بينما يمنع الحصار استيراد حليب الأطفال و الدواء و قيصر يهدد حتى الشركات و الأشخاص من التعامل تجاريا معنا يسمح لنا بدخول العالم الرقمي بل و ندفع إليه دفعا لأجل التطوير و مواكبة الحداثة .. وعدونا بداية الحرب بعودة أكيدة للعصر الحجري أخرجوا لنا سكان الكهوف و سعوا لتخريب كل شئ ثم نجحوا في تسليمنا لقيصر .. لن أستحضر طوابير الزحام التي يتسبب بها الحصار و ما تبعثه في الخيال من مظاهر البداءة الآيلة إليها مقدراتنا و لن أقارنها بما قد تحتمله ظروفنا من حداثة و لن أشكك بالنوايا السورية الساعية لإيجاد فرصة لتنفذ منها للنهوض بالاقتصاد و لكن يجب مراجعة اندفاعتنا هذه التي لا تتلاءم ابدا مع منطق حرب الدفاع التي نخوضها .. ألم تتفقه نخبنا طوال سنين بشرح ما يسعى العدو لتحقيقه اقتصاديا بعد أن عجز عنه عسكريا كيف لا تتنبه تلك النخب لسعيه الجديد لتحقيق ما عجز عنه اقتصاديا .. ربما لأن الحصار معلن و يمكن لأي اقتراح للحد منه أن يكون معلنا أيضا و محبذا كالبطاقة الذكية التي تسعى منذ سنوات لترشيد الاستهلاك و توجيهه و أيضا لتوفير الراحة للمستخدمين و دون أن تحقق شيئا نرى إصرارا في الحديث عن نجاحها المتميز

كيف لرعاة الإرهاب و قتلة اقتصادنا أن يشرفونا في مؤتمر عالمي للتحول الرقمي و أن يتفقهوا بالحديث عن مستقبلنا الزاهر رقميا و هم على مرمى حجر من الأنقاض
كان أسلوب الظاهرة أبو غزالة لافتا فيما نقل عن حديثه في المؤتمر و كان يتكلم من موقع الأستاذ و المسؤول عن أدائنا فهو لا يرى عذرا لأي دولة أو حكومة في القول أن ظروفها صعبة و شدد على ضرورة رقمنة كل وزارة و كل شركة عامة أو خاصة و حتى الأسرة و أكد أن أطفال المخيمات الفلسطينية و السورية يتقدمون علينا في عواصمنا .. و عرف المواطن الرقمي بأنه يرضع التحول مع حليب أمه منذ الصغر .. كل عبارة تلفظ بها تحتاج للوقوف عندها مطولا و الحديث عنها مطولا أرجو أن تقرأوا ما قاله و أن تقرؤوه من واقعنا السوري الطبيعي لا من واقع افتراضي لا يليق بتضحياتنا يرسم لنا أو يفرض علينا تباعا
أليس غريبا أن نقاوم الحرب حتى آخر رمق و أن نبقى يقظين لكل ما يحاك لنا خلف الستار و أمامه ثم نشرع أبوابنا للغزو الجديد .. حصان طروادة دخل بابها على مرأى من أعين أهلها و بمعيتهم بعد أن قاوموا حرب أصحابه و حصارهم عشر سنوات و تم هدم الأسوار و حرق المدينة للأبد