آراء الكتاب: ما يجوز و ما لا يجوز في الإعلام العجوز – بقلم: محمد العمر

قد يكفي أجهزة الاستخبارات الغربية أن تتابع إعلامنا كل مدة ” عشر سنوات مثلا ” لتدرك أن لا شئ تغير في رؤوس مسيريه و أن لا نية لديهم بأي تغيير فيطمئن عقلها و تتابع رسم خططها بمزيد من الثقة آخذة بالاعتبار الرد الصادم الذي اعترضها من قبل الوطنيين شعبا و جيشا و قائدا .. هذا الرد دفع بها لتكون أكثر حذرا و أكثر خطرا بينما دفع بالإعلام لمزيد من البلادة .. مأساة أن يكون الإعلام المعادي سلاحا فتاكا في هذه الحرب و أن يكون إعلامنا أشبه بنقطة ضعف في منظومتنا الدفاعية تسلبه قواه النمطية و التملق و العواطف المثيرة للغثيان و النأي عن الخوض في أي مشكلة أو حدث حساس داخلي متبعا نهجا بليدا يرى الحدث كما يريد أسياده و يرفض أن يراه كما هو .. و مأساة أن لا يسبب غير النفور فيعجز عن تغيير رأي أحد أو إقناع أحد بوجهة نظره حتى متابعيه من الملتزمين إن وجدوا ..
في مدة قصيرة ظهرت ثلاثة أخبار كما تظهر الإشاعات الموجهة و كان الإعلام كعادته قاعدا و عجوزا يردد وقعها دون أن يطرح أي تساؤلات عنها .. سأذكر تلك الأخبار مع تعليق بسيط يخص الإعلام لأن بعضها من الخطورة ما يجب أن يولى عناية قصوى و يتعلق بموضوع ذكرته منذ مدة حول الخصخصة ..


الخبر الأول .. الطاقة البديلة تصاعدت وتيرته بدء من مدينة عدرا الصناعية ثم الإيعاز لمجلس الشعب بإقرار مشروع قرض دون فائدة لمساعدة المواطنين الراغبين أو ترغيبهم بشراء معدات الطاقة الشمسية دون أن يقدم للمجلس و دون أن يطالب أعضاؤه بأي دراسات وافية حول القرض لكنهم وافقوا سريعا تلبية لحاجة المواطن و السوق .. ” حتى لو قيل أن دراسة ما قدمت فهي لن تكون وافية و الأرجح أن الإيعاز هو الذي قدم لأن مشروعا على مستوى دولة سيكلف الخزينة العامة ” حرم الاقتصاد ” مبالغ طائلة لا يقر بأيام ” .. ثم ظهر تخامد في وتيرة الخبر حين نشر شبه تحذير من أن أجهزة الطاقة الشمسية قد لا تعمل لأكثر من سنتين ثم نقل عن رجل أعمال سوري يقيم في الصين كلاما غير إيجابي عن المشروع يتضمن بعض التحذيرات و بعد يوم صرحت وزارة الكهرباء ” إن ٥٠ % من مواد الطاقة الموجودة في السوق مجهولة المصدر ” .. قد يظهر هنا تعارض ما في المصالح أو في أي شئ لكن ما يهمنا هو الإعلام الذي عمل على نقل تلك الأخبار كما سمعها دون أي متابعة مهنية لو في حدها الأدنى كأن يسأل كيف لبضاعة مجهولة المصدر ان تتواجد في السوق و من أدخلها و كيف تبقى سيما و أن وزارة بكل فخامتها تحدثت عنها و أن يسأل لمصلحة من يروج لمشروع باستخدام سلطات تنفيذية و تشريعية و لمصلحة من يعرقل مؤقتا .. هذه الأسئلة و غيرها مما يطرق لب القضية هي مهمة الإعلام فيما لو كان طبيعيا يعيش زمن الحرب الاقتصادية العظمى و يدرك أن لا شئ يحدث عبثا ..
الخبر الآخر هو تصريح خطير لمسؤول في وزارة الكهرباء ذكر فيه أن المنظومة الكهربائية السورية تجاوزت عمرها الافتراضي و هي بسبيل الانهيار القريب و ذكر مددا و مبالغ تحتاجها الشبكة تعجز الحكومة عن تأمينها أو تحملها .. و بعد يوم واحد صرح مسؤول آخر في الوزارة بأن الكلام عن انهيار وشيك غير دقيق لكنه أكد على المشاكل و الحلول و الكلف العالية .. و لم نجد الإعلام حاضرا لمتابعة القضية ليسأل ماذا ستفعلون بصاحب التصريح الأول هل سيحاسب هل سيساءل و هل لا يوجد قانون يعاقب من يبث شائعات تسئ لقدرات الدولة و تؤثر سلبا على ثقة الناس بها و لمصلحة من هذا التناقض في التصريحات من جهات مسؤولة .. لم نجد الإعلام حاضرا لكن الرسالة وصلت ..
الخبر الثالث و المخجل بكل ما تعنيه الكلمة .. ما صرح به مسؤول في الهيئة المركزية للرقابة عن صدور قرار وزاري وشيك بإحداث دائرة او قسم ” لملاحقة ” الموظفين الذين يعملون عملا إضافيا .. و قال إن الموظف قد يفقد وظيفته فيما لو كان يعمل دون موافقة وزارية .. و في اليوم التالي نفى مسؤول في الهيئة ما قاله زميله لكنه أكد أن القانون الأساسي للعاملين يمنع عمل الموظف دون موافقة .. بدا الأمر كأنه تلويح بالعصا أرضى ربما أحد المرضى ممن يحتاجون لتذكير الآخرين بوجودهم .. إنه موجود و قوي و صاحب سلطة .. و لم يكن الإعلام حاضرا أيضا و لم يسأل عن مصير صاحب البلاغ الكاذب و لا عن الأثر السلبي الذي قد يصيب شريحة واسعة من الناس في هذه الظروف و عن الباب الذي فتح دونما حاجة كأن يصبح الموظف العامل عرضة لشكوى كيدية مثلا .. لم يكن الإعلام حاضرا و لن يكون حاضرا أبدا بحضور مسيريه .. و لكي لا أظلمه و لا أنكر جهوده أقول ربما كانت ستثمر لولا وجودهم فالتعامل مع الأحداث ليس اختراعا خارقا خاصة بعد عمر مديد من التجارب و الصراع كما يذكرونه كثيرا

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s