لم تعتكف الحقيقة يوما في محراب الكلمة ولم يرسل الفرسان سيوفهم إلى الأعداء لكي تشحذ ولم يحك الجراح جرحا متقيحا قبل تنظيفه ولكن هناك من يريد أن ينسج سجاد الصلاة من شعر العاهرات وأن يصنع العطر من عرق الخونة ثم يخبرنا أنه ذاهب ليحارب من أجل الحق .لا أؤمن بأن العقول جميعها متساوية في فهم مايجري وإلا ماكان لخلاف أن يكون ولا أؤمن أن المعارك تنتهي في بلدان لايريد جزء من سكانها أن يحارب العدو الحقيقي ..
اريد أن اجني بعضا من عجاف المشهد السوري المعيشي فعلى الرغم من القحط تعاند الحقيقة كل الوقائع وترغمهاعلى تبيان مايحدث لكي تدين الفاعلين الأصلاء فقد وصل الحصار في الداخل إلى مرحلة غير عادية ولكنها لم تنجب أبوصكار آكل الأكباد ولم تلد عشرات السفاحين وهم يغرسون سكاكين حقدهم في جسد نضال جنود جديد لأن المحاصر اليوم هم الوطنيون السوريون وليس المستوطنون. الوقائع ذاتها لا تريد العبور إلا بعد أن تدك بقايا اكبر أكذوبة في تاريخ البشرية وهي أكذوبة الثورة الدموية فها هو السوري في الداخل يصارع الفناء ويصرعه ويبقى مبارزا الجوع إلا أنه لم يتحول إلى ابو صكار آكل الاكباد ..مايحدث اليوم هو نزال بين السوريين والفساد الدموي والفساد الوظيفي الحكومي نحن نحارب وحشا دمويا برأسين رأس قطع ولكن جسده حي ببقاء رأس الفساد وماأريد قوله أن ثوار الدماء يشاهدون أمرا مريبا يفتك في قلوبهم السوداء وهو أنه كيف قاموا هم والظروف كانت أفضل من اليوم بفارق رهيب وحملوا السلاح وذبحوا وخطفوا ولكن سوريي الداخل يتعرضون لأقبح أنواع الجرائم الوجودية ولم يفعلوا مافعله ثوار الجريمة المتدينة..

(الثورة )مستمرة وبالطبع هي مستمرة بعون الفاسدين في الداخل وهؤلاء هم الوحيدون الذين يشكلون استمرارية الثورة الدموية بشكلها الضارب في عمق المجتمع السوري فعندما يقولون أن ثورتهم مستمرة فهي بهولاء مستمرة وأعظم دليل أنهم لايستطيعون مهاجمة سوريا والدولة السورية إلا عبر جرائم الفساد الاداري والحكومي ويترصدون أي انفعال لمواطن يتحدث فيه عن الفساد ليتخذوه اختاما على إنهم محقون فيما فعلوه ضد سوريا وهؤلاء الحمقى يعودون في كل مرة إلى ادانة انفسهم بانفسهم فهم لم يشاهدوا تأثر السوري بالحصار إلا بعد “ثورتهم” وليس قبلها لنتمهل هنا ثم نقرأ ماذا يشاهد العقل فيما يحدث .هناك حقيقة لانريد أن تضيع وتسقط من أي تقييم فكري للأحداث في سوريا وهي حقيقة المسبب الأول لكل مايجري لقد لاحظتم حيث كثر التحدث والتفاعل سلبا مع نتائج سبب الحرب وراح البعض يخسف بالجزء المركزي الأخطر من حقيقة الحرب السورية فيرى نتائج السبب هي السبب ويدع السبب ويبرئه بغير دراية منه وبهذا نبرئ الفساد الدموي ونفصله عن استمراريته مع الفساد الوظيفي .ما أريد قوله أن الفساد ليس مجرد حالة منفعلة عن هزالة المحاسبة بل كل متطرف مذهبيا يحمي الفاسد هو فاسد دون أن يشعر وكل من يفرق بين جغرافيا في الأمة هو يحمي الفاسد بل ويصنعه وكل من يعظم الإختلاف بالتعصب هو مسؤول عن ولادة جمهورية من الفساد ..الفاسد لايولد محبا للمال فقط ولايولد لصا لأنه لص بل يعلو في منازل الفساد بسبب مرجعية معتقداته الضيقة إن سلكت الفكر اللااخلاقي فكل فكر تسقط منه الإنسانية هو مبعث لقيامة الفساد .الفساد ليس حالة طارئة وناتجة عن تضرر الدولة والأمة من الحرب الفساد معركة ازلية بين الماديين وبين الأخلاقيين والمعركة في سوريا مستمرة ولكن إن اردت محاربة الفساد لا تنتمي في الليل إلى فسادك المقدس وتسعى في النهار لمحاربة فساد الحكومة لأنك لن تنتصر أبدا.
