الدولة العميقة تسحق الثورة الامريكية .. ترامب لاشك رضخ تحت تهديد السلاح

جميلة تلك المشاهد التي رأيناها .. وبديعة تلك الثورة الاميريكية.. كانت بردا وسلاما على كبدي .. وأحس أنني عشت أجمل عدة ساعات في السنوات العشر الأخيرة .. لكن أجمل مافيها أنها كشفت لنا ان أغبى البشر هم المثقفون العرب السذج الذين يرددون كالببغاوات مايقال في المدرسة الديمقراطية الامريكية .. لاتعنيني نتيجة هذه الثورة الفاشلة بل مايعنيني انها كانت تتحدى ذكاء وغباء الثورجيين العرب وكل الذين لايفهمون السياسة واللعبة الديمقراطية الا على انها يجب ان تكون نسخة عن أميريكا ..
استطيع اليوم أن أسكت كل المطبلين العرب بنموذج اميريكا واقول لهم: اخرسوا واستحوا على أنفسكم .. وأستطيع ان أطلب منهم في أي مجلس أن يغلقوا أفواههم وأن يوفروا أنفاسهم الغبية .. وأستطيع بكل ثقة أن أطلب منهم أن يخرجوا من أي جلسة بشكل مهين وأن ينظروا باحتقار الى صورهم عندما كانوا يلقون علينا الدروس في عظمة الحرية والديمقراطية الغربية .. واستطيع ان أنصحهم بأن يلقوا بشهاداتهم الضخمة والقابهم الفخمة وربطات عنقهم الفاخرة كي يلتحقوا بصفوف محو الامية لأنهم أميون .. لأن فهم أي بدوي أو قروي للسياسة الدولية كان أفضل من فهمهم الساذج وانبهارهم الاعمى بلعبة صندوق الانتخابات .. فها هو أعظم صندوق انتخابات يقول انني مجرد خدعة وديكور للضحك على العقول ..


على هؤلاء ان يجيبونا بدقة متناهية كيف ان ثوار اميريكا ليسوا ثوارا بل عصابة وبلطجية كما وصفهم الرئيس جو بايدن؟؟ اما عندما يقتحمون مؤسساتنا الحكومية ويحرقونها ويرمون العمال والموظفين من الطوابق العليا ليتحطموا فهي ثورة مظفرة وهم طلاب حرية؟ كيف لاترضى الدولة الامريكية بالفوضى وتعتبرها اعمال عصابات لكنها عندنا ربيع مهما قتلت وقلعت وذبحت وأحرقت واغتصبت وسرقت ونهبت؟


وعليهم ان يجيبونا ماهو الفرق بين وصف العالم كله لثوار اميريكا على انهم بلطجية وعصابة .. بينما كل هذا العالم يصف نفس البلطجية لدينا والزعران والعملاء على انهم ثوار وأحرار يجب ان نجعل عرقهم مسكا نتطيب به وأنفاسهم خميرة لخبزنا؟ نرجوكم ساعدونا كي نفهم هذه الأحجية المستحيلة ..


أعرف ان ثوارنا العملاء والخونة سيبحثون عن مبررات وسيقولون الاعاجيب في تفسير جمال الدولة الامريكية وفظاعة دولنا .. ولكن قبل ان نستمع لكم او نقرأ سنطلب منكم أن تخرسوا وأن تأكلوا الهواء الذي لازلتم تأكلونه .. فمارأيناه يكفينا ويكفكم .. ويجب لمن لايزال يلوك الهواء ان يضع حذاء جندي سوري في فمه ويمضغه ..


