منتهى الصدق .. ومنتهى النفاق .. وجها لوجه

لم تعرف البشرية كاذبا ومنافقا وقحا مثل الغرب .. ولم تعرف البشرية انحطاطا في المعايير والمقاييس كالذي تشهده اليوم .. فالمتظاهرون في اميريكا مشاغبون وفوضويون ولامكان لهم .. أما الذباحون والمجرمون والقتلة في بالدنا فهم حواريون وأحباب الحرية ورحيقها ..
وهو يبتكر قانون قيصر لمعاقبة الحكومة السورية ولكنه يعاقب الشعب السوري .. وهو يبكي على السوريين ويقول ان النظام الفاسد سرق مقدرات الشعب السوري .. ولكنه علنا وفي وضح النهار وامام الكاميرات يعلن رئيسه انه يسرق النفط السوري ويسرق القمح ويسرق الماء ويسرق كل شيء ..
المندوب السوري في الأمم المتحدة يودع عهد ترامب ويستقبل عهد بايدن .. بالاشارة الى ان الادارات الاميريكة لاتختلف عن بعضها .. ومجرد التذكير بسلسلة وحلقات السياسة الاميريكية سيكشف كيف ان كل ادارة هي استمرار لما قبلها .. من نفاق ووقاحة وكذب .. ولاتختلف سوى نسبة النفاق الى الوقاحة والكذب .. فما قل كذبه كثر نفاقه .. وماقلت وقاحته زاد كذبه .. ورغم تمني الجعفري ان يكون بايدن استوعب هذه الحقائق ورغم كثرة الديبلوماسية في كلام الجعفري فان نسبة الصراحة زادت .. ورغم زيادة الشفافية في كلامه فان الوضوح زاد أكثر ..

هكذا نحن .. وهكذا هو الغرب .. منتهى الصراحة والوضوح والشفافية يقابله منتهى النفاق والكذب والاجرام ..

بيــــــان
السفير د. بشار الجعفري
نائب وزير الخارجية والمغتربين
المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية
أمام
مجلس الأمن
حول الشأن السياسي والإنساني في سوريا

الرجاء متابعة النص عند الإلقاء نيويورك في 20/1/2021
السيد الرئيس،
يجدد وفد بلادي الإعراب عن شكره وتقديره لإدارتكم الناجحة والمميزة لأعمال مجلس الأمن للشهر الجاري، والذي حفل جدولُ أعمالِه ببنودٍ ومسائل هامة من بينها عقد جلسة نقاش حول البند المعنون: “التهديدات التي تطال السلم والأمن الدوليين جرّاء الأعمال الإرهابية”، وإحياء مرور عشرين عاماً على اعتماد القرار 1373 (2001) إثر التفجيرات الإرهابية الإجرامية والمدانة التي استهدفت مدينة نيويورك في 11 أيلول / سبتمبر من العام 2001.
لقد كان أملنا آنذاك أن يساهم اعتماد القرار 1373 في تصويب البوصلة بالاتجاه الذي نتطلع إليه جميعاً وهو تعزيز التعاون الدولي المنسق تحت مظلة الأمم المتحدة وآلياتها لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله ومكافحة الفكر المتطرف والتعاليم المشوهة المغلوطة التي تروج له. وتلا اعتماد هذا القرار الهام (1373) اتخاذ مجلس الأمن العديد من القرارات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والتي كان الهدف منها، كما اعتقد البعض، هو سد أي ثغرات وتلافي أي نواقص اعترت القرارات السابقة أو تطبيقها، ومعالجة مسائل من قبيل منع دفع الفدية للإرهابيين، ومكافحة تنظيمي داعش وجبهة النصرة، وظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب أو الإرهابيين بلا حدود، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب بما في ذلك من خلال فصم الروابط بين التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة العابرة للحدود.
وللأسف، فإن ما تبين لاحقاً هو أن كل هذه الآمال لم تكن إلا أضغاث أحلام إذ أن مسألة مكافحة الإرهاب قد استغلت من قبل دول الغرب نفسها، تارةً لتدمير دول أعضاء في الأمم المتحدة ومحاولة القضاء على إنجازاتها الاقتصادية والحضارية ونهب ثرواتها، وطوراً لوصم دولٍ أعضاء بتهم دعم الإرهاب وهي منه براء كما سمعنا قبل أيام من اتهامات رخيصة لكوبا وإيران، وحيناً للتغطية على الاستثمار المثبت في الإرهاب ورعايته العلنية من قبل حكومات دول معروفة.
