يكاد رفيق نصرالله يكون غيفارا لبنان او لينين لبنان .. ولكن من غير ثوار او بروليتاريا .. فالثوار يتبعون الغاوين .. لأنه يضع يده على الجرح ويصارح الناس ويعاتب الناس ويغضب من الناس .. فتضيع صرخاته في استوديوهات لبنان التي تبدو وكأنها كتيمة للاصوات النقية .. ولكنها تتحول الى طبول لحناجر الطبول ..

يصح في أهل لبنان أن يقول لهم رفيق نصرالله (لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا .. يااشباه الرجال ولارجال) .. ومعه كل الحق .. فرغم كل فساد النخبة السياسية اللبنانية فان اللبنانيين لم يقدروا الا ان يكونوا في حالة استلاب وسلبية .. فالساسة اللبنانيون تافهون في معظمهم وأرباب سوابق .. وبعضهم مجرم بحكم محكمة .. فيما آخرون اقطاعيون ولصوص ونصابون ومراوغون ونخاسون يبيعون الناس كالعبيد .. ومع هذا يتقاتل اللبنانيون من أجل هؤلاء النخاسين لابقائهم في دكاكينهم .. المجرم فيهم طليق ويحاكم القضاة .. واللص فيهم يتولى حراسة المال والمجوهرات والاعراض ..
تخيلوا ان أزمات لبنان بدأت مع الحريري الاب والابن من بيع البلاد للشركات.. وبيع البلاد للسعودية .. وادخال المال السعودي في السياسة حتى دخل المال السعودي في سياسة لبنان كالميل في المكحلة .. ومع هذا لايفكر لبنانيو المستقبل ولاجماهيره ان هذه العائلة يجب ان ينتهي دورها بعد هذه الحقبة الطويلة من الفشل والخيبات ..

تخيلوا ان الجماهير التي نكبت بالكوارث الاجتماعية التي جاءت بها حكومات الحريري الصغير .. تريده ان يعود ليتسلم الحكومة .. منذ عام 2005 واللبنانيون ياخذهم الحريري الصغير الى متاهات السياسة .. وورطهم في محكمة دولية 15 سنة انتهت نهاية سخيفة للغاية مثل فيلم عربي لاسماعيل ياسين .. ولكن لم يجد من يقول له .. شكرا لك .. آن لك ان تستريح وتخرج من حياتنا .. ويكفينا مافعلت بنا ..
رئيس وزراء لبنان طوال فترة تخزين الامونيا على شواطئه .. كانت الامونيا في عهده 6 سنوات تنتظر من يفجرها وعندما انفجرت لم يسأله احد لماذا قصرت في هذا الشأن؟ ولو كان في بلد أخر لكان انتهى في السجن على هذا الاهمال؟
رئيس وزراء كان حاكم مصرف لبنان يتحرك في عهده سنوات .. وعندنا أفرغ المصارف ونظفها من البنكنوت وصارت حتى لاتصلح الا بيتا للعنكبوت .. لم يقل أحد: وماذا كان الحريري يفعل فيما رياض سلامة يدير هذا الافلاس المبرمج؟؟ لأن الافلاس لم يكن نتيجة خطأ شهرين او ثلاثة بل كان سياسة متبعة منذ سنوات في ظل الحريري وتحت تغطيته وحمايته ..
قد يعاتب الناس رفيق نصرالله على تشاؤمه أو تفاؤله .. ولكن عليهم ان يعلموا انه رجل صادق .. ورجل ثائر .. الا انه بلا ثوار .. يقف وحيدا ويخطب في البروليتاريا التي تمر تحت منصته وكأنها صماء وعمياء .. وفوق هذا تحمل صور القياصرة وعائلاتهم وتمزق شعار المنجل والمطرقة ..
رفيق الثائر الغاضب .. الثائر الذي صار نزقا .. الثائر الذي ملئ قلبه بالقيح .. وشحن صدره بالغيظ .. لايجد خلفه ثوارا ولاأمامه .. ولكن من أين يأتي بالثوار اذا كان دستور لبنان مثل دستور العراق مصمما لانتاج المجتمع الأبله .. والمجتمع المشلول .. والمجتمع العاجز .. والمجتمع المذعور .. والمجتمع الطائفي .. والمجتمع السخيف .. والمجتمع الذاهل .. والثقافة السخيفة .. المجتمع الأمي رغم كثرة القراء والكتبة .. المجتمع الذي كان يثقف الشرق ويصدر اللون الفينيقي صار يتسول وجبة طعام بعساكره من مجتمع ابي عبد الله الصغير الذي فرّ من غرناطة .. وبدأ رحلة النأي بالنفس التي وصلت انفاسها وأنفاسه الى لبنان ..
المجتمع اللبناني الذي يقرأ الفرنسية بطلاقة ويتعلم منها كل شيء من فن الاتيكيت وفن رشف الشاي من غير صوت الى اطلاق البرامج السياسية والغنائية .. ولكنه لايتعلم من الدستور الفرنسي المواطنة والمساواة وتغيير الزعماء الذين يخطؤون او يفشلون .. المجتمع اللبناني الأمّي رأى ان فرنسا اقتلعت ديغول رغم انه افضل من سياسيي عائلات لبنان الفاسدة الاقطاعية والطائفية .. ولكن ديغول رحل .. أما ديغولات لبنان وغوريللاته فلاتتغير .. والمجتمع الفرانكفوني اللبناني يلثغ بالفرنسية ويأكل الجبنة الفرنسية .. ويصطاف في فرنسا .. ولكن عندما يأتي الامر على السياسة يصبح طائفيا ومتخلفا وفيه نسخ للجولاني والبغدادي وابي جهل .. يقوده شيخ وقسيس .. ويصبح المسجد والكنسية هما قبة البرلمان ..

يارفيق .. في لبنان لايوجد بروليتاريا كي تسمعك طالما ان الله مقسم الى حصص في فقرات الدستور .. الله ليس يقود مجانين الله في اسرائيل فقط .. لأن لدينا مجانين أيضا في لبنان .. وهؤلاء لايسمعون خطابات لينين .. بل خطابات الشياطين ..