مايخطر على بالي دوما هو هل تخلصت البلاد من حمولتها من الخونة والعملاء؟؟ ففي الازمات والحروب التي تتفجر يحدث تمايز وتعسكر ويحدث نوع من الاصطفاء والتطهير العرقي او التطهير السياسي حيث تنتقل القوى البشرية المستقطبة الى أقطابها .. وتظهر بوضوح تلك الكتل الرمادية الحائرة أو الانتهازية التي تنتظر ..
عشر سنوات من الحرب على سورية قامت بنخل المجتمع السوري وظهر ماكان غير ظاهر من تباينات في النسيج السياسي للناس .. وكانت ظاهرة الانشقاقات طريقة اعلامية تحرض الموظفين الحكوميين والديبلوماسيين والعسكريين للتموضع خارج معسكر الدولة والغاية منها كانت واضحة وهي الترويج لموضة جديدة من المواقف المنفعلة التي تلقى الترحيب والصخب الاعلامي وتشد اهتمام الناس وتصور لهم ان دولتهم تتفكك ولم يعد من المجدي الوقوف معها .. انها دولة تموت .. وكانت الغرف الاعلامية تقوم بتسويق الانشقاقات كي تباع وتنتظر المكافآت .. وتشجع الناس على مزيد من الانشقاق حتى تدب الفوضى في جسد الدولة وتصاب بالانهاك النفسي والتعب وتنتشر حالة ذوبان الدولة وتآكلها السريع وانهيارها كما انهار برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك بشكل مفاجئ فيما الناس يراقبون تآكل البناء بالنار كما قيل ..
وكانت ذروة الانشقاقات هي في انشقاق رياض حجاب .. وبعدها تراجعت حدة الانشقاقات لأن الانشقاقات التي كان الغرب يعول عليها هو انشقاق القادة العسكريين والديبلوماسيين .. وماسيتلوه من انشقاق السلاح عن السلاح .. ولكن العسكريين في معظمهم قرروا عدم الانجرار نحو هذا الاتجاه واختاروا ان يثبتوا .. وكسبوا الحرب العسكرية بشكل يبهر الابصار ويأخذ الألباب .. ولولا ذلك لتغير كل شيء ولصرنا دولة مثل العراق وليبيا او لبنان أو أفغانستان والصومال .. كتل سياسية متحاربة وحروب زعامات وميليشيات وكل حي في دمشق يتبع لسفارة ولسفير .. وربما كان السفير الاميريكي هو من سيدير البلاد كما هي السفيرة الاميريكية في لبنان وفي العراق وليبيا ..

السؤال الذي يتبادر للذهن هو هل اكتملت كل الانشقاقات وتطهرت البلاد وخرج المنافقون والانتهازيون وبقينا في جسد الدولة ومؤسساتها كتلة صافية وطنية نقية؟؟
الكثيرون يتساءلون عن غباء فكرة انشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب الذي كان من الممكن لو بقي يخرب بصمت وخبث ويدمر الدولة من الداخل ويرسل كل المعلومات الحساسة الى المشرفين عليه .. وكان لو استمر لبضع سنوات قادرا على ان يكون أهم خرق على الاطلاق وأهم مصدر للمعلومات الاقتصادية السرية والمالية والطرق السرية في كسر العقوبات وسيقدر على زرع المعارضين المستترين في اهم المفاصل المالية والاقتصادية والخدمية .. وعندها يتم الضغط على زر التفجير عندما تفشل الدولة وسيكون قد أنجز مهمة قذرة وفي منتهى الخطورة لاتقل عن دور كوهين الجاسوس .. ولكن المشرفين على الحرب في سورية اخطؤوا خطأ كبيرا عندما أحرقوا هذه الورقة الخطرة من أجل لعبة ألعاب نارية واحتفالات وسبق صحفي .. وظنوا ان هذه الضربة كفيلة في احداث شرخ عميق في بنيان النظام المؤسساتي وسيحدث صدمة نفسية موجعة تتحول الى حجر دومينو ينتقل الى كل الموظفين الكبار في الدولة اما خوفا او قفزا من السفينة الغارقة .. ويجادل البعض ان رئيس الوزراء في سورية ليست له قوة التاثير في القرار السياسي في سورية حسب الدستور السائد ولايتدخل في السياسة الخارجية للبلاد والسياسة العسكرية الا أنه يطل على كل شيء من أسرار المعلومات الهائلة وخزانات الاسرار المالية والاقتصادية والعلاقات البينية في الدولة ومؤسساتها ومع كل الخارج والحلفاء ..
