سأتقدم اليوم الى المدينة الفاضلة او المقدسة .. او الالدورادو مدينة الذهب .. وأنا في بعض المقالات أدرك انني اثير غضب البعض وأدوس على ازار البعض .. وقد يضربني هذا البعض بردّه لأنني دست على ازاره الذي يعتد به .. فالازار هو القناعة واليقين والقماش الذي يغطي الجسد .. فكلما تطرقت مثلا الى الوضع الاقتصادي ودور اميريكا الهائل فيه يظن البعض انني أدافع عن الفاسدين .. وانني ارمي اميريكا بالتهم وأنني أطلق النار على الأبرياء لأن النار يجب ان تسدد على الفساد .. والفساد فقط ..
اليوم سأدوس ازارا آخر مقدسا .. وهو الديمقراطية .. لانني منذ ان قرأت كتاب سيكولوجيا الانسان المقهور لمصطفى حجازي وان أسير تلك النظرة والنظرية التي تفسر سلوكنا السياسي والاجتماعي بل انني وقعت ضحية هذه النظرية الاجتماعية التي كانت تقدم فقط لتفسير الحالة السياسية المعقدة للبلدان المشرقية وخاصة العربية .. وصار احدنا ينظر الى نفسه على انه انسان مقهور وانه يجب ان يتخلص من قهره كي ينجو من هذه الحالة الرديئة في كل شخصيته .. ولكن وجدت ان سبب قهرنا هو الشخصية الديمقراطية الغربية المقهورة أيضا تحت وهم التفوق ونهاية التاريخ وخاتمة المشوار البشري نحو السعادة ..
وطبعا قبل ان أخوض في هذا الموضوع سأقول انني لاأكثرث بكل موجات الغضب والسخرية والاحتجاج التي ستطلب مني ان أكتب عن ديمقراطيتنا السورية وعن الأوهام والانفصال عن الواقع لأنني أعتبر ان هؤلاء هم ملحقات وظلال وزوائد .. وهم مبهورون ولايختلفون عن المبهورين بلاعبي كرة القدم والفنانين والمشاهير .. والذين يقلدونهم ويعتبرونهم مثالهم الاعلى .. اي الانقياد الاعمى وانقياد المغلوب نحو ثقافة الغالب حتى ولو كانت فيها تشوهات ..
الغريب ان كل عمليات تحليل نفسيات الجماهير وعلم التحكم بالجماهير كانت منصبة لخدمة العالم الرأسمالي منذ كتاب الامير لميكافيللي الذي وضع معظم القواعد والقوانين الخاصة بحكم البشر .. الى سيغموند فرويد الذي تخصص في تشريح النفس والذي قال ان في نفس الفرد عدة أرواح لاروحا واحدة .. روح العرق .. وروح الدين وروح الطائفة .. وروح الطبقة .. الخ والتي ربما انبثقت منها دراسات عن سيكولوجيا شعوب الربيع العربي الذي تم تحريك روحه الدينية والطائفية والغرائزية .. لأن ماسبق الربيع العربي بفترة طويلة صدرت فيه دراسات عن سيكولوجيا الثورات وسيكولوجيا الاشتراكية .. وصار لكل شيء سيكولوجيا ..

ولكن لم أجد شيئا يتطرق الى سيكولوجية الديمقراطية الغربية او ماأسميه سيكولوجية الانسان الديمقراطي الغربي الذي نرى ان هذا النوع من البشر ينتشر في اوروبة واميريكا والعالم الغربي .. كما لو انه نوع من انواع البشر التي أخذها قانون اصطفاء الانواع بهذا الاتجاه .. لأنه مامن حالة اجتماعية الا وتطور سيكولوجيا خاصة بها او تخضع لسيكولوجيا تسيّرها وتتحكم بها ..
