لسبب ما لاأدري لماذا أحتقر المؤتمرات التي يحضرها العرب او يكونون اكثرية فيها .. وأستخف بها لدرجة أنني لاأتعب نفسي ولاأشقيها بالبحث عما قيل او صدر عن مؤتمرات العرب لأنني أعلم انها مؤتمرات مسبقة الصنع وهي تأتي لتغسل الأطباق .. فالاميريكون او الاوروبيون يقيمون الوليمة (المؤامرة) في اوروبة ويأكلون لحوم الخيول العربية .. ثم يطلبون القادة العرب لعقد مؤتمر لغسل الاطباق وتنظيفها .. وتنظيف الطاولات وكنس القمامة وزجاجات الشمبانيا .. وهذه هي وظيفة المؤتمرات العربية .. والاسلامية ..
ولايختلف مؤتمر بغداد عن اي فعالية يحضرها العرب منذ مئة سنة .. فهم دوما تابعون وأذلاء وببغاوات ومنظفو صحون وأطباق .. فالمؤتمر الحقيقي كان على مايبدو بين تركيا وايران وفرنسا التي حضرت نيابة عن الولايات المتحدة او كلفت بتمثيل الولايات المتحدة .. وكان العرب هم الجمهور .. واذا استثنينا ايران فان كل من حضر المؤتمر هو صديق لاسرائيل علنا .. تركيا والخليج ومصر والاردن وفرنسا .. والحقيقة انه لولا حضور ايران لكان مؤتمرا لاصدقاء اسرائيل بكل معنى الكلمة في ضيافة العراق ..
ومع هذا فقد كان من الممتع ان نحضر قمة بغداد ونتفرج على المسرحية الجميلة .. حيث كل المدعوين يكرهون بعضهم .. ويتآمرون على بعضهم .. وخنجر كل واحد فيهم لايزال يقطر دما من ظهور خصومه في المؤتمر الجميل .. وبطن كل واحد ممتلئ بدم صاحبه الذي يشربه في ساحات الصراع في ليبيا واليمن وسورية ولبنان .. رغم ان الكلمات فاضت بالمحبة والنصائح وكاد الجميع يهب لتقبيل الجميع في حفل من الدموع يشبه نهاية الافلام الرومانسية الجميلة ..
السعودية وايران .. مصر وتركيا .. تركيا والسعودية .. الامارات وقطر .. وقطر والسعودية .. والكويت والعراق .. والامارات وتركيا .. ايران وتركيا !!! ..

لايهم مايقال عن أهداف المؤتمر .. وعن أنه تقارب بين القوى الاقليمية بايعاز امريكي .. فنحن نعلم انه مؤتمر امريكي .. وهو جزء من المفاوضات النووية مع ايران .. اي ان كل القوى الخاضعة لاميريكا اخذت عنوة الى المؤتمر لارسال رسالة الى ايران ودمشق .. من ان اميريكا قادرة على جمع جميع المتناقضات متى أرادت .. وهي قادرة على ان تكافئ او تعاقب ايران وسورية بهذا الحشد من اصدقاء اسرائيل .. وأنهم جميعا هم رهن اشارة اميريكا .. واميريكا التي تستعد للتوجه نحو صراعها مع التنين تريد ان ترتب حديقتها الخلفية في قوس الازمات من أفغانستان الى لبنان .. وتريد ان يهدأ الفناء الخلفي وان يرضى الجميع بقسمتهم ونصيبهم .. وهي بمثابة جزرة لايران من أن اميريكا جاهزة للاتفاق معها في الوقت الذي يلتقي فيه بايدن مع بينيت ويصرح بأنه اذا مافشلت المفاوضات فيجب الانتقال لوسائل الاخرى لايقاف طهران ..
في المؤتمر كان الجميع يتحدث وكنت أحصي الأكاذيب التي قيلت وأطلقت فلم أتمكن من احصاء أسراب الاكاذيب التي كانت تطير مثل الجراد .. ولكني ايضا تعبت من عد الاطباق التي كان العرب يغسلونها في هذا المؤتمر بين ايران وتركيا وفرنسا واميريكا ..
الشيء المؤلم في المؤتمر هو ان قبول العراق بتغييب سورية يعني ان العراق لايزال مصادرا منذ سايكس بيكو .. وان خط دمشق بغداد لايزال ملكا لعصبة الامم .. وطالما ان هذا الخط مقطوع فان الثور المجنح العراقي سيبقى بلا أجنحة طائر الفينيق .. فأجنحته مقصوصة منذ مئة سنة .. فسورية هي الأجنحة لأي مشروع ناهض في الشرق .. سواء في مصر او في العراق او في الخليج .. وعندما تغيب الاجنحة او تتكسر الاجنحة .. فلن يحلق اي مشروع ..
الثور العراقي منذ ان قص جناحاه لايقدر الا ان يكون مثل اي ثور اسباني في حلبة للمصارعة .. وينتهي دوما بموته مضرجا بدمه .. هذا الثور العراقي كم قتل وكم طعن بالرماح والسيوف وكم مات في الحلبات .. وهو لايقدر ان يرتدي اجنحته التي لاتبعد عنه سوى امتار قليلة .. ومع هذا يستورد اجنحة من تركيا ومن فرنسا ومن الاردن وووو .. وكل الاجنحة التي تعطى له .. اجنحة ذباب وبعوض .. فكيف يطير ثور مجنح وجناحاه جناحا بعوضة؟؟ ان الثور او التنين لو صارت له أجنحة بعوضة .. لصارت له أحلام البعوض وقوة البعوض .. وكان مجرد بعوضة كبيرة ..

================================

البعوضة واجنحتها