لم يزعج “ثوار” لبنان آلاف الإختراقات من طيران العدو الصهيوني لأجواء لبنان و لم يذهبوا للإحتجاج أمام السفارة الأمريكية ولم يشعروا بالعار من اعتداءات المحتل الصهيوني على غزة ولكنهم انفجروا غضبا من نزول السوريين لممارسة ابسط الحقوق الديمقراطية الحضارية لقد ازعجتهم هذه الجحافل السورية وهي تسير بأمنها إلى صناعة حاضرها ومستقبلها فهذا المشهد لايصنع في بيروت منذ عقود بسبب إنقلاب الإنتماء الضيق على مفهوم الدولة وبسبب الإنتخاب بفئة المئة دولار مقابل الإنتخاب بالعقل والإنتماء من قبل البعض في لبنان فقد شاهد هؤلاء السوريون يسيرون إلى صناديق الإقتراع من دون أي محرض طائفي أو (كرتونة) الذل فمن الذي حرك هذه المواكب البشرية غير قلوبها السورية ؟؟ ومع هذا فقد كانت في أعينهم بحار هائجة من النار تزفر جحيما وتشق طرقها من خلال صدورهم المتورمة بقيح الحقد.إني نظرت فمارأيت حشود السوريين تلك إلا جيوشا تحرر الواقع الذي خيم عليه الدجل الأعرابي والكذب الإسلاموي .. لم يكن يوم انتخاب بل كان يوم قول الحقيقة كاملة والتي تقول أن الأسد الذي نعرفه نحن ليس هو الأسد الذين يريدون تعريفه وفق لغات أحقادهم فكيف لا تستنفر هذه المشاهد المدوية بالحقيقة كل من صنع المشهد الآخر الغارق بالأباطيل ؟؟ لم يكن السوريون في شوارع بيروت مجرد حشود بشرية بل مواكب من القديسين يريدون القول أن الله من اختار الأسد وليس نحن فقط ..لقد استفزتهم الرايات السورية التي دحرت العدو الصهيوني من بيروت لقد استفزتهم صور الرئيس الأسد ولم تزعجهم يوما رايات السعودية والامريكان الذي دمروا العراق وقتلوا صدام حسين في عيد الاضحى بعد أن دفعوا المال لخديعة صدام وإدخاله في حرب امريكية يدفع ثمنها اليوم كل العراقيين بدون استثناء..

لنا أن نقرأ ماحدث وفق الواقع اللبناني مع استثناء امتداد سورية الطبيعية عبر حلفاء دمشق الأوفياء في لبنان دققوا في التالي: جعجع هو قاتل لرئيس وزراء لبناني سابق( رشيد كرامي) وهو مسلم سني وهذا الجعجعي كان من ضمن تحالف حديدي مع ابن رئيس وزراء سني (رفيق الحريري) اغتاله المستفيد من اخراج الجيش السوري من لبنان ولقد أثبتت جميع التحليلات الأمنية والقضائية المهنية أن الإتهامات سياسية فماذا نريد نحن من هذه القراءة ؟ نريد القول أن لبنان السياسي غير مستعد لأن يكون في موضع محاكمة الآخرين ولأنه عندما يجتمع سفاح مع ضحية في لبنان فسوف نتعرف على المستويات الفكرية والأخلاقية التي تقود حكم لبنان من جهة أعداءدمشق فهم على استعداد تام لركل كل القيم لتمرير سياسات محددة بعيدا عن أية مبادئ وهذه دلائل على أن لبنان لا يقوده رجال دولة بل اشخاص تصنعهم الطائفية وليست الطوائف اي قوة الطائفية في الطائفة وليست قوة الطائفة في الوطن وعليه فهؤلاء لايمكن أن يكونوا في مكان يخولهم التفكير خارج قيود الطائفية ولذلك لن يكونوا حلفاء لدمشق لأن تفوقهم الأخلاقي والعقلي محكوم بالتعصب فكيف ينتصر الطائفي لنجاة أمته وهو لايستطيع النجاة من طائفيته .
ماحدث من اعتداء على السوريين هو مشهد اللادولة الذي كشف حقد هؤلاء و كشف تجذر الطائفية مقابل المواطنة فهم مع المناداة بالدولة فقط في وجه سلاح المقاومة أما فيما تبقى فهم قطاع طرق لا يستطيعون مواجهة نتائج هزائمهم ولهذا لقد رأينا اتباع فراعنة الطائفية يعتدون على مواكب آمنه مخالفين بهذا كل القيم الدينية والأخلاقية إذ حتى الله لم يصادر قرار الكافر في عدم اختياره للإيمان كم يشبه هؤلاء في مواقفهم مافعله فرعون عندما آمن السحرة برب موسى وكان رده بالتكفير لهم وتوعدهم بالقتل والتنكيل لأنهم اختاروا مالا يؤمن به فرعون هذه هي عادات السلالة القابيلية الفرعونية في فهم الدين وخيارات الحياة وهذا هو موسى دمشق يشق بحر الفتن والحرب التي فرضت عليه من قبل فراعنة العالم سائرا مع شعبه نحو السلام هذا الموسوي مع عصا فكره المقدس الشريف يعيد من سحرتهم الفتن إلى دمشق بالمصالحات إلا أن فراعنة العالم يريدون تجلي فرعون في فعله وقوله وهذا ماقاله فراعنة بيروت للمد الجارف اللاحق بموسى دمشق ..
لقد أراد السوريون أن يقولوا للجميع أنهم شاهدوا في عشر من السنين ضياع بيروت الحريرية وحريري بيروت كان سعودي الهوى والرأي لابيروتيا فيهما لقد كان سعوديا إلى درجة أنه حوكم كلص في مملكة لصوص آل سعود مع أنه زعيم سياسي مذهبي في بلده و شغل منصب رئيس وزراء حكومة بلاده وعلى رغم من كل هذا احتجز في قصور دافع الأتاوة للأمريكان محمد بن سلمان..
السوري الحقيقي إنسان قارئ بالفطرة وقد قرأ الحقائق في العالم وفي لبنان و لم يجد السوري في لبنان سوى النسخة التي ينتظرها السوريون في حال سقوط دمشق فكانت البيئة الإجتماعية العميقة والسياسية اللبنانية خير قراءة لأسوأ ايام دمشق التي كانت تنتظر السوريين لو لم يواجه الأسد فيها العالم كي لانصل إلى دمشق حريرية يسجن قادتها في قصور الفاحشة السعودية.. لقد قارن السوري دمشق مع واقع الآخرين ولم يجد سوى موطنه وعندما ذهب لكي ينتخب الأسد ذهب ليرفض مشهد لبنان في سورية إنها عشر سنين تعرف فيها السوري أكثر على قيمة دمشق فما طوفان السوريين سوى نتيجة معرفتهم بواقع لبنان فكيف لسجناء الطائفية أن يأخذوا الأحرار السوريين لحال هم فيها سجناء