لا يمكن لأي مجريات عملياتية في تقييم ومواجهة الحرب أن تتسرب إلى العلن أو أن يعلمها أيا كان ولايعقل في الحروب الوجودية وحتى العادية أن نعرف كل شيء عن كل شيء حتى الشركات التجارية تبقى في عملها على سر المنتج بل وبائع الأطعمة له مالايقوله في تحضير اطعمته فكيف لدولة تقود أمة تواجه اقتلاعها من جذورها أن تكون ناطقا إعلاميا بكل مايشتهي العدو معرفته او سماعه ؟؟ فمن الذي كان يتوقع حجم وهول هذه الحرب التي شنت على سوريا حتى يكمل حياته طبيعيا وكأننا في معركة مع فرسان السيوف الورقية ؟؟. من حق أي مواطن أن ينتقد و يتساءل ولكن من دون أن يتحول إلى مادة للإستثمار الخارجي فإن من حقوق المواطنة وبديهيات المسؤولية أن تكون الحكومة شفافة فعالة في عملها فمثلا لايريد السوريون اليوم تقديم المعجزات في الوقت الراهن بل فقط محاربة الفساد ولجم الهدر المتعمد من قبل البعض المستغل لموقعه لأن موقع كل مسؤول هوموقع للشعب وليس للمسؤول في نهاية المطاف ..إن تغييب الحقائق التي تعمل بها الدولة في مواجهة الحرب لاتعني أن على المواطن أن يحيا في مواجهة المجهول بل أن يعلم أنه مازال ضمن الحرب ومازال يخوض المواجهات لاجتياز المرحلة الأكثر خطورة وخبثا التي فرضها عليه الأعداء ..في سوريا ومنذ مواجهات اليوم الأول من الحرب كنا نحيا ممزقي الأوصال جغرافيا واجتماعيا فتخيل أيها العاقل مدى خطورة الحرب على سوريا في حينها وحتى اليوم ؟؟ السوري يقاتل وهو محاصر بجيوش من المجرمين واللصوص الدمويين ومن حول دمشق حكومات مهزوزة هزيلة تحيط بك من كل الجهات وليس لها الأمر في تنفيذ سياساتها وإلا ماكانت تنصاع للأمريكي فكيف تتنفس دمشق الحياة بسهولة وبساطة وحكومات الجوار لايسمح لها أن تكون حكومات مستقلة بل شريكة في الحرب على دمشق ؟
إن ظهور اسماء رجال أموال في الحروب الوجودية قد لايكون بسبب انتهاز الحرب بل بعض هذه الاسماء تظهر لحاجة الدولة التي تعي خطورة الأوضاع الإقتصادية ولهذا تصنع بعض رجال المال لتحييد الدولة عن الإصطدام مع الخارح ومن ثم فهم سيشكلون مخارج للحصار ويكونون عونا للدولة فالدولة مكبلة ومحاصرة ومن الجهالة والضعف أن لاتصنع رجال مال لتصنع من خلالهم منافذ في جدران الحصار تحمي قوة تماسك مؤسسات الدولة و مكونات المجتمع ماديا فتستجر موارد الحياة بهم..أما السؤال عن دخول بعض معدات الصناعات الأجنبية تهريبا إلى سوريا فإن هذا الأمر يتسرب عبر أي وسيلة ولكن بكميات محدودة جدا وهذا أمر طبيعي في زمن الحرب فالحصار له ثغرات مهما تعاظم ولكن ليست بتلك الثغرات التي تسمح للدولة بالحصول على كل ماتريده .أما سبب استعادة الأموال أو الشركات التي اودعتها الدولة العميقة برعاية أسماء بارزة سببه أن هذه الأسماء باتت تشكل ضغط كبير على الدولة من قبل الخارج وهذا الضرر لم يولد من عملها المكلفة به بل من اسم المكلف هنا وجب التدقيق والتحقيق قبل إنتفاضة العاطفة والإنفعال ومعرفة أن عمل هذه الأسماء التي تقوم الدولة بعزلهم مستمر ولايتوقف عند عزلهم ومثال ذلك بقاء المؤسسات ضمن برامج عملها إن كانت شركات إتصال وماشابه أو جمعيات خيرية…