هناك من يدمنون تعظيم اليأس و يقدسون تحقير الوطن وقت الحرب ويقولون أن الوطن ملك للمسؤولين وهم بهذا يختلقون مبررات اما لضعف ما احتل انفسهم ونفى عنها مقاومة كل شر أو لتبرير الفرار من المواجهة ياصاح إن الوطن مجموعة حقائق وأعظمها هو رسوخ الإنسان في الأرض لتحقيق قدس معتقداته ولايعقل لعاقل أن يشابه في فكره معشر التكفير والإقصاء في نبذ الأوطان .الوطن ترجمة للجمال الفكري الذي تعتنقه نفسك أما أن تغادره لكرهك له فهذه أكذوبة لأنك غادرته بلا جمال لمعتقد المقاومة في نفسك يريد المقاومة .الأوطان عدوة للخونة والجبناء فقط والأوطان عدوة لمن يرغب بها سلما ويفر منها حربا من أمام كل مسؤول فاسد ومجرم دموي والوطن هو أرض وإنسان وليس مجرد جغرافية لكي تسقطه من حياتك أي أنك لاتهجر أرضا فقط بل حياة نسجت عظامك وشدت عضدك واقامت نسبك وشيدت فكرك وجعلت اسمك سوريا لكي تبقى في سوريا لا لكي تسب سوريا ..إن يسوع المخلص في حال كهذه ثبت يحارب اللصوص والكفرة ومن هنا بدأت المقاومة وأقول لمن يتحدث عن الهروب إلى أوطان اخرى إن اليابان قصفت بسلاح نووي وذري ودخلها الاحتلال واللصوص ومع ذلك لم تبك ولم يسع اهلها إلى الشتات . اليابان قامت حقا من تحت الرماد وهي اليوم تتفوق في علم الإلكترونيات والصناعة على من احتلها.. اليابان نسفت عن وجه الأرض ومع هذا عادت ولم تنتظر قراءة فلسفة الهزيمة والنفور من الأوطان وكذلك المانية دمرت تدميرا شاملا وقتل فيها شعب بأسره في حروب لم يمكن لها ضرورة ومع هذا عاد الألمان واقاموا وطنهم بعد أن استعادوه من الفناء إلى البقاء ولكن في الشرق لدى بعض العرب فكرة توجب أن يستسلم الإنسان في وطنه والمريب في هذا الذي ينكر الأوطان ويحقرها أنه يهاجر إلى أوطان لم يهجرها أهلها في أخطر ظروفها وأيامها …
إن كان المسؤول فاسدا فلا بد من مقاومته حتى تحرير الدولة والأمة منه بدلا من الفرار من أمامه وإلا فنحن من يعتنق فكرا يجعلنا أصغر من أن نكون مقاومين للفساد بكافة اشكاله .ان احتقار الوطن لأجل مسؤول فاسد هو أشبه باحتقارنا الأم لأن لها ابنا عاقا .إنه لمن الغرابة أن يؤمن أحدهم روحانيا وعقليا بالأنبياء وعندما يصطدم بالواقع يقف موقف إبليس من آدم .لقد عجبت لمن شاهد ماذا فعل يسوع السلام عندما قاوم الفاسدين والكذبة وعندما يصطدم بالواقع يأخذ دور يهوذا الاسخريوطي اذا ماذا بوسعنا أن نقول لمن يؤمنون بالرسول الكريم محمد الذي قاوم في بيئة تعبد المال والشهوات والأصنام وعندما يصطدمون بالواقع ينقلبون على ما آمنوا به ؟!
يقول البعض أن الفكر لن يطعم جائعا واقول لهذا البعض نعم الفكر لن يطعم جائعا ولكنه سوف يعيد له القمح بل و ينقذه من الفناء ألم نصل نحن السوريين اليوم إلى تلك الحال إلا بسبب تلك الأدمغة السوداء الثملة بالحقد ألم يخطف هذا الفكر الدموي المتدين خبز السوريين ويحطم معاملهم وجميع مقومات حياتهم إذا بالفكر التقي والمضاد يعود رغيف الخبز إلى السوري بالفكر الفاعل على الأرض من قبل الدولة والمجتمع .لايعقل إنقاذ الأمة إلا بوعي الأمة وليس فقط بإدارة الأمة حكوميا الجميع مسؤول عن بعث الحياة وهذه الحقيقة مسؤولية كل إنسان عظيم ..
