آراء الكتاب: الثوابت الاسلامية – بقلم: نور شبيطة

من الذي يهدّد الثوابت الإسلاميّة؟ .

قبل أن أبدأ، دعني أوضّح أنّ كلمة ثوابت ليست مدحًا، فإذا أعجبتك الفكرة كثيرا تطلق عليها وصف أنّها “ثابت”، فكلمة ثوابت آتية من المسيرة التاريخيّة، فالإسلام أو أي دعوة أو فكرة أو هويّة أمر متغيّر لأنّه متعلّق ببشر متغيّرين. قد تقول: ولكن الله حفظ دينه! أقول لك: حتّى لو وضعت هذه المقدّمة أمام الكلام فإنّه يبقى صحيحا، لسببين: 

1. طريقة حفظ الله للدين من أمر الله، ونحن لا نملك وحيا مباشرا لنسأل عنها، لكنّ كلّ عمل وفكرة تاريخية أتت في سياق تاريخي ونعرف أسبابها، كجمع المصحف في عهد أبي بكر، أو تكثير نسخة واحدة منه وإعدام سواها في عهد عثمان، أو تدوين الحديث في العصر الأمويّ، أو جمعه في العبّاسيّ، كلّ هذا قام به أشخاص لو ووجهوا بالجمود الذي نواجه به اليوم لما وسعهم إلّا أن يدافعوا عن أنفسهم بالسيف، وقد حصل. يعني جماعة القرّاء مثلا اصطدمت مع عليّ بن أبي طالب وكفّرته، بل وقتلته أيضًا. 

2. النصّ الإسلاميّ يصف الإسلام بأنّه صراط (طريق عريض)، ويأمر بالتقوى والتفكّر، ولو كان جامدًا لأمر بالالتزام فقط، وثمّة شواهد كثيرة ككلمة الحدود مثلا، أي أنّ الدرب العريض هذه تحدّه حدود من بلغها خرج من الدرب، لكنّه ليس دربا ضيّقًا، وهذا من رحمة الله أن جعل الحياة واسعة. .الثوابت الإسلاميّة إذًا، كغيرها من الثوابت، هي أمور ثبتت مع الزمن، ورغم التبدّل والتغيّر فقد ظلّت موجودة، ويرجّح أن تظلّ موجودة حتّى لو فتح باب التغيير. .أمّا الآن، فأريد منك أن تذهب وتستمع إلى مقولات إبراهيم منير (نائب مرشد جماعة الإخوان) في جلسة الاستماع أمام مجلس العموم البريطاني، وبعدها ستعرف من هو الخطر الحقيقي على الدين… أستحلفك بالله أن تقرأ…رسالة إلى المواطن كُ.أُ.

إذا تساءلت من هو فاعلم أنّه اسم رمزيّ مستخدم في موقع الحدود الكوميدي، لكن الرسالة موجّهة إلى المواطن الذي يريد أن يعيش في بلد متقدّم. (أحكي لك… يريد مجرّد أن يعيش ولا يقتل لأنّه نسي عدد ركعات الفجر بسبب الارتباك من السيف الموضوع على رقبته). . شوف يا مواطن، عيب عليك تقعد مكتوف الأيدي ولا تتصدّى للإرهاب والتكفير، ومش عيب بس، لا، هو خطر عليك وعلى دولتك، وعلى وظيفتك، وعلى تعليم أولادك، وعلى حياتهم، وعلى كرامة الجميع. .أنت على الأغلب مسلم على باب الله، أو مسيحي على باب الله، ولا تعرف دقائق الأمور، وتبحث في جوجل عن المسألة التي يدور حولها النقاش، هذا إذا فيك خير تبحث، ثمّ تأتي وتكتب شيئا يتوافق مع كرهك للطبقة المتنفّذة في البلاد، وتهاجم من يستهدفه الإخوان من أعضاء لجنة التحديث، لأنّ الإخوان أقرب لك معيشيّا. .لكن قبل أن تهاجم أحدا مستخدما المسألة الدينية لا بدّ أن تعلم أنّ التكفير الضمنيّ تكفير أيضا، يعني أن تقول: إنّ هذا الكلام كفر. فهي مسألة مساوية لتكفيرك للشخص نفسه، فإذا كنت عالما حقيقيّا بماهيّة الإسلام وما الثابت فيه وما المتحوّل وفقه النوازل والتغييرات التي طرأت فلا أستطيع أن أسكتك، ويبقى بيننا المحاكم والجدل. لكنّني أحدّثك حول ما تقرأه في موقع إسلام ويب أو غيره، مما تراجع داعموه عنه. واعترفوا بأنّهم صنعوا هذه النسخة من الإسلام خدمة للغرب في حربه ضدّ الشيوعية. . شعيرة النحر مثلا ليست من الثوابت، وإنكارها بالكلّيّة (ليس فقط نقد طريقة تنفيذها) لا يعدّه كفرا إلّا جاهل باختلافات المسلمين حول ما هو أكبر منها وأهمّ. .استخدام السمّاعات الحديثة معدنية الصوت المشبوكة على الإذاعة لإعلان أذاني الفجر ليس من الثوابت، وليس من الإسلام أصلا، فبلال بن رباح رضي الله عنه لم يكن يؤذّن بهذه الطريقة، ولم يكن لديه سمّاعات. .أنت إذ تهاجم بهذه الصورة تستخدم كورقة تواليت لتمسيح قاذورات الإخوان الذين أنكروا من الدين كما بيّنت لك سابقا ما لا يسرّك إنكاره، وقالوا بحريّة الإلحاد، وقالوا بأنّ الخلافة كذبة، وقالوا وقالوا… كما بيّنت لك في المنشور السابق. .إمّا أن تتصدّى للإرهاب المجتمعيّ إن كنت عالما بما تقول، أو اصمت إن كنت هاويًا لا يعرف، لكن لا تكن حطبا في نار تحرقك أوّلًا.

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s