بكل تأكيد لست الوحيد المعجب بسعادة السفير الدكتور بشار الجعفري فهو الدبلوماسي الذي شهد له العالم كله بجرأته وحنكته وثقافته وموسوعيته.. وقد شهد له العدو قبل الصديق..
وسوف أنقل في مقالتي هذه أحد تصريحاته التي لا يمكن لأحد في الكون إلا أن يبدي أشد الإعجاب بها، فهي كلمات جريئة وصادقة يفخر بها كل سوري عاش على أرض هذا البلد المبارك وشرب من مائه الطاهر…
الجعفري خاطب العالم كله بكل إيمان أنه يتحدث بكلمات للتاريخ عرفاناً بجميل هذا النظام الذي لم يأت مثله على هذا الكوكب، حيث قال بكل فخر وبكل إيمان وتباهي:
(نعم أنا ابن النظام الذي علمني من الابتدائي والذي خرجني من الجامعة بكلفة لا تتعدى كلفة وجبة كنتاكي “حجم عائلي”…
نعم أنا ابن هذا النظام.. أنا ابن النظام الذي حمل الدولة أعباء كبيرة طوال ثلاثة عقود “رغم نشوئها اقتصادياً” ليعطيني ويعطي كل السوريين المازوت بربع ثمنه العالمي والبنزين بثلثي سعره العالمي وقس على ذلك جميع السلع التي كانت مخفضة نتيجة هذا الدعم الحيوي والهام… نعم أنا ابن هذا النظام أنا ابن النظام الذي أخذ قراراً بتخديم مناطق السكن العشوائي كلها “مساكن الفقراء” بالماء والكهرباء والصرف الصحي، عكس جميع الدول العربية بما فيها دول الخليج الغنية الديمقراطية العظمى.. نعم أنا ابن هذا النظام، أنا ابن النظام الذي أعطى منذ أربعين سنة السكر والرز لكل الناس بأسعار مدعومة تعادل ربع أسعارها الحقيقية.. نعم أنا ابن هذا النظام، أنا ابن النظام الذي خرجني جامعياً وسيخرج مثلي الآلاف والآلاف من أطباء ومحامين وجامعيين وبكلفة “عزيمة غدا”… نعم أنا ابن هذا النظام الذي دخل لبنان مقدماً التضحيات والشهداء لكي يحمي لبنان وأعاد له استقراره وحمى سورية معه… نعم أنا ابن هذا النظام الذي تعلمت من مبادئه أن سورية جزء من الوطن العربي وأن فلسطين جزء من الوطن العربي وأن المقاومة حق والاستسلام خيانة… تعلمت منه أن إسرائيل عدو وأمريكا عدو… وأن البومة لا تلد فراخاً… تعلمت منه أن يكون رأسي مرفوعاً أمام أمريكا في وقت خفضت فيه رؤوس عربية أمام أحذية الأمريكان… نعم أنا ابن هذا النظام.. أنا ابن النظام الذي ساعد حماس وساعد أهل غزة في وقت تخلت عنها كل دول العالم بما في ذلك دولة ثاني القبلتين وأول وثاني الحرمين الشريفين… نعم أنا ابن هذا النظام أنا ابن النظام الذي لولاه لما كان هناك مقاومة إسلامية في لبنان ولما حققت الانتصارات على إسرائيل وأمريكا في وقت عجزت الجيوش العربية عن ذلك… نعم أنا ابن هذا النظام أنا ابن النظام الذي لم يزر أمريكا ولا مرة واحدة في وقت زار فيه ثلاث رؤساء أمريكا سورية، وفي وقت تطاولت الأعناق رؤساء الديمقراطيات العربية للجلوس عند قدمي السيد الأمريكي ومداعبة كلاب جورج بوش في مزرعته…

نعم أنا ابن هذا النظام الذي لم يرطم بكأسه كأس نبيذ السيد الأمريكي… ولم يصافح أعلم علماؤه شيمون بيريز ولم يحرم مفتيه العمليات الاستشهادية للفلسطينيين في وقت حرم فيه فقهاء الدين التظاهرات ضد الأمراء والملوك… نعم أنا ابن هذا النظام نعم أنا ابن النظام الذي لم يسرق أموال الدولة ليشغل فيها معامل ومصارف الأمريكان والغرب ومن ورائهم إسرائيل… ولم ينعش معامل الأسلحة الأمريكية المفلسة ولم ينقذ حديقة الحيوانات البريطانية المهددة بالانقراض في وقت ينقرض فيه الشعب الفلسطيني بالقدس… نعم أنا ابن هذا النظام الذي يشتري الصواريخ قطعة قطعة ليواجه بها إسرائيل ولم يشتر أساطيل الأسلحة الأمريكية والبريطانية لينشلهم من الإفلاس وليقاتل بهذه الترسانات شعباً بحرينياً أعزلا ًيمكن أن يقضى عليه بدبابة واحدة… نعم أنا ابن هذا النظام نعم أنا ابن النظام الذي طالما تحدث عن خطر إسرائيل النووي في جميع المحافل ولست ابن الأنظمة التي هالها فكرة برنامج إيران النووي ولم يخيفها ترسانة نووية كاملة من إسرائيل…)
لقد استحضرت كلماته هذه ليس فقط لأنه تحدث عن القدس بل لأنه تحدث بضمير كل إنسان سوري حقيقي وعن ضمير كل إنسان سوري شريف… سوري أصيل.. سوري وفيّ.. سوري واثق من النصر على كل طغاة العالم..