سنترك ثأرنا هنا الآن ونتركهم يلعقون جراحهم النازفة من قلوبهم ويجترون الهواء الذي لايزالون يأكلونه وسنمر على المشهد الاميركي الذي كان واضحا فيه ان الدولة العميقة عاشت صراعا عنيفا مع نفسها منذ أشهر ولكن المعركة انتهت بهزيمة المنشقين الجدد فيها .. وأن الدولة العميقة التقليدية قد حسمت الصراع بقسوة متناهية تجلت في اجبار الرئيس ترامب على انهاء تمرده وثورته .. وكان من الواضح ان الرئيس ترامب تلقى تهديدا مباشرا بالتصفية لأن كلمة بايدن كانت رسالة حملها كساعي بريد وصف فيها الثوار الامريكيين عل انهم عصابات .. ثم وجّه أمرا لارجوع فيه الى الرئيس ترامب بأن “يظهر فورا كي يخلي الكونغرس ويطلب سحب عصاباته .. والّا ..” ورسالته عن نيته تسليم السلطة بهدوء منقولة عنه وليست باسمه .. ودرءا لكل محاولة لفضح ذلك وضع شريط لاصق على فمه وأغلقت صفحاته في السوشيال ميديا فصار محاصرا بلا صوت ولا رأي ولاحنجرة .. وهذا يدل على خوف من أن تتسرب منه اي استغاثة للشعب الأمريكي ..
بالطبع لم يكن التهديد صريحا بل كان مغلفا بعبارات براقة ولماعة عن الديمقراطية وعظمة اميريكا .. ولكن يقرأ الكلمات يجد ان فيها تهديدا صريحا للرئيس ترامب .. ومن المؤكد ان ترامب لم يكن ينوي الانسحاب .. الا أن استجابته السريعة بعد ان كان وعد بالثورة والقتال حتى الجحيم تدل على انه تلقى انذارا يقينيا انه مهدد بالتصفية دون رحمة .. وقد تكشف لنا الأيام ان خطابه المقتضب كان قد تم وهو يرى فوهات البنادق مصوبة نحوه .. لأن استمرار الشغب وسقوط القتلى كان ايذانا باندلاع حرب بين عصاباته وعصابات الدولة العميقة .. والدولة العميقة لاترحم من يهدد سلطتها بالتحدي .. فهي قتلت كينيدي .. وشطبت عهد نيكسون .. وأذلت كلينتون .. وكادت أن تقتل ترامب ..


ولكن لم تخلت الدولة العميقة عن ترامب وهي التي أتت به منذ اربع سنوات ولو على مضض؟؟ الدولة العميقة التي جاءت بترامب على مضض منذ اربع سنوات لانهاء تطلعات الأثرياء الجدد الطامحين .. ووجدت انها هزمتهم بجائحة كوفيد حيث تمكنت من تجريدهم من ثرواتهم التي انتقلت معظمها الى اليد الخفية للدولة العميقة حيث أفلست كل الشركات التي كانت تنمو باطراد لتشكل كارتيلات جديدة ومصالح جديدة مختلفة مثلها توجه ترامب ومعسكره نحو ساحات اقتصادية جديدة خارج الشرق الاوسط القديم .. ولكن ضربة الكورونا أفلست الجميع وصارت هذه القوى الجديدة اليوم مفلسة وضعيفة .. ووجدت الدولة العميقة التقليدية أن ترامب نفذ لها ماأرادت خلال فترة حكمه المؤقتة من حيث أنه تجرأ أكثر من غيره على القدس وتجرأ على ايران وقتل قاسم سليماني .. وحلب العرب علنا .. وجمع تحالفا عربيا اسرائيليا لحماية اسرائيل .. ولكنه في مقابل هذه الخدمات كرجل صفقات كان يطالب بتسليم المقابل بعد أن وفى بكل تعهداته وهو أنه يريد الموافقة على مغادرة الشرق الاوسط والتفرغ للصراع مع الصين وهي وجع أميريكا وليس الشرق الاوسط .. الا أن اقطاب الدولة العميقة وجدوا انه لم يحن الوقت لترك الشرق الأوسط او ترك الاسرائيليين يواجهون مصيرهم فيما أميريكا متفرغة لمعركة الصين التي لايعرف أحد متى تنتهي .. بالنسبة لهم صار ترامب مثل البقرة الحلوب التي حلب ضرعها وآن أوان ذبحها .. فذبحوه في الانتخابات التي زوروها .. وحسب مصطلحات عهده .. نشروه بالمنشار كما نشر السعوديون الخاشقجي ..

ترامب ومعسكره انتهيا في هذه المرحلة .. فالاثرياء الجدد الطامحون أفلستهم لعبة الكورونا واستقرت اموال العالم بأيدي حفنة من الأثرياء التقليديين القدامى .. ولكن ترامب كان أول تمرد على الدولة العميقة التي لاتزال تمسك بقوة بتلابيب أميريكا .. ولكن نهاية ترامب تعني ان أميريكا التي نعرفها عادت من جديد .. وهي اميريكا المراوغة التي تهزم في الحروب الشعبية بسهولة أكثر .. وبايدن هو تمديد يائس للبقاء لسياسة اميريكا التقليدية التي ستدفع ثمنا باهظا لقاء اختيار البقاء بعناد في الشرق الاوسط والسياسات القديمة .. لأن زمن بايدن هو زمن التعب الامبراطوري لامبراطورية لاتقبل بحركة التاريخ فلم تجدد شبابها وبقيت تحارب في نفس المكان وبنفس الطريقة والاسلوب وصارت حفنة قليلة فيها تريد ان تمسك كل العالم .. مثل كل الامبراطوريات الراحلة .. فيما مراكز ثقل العالم تتحرك بقوة بين نهوض قوتين عظيمتين .. الصين وروسيا .. ومحاور الرفض والعصيان ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s