أما بالنسبة لمن يتحدث عن الأوضاع الإقتصادية غير العادية بطريقة مجتزئة للحقيقة نقول لهم : كانت قلوبنا تحترق عندما كنا نسمع أو نقرأ خبرا مفاده أن عناصر من الجيش العربي السوري قد وقعوا في كمين محكم واستشهدوا جميعا نتيجة خطأ مريب كنا على الفور نوجه الإتهام بالتقصير وأحيانا بالخيانة للقائد الذي زج بجنوده في مواجهة مجهولة المصير . ماأريد قوله أن الخطأ في الحرب والمعارك لايغتفر فماذا نقول مثلا عن قائد ميداني كان يقدم جنوده قرابين ومادة دسمة للإرهابيين ؟؟ هل نصفه بالمحق أم بالقاتل والخائن؟؟ هل يستطيع القائد الذكي الدقيق أن يصطحب معه إلى المعركة عنصرا لايجيد فن المعارك وفن اختصاصه؟؟ ما نفع الوطنية هنا إن كان عمل الإنسان ليس في مكانه وبالتالي سوف يدمر عمل كافة رفاقه وبهذا يكون الخطأ كما نتائج الخيانة.
اعلام الخونة يستميت لفصل مايشهده السوريون في الداخل من أزمات خانقة عن ما تسببت به ثورة الجريمة المتدينة ويلقي بمسببات الوقائع الناتجة عن ثورتهم على الدولة السورية حصرا .
بمستطاع فيصل القاسم أن يشاهد طوابير الخبز والبنزين ولكن ليس بمستطاعه مشاهدة الاحتلال الأمريكي وهو يسرق القمح والنفط بمساعدة خونة الانفصال ..نعم بمستطاع فيصل القاسم وأمثاله أن يتحدثوا عن انقطاع التيار الكهربائي في دمشق وكل سوريا ولكن ليس بمستطاعهم أن يتحدثوا بكلمة عن استهداف ناقلات النفط المتجهة إلى سوريا من قبل العدو الصهيوني .إنما هكذا يكون من يفتقد شرف المعارك ليس بمستطاعهم مشاهدة كل الحقيقة لأن غايتهم ليست الحقيقة ونحن أيضا لانريد أن ندخل المعارك بعين واحدة لاترى سوى جانبا واحد من الحرب ..ماقول العقل والعقلاءهنا؟؟ هل سأل أحدكم لماذا تنتفض صفحات أعداء سوريا عندما يتحدث أحدهم بأسلوب منقوص غير مكتمل عن الوضع المعيشي السوري؟؟
ليس كل من تكلم هو على حق فقد تكون على حق ولاتعلم كيف تنصر قضيتك والالسوف تخسر أمام قضيتك مع قضيتك قبل أن تُهزم أمام عدوك .لايوجد محق عاقل يقدم آلامه وجبات شهية للخونة ..الكلمة شيء عظيم وما كان موسى يطلب من ربه أن يرسل معه أخاه هارون إلا لأن هارون كان افصح لسانا مع أن موسى كان نبيا وعلى حق واليوم نحن في مواجهة فراعنة الثورة الدموية وفراعنة الفساد الوظيفي لذلك فإننا في حاجة إلى هارون الكلمة وليس إلى غيره ولهذا لن نغيب الإعلام و دوره المؤثر فهو مجلس الشعب المباشر والأعظم تأثيرا في نقل المشكلة لأنه يمازج احوال الشعب بلا حجب ومتاريس سيكون الاعلام اعظم تأثيرا في حل الازمات شرط أن يتابع ويساهم في حلها عبر مراقبتها واظهارها للرأي العام إن الغياب الموغل والعميق للإعلام عن أزمات المجتمع والحكومات يساهم في تفاقم المجهول أمام المواطن ويمنح اعلام الأعداء والحمقى مساحة كبيرة لتعمية الحقائق والاستخفاف بعقول الناس .
و لكي لاينسى البعض أنه يواجه حربا من طراز الفناء لنقرأ ماقاله مجلس الأمن القومي للعدو الصهيوني وهو الآتي :إن القضاء على رأس الحكم في سورية وحرق موضعه هو السبيل الوحيد لإنقاذ دولة اسرائيل ) .
وحرق موضعه أي حرق الإنسان المقاوم وتقسيم السوريين وكلمة حرق لها أكثر من معنى في لغة الفعل على الأرض وبالفعل تحقق ذلك على أرض سوريا وما كان لهذا الحرق بل المحرقة لتحدث لولا هشيم الجهلة الذي اندلعت فيه نيران العدو الصهيوني بعون الأعراب والعثمانيين الجدد وصمت الجوار بل ومشاركة دوله احيانا كثيرا في هذه المحرقة التي يتعرض لها السوريون منذ عشر سنوات ..