من يريد التعامل مع واقعية تقول أن الحليف مسؤول عنه أو أنه يتحالف مع السوري لأجل السوري فهذا غير واقعي لأن الحليف يتعامل مع نفسه عبرك أي أنه يريد نفسه ولكن ماذا تريد الدولة منك أن تعلم كما واقع الحال في سوريا ..تريد الدولة منك أن تتأكد أنها تتقن اللعب كي تبقى سيدة قرارها فكيف هذا ؟؟؟دقق بحجم الحرب وخبثها وتعقيداتها الرهيبة حاليا على سوريا :
دخل المحتل التركي الشمال .ودخل المحتل الأمريكي الشمال الشرقي .تعاون الأكراد الإنفصاليون مع المحتل الامريكي .وكذلك تعاون مايدعى ببقايا الجيش الحر معه .درعا تشهد توترا بين الفينة والأخرى طبعا لسبب وجودها بالقرب من العدو الصهيوني وتريدها اسرائيل خوذة لرأسها عبر من لايريد المصالحات وهؤلاء أنفسهم اغتالوا وهاجموا من قام بالتسوية والمصالحات ولذلك تصر سوريا على المصالحات هناك مع الإبقاء على العمليات النوعية المحدودة ضد جيوب الجهلة الدمويين ..لايمكن للدولة هنا أن تكون في مكان المشاهد بل الطرف السيد والأقوى في التكتيك الحقيقي فالأسد يريد بقاء ايران عبر المستشارين العسكريين لصنع واقع مواجهة مع وجود الأمريكي والأسد يعزز علاقاته مع روسيا مع تعزيز كل من الكردي الإنفصالي والأتراك علاقاتهم مع الامريكان وهنا تتم المواجهة قبل المعارك العسكرية .سوريا اليوم يفرض عليها اعداؤها حرب محاور ولكن سوريا تريد فرض حرب مقابلة موازية لكي تضيق شرعية التفاوض مع أكثر من طرف لأنه من الذكاء أن لا يتفاوض السوري مع التركي على حدة إذ أنه قادر على التفاوض مع الأمريكي وجها لوجه وهنا نذكر ماقاله القائد الأسد عن تحركات اردوغان ( الفقاعات الأتية من الشمال ) وهذا ليس استخفافا بالضرر الذي ينفذه أردوغان بل هي حقيقة حجمه من دون مشغليه الامريكان ..
مع كل هذا هناك من ينجر خلف جميع من ذكرناهم من محتلين وإنفصاليين والمهمة تحتاج لقوة شعبية ثابتة في تحويل المشهد وصنع المتغيرات فهؤلاء هم من بسببهم تأخرت الحرب ومن بسببهم وجد الأمريكي والتركي لهما مكانا منعا فيه سوريا من استعادة اراضيها الخصبة بكل الخيرات الباطنة والظاهرة وهنا لا يمكن التقدم من دون وعي الشعب واصطفافه خلف الرئيس الأسد والجيش العربي السوري لمواجهة أخطر المواجهات مع هؤلاء لقد تشدد الأمريكان في الحصار لقتل هذا الإصطفاف وتأثر السوريون به حصارا غير مألوف لديهم .إنه حصار لم يشهده السوري تبعاته المباشرة إلا في بداية عام ٢٠٢٠ فقط وفي مساحات هذا التأثر لعب الإعلام اللاأخلاقي لعبته القذرة وراح يظهر أن الدولة هي من تصنع هذا الواقع مقصيا بهذا دور الولايات الأمريكية المتحدة والغرب والأعراب والأتراك بضرب أمن واقتصاد سوريا وكأن سوريا هي سويسرا حالا وموقعا وخارج هذه الحرب اي وكأنها تحيا بلا أزمات مع الخارج وبهذا بدأت لعبة قذرة جديدة مضمونها التزوير والتحوير ولفت انتباه المواطن السوري بعيدا عن حقيقة مجريات الحرب ..