ان معرفة سيكولوجية الانسان الديمقراطي ربما ستقودنا الى تفسير اكبر حروب البشر وتفسير نهوض الغرب الذي سحق مايسمى بجنون الجماهير .. وأوقف القدرة الشعبية على صناعة الثورات في البلدان الديمقراطية رغم ان هناك مايدعو الى الثورات .. لأن الجماهير مجنونة بطبيعتها فهي تجن في مباريات كرة القدم او في حفلات ومهرجانات الغناء .. وتتدافع لرؤية المشاهير .. ولكنها في الغرب لاتقدر ان تصنع الا احتجاجات سياسية هزيلة تخمد بسرعة ..
ان الانظمة الديمقراطية قد تمكنت من صنع النفسية الديمقراطية والانسان الديمقراطي الذي لاشك صارت له سيكولوجية تخصه وتتحكم به وتعيد انتاجه .. فالتصور الديمقراطي للحياة السياسية هي انها نهاية الطريق في عالم السياسة والحكم وانها تشبه خاتمة الرسالات السماوية التي يؤمن بها المسلمون .. فكما ان الاسلام قرر لأتباعه انه آخر الرسائل وان الله بعده قد توقف عن مخاطبة البشر وأن السماء اقفلت ابوابها لأنها استنفذت كل مشاريع الهداية بمشروع المشاريع فان العقلية الديمقراطية تحقن الانسان الغربي انها خلاصة الخلاصات ونهاية التاريخ وهي الشوط الاخير الذي يمتد الى اللانهاية في حياة المجتمع الانساني والديانة الاخيرة على مبدأ (لانبي بعدي) .. و(اليوم أكملت عليكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) ..
ويتكون بفعل الخطاب السياسي والاعلامي شعور وهمي لدى الانسان الغربي انه انسان متفوق وخارق اذا ماقارن نفسه بالاخرين .. وهذا فيه سرقة لمفهوم نيتشه وزعمه من أنه بنى الانسان المتفوق الخارق السوبرمان او وضع التصاميم النفسية له .. فرغم ان الانظمة السياسية الديمقراطية تنظر بازدراء لفلسفة نيتشه لانها تصورها على انها خلف النظرية النازية لهتلر وفلسفة القوة فان الحقيقة هي انها تصر على ان الانسان الغربي عنصر متفوق وهذا هو سبب نزعات عنصرية ويمينية غربية يتم توجيهها وهذا هو سبب الكراهية للمسلمين والهسبانيك وللسود في اميريكا واحتقار المهاجرين في اوروبة الغربية .. فالنظام السياسي الديمقراطي الغربي يحقن الانسان فيه انه لديه كل الاسباب للشعور بأنه متفوق وخارق حتى يصير لديه يقين وايمان وقناعة انه هو الانسان المتفوق أخلاقيا وفكريا وسياسيا وعلميا وتقنيا لأنه يعيش النظام الديمقراطي الذي فيه ايضا شيء من نظرية داروين في الاصطفاء الطبيعي .. فالعملية الانتخابية هي شبيهة ايضا بنظرية الانتخاب الطبيعي للانواع .. فالذي تنتخبه الطبيعة سيبقى .. والطبيعة انتخبت الانسان الغربي الذي وجدت الطبيعة انه الاقوى طالما انه تمكن من اختراع او تطوير الانتخاب السياسي الذي أهّله لخوض عملية اصطفاء طبيعية تتحكم بها عقول المشاركين في العملية الانتخابية ..