لقد طغى التسييس والانتقائية وتعدد المعايير والاستثمار في الإرهاب على هذه المسألة الهامة، والمستفيد الأكبر من ذلك هو التنظيمات الإرهابية ومتزعميها الذين أصبحوا يفاخرون بالتسميات التي يطلقها البعض عليهم خاصةً في وسائل الإعلام الغربية كـ”الجهاديين” و”المناضلين من أجل الحرية” و”المعارضة المسلحة المعتدلة من غير الدول” و”دولة الخلافة الإسلامية”، وينعمون بما أتيح لهم من دعم ورعاية وإطلاق لليد لنشر القتل والفوضى والخراب تحت شعار نشر الديمقراطية في العديد من دولنا بوسائل حضارية بالطبع كقطع الرؤوس وأكل الأكباد وتدمير الآثار والتكفير والإساءة للأديان والرموز الدينية.
وكنا قد نبهنا مراراً إلى أن من يسعى لنشر الفوضى والخراب، ويتبنى خطابات التحريض والكراهية، وتصفية الحسابات مع بلادي، ويروج لشعارات من قبيل “الفوضى الخلّاقة” – التي بشّرتنا بها إحدى وزيرات الخارجية الأمريكية السابقات وأكملتها خليفتها لاحقاً – لن يكون في منأى من آثار وعواقب ممارساته. وللأسف، فقد تم تجاهل تحذيراتنا وصولاً إلى أن شهدنا تجسيداً لسياسات الفوضى وثماراً لنهج نشر الخراب وتأجيج التوترات وذلك في الأحداث التي تعرضت لها عاصمة البلد المضيف لمنظمتنا هذه مؤخراً.
وبطبيعة الحال، فإن تلك الأعمال الإرهابية التي شهدتها واشنطن مؤخراً كانت لتكون محل ترحيب ودعم وإشادة من حكومات الدول الغربية لو أنها حدثت في إحدى عواصم العديد من دولنا الأعضاء، ولأطلقت عليها تسميات “الربيع” و”الثورات الملونة البرتقالية”، ولتم وصفها بأنها “تعبير عن الديمقراطية” و”ممارسة للحريات بأبها صورها”، إلا أنها لقيت – لحدوثها في عاصمة غربية مهمة مثل واشنطن – سيلاً من الإدانات والانتقادات واستنفاراً من مواقع التواصل الاجتماعي لإدانة هذا السلوك وحجب صفحات رعاته، ونحن لا نمانع ذلك، ولا نشجع على الفوضى والغوغائية والعنف في أي مكان، لكننا نقف عند هذه الانتقائية ونستغرب مواصلة استغلال الأوساط الغربية المتطرفة لمواقع التواصل ذاتها لإثارة الفتن والنزاعات والترويج لممارسات تخريبية مماثلة وللعنف والكراهية وتشجيع ظاهرة “الإرهاب بلا حدود” لاستهداف العديد من دولنا الأعضاء تحت شعارات سردية خالية من الدسم الأخلاقي …
السيد الرئيس،
إننا نجدد المطالبة بتعزيز التعاون الدولي الجاد والمنسق تحت مظلة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب واستئصاله، ودعم جهود الدولة السورية وحلفائها لمكافحة تنظيمي “داعش” و”هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” الإرهابيين وما يرتبط بهما من كيانات وجماعات، وهي كيانات لاتزال تستغل التغطية الغربية على جرائمها لمواصلة قتل السوريين. هذا ما شهدناه قبل أيام في الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت حافلة في منطقة كباجب على الطريق بين تدمر ودير الزور، وكذلك صهاريج لنقل المحروقات وسيارات مدنية على طريق أثريا ـ السلمية، مما أدى إلى استشهاد العشرات من المدنيين والعسكريين، ولم يأتِ على ذكر هذه المسألة أحد باستثناء سفيري روسيا والصين. وقد تم تنفيذ هذه الاعتداءات الإرهابية من قبل عناصر تنظيم داعش القادمين من منطقة سيطرة قوات الاحتلال الأمريكي في منطقة التنف المحتلة التي يقع ضمنها مخيم الركبان، وهم الإرهابيون ذاتهم الذين سبق لهم شن هجمات إرهابية دموية على المدنيين في محافظة السويداء واستهدفوا قوات الجيش العربي السوري وحلفائه وأنابيب نقل الغاز وخطوط الطاقة. ولا يخفى عليكم أن قوات الاحتلال الأمريكي الموجودة في شمال شرق سوريا أيضاً كانت قد أوعزت لميليشيات قسد الانفصالية العميلة لها لإطلاق سراح عناصر تنظيم داعش المحتجزين لديها، وذلك لإعادة إحياء هذا التنظيم مجدداً والاستثمار فيه في سوريا والعراق. لقد وصل النفاق إلى حد مقيت، فمن جهة تزعم الإدارة الأمريكية قضاءها المبرم على تنظيم داعش الإرهابي، ومن جهة أخرى تقوم فجأة وبدون سابق إنذار بإعادة تشكيله وتشغيله انطلاقاً من مخيم الهول ومنطقة التنف لاستهداف بلادي.
