع والوهم؟ ألا يستحق مافعله العقاب؟


فئران لبنان البيضاء والسوداء ليست أسودا لتزأر وتغضب ضد مربي الفئران سعدو الحريري .. وهذه الفئران كانت تتحدى الأسود الدمشقية .. أليس هذا مايسمى جنونا ضد الطبيعة؟؟ هل يمكن أن ينتصر الجنون على الطبيعة؟ اسألوا فئران 14 آذار .. فعندها الخبر اليقين ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

3 Responses to فأر لاهاي والأسد .. هل يستحق لبنان لجنة فينوغراد تحقق مع الحريري بعد لاهاي؟؟ – بقلم: نارام سرجون

  1. غ ر كتب:

    شكرا لكم الاستاذ نارام،

    20200819

    “اغتيال رفيق الحريرى كانت مدبرة من قبل اسرائيل بمساعدة المملكة العربية السعودية”

    في مقال:

    https://www.trtworld.com/middle-east/lebanon-microcosm-of-the-middle-east-12235

    “في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، في مقابلة مع بوليتيكو (Politico) ، قال تشاك غراسلي (Chuck Grassley) ، رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ وكبير أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أيوا (Iowa)، خلاف ذلك. واشار الى الوثائق التى تم الحصول عليها مؤخرا التى تكشف عن اغتيال رفيق الحريرى كانت مدبرة من قبل اسرائيل بمساعدة المملكة العربية السعودية .”

    ولاكن في مقال آخر كلمة إسرائيل مفقودة:

    http://syrianfacts.com/en/2016/11/03/مجلة-بوليتيكو-تنقل-عن-أكبر-سيناتور-أ/

    قال تشاك غراسلي(Chuck Grassley) رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ وكبير أعضاء مجلس الشيوخ من ولاية أيوا (Iowa) في مقابلة معه في مجلة بوليتيكو (Politico) “هناك بعض الادلة القاطعة التى تثبت الدور المباشر للمملكة العربية السعودية فى العمليات الارهابية الاخرى بما فيها عملية اغتيال رفيق الحريرى”

  2. كتبت بصوت عالٍ مايدور في أذهان
    شكرا نارام سرجون
    ولكن الشعب السوري وقد أنسته محنة حرب 10سنوات تلك المحكمه الهزليه قد أيقظت لحظة النطق بالحكم ذاكرته وعادت لل 2005 وكل ساعات شد الاعصاب والتشنج والخسارات التي حصلت حتى فرجت همه حرب تموز2006.
    ألا يستحق هذا الشعب التعويض؟؟
    التعويض بمحاكمة كل من تجرأ علينا.
    ام ان الصمت عادتنا؟؟!!!

  3. اتمنى كما شلح سعدون الحريري جاكيته امام جمهوره الحماسي متوعدا باسقاط النظام في دمشق،،،،
    أن نسلخ جلده عن عظمه امام جمهورنا ولن يكفي هذا
    وأن لانعامله ك مسلح مغرر به عاد لحضن الوطن.

    برأيك كيف ستتعامل الدوله السوريه قانونيا او عبر قنوات مع جماعة الحئيئه؟؟!!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s