لذلك نجد ان الانسان الغربي على العموم يتخيل انه انسان أمامه مهمة أخلاقية تقضي بنقل كل تجربته وثقافته الى الآخر البدائي الجاهل .. لأن نقل الثقافة بكل مافيها هو طريقة لنقل الديموقراطية طالما ان الديمقراطية نتيجة لمكون ثقافي وحضاري متفوق . ويجد في نفس الوقت انه محسود دوما على ماحباه الله به من نعمة الديمقراطية التي جعلته متفوقا على غيره من سائر البشر الذين يعيشون بلا ديمقراطية رغم انه في حقيقة الامر لايختلف عن الانسان الذي يعيش في الانظمة اللاديمقراطية سوى انه لايعرف هذه الحقيقة ولايدرك انه لايد له في تغيير النظام السياسي الذي يحكمه .. بدليل ان اوروبة لم تتغير في اي اتجاه ثقافي او سياسي او فكري رغم محاولة تيارات عديدة التأثير فيها .. ولايزال الاوروبي يخوض حروبا استعمارية ضد غيره من البشر لأنه في اللاوعي يجد ان من حقه ان يستولي على حقوق الاخرين وأموالهم طالما انها حقه المكتسب بحكم تفوقه الأخلاقي الديمقراطي وطالما ان الديمقراطية لاتخطئ .. ورغم محاولة بعض المثقفين الاعتراض وتصويب هذا السلوك الاستعماري فانه يبقى بلا فعالية لانه لايلقى استجابة بسبب تحكم عقدة التفوق الاخلاقي التي تسبب بها الشعور بالتفوق الديمقراطي الذين خلق الانسان الخارق ..
فأميريكا لم تتغير رغم ديمقراطيتها في انها تلقي الدروس الاخلاقية على الشعوب وتفرض عليهم بحكم تفوقها الديمقراطي ان يتغيروا مثلها وهذا تراه مدعوما من قبل النخب وغير النخب الاميريكية التي تجد ان من واجبها الاخلاقي ان تساعد الانسان (البدائي) الذي يعيش خارج اميريكا مثل شعوب العالم الثالث على ان تتطور وتدفع الفرد لتبني نهجها ليصبح خارقا مثلها .. وهذا تسبب في كوارث وحروب وابادات واستعمال لأعتى أنواع الاسلحة وافكار الابادة .. التي وجد الانسان الغربي انه من حقه وحده ان يستخدمها لأنه الانسان المتفوق الذي أنتجته العملية الديمقراطية الصحية .. اما سكين مقاوم في اي بلد في العالم فانها همجية طالما انها نتاج عقل بدائي متخلف لاتساوي الا عقل ارهابي .. وهذا العقل لايستطيع التعرف على هذا التناقض الفظيع في العقل الذي يرى ان كل وسائل القتل والابادة أنتجت وتتكدس في عرين العالم الديمقراطي المتمثل في اميريكا وحلف الناتو .. ولكنه يرى ان هذه الأسلحة خلقت لتحمي الديمقراطية والجنة الديمقراطية من “سكاكين الهمج” ..
في سيكولوجيا الانسان الديمقراطي تجد أعشاشا من الاوهام .. من انه يعيش في الجنة رغم ان من يحكم الجنة ليس الله بل الشيطان المتمثل في الدولة العميقة التي تختصرها مجموعة من العائلات والبنوك والصيارفة والاحتكارات الكبرى .. ووهم الجنة وهم خطير لأنه يجعل الانسان لايقوى على التفكير في تخريب الجنة لأن اي خروج من الجنة هو اقامة للنار او دخول في النار التي تحيط بالجنة وهي التي تعيش فيها شعوب الارض قاطبة من الصين الى افريقيا وروسيا واميريكا الجنوبية وافريقيا والشرق الاوسط والعالم الاسلامي كله .. حتى ان الانسان الديمقراطي يشبه المتدينين الذين يظنون انهم الفئة الناجية من النار من بين 70 فرقة .. وهوبالفعل شعور مخادع لأنه لايمكن ان تكون شعوب الارض كلها على خطأ وشعوب اوروبة فقط هي التي تقبض على الجمر ..
أذكر انني في احدى المرات كانت هناك انتخابات في بلد اوروبي وقالت لي احداهن وهي تنظر الي بنوع من الزهو “اننا نستطيع ان نمارس حق الانتخاب في حين ان شعوبا كثيرة لاتملك هذا الحق .. وكانت تعنيني .. وفي مناسبة أخرى قال لي جار لي عشية احدى الانتخابات بخيلاء (انه سيