لاتزال نظرية ابن خلدون في نشوء الدول أهم ماكتب في تطور عمر الدولة .. فالطور العصبي هو الأهم في التكوين ولكن ملامح الانحلال تظهر عندما تتحلل العصبية وتتحول الدولة الى الرفاهية والرخاء .. ولكن لو كان ابن خلدون موجودا ليحلل لنا هذا المظهر في هرولة الاسرائيليين الى التسوق في ابو ظبي والتجول في مولات وأسواق دبي والدوحة فيما انهم لايريدون بذل الدم ويريدون ان يقدموا قرابين من الدمى على انه مظهر انحلال الدولة والمجتمع الصهيوني ودخوله مرحلة التآكل .. فهذا الجيل من الاسرائيليين ليس مثل جيل الاسرائيليين الذين وصلوا حالمين بوعد الله الذي يخرج من رحم المستحيل ..
ربما يقرأ الكثيرون تصرف الجيش الاسرائيلي بأنه وضع دمية متحركة أمام حزب الله كل عى طريقته .. وقد يراها البعض مناورة عسكرية ذكية بقصد استدراج المقاومة للانتصار على دمية وتحقيق نصر مزيف يدغدغ مشاعر المقاومين ويشرح لهم صدورهم بالوهم .. ولكن ماهو مهم هو أن المقاومة رفضت هذا المخرج واصرت على انها تريد أن يدفع الاسرائيليون ثمن حماقتهم دما لا دمى .. والدمى لاتدفع الدم .. وليس على اسرائيل سوى ان تقدم قربانا من لحم ودم ..
ولكن هذه اللعبة مهينة جدا بحق الاسرائيليين .. رغم انه في الحرب يضع المتحاربون اهدافا للتشويش على نار العدو واستنزافها .. وأذكر أن احد الضباط السوريين قال لي عن ذكرياته في حرب تشرين انهم استعملوا (بواري المدافئ) ونصبوها على التلال على انها مدفعية لتوجيه قذائف العدو بعيدا عنهم لتستهدف (بواري المدفأة) فيما هم يكمنون للدبابات الاسرائيلية التي كانت تقوم بالهجوم المعاكس .. لأن الجبهة المصرية توقفت وصار كل القصف الاسرائيلي موجها نحو أي شيء يتحرك في الجبهة السورية .. وكان من الضروري تجنب الغزارة النارية التي ظهرت فجاة بعد تحول معظم الطاقة النارية والجوية للجيش الاسرائيلي من سيناء الى الجولان .. ولكن هذا الاسلوب يلجا اليه الخصم الذي يحس بتفوق خصمه وانه صار مضطرا لتجنب نار العدو وهو لايملك وسيلة للرد المناسب بسبب غياب التوازن العسكري .. واليوم الاسرائيليون يقولون انهم متفوقون جدا ولايخافون المواجهة .. الا اننا نراهم صاروا يتبضعون ويتسوقون في أبو ظبي ودبي .. و في الحرب صاروا مثل الأرانب .. ويخافون الرصاص وأصوات البنادق .. وقد ولى الزمن الذي كان فيه الجندي الاسرائيلي يقف على خط النار ويتحدى ان نصوب عليه وننظر اليه لأن جيش الدفاع سينتقم شر انتقام .. وسيعاقب المعتدين في عقر دارهم ..
لم يتعلم الاسرائيليون من حروب التكنولوجيا التي تفلح في الجولة الاولى ولكنها تهزم عندما تدخل في صراع مع محاربين ليس معهم الا اللحم والدم والروح .. حدث هذا في عام 2006 .. وفي عاصفة الصحراء دخلت التكنولوجيا .. وفي حرب العراق انتصرت التكنولوجيا ولكنها عندما التحمت بالحرب الشعبية لم يكن معها اي حل .. وسقطت الآلات الجهنمية والتكنولوجيا أمام اللحم والدم .. واضطرت اميريكا لاعادة استخدام اللحم البشري لدعم التكنولوجيا عبر الصحوات ومن ثم اطلاق داعش والنصرة حيث اللحم يتطاير بسخاء والدم مبذول بلا حدود وطادت اميريكا تنتصر بلحم داعش والاسلاميين وليس بتكنولوجيا الحرب والسلاح .. لأن الآلات لاتقدر على مواجهة اللحم والدم ..
وسقطت نظرية التفوق التكنولوجي والمخابراتي عندما تصدى اللحم للحم والدم للدم .. وظهر الجيش السوري وحلفاؤه .. وانتصر الدم السوري على الدم الداعشي والجهادي ..
الاسرائيليون يظهر عليهم التعب من مواجهة اللحم والدم .. ويريدون ان لايدخلوا بلحمهم ودمهم في أي مواجهة .. وهذا من علامات الانحلال وانهيار بيت العنكيوت .. فالأرض لاتحميها الدمى ولا التكنولوجيا .. ولا الروبوتات .. وعلى الاسرائيليين أن يقدموا قرابينهم للخلاص والبقاء .. وبعدها فليذهبوا الى أبو ظبي للعب بروبوتات العرب ومؤخرات العرب .. وليتمتعوا بتحريك روبوتات الخليج لاقناعنا انهم أقوياء لأنهم شعب اللخ المختار ومحبوبون ومرهوبو الجانب .. فليس هناك من يصور الروبوتات العربية وأزاراها وهي مخبأة تحت العقالات وتتحرك بالبطاريات وأسلاك الكهرباء .. فلا تظنوا ان هناك فرقا بين روبوتات الجيش الاسرائيلي على الحدود وبين روبوتاته في الخليج .. كلها دمى .. وكلها لن تنفع اسرائيل في حفلة الخراب الثالث ..