بين الاغراق بالصواريخ والاغراق بالاتهامات – بقلم: نارام سرجون

من الضروري ان ننظر وراءنا ونحن نسير .. فليس النظر الى الامام فقط هو الذي يوصلنا الى الاهداف .. وعندما ننظر وراءنا نجد ان عملية ايهام الجماهير هي التي أوقعتها في حبائل الربيع العربي وهي التي حولت العرب والمسلمين الى مجموعات متناحرة متقاتلة .. جاهلة .. تسير على غير هدى ..


هل يكفي ان نقول اننا صمدنا أمام هذه الموجات الظلامية المتلاحقة واننا صمدنا أمام المؤامرة؟؟ الصمود الذي لايعقبه هجوم أشبه بنصف هزيمة .. ونصف الهزيمة ليست انتصارا بل هزيمة كاملة اذا لم نحول نصف النصر الى نصر كامل ..


عندما ننظر الى الوراء نكتشف أن المؤامرة الحقيقية لم تكن تتسلح بأي سلاح بل كانت مؤامرة ناعمة للغاية .. انها كانت ناعمة مثل المرأة الغانية الشريرة اللعوب التي تمارس الغواية لشباب معجبين بها .. تحرضهم وتحضهم وتشجعهم .. او توبخهم وتسخر من رجولتهم .. فيندفعون يتقاتلون لاقناعها انهم رجال يستحقونها ..


ربما نستفيد من درس الاتحاد السوفييتي الذي لم تحمه صواريخه النووية من الانهيار .. لأن من كان يمسك بأزرار الاطلاق لم يعد مقتنعا انها تحميه فتخلى عنها .. فالعلاقة بين الانسان والسلاح جدلية وتبادلية .. فكما ان الانسان يحتاج السلاح كي يحميه فان السلاح يحتاج انسانا كي يحميه .. وباختصار فان لايحمي السلاح فان السلاح لن يحميه .. ومن لايحمي الصواريخ فانها لاتحميه .. أما كيف نحمي السلاح فان ذلك هو سر الربيع العربي وسر حروب الجيل الرابع وسر قوة أميريكا وضعف أعدائها؟


في مراجعة لكل المواجهات التي خضناها فاننا نجد ان كل هزائمنا كانت بسبب اقتناعنا أننا كنا نركز على اقتناء السلاح ومراكمة الخبرات القتالية والمقاتلين لاقامة التوازن مع العدو .. واكتشف العدو أننا في عام 2006 نقترب من تحطيمه عسكريا خلال سنوات قليلة وأن الفارق التقني والعسكري بيننا وبينه يتلاشى ..


وفي الوقت الذي عملنا فيه في محور المقاومة على صناعة مئات آلاف الصواريخ ووصلنا الى الردع العسكري مع اسرائيل وحلفاء اسرائيل الذين صاروا يتجنبون الحرب المباشرة .. واكتشفنا أن خيار الاغراق بالصواريخ هو أمر ثبت ان لاقوة على الارض قادرة التعامل معه وايقاف زخات الصواريخ التي ستمطر فوق أراضي الكيان الصهيوني .. ولكن اسرائيل ردت على الاغراق بالصواريخ الى خيار الاغراق بالاتهامات لاسقاط الصواريخ قبل اطلاقها .. وبدأ الأمر مع صاروخ اتهام بعيد المدى وذي تأثير شامل اسمه (تشكل الهلال الشيعي) الذي كان صاروخا مليئا بالقنابل العنقودية التي لاتنتهي .. وتلاحقت من يومها زخات القصف بالاتهامات .. وتحول كل اعلام المقاومة من اعلام لصناعة رأي عام وتجييش المشاعر وحشدها نحو معركة فلسطين وخلق الامل والحماس لخوض معركة التحرير وتوحيد الراي العام العربي بعد تشتيته .. تحول الى اعلام لاعمل له الا اسقاط زخات الاتهامات التي تهطل عليه وتشغله عن مهمة خلق رأي عام نحو اسرائيل .. ففيما كانت اسرائيل تبني قبتها الحديدية .. كان الاعلام المقاوم منشغلا ببناء قبته الحديدية التي لاهمّ لها الا اصطياد زخات الاتهامات والدفاع عن نظافة وطهارة المقاومة وصوابية خيارها .. ووقفت الصواريخ في كل محور المقاومة عاجزة عن مواجهة زخات الاتهامات والأكاذيب التي كانت تهطل كالمطر في تكتيك فريد من نوعه حيث يواجه العدو الصواريخ بالاكاذيب والاتهامات ..


نحن ومنذ عدة سنوات محاصرون بخدعة الاتهامات .. فحزب الله كلما تحرك وتنفس هطلت عليه زخات من الاتهامات القوية والثقيلة .. من مثل أنه يريد جر لبنان الى الحرب لمصلحة ايران . وأنه يريد اكمال الهلال الشيعي .. وأنه قتل زعيم السنة في لبنان وأنه يتعاون في السر مع اسرائيل .. وان سلاحه صار دولة داخل الدولة .. وفي كل عملية اغتيال في لبنان او تفجير فان سببه مخزوناته الصاروخية او متفجراته .. وهناك مصانع لاطلاق الأكاذيب في كل لبنان وخاصة مصانع جنبلاط وسمير جعجع وفريق 14 آذار الذي لديه راجمات الاكاذيب .. ولاعمل لحلف المقاومة الا اللجوء الى الدفاع والتبرير وهذا بحد ذاته ابعاد له عن دوره في شد انتباه الناس نحو الصراع مع اسرائيل .. حزب الله كلما جذب الناس الى فلسطين أطلقت عليه رشقات من الأكاذيب حتى صار متهما بكل شيء لأنه صار يدافع عن نفسه خوفا من أن يصدق الناس التهمة .. وان ينجرفوا نحو مزيد من الجنون .. وسنكتشف يوما ان كل حكاية الحريري كانت من أجل ان يكون جسد الحريري منصة لاطلاق صليات الاكاذيب على صواريخ حزب الله .. وأن تفجير ميناء بيروت والجدال بشأنه ورسائله واحداثه صدمة اقتصادية ومعيشية سيعيد نفس السيرة ليبقي حزب الله والمقاومة كلها متوترة ومنشغلة برصد الموجة القادمة من الاتهامات القاتلة ..


وسورية كلما انتقدت الانبطاع العربي هطلت عليها الاتهامات بانها لم تطلق رصاصة على الجولان وبأنها تقتل شعبها ومن يراجع فترة الحرب على سورية لوجد انها محشوة بالاتهامات اللانهائية .. وأننا كنا نخسر كل شعاراتنا العظيمة بطوفان من الاكاذيب التي كانت تجرف كل متاريسنا وكل صواريخنا وكل بطولاتنا وكل شهدائنا الذين ارتقوا من أجل فلسطين والعرب .. فالاكاذيب تتحدث عن جيش يطوق المدنيين وعن مدن محاصرة والجوع الذي يقتل الاطفال ويجعل الناس تأكل الجرذان والديدان .. والسلاح الكيماوي يرش كالمبيد الزراعي فوق البلدات والقرى السورية .. وهناك سيطرة طائفية ونحن رأس المشروع الشيعي .. والفساد الأمني والمؤسساتي لاينتهي .. وكان الجهد السياسي والاعلامي السوري منصبا فقط على تفنيد الاكاذيب واسقاطها التي برع في اطلاقها السلاجقة وكلابهم من الاخونج .. ولكن سياسة الاغراق بالاكاذيب نجحت في ان تتمكن كثير من الأكاذيب من أن تفلت من القبة الحديدية لمحور المقاومة لتصيب أهدافها بدقة .. وتسببت في تفجير الاستقرار والتعايش وفي اطلاق جزء كبير من الحرب ..


تمكنت سياسة الاغراق بالاكاذيب من ان تجعل سلاح المقاومة وخيار الردع عاطلا عن الفعل .. فترسانة التهم الموجهة علينا جاهزة ومنصات الاطلاق جاهزة .. ولكن الحقيقة التي يجب ان نخلص اليها هي ان سياسة القبة الحديدية في اسرائيل ضد الصواريخ فاشلة وستخترقها الصواريخ .. وسياسة القبة الحديدية لمحور المقاومة لاسقاط الاتهامات لن تجدي نفعا أمام صليات الاكاذيب الصادرة عن راجمات الاكاذيب .. وكما تمكنّا من خلق توازن ردع بسياسة الاغراق بالصواريخ فان علينا ايجاد توازن ردع ضد سياسة الاغراق بالاتهامات .. فالمتهمون لنا يجب ان يتحولوا الى متهمين وتلاحقهم الاتهامات .. ولن نحتاج الى تأليف اي اتهام ولا الى تصنيع أي شائعة .. فما لدى الخونة والعملاء ومنصات اطلاق الاكاذيب من ثغرات وفضائح وروائح ونخة من العمالة والدناءة الاخلاقية يشكل لنا منجما لاينضب لرشقهم واغراقهم بالاتهامات التي يجب ان تحولهم الى متهمين في اقفاص ..

هل هو في توفر كميات كبيرة من محطات الاعلام التي تطلق الاكاذيب ام في نوعية وسياسة توجيه الاتهامات وتكتيك التسديد على نقاط ضعف الخصم لاحداث الثغرات التي نريد في جسد هذا العدو الذي يسقط صواريخنا قبل ان نطلقها باغراقها بالاتهامات ونحاصرتا بالأكاذيب والتلفيقات وتكبيلها بالاكاذيب ..

================================

ملاحظة: هانحن اليوم مثلا أمام جريمة تعطيش مدينة الحسكة .. ومن الواجب تحويلها الى فضيحة أخلاقية للعالم كله وللأتراك ولايكفي ان نصور الناس وهم يملؤون قدورهم من صهاريج الماء بل يجب تصوير فظاعة العطش بطريقة اعلامية مبتكرة وسياسة اطلاق صدمات .. كما فعل الاعلام الغربي والذي كان يقود اعلام المسلحين وصور لنا مجاعة مضايا والزبداني ومجاعة حلب ومأساة اللاجئين .. وكان كله قصفا بالاكاذيب بطريقة مبتكرة .. كانت تجبرنا كثيرا على ان نسمح لقوافل امداد المسلحين بالمرور بيننا وهي تحمل بين الخضار والفاكهة الذخائر والبنادق والقنابل والصواريخ ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

3 Responses to بين الاغراق بالصواريخ والاغراق بالاتهامات – بقلم: نارام سرجون

  1. Nabuokz Nuosr كتب:

    لن اتطرق الى موضوع الاكاذيب وما تقدمت مشكورا من شرح وافر حول كيفية صناعة الكذب , ما اريد ان اصوب قلمي نحوه هو موضوع الحسكه والعطشى فيها من الناس والبهائم التي لا تقل شانا في احقية استمرارها في الحياة بالنسبة لنا . من الجلي المقزز ان لا احد هناك في الغرب من راكبي قطار الديمقراطيه العرجاء يملك اذن لتسمع الا ما ارادت له واشنطن ان يحرك اذنيه صوب الاصوات المنطلقه يمنة ويسرة كما تفعل القطط . لكن نفعل هذا الامر بان نجعل من اذان الغرب محطات استقبال الاصوات من نوع اخر فقد نكون نجحنا نجاحا باهرا.لم لا تصعد القياده السوريه الموقف عسكريا وتقصف مواقع قسد وحامييها من نقاط تركيه ؟؟اليس لذلك اكثر وقعا وسماعا لدى الغرب الكذاب . ان للمدافع صدى اكثر ايلاما من وخز مخرز في عين واشنطن وباريس فارجو وارجو ثم ارجو من قيادة الجيش الاسراع باتخاذ قرار مهاجمة من يقطع المياه عن مستحقيها بقطع يديه وقدميه بالتوازي معا.

  2. غ ر كتب:

    الاستاذ نارام.

    20200828

    شكرا لكم على هذا المقال الرائع.

    اولا اشكر إعلام محور المقاومة والشعب والجيش والمقاومين والقيادة على الجهد الإداري اللذي بذل في سبيل النصر المتواصل في هذه الحرب الكونية. لو لن يكن هذا الجهد كبير لكنا في مكان اخر. ولاكن يجب البناء على هذا الجهد لنواصل الكفاح للنصر الحتمي النهائي.

    هذه حرب على العقول وهليود (Hollywood) لديها خبرة عالية في الكذب والتضليل. نريد تحصين عقول شعوبنا ويجب اصلاحات عديدة مثل العدالة والصدق ومحاربة الفساد والشفافية قدر الممكن لاغلاق الثغرات اللتي يتسلل منها العدو. نريد “انتي-فيروس” (Antivirus) عقلي.

    الاعلام الأمريكي يضع أبشع الصور الشمسية وغير الشمسية للعرب ونحن نضع صورهم المبتسمة وهذا خطاء. واحيانن ننقل ونقرأ أخبارهم على قنوات المقاومة حرفيا كأنها الحقيقة وهذا خطاء.
    لدينا ثغرات عديدة يجب إغلاقها بأسرع وقت ممكن وكما نعلم إغلاقها صعب عندما يكون العدو أسرع منا حاليا. أيضا عندما ينشر العدو مقال غير مقاله يكتب تعليق مضاد أو موافق فورا على نفس الصفحة ونحن ننقل كالببغاء. يجب تصحيح هذه الممارسات.

    النصر لا يفارق عقل مقاوم.

    شكرا لكم.

  3. salihawateki كتب:

    كل مفتي يكفر إيران و حزب الله هو إبن قحبة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s