وفي الشمال الغربي، لا تزال الكيانات الإرهابية وفي مقدمتها “هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” والجماعات المرتبطة بها تسيطر على مساحات من محافظة إدلب وجوارها، وتحتجز المدنيين كرهائن ودروع بشرية. وقد وجهت لكم على مدى السنوات الماضية مئات الرسائل الرسمية حول جرائم هذه التنظيمات الإرهابية ورعاتها ومشغليها، وأحدثها هي الرسالة التي وجهتها للأمين العام ولمجلسكم هذا بتاريخ 11 كانون الثاني الجاري، والتي تضمنت معلومات عن المجموعات الإرهابية المسماة بـ”لواء السلطان مراد” و”فرقة الحمزات” و”المعتصم بالله” و”أحرار الشرقية” و”درع الحسكة”، التي تنشط برعايةٍ ودعمٍ من النظام التركي في منطقة رأس العين وريفها حتى حدود منطقة تل أبيض وعين عيسى في محافظة الرقة، والتي تواصل ارتكاب أعمال القتل والنهب والتتريك والتهجير والتغيير الديمغرافي وتهريب واستخدام الأسلحة الكيميائية وسرقة محاصيل الفلاحين والمزارعين السوريين من القمح والشعير والبذار ونقلها إلى تركيا عبر بوابتي رأس العين وتل أبيض الحدوديتين، علاوةً عن جرائم أخرى لا يتسع المجال لسردها كاملةً هنا، وهي جرائم عرقلت حكومات دول معروفة تحرك مجلس الأمن لوضع حد لها ومساءلة مرتكبيها ومشغليهم، وللأسف لم نسمع أي كلمة حول كل هذه التفاصيل المقلقة المقيتة من السيد لوكوك.
السيد الرئيس،
مع ازدياد حالات الإصابة عالمياً بجائحة كوفيد-19، والآثار الكارثية التي خلفتها هذه الجائحة على الاقتصاد والقطاعات الحيوية في غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فرض المزيد من التدابير القسرية على بلادي سوريا وعلى دول أخرى متجاهلةً في ذلك دعوات الأمين العام ومبعوثه الخاص إلى سوريا الحاضر معنا في هذه الجلسة والعشرات من كبار ممثلي منظمتنا الدولية لوضع حد لهذه التدابير اللاشرعية. ولا يزال ممثلو الدول الغربية التي تتبنى سياسات الحصار والعقاب الجماعي للشعوب يواصلون الحديث عن الاستثناءات المزعومة في المجالات الإنسانية والطبية والتي هي مجرد مزاعم تثبت الوقائع على أرض الواقع عدم وجودها على الإطلاق. وكنت قد حدثتكم مراراً أنه حتى الخيوط الجراحية وأجهزة الرنين المغناطيسي ممنوع إدخالها إلى سوريا.
وقد استمعتم خلال جلسة مجلس الأمن، التي انعقدت وفق صيغة آريا بتاريخ 25/11/2020، إلى إحاطةٍ من الأمين العام لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، وهي المنظمة غير الحكومية والشريك الأساسي للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ولعدد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية الأخرى في العمل الإغاثي، حيث أوضح أن التحويلات المالية التي ترد من الخارج لتمويل العمل الإنساني تستغرق أشهراً طويلة وحجماً هائلاً من الأوراق والمراسلات جرّاء التدابير القسرية، وهو ما يعيق شراء الأدوية والاحتياجات الإنسانية وتوفير السلل الغذائية لمستحقيها. كما أشار إلى ما يفرضه حظر توريد الوقود من صعوباتٍ في تسيير شاحنات المساعدات الإنسانية وسيارات الإسعاف ونشر العاملين الإنسانيين والطواقم الطبية، علاوةً عن إعاقة التدابير القسرية للحصول على الكثير من اللوازم الأساسية للعمل الإنساني وإدارة المستودعات. وبدلاً من توسيع وتعزيز الدعم المقدم للعمل الإنساني النبيل والجهد الهائل الذي يقوم به الهلال الأحمر السوري – الذي قدّم /65/ من متطوعيه كشهداء خلال الأزمة الراهنة – فقد امتدت يد العبث لمحاولة الإساءة لهذه المنظمة العريقة وجهودها وتشويه سمعتها.