وما أريد أن أذكره هنا هو إنني كان لي الشرف بأن التقيت به منذ فترة ليست بعيدة وكان على درجة عالية من التواضع والهدوء كعادته، لبق جداً في حديثه، حكيم في استماعه وخطابه، وقد تحدثنا عن عدد من القضايا الوطنية وعن الأزمة التي تعرض لها هذا البلد العظيم، ومن جملة ما تحدثت به معه هو إنني أخبرته أنني بصدد دراسة حول الإرهاب على سورية وخاصة مادة الكبتاغون المخدرة التي تم استخدامها في التأثير على ذوي النفوس الضعيفة ممن لا يؤمنون بسورية وممن باعوا ضمائرهم للشيطان والتي أدت دوراً سلبياً كبيراً خلال الأزمة حيث تم تعاطيها من قبل أولئك الجهلة وضعاف النفوس ممن أثر بهم الدولار وحاولوا إسقاط الدولة لكن لم يستطيعوا لأن سوريتنا مباركة وهي أجمل بقعة في بلاد الشام وعلى هذه لذلك ستبقى دائماً هي المنتصرة وستبقى سيدة هذا الكوكب… كما أنني ناقشت معه أن هناك أطباء سيكونون معي في دراستي حول تأثير المخدر في السلوك…
طبعاً الدكتور الجعفري يحمل عدداً كبيراً من الشهادات الأكاديمية منها إجازة في الأدب الفرنسي. ودبلوم في الدراسات العليا في الترجمة والتعريب من جامعة دمشق، وماجستير في العلاقات السياسية الدولية من المعهد الدولي للإدارة العامة في باريس، فرنسا. ماجستير في إدارة المنظمات الدولية (1982) جامعة “سو” – باريس، فرنسا. دكتوراه في العلوم السياسية (1984) جامعة “سو” باريس، فرنسا. دكتوراه دولة في العلوم السياسية (1989) جامعة “السوربون” باريس – فرنسا. دكتوراه في تاريخ الحضارة الإسلامية في جنوب شرق آسيا (2002) جامعة شريف هداية الله – جاكرتا – اندونيسيا. ويتقن إضافة إلى العربية عدداً من اللغات منها: الفرنسية، الإنكليزية، الفارسية،.. وله عدة مؤلفات منها: الجماعات المصلحية الضاغطة في الولايات المتحدة الأمريكية (دمشق 1983). السياسة الخارجية السورية 1946-1982 (دمشق 1986). الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد (دمشق 1994). أولياء الشرق البعيد (دمشق 2003). سياسة التحالفات السورية 1918-1982 (دمشق 2015).. وقد بدأ عمله كدبلوماسي في وزارة الخارجية السورية في العام 1980. ومن المناصب والمهام التي تسلمها: ملحق دبلوماسي وسكرتير ثالث في السفارة السورية في باريس (1983-1988)، سكرتير أول ومستشار في البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك (1991-1994). وزير مستشار في السفارة السورية في باريس (1997-1998). وزير مفوض وقائم بالأعمال في السفارة السورية في جاكرتا، اندونيسيا (1998-2002). مدير إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية السورية في دمشق (2002-2004). وقد سمي مندوباً دائماً للجمهورية العربية السورية لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف عام 2004. ثم مندوباً دائماً للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في نيويورك (2006 وحتى الوقت الراهن). ومقرر لجنة الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار (2006 وحتى الوقت الراهن). وكبير المفاوضين في وفد الحكومة السورية إلى مؤتمر جنيف الثاني (2014). ورئيس وفد الحكومة السورية إلى الاجتماع التشاوري السوري في موسكو (كانون الثاني 2015). كما أنه خلال عمله الدبلوماسي كان عضواً في الوفد السوري الرسمي لعدة دورات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وشارك في عدد كبير من الاجتماعات الإقليمية والدولية، مثل: اجتماعات جامعة الدول العربية. مؤتمرات منظمة التعاون الإسلامي. مؤتمرات القمة لحركة عدم الانحياز. مؤتمر القاهرة لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط (1996). ممثل وزارة الشؤون الخارجية إلى لجنة “تفاهم نيسان” في الناقورة جنوب لبنان (1996-1997). استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب (نيويورك 2006). مؤتمر استعراض معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (نيويورك 2010). مؤتمر معاهدة تجارة الأسلحة (نيويورك 2013)….
وقد تم تكريمه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ضمن حفلة تكريم تم تنظيمها للسفراء الذين قضوا عشر سنوات كسفراء لبلادهم في الأمم المتحدة… وبالطبع لا يمكن لأحد في هذا العالم إلا أن يعترف بأن هذا التكريم ما هو إلا انتصاراً للدبلوماسية السورية وانتصاراً للحق السوري في حربه على الظلم وعلى الطغيان وعلى الإرهاب… وانتصاراً على أعداء الحضارة الإنسانية جمعاء.

مثال نادر للوطنيّة الصادقة…التى لا تتّدخر أيّ جهد فى الدفاع عن الوطن والأمّة