جنازة جيهان السادات تذكرني بجنازة الملك حسين (الجاسوس) الذي جاءت اميريكا بكل زعماء العالم الى جنازته كي تقول ان من يخدم اسرائيل باخلاص سنكرمه في دفنه .. وستحضر له كل اصدقائها لدفنه .. حتى بوريس يلتسين المريض استدعاه الاميريكون للجنازة .. ويومها كان حضور الرئيس الراحل حافظ الاسد مفاجأة لان اميريكا لم ترغب بحضوره ولم تقترح عليه الحضور بل فوجئت به لأنه كان يريد ان يقول للأمريكان لاتنسوا اننا هنا وان الاردن جزء من سورية ..
عندما رأيت هذا الاستنفار السياسي المصري في جنازة هذه السيدة عرفت ان هناك رغبة مصرية سياسية في اظهار الولاء لكامب ديفيد من خلال هذا الاهتمام الفائق بالجنازة التي اعطيت ملامح عسكرية والتي لم ينقصها الا ان تطلق المدفعية 21 طلقة وان يحمل النعش على عربة مدفع .. والغاية هي ان ترى امريكا هذه الجنازة .. وتكافئ السياسة المصرية علة هذه البادرة واللفتة تجاه السلام مع اسرائيل ..
ماذا فعلت جيهان الناس لمصر كي تكرم كل هذا التكريم؟؟ ولماذا التكريم خصت به جيهان وليس غيرها؟؟ لماذا توفيت السيدة تحية عبد الناصر زوجة الزعيم جمال عبد الناصر بهدوء وصمت .. ولم تستنفر الدولة المصرية يومها بهذه الطريقة الاستعراضية؟؟ الجواب بسيط وهو ان القيادات السياسية المصرية تخشى ان ابدت اهتماما بمرحلة عبد الناصر وشخصياتها ان تتهم بالانقلاب على كامب ديفيد .. اما المبالغة بالاحتفال بشخصيات كامب ديفيد فهي لاثبات ان هناك التزاما بنهج كامب ديفيد وثقافتها .. الى آخر نفس ..
المهم انه لمعرفة دور هذه المرأة في مصر فيجب قراءة كتاب خريف الغضب لمحمد حسنين هيكل الذي لم يقل الا شيئا يسيرا عن هذه الشخصية المفتاحية في تاريخ مصر .. حيث لمح لدورها في صناعة شخصية السادات وخياراته .. وان الطباخ الحقيقي لكامب ديفيد كان جيهان ذات الاصول الانكليزية ..
وهذه الجنازة المهيبة تدل على ان اميريكا في مصر تتسرب في كل القرارات منذ ان أدخلتها جيهان وزوجها الى بيوت المصريين .. ولن تخرج منها الا بعد 82 سنة كما فعل الانكليز عندما ينهض سعد زغلول جديد ويطالب بالاستقلال الكامل والناجز ..
ماتركته جيهان للمصريين لن ينسوه في حياتهم .. فقد أخذتهم مع زوجها في رحلة كامب ديفيد .. ثم تركتهم .. بلا استقلال ولا اقتصاد ولا هيبة .. وشعار مصر اولا .. الذي استيقظ المصريون منه واكتشفوا ان عسل كامب ديفيد وشعار مصر اولا جعل دولة مثل قطر تتنمر عليهم ودولة مثل السعودية تتجرأ عليهم .. ويحاول تركي تافه مثل اردوغان ان يغزوهم من ليبيا .. وفوق كل هذا يأتي افريقي جائع من اثيوبيا ليبيعهم مياه النيل بالدولار ..
قبل جيهان كانت مصر تجتاح العالم العربي وتنتشر في افريقيا .. وتصبح حجر التوازن بين الغرب والشرق .. وفي زمن جيهان .. صارت مصر مطوقة بالزعران .. وستخسر نهر النيل .. وقد تضطر لشراء مياه النيل من اسرائيل التي تقترح مد انابيب الى النقب من سد النهضة مقابل تزويد مصر بالمياه .. ولو عرف المصريون حجم الكارثة التي تسببت بها هذه السيدة على مستقبل اولادهم لرفصوا دفنها في تراب مصر ..
وكي تعرف كيف ان الجنازة تقررت في امريكا فما عليك الا ان تنظر الى بيت عبد الناصر المهمل عمدا (الفيديو) من اجل الا تغضب اميريكا وتظن ان المصريين يحنون الى زمنه او انهم يقدرون نظريته السياسية .. وبفي مهملا عشرات السنين وتم ترميمه خجلا بعد ان بح لسان الناس ..
ان الرسالة واضحة في الجنازة الجيهانية .. وهي تقول: ان امريكا لاتزال تملك مصر .. وكل من يخدمها باخلاص .. ستكون له جنازة مهيبة ..