الواقع لايقدر ان يقول ان المنشقين أكملوا انشقاقهم .. ويبدو ان من كان يشرف على مشروع الانشقاق واظهاره قرر ان تتوقف هذه اللعبة لأنها لم تعد مجدية .. وأن الأهم هو ان يبقى أولئك الرماديوين والانتهازيون في مفاصل الدولة .. لأن المنشق تبين ان وظيفته اعلامية وتسويقية وهي بضاعة كسدت وتكدست في المنافي وصارت عبئا ماليا ومزعجا وهؤلاء يطالبون بأن تتم رعايتهم الى النهاية كما وعدوا ..
ومن جديد .. من هم أولئك الباقون في جسد الدولة الذين أدرك المشرفون على الحرب انهم في أماكنهم الرسمية او وظائفهم افضل أن يلبثوا في مكامنهم ويتحولوا الى عناصر تخريب صامت؟؟
كيف يظهر مثلا شخص وطني بحجم فارس الشهابي .. ويملأ الدنيا ضجيجا عن الأخطاء الكارثية التي تقتل الصناعة والصناعيين .. وتقتل الاقتصاد ولاتعجل بشفائه ولاتسمح بالتصدي لقانون قيصر ولاتجري الدولة اية اجراءات عقابية صارمة على اجتياح البضائع التركية للأسواق .. وبدل هذا .. يخسر الشهابي مقعده في مجلس الشعب .. ولايقدر ان يمرر أي مشروع ثوري اقتصادي .. من تلك الكتلة الغامضة الخفية التي حاصرته وحاصرت ثورته الصناعية والاقتصادية؟؟ وهل تتربص بآخرين .. وتلعب الدور الذي كان يفترض أن يلعبه رياض حجاب؟؟
كيف يمكن ان تدخل البضائع التركية الى أسواقنا علنا وتعرض على الرفوف فيما الجهات التجارية والضريبية غافلة وهي التي يجب ان تعامل البضائع التركية معاملة البضائع الاسرائيلية بمقاطعة تدعمها قوانين رادعة؟؟ ..
وكيف تظهر مثلا كتلة من الأموال السورية الهائلة في مصارف لبنان بسبب عدم اجراءات كافية وتشريع قوانين لحماية رأس المال الوطني لاستعادتها وتسهيل حركتها .. فتطير هذه الكتلة الهائلة بين عشية وضحاها وتقدر بقيمة 54 مليار دولار .. كانت رئة الاقتصاد السوري .. تبخرت في مصارف لبنان .. وماأدراك مامصارف لبنان التي يشرف عليها اشخاص محميون من كتل سياسية .. وهذه الكتل السياسية محمية من شخصيات سياسية .. وهذه الشخصيات السياسية محمية بطوائفها .. وهذه الطوائف محمية بدستور فرنسي .. والدستور الفرنسي هو جهاز التحكم الغربي في كل لبنان .. أي ان شبكة العملاء الفاسدين في لبنان ربما عملت منفردة ولكن هل هناك دور خفي لشبكة عملاء في سورية لم تعلن انشقاقها لاتزال مندسة في مفاصل الدولة السورية .. هل تعمل شبكة العملاء في لبنان دون تنسيق مع شبكة العملاء في سورية؟؟ أي مثلا فان شبكة العملاء السوريين ترغم كتلة النقد والبنكنوت على الهجرة بالتضييق عليها .. وأكثر وجهة قريبة هي المصارف التركية واللبنانية .. وهناك تتولى الشبكة الثانية الاستيلاء عليها وتهريبها مع أموال اللبنانيين والانهيار التدريحي في الاقتصاد اللبناني والتركي ..
