الديمقراطية العذراء .. سنعود الى حيث يجب ان نكون .. وسيعودون الى حيث يجب ان يعودوا


كم طعنتني الكلمات الطيبة عندما استسلمت لها وأمنت ونمت بين يديها كما ينام الثمل بين أيدي شياطين النبيذ .. وكم نمت قرير العين الى ان ذبحتني من الوريد الى الوريد .. خدعتني الكلمات يوما كما فعلت دليلة مع شمشون في الاساطير القديمة وقصت له شعره فصار اسيرا في المعبد ..
لعلي بعد ان أذاقتني الكلمات خناجرها صرت أفضل ان أضع السم في فمي على ان اضع كلمة حلوة مخادعة ضليلة بين شفتي .. كلمات مطلية بالعسل ويقطر منها القطر مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والسلام .. وعملية السلام .. والاخوان ..
أعترف ان علاقتي بهذه الكلمات وشقيقاتها ليست على مايرام منذ ان تحولت هذه الكلمات الى سلاح بيد العدو كي يفتت بها نسيجنا الاجتماعي وبلادنا .. صرت منذ زمن عدوا للحرية وعدوا للديمقراطية دون حياء ولاحرج ولاتردد .. لأن الحرية عندما تصبح من زبائن الجواسيس واللقطاء تصبح قيدا وتصبح عارا .. ولاحاجة لي بها .. فلن آخذ حريتي من عبد .. ولا من جاسوس ولا من خائن ولا من مجرم .. فالحرية عندما تكون ملوثة بالرذيلة لاتشرف حاملها ..
وأعترف اكثر انني لاأحب الديمقراطية لأنها بدأت بلعبة اغريقية للسادة الاثينيين وانتهت لعبة للأثرياء الامريكيين واستحالت الى تجارة ككل التجارات .. لها دعاية واعلانات وزبائن ووكلاء ومروجون وقوادون ..
في هذه الحرب كانت الحرية والديمقراطية لي مثل السم في فمي ومثل الخنجر في حنجرتي .. ولم أتردد في أن أعلن حربي عليهما .. فهما الكلمتان اللتان خدعتا العراقيين وقتلتا ملايين منهم .. وهما اللتان خدعتا الليبيين واليمنيين والمصريين واللبنانيين وكثيرا من السوريين .. وكلفتانا ملايين الضحايا .. فبئس النور الذي يصيبني بالعمى .. وبئس الوردة التي تعيش فيها العقارب .. وبئس النار التي لاتدفئني بل تحرقني في قلبي.. وبئس الدواء الذي ينهش كبدي و العسل الذي يكون جنودا من عسل لاعدائي ..


ربما شكك الناس طويلا بالانتخابات السورية والديمقراطية في بلادنا لأننا تعرضنا لحملة تشويه عنيفة وربما كنت لاأبالي بما كانوا يدعون .. ولكنني رايت بأم العين كيف ان السوريين في مغترباتهم أعادوا للكلمة معناها وهيبتها وسموها ورقيها .. السوريون انعشوا الحرية من جديد .. فهل هناك من طريقة يطعن فيها اي انسان بالانتخابات السورية التي جرت في الخارج ؟؟ انها لأول مرة انتصار للفكرة الديمقراطية الحقيقية العذراء .. فالسوريون في الخارج تعرضوا للضغوط والاهانات لمنعهم من الادلاء بأصواتهم .. والمال كان يفعل فعله ويشتري كل وسائل غسل الادمغة وتشويه القيم الوطنية والشخصيات الوطنية والجيوش الوطنية .. مئات المحطات .. ومئات المستأجرين على اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي لاعمل لهم الا تحريض السوريين على قيادتهم ورئيسهم وبلادهم وجيشهم .. وقانون قيصر اجتهد الامريكان باخراجه لمنع الناس من ان يأكلوا خبزا كي يقبلوا بأكل السم .. ومع هذا ألقى المغتربون السوريون كل هذا في البحر .. وبجرة قلم شطبوا كل شيء ومزقوا كل الخرائط والخطط الموضوعة في كتب ضخمة .. وذهبوا بأعلامهم الوطنية .. لينتخبوا رئيسهم .. رشقهم المرتزقة بالحجارة وقطعوا الطرقات في وجوههم .. وهددوهم بالابعاد والنفي من المنافي .. ومع هذا حملوا اعلامهم .. وقالوا كلمتهم .. وألقموا الكلاب حجرا ..