أما عن الإشتباك الخفي في قيادة العوامل الإجتماعية لمواجهة حرب الوجود التي تتعرض لها الأمة فهي تكمن في تلقي واستيعاب تلك الهجمات لدى المجتمع في تحقيق واقع مخالف لمايريده الأعداء .ولهذا وجب على كل مبحر بالفكر ومؤثر في الرأي التقي أن ينظر إلى تنقل مراحل الحرب ضد سوريا والدولة السورية وعليه أن يدرك أيضا كيف أنها تستهدف استنفار المجتمع ضد الدولة هنا يتوقف العقلاء لفهم مايجري بأنه في الحقيقة تمييع وتقزيم غير واقعي ولاعقلاني لحقيقة مجريات الحرب ضد سوريا ولو كان لهؤلاء رؤية إنسانية وواقعية غير مجندة لتدمير سوريا لوقفوا مع جميع السوريين لتخطي المحنة وليس لتسعير الحرب فإن دولة وقفت تقاوم العالم بأسره وحيدة منذ الاشهر والسنوات الاولى وشبه وحيدة فيما بعد سوف تفرض على كل عاقل أن يحترم الواقع فمن عاش سقوط بغداد وحزن فعلا على سقوطها عليه ألا يستكمل ما بدأه الامريكي من العدوان .
إن الإستيعاب والهدوء من أساسيات النصر ومع وجود مكونات اجتماعية تتلقى الحرب بحسب ميولها المعرفي المنفصل عن رؤية الأمة فقد تصعب المواجهة وهنا تبحث الدولة العميقة التي تتميز بوجود العقول المضاعفة فكريا على استيعاب اصطدام بعض المكونات في الحرب دون الإحاطة بها حيث لاتدرك مايحدث حقا فقد يسطو الإعلام الخارجي المعادي على شيء من الأراء ويفقدها عقلانيتها لتظن أنها مسحوقة من قبل الدولة وليس الخارج ولتعمل في حينها عقول الدولة على مواجهة هذا الإعتداء بكل ذكاء عبر صرف الأعباء عن هذا المكون وتحميله إلى المكونات الأكثر مرونة وسعة أفق في الرؤية وقراءة الحرب فقد تستوعب هذه المكونات الحروب بحسب القدرات العقلية والنفسية وهذه حقيقة ..إن المجتمع الأكثر مرونة في استيعاب الأزمة المارقة هو آمان الأمة والحاضن الأعظم المانع من.ضياع المكون الذي لايعلم بأنه ينخرط في الحرب على موطنه عندما يتحصن في موقف يتماهى مع مواقف العدوان وحرصا على عدم توتر هذا الجزء من المكون الإجتماعي وجذبه إلى مؤثرات الخارج تعمل قيادة الدولة الذكية على استيعابه فهو قد ينصاع مع ما يتناوله الخارج ويسبب للدولة معوقات قاتلة .وهذا مايدعى توليف المشكلات.أما إن كان ثمة مكون ما لايريد أن يصدق مايجري ويتهم مكون آخر بأنه ينعم في الحياة فقد تنقلب حقيقة عوامل حياتية يومية محددة لصالح ذاك المكون المتأثر بالإعلام المعادي ليدرك بأنه ابن الأمة وليس حبيس الأكاذيب..
لو نظر أي عاقل ودقق في عمل المنصات الإعلامية المعادية سوف يجد اعلام الأكشن يقود حربا سطحية ولكنها نارية من حيث العناوين منها تخلي روسيا عن دمشق اوغضب بوتين من الأسد أو انتفاضة أهل الساحل على الأسد وماشابه فإن دققت بكل هذه العناوين سوف تجدها تتحدث وكأنها تجلس بين الرئيس الأسد وبوتين.
في النهاية نقول :
اسألوا على من تصب حمم صواريخ العدو الذكية المتطورة ومن تتعقب وهل تعبت أدمغة العدو الصهيوني من مطاردة الوجود الإسلاموي التركي في سوريا أم الوجود السوري و الإيراني الذي اباحته دمشق عندما استباح وأباح العالم ارض سوريا لجميع اشكال وعناوين الغزاة والهمج الدمويين ..إسألوا فوق من تطلع طائراتهم وعن أي خبراء عسكريين ومخازن سلاح تبحث تل ابيب هل عن علماء اتراك أم عن علماء شاميين من الشام التي باركها رسول الله النبي الكريم محمد المصطفى ..