نحن ندرك أن مفاتيح الألعاب الاقتصادية لاتزال في ايدي أصحاب مؤتمر دافوس .. وهم الذين قرروا مثلا ضخ مليارات الدولارات في البورصة التركية كي يظهر حزب العدالة والتنمية كصاحب انجاز ومعجزة اقتصادية اسلامية كي يقود مشروعا ضخما في الشرق الاوسط لجعل هذه المنطقة خارج نفوذ الصين وروسيا ومؤتمر شينغهاي .. ويبدو ان هذه الاموال في تركيا يجري تحريكها الان باتجاه آخر خارج تركيا ولذلك يعاني اقتصاد العدالة والتنمية اليوم من حالة اختناق فظيعة و”فقر دم” مع تقديرات لنسب البطالة تصل الى 18% وديون هائلة .. ولايحتاج الاقتصاد التركي الا الى هزة بسيطة ويسقط ويرتطم بالأرض مثلما حدث عندما ألقي موظفو البريد السوريون الابرياء في مدينة الباب من على الشواهق وارتطموا بعنف وقضوا في مشهد مرعب .. لن يتكرر المشهد الا في مشهد سقوط الاقتصاد التركي عندما يتلقى الدفعة التي ستتقرر في الغرب كما يتنبأ كثيرون .. ومن جديد فان كل الاموال المنهوبة من سورية والمستقرة في البنوك التركية ستتبخر .. لأن هناك محاولة افراغ سورية حتى من مدخراتها المهاجرة .. التي يمكن ان تفكر بالعودة لاستئناف النشاط الاقتصادي ..
لاتوجد دول قادرة على اللعب مع هذا الوحش الاقتصادي الا اذا تحصنت بالاستقلال الوطني والبنوك الوطنية هي التي صمدت وحمت أموال الناس وهذا ماكان هدف الدولة السورية ونظرياتها في الاستقلال الاقتصادي .. ولكن هناك من يتلاعب بالليرة كي تنضب البنوك السورية من البنكنوت .. فيرغم المدخرات على الهجرة نحو بنوك أخرى تكون مثل الشباك التي تنتظر الأسماك الهاربة من سمكة قرش ..
في كل حروب العالم كان الطابور الخامس أهم من الطوابير الأربعة التي تتقدمه .. وربما نتذكر ان المانيا كادت تكسب الحرب العالمية الاولى لولا ان الصيارفة اليهود الالمان انحازوا ضد بلدهم ألمانيا لصالح مشروع لا ناقة لألمانية ولاجمل فيه وهو مشروع دولة وعد بلفور .. فامتنعوا عن تقديم اي قروض للحكومة الالمانية لتمويل الحرب ولشراء المحاصيل .. وتوقف صرف الرواتب وأضرب عمال الذخيرة الالمان .. وتوقف الاقتصاد في ذروة الحرب .. وانهار كل انجاز المحاربين الالمان في سنوات الحرب .. فيما كان العالم الكيميائي الصهيوني حاييم وايزمن يعطي الجيش البريطاني اول سلاح كيماوي يستعمل ضد الالمان .. فانهارت الدولة الالمانية قبل ان ينهار الجيش الالماني وحدثت الهزيمة التي جعلت الالمان لايغفرون مافعله الطابور الخامس من الصيارفة ببلدهم ..
لايمكننا أن ننكر ان الحصار المطبق على البلاد هو الذي يلعب الدور الرئيسي في معاناة الناس وأن كل خطط الدولة لاتكاد تكفي لتجاوز الضائقة .. ولكن مع هذا ابحثوا عن الطابور الخامس الذي لم يظهر انشقاقه .. والذي يريد ان يسرق اعظم هدية قدمها الجيش والشعب لهذه الارض .. هذا الطابور هو الذي يديرعقوبات قيصر من الداخل ويدخل قيصر الى كل بيت .. انه نوع من الصيارفة اليهود المنحازين ضد بلدهم دوما .. من أجل وعد بلفور يعطيهم جبل قاسيون .. لكن هيهات ان نتركهم يسرقون منا هدية الجيش العظيم لهذه الارض .. الصيارفة والخونة لايعرفون أننا متمرسون في ترويض الصيارفة .. والمؤلفة قلوبهم .. وأننا لن نبيع النصر والدم .. بأي ثمن .. أهم شيء أننا نقرأ أفكارهم .. ونعرف متى ندق الباب عليهم في أوكارهم المظلمة .. من حيث لايتوقعون..