هذا المشهد يتحدى أباطرة الحريات والديمقراطيات الغربية وفلاسفة حقوق الانسان الذين يتهموننا اننا دولة بوليسية .. لأن السؤال الوجيه هو: أين هو البوليس السري او المخابرات السورية التي أجبرت الناس بعد كل هذه الحرب على ان تنتخب ؟؟ هل المخابرات السورية تسيطر على عقول المغتربين وترصدهم وتهددهم وتملك القدرة على احضارهم الى غرف التحقيق والفروع الامنية؟؟ هل تشتري المخابرات السورية المؤيدين لها في الخارج بأكياس السكر والرز والرشوات والمناصب والرواتب؟؟ المثير للضحك ان الديمقراطيات الغربية التي تقول ان الأسد قتل شعبه بالغاز لم تلتقط الفرصة الذهبية كما تدعي لتظهر انها تقول الحقيقة حيث تسمح للناس بالتدفق الى القنصليات السورية بأعلام المعارضة للتصويت بـ (لا ) كبيرة .. ولكن من الواضح ان الخشية كانت من أن تغرق الشوارع بالاعلام الوطنية السورية وصور الاسد وتغرق 10 سنوات من الكذب في عدة ساعات أمام أعين الغربيين .. ولذلك قرر الاتراك والالمان ان يمنعوا الحقيقة كرمى عيون الديمقراطية التي تبيع جسدها ..
هذا المشهد يجعلني على يقين ان ماحاربنا من أجله كان اليقين .. وأننا لم نكن واهمين وحالمين .. وأننا لم نكن نكذب على أنفسنا ونخدع انفسنا .. ايضا جعلنا هذا المشهد نتأكد أن كل ماكانت تثرثر به المعارضات العربية منذ زمن عبد الناصر الى الأن كان هراء وكذبا .. وان ادعاءاتها ان الناس اقتيدت بالقوة الى الشوارع والمظاهرات المؤيدة كان محض افتراء عندما يتعلق الامر بزعامات وقامات كبيرة .. بل الناس في الشرق كانت لهم فراستهم وقدرتهم على تمييز القائد من المرتزق .. وان كان هناك مرتزقة معارضون فهم اولئك الذين أظهرهم الاعلام الغربي الديمقراطي بألاعبيه ولمعهم وشمّعهم على انهم كثر وغالبية .. فاذا بهم قلة قليلة تائهة لاتثير غبارا في شارع صغير ..


لم أعد خائفا على بلادي .. كما كنت خائفا عليها وقلقا عليها منذ سنوات .. فالناس استردت وطنيتها وعنفوانها واعتزازها ورغبتها بالتحدي .. فالاعلام السورية التي خفقت في خارج سورية كانت تتحدى ايضا سماسرة الحرية والديمقراطية والقوادين في السياسة ..


مشهد الانتخابات في الخارج .. سيثير الرعب في استانبول .. لأن ماتقوله هذه الظاهرة يعني ان غالبية المهجرين الى تركيا الذين يعيشون في مدنها هم وطنيون سوريون ويحبون بلادهم اكثر من تركيا وهم قنبلة موقوتة .. ولكنهم يتبعون التقية في زمن اردوغان وعصابته الاخوانية ورجال المافيات السوريين .. وهذا العنفوان السوري سيجد طريقه الى تحد حقيقي وثقافي ووطني للمجتمع التركي بمجرد ان تنهض كل جوانب القوة السورية ..
مشهد الانتخابات سيثير الرعب في بيروت .. وهذا ماأحس به سعدو الحريري الذي يهتز هلعا واصيب جعجع وعصاباته بالقشعريرة .. فالسوريون عادوا متماسكين ولاشك ان عودة السوريين بقوة الى الاقليم سيعني انهم سيعودون الى بيروت كما كانوا في عنجر .. وجعجع سيعود الى السجن كأي قاتل كان طليقا وأمسكت به العدالة التي غابت في فترة الفوضى ..
الانتخابات السورية أعادت للديمقراطية الانسانية ألقها وحيويتها وروحها البعيدة عن المال والاعلانات والابتزاز وصناعة الرأي وانتاج الابطال بالعلب ..وأعادت لي رغبتي في أن أكتشف الديمقراطية عندما تنزع عنها ماكياجات الاعلام والتزييف الغربية ومسبقة الصنع والمرباة في مزارع الاعلام والتلفزيون .. إن ديمقراطيتنا هي الديمقراطية العذراء ..
السوريون تماسكوا .. والاقليم سيذعن لهم .. واللعبة انتهت هنا .. والمعارضة انتهى مشوارها الكاذب هنا .. الاخوان المسلمون خرجوا من المعادلة الشعبية السورية بدليل هذا الفشل في اقناع الناس بالانتماء ضد خيار الدولة الوطنية السورية ..
المشهد فعلا مؤلم جدا لكثيرين .. وفظيع جدا .. وقاس جدا .. وفي منتهى القسوة .. وفي منتهى العنف .. وبلا رحمة .. ومتوحش .. وغير انساني .. مشهد من الجحيم .. بطعم النار ..
فليذهب أعداؤنا الى الجحيم .. اننا عائدون .. وسنعود الى حيث يجب ان نكون .. وأرجو ان يسمع جعجع هذه العبارة التي اشتقها من عبارة للسيد حسن نصرالله عندما قال في دخول المقاومة لنصرة سورية: سنكون حيث يجب ان نكون .. ونحن ياجعجع .. “سنعود الى حيث يجب ان نكون .. وستعود الى حيث يجب ان تكون” .. وليس ذلك بيوم بعيد ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