هذا كله غيض من فيض من انعكاسات التدابير القسرية على حياة كل سوري، فهل نصدق روايات زملائي الغربيين عن الاستثناءات المزعومة أم نصدق الحقائق التي نلمسها بشكل يومي على أرض الواقع؟
واليوم يحذر البعض من أن الأضرار الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا ستحد من المساعدات وتمويل الاستجابة الإنسانية، وستقلص بالتالي من أعداد المستفيدين من المساعدات الغذائية. وبدلاً من التحرك لتلافي مثل هذا التحدي الجسيم الماثل أمام أعين المجتمع الدولي، والذي قد يسفر عن معاناة إنسانية في العديد من الدول ويدفع بالمزيد من رعاياها للهجرة واللجوء، تواصل بعض الحكومات الغربية سياساتها القائمة على الهيمنة والاحتلال ونهب قوت الشعوب وثرواتها، وهو ما نشهده بشكل متواصل من خلال مواصلة قوات الاحتلال الأمريكي لنهب ثروات بلادي من النفط والغاز والآثار والمحاصيل الزراعية وحرق وتدمير ما لا يتاح لها سرقته، وهي جرائم يتناغم معها في ارتكابها أيضاً الاحتلال التركي في أجزاء من شمال وشمال غرب بلادي، وكل ذلك بالشراكة مع تنظيمات وكيانات إرهابية وميليشيات انفصالية عميلة كما أسلفت قبل قليل. فما رأي السيد لوكوك وأوتشا في ذلك؟ أليس من الأولى والأجدى والأحق ممارسة المجلس لمسؤولياته بموجب الميثاق ووضع حد للاحتلال ونهب ثروات الشعوب وتدمير مقدراتها ومكتسباتها التنموية بدلاً من السماح للبعض بنهبها ومن ثم التغطية على جرائمه عبر الإشادة بسخائه في تمويل جهودكم “الإنسانية” وتمريره لقوافلكم عبر الحدود؟ هكذا تفعلون مع تركيا التي أثنى عليها السيد لوكوك في بيانه اليوم.
السيد الرئيس،
تنتهي اليوم عهدة رئاسية في الولايات المتحدة كانت رمزاً للتطرف والعدوان والعقوبات والانسحاب من منظمات الأمم المتحدة والتنصل من التزاماتها التعاهدية التعاقدية الدولية، ونأمل أن تتحلى الإدارة الجديدة بالحكمة وأن تدرك أن عضويتها الدائمة في مجلس الأمن هي قبل كل شيء مسؤولية كبرى تستوجب منها الوفاء بالتزامها بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإعلاء مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق، والكف عن أعمال العدوان والاحتلال ونهب ثروات بلادي، وسحب قواتها المحتلة منها، والتوقف عن دعم ميليشيات انفصالية وكيانات لا شرعية ومحاولات تهديد سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها.
ختاماً، السيد الرئيس،
تنعقد بعد أيام معدودة الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية. وكما سبق تأكيده مراراً فإن الدستور الذي يمثل القانون الأسمى في البلاد هو شأن سوري وطني بحت، كما أن رسم مستقبل سوريا هو شأن وطني سوري بحت أيضاً. وبالتالي، يعيد وفد بلادي التأكيد على الملكية السورية والقيادة السورية للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة وذلك بما ينسجم مع قرارات مجلس الأمن كلها. ويشدّد على أن إنجاح عمل هذه اللجنة يستلزم احترام قواعد إجراءاتها التي تم التوافق عليها، ورفض أي تدخلات خارجية في أعمالها وأي محاولات من قبل بعض الحكومات لفرض أي إملاءات حول خلاصات عملها أو جداول زمنية مصطنعة لها.
شكراً السيد الرئيس.

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s