4 Responses to الديمقراطية العذراء .. سنعود الى حيث يجب ان نكون .. وسيعودون الى حيث يجب ان يعودوا

  1. Nabuokz Nuosr كتب:

    يجب تاديب هذا المخلوق بالسرعه القصوى.

  2. سامر حسامو كتب:

    الجرذ جعجع و من لف حول حزبه ايام فجورهم تلفظ انفاسها الاخيرة

  3. سلمى كتب:

    “السوريون في مغترباتهم أعادوا للكلمة معناها وهيبتها وسموها ورقيها .. السوريون انعشوا الحرية من جديد”
    كلام اكثر من صحيح واكثر من واقعي.
    لقد قمت بواجبي الوطني يوم امس في المركز الثقافي السوري بباريس، وذُهلت من طريقة التنظيم . فعلا انتخاب منظم حضاري وديموقراطي.
    لم يجبرني احد على الذهاب لكن واجبي وحبي لسوريا هما اللذان اجبراني .
    شكرا على المقال الرائع كل العادة.
    احترامي لك.

  4. غ ر كتب:

    شكرا لكم الاستاذ نارام سرجون

    منقول من جريدة الاخبار

    “القومي يدّعي على جعجع”

    20210525

    https://www.al-akhbar.com/Politics/306776/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A-%D9%8A%D8%AF-%D8%B9%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AC%D8%B9%D8%AC

    “《القومي》 يدّعي على جعجع
    سياسة
    خبر آمال خليل الثلاثاء 25 أيار 2021 18:05

    علمت “الأخبار” أن فريق المحامين في الحزب السوري القومي الاجتماعي سوف يقوم صباح غد بتقديم شكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بتهمة “التسبب بسقوط ضحايا أبرياء بين المواطنين السوريين المقيمين في لبنان الذين كانوا متوجهين يوم الخميس الماضي للمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية في سفارة بلادهم في اليرزة”.

    وكان جعجع قد انتقد قبل يوم من الانتخابات في تغريدة على “تويتر” مشاركة “عشرات آلاف النازحين السوريين في لبنان في المهزلة المأساة المسماة انتخابات رئاسية سورية في مقر السفارة”، لافتاً إلى أن ما سيحصل “يتناقض مع كونهم نازحين لأن تعريف النازح واضح ومتعارف عليه دولياً وهو الشخص الذي ترك بلاده لقوة قاهرة وأخطار أمنية تحول دون بقائه فيها”.
    وطلب جعجع من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال “إعطاء التعليمات اللازمة لوزارتي الداخلية والدفاع والإدارات المعنية من أجل الحصول على لوائح كاملة بأسماء من سيقترعون للأسد غداً، والطلب منهم مغادرة لبنان فوراً والالتحاق بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد في سوريا طالما أنهم سيقترعون لهذا النظام ولا يشكّل خطراً عليهم”.

    ذلك التصريح وجد صداه بعد ساعات في الشارع. صباح الخميس الماضي. وجدت المواكب التي أقلت الناخبين من الشمال والبقاع بانتظارها عشرات الشبان المنتمين إلى” القوات”، لا سيما على أوتوستراد جونيه وذوق مصبح. الشبان، بحسب ما وثقت الكاميرات، اعترضوا الباصات وأنزلوا راكبيها واعتدوا عليهم بالضرب. ولم يفلت موكب لمواطنين لبنانيين كان في طريقه إلى مارون الراس للمشاركة في اعتصام تضامني مع الشعب الفلسطيني من الاعتداء، وأقدم شبان في جونيه على احراق العلم الفلسطيني.
    و في تعلبايا، أدى رشق باص للناخبين بالحجارة واعتراض طريقه إلى وفاة أحد الراكبين بذبحة قلبية ألمّت به نتيجة الخوف و التوتر.

    ما جرى نسبه القومي إلى “تحريض جعجع على الأبرياء وإثارة النعرات وتعكير صفو العلاقة بين لبنان و سوريا”، بحسب ما جاء في نص الادعاء الذي سيقدّم غداً كما سيتضمن الادعاء، قيام الشبان بإحراق العلم الفلسطيني. ”

    شكرا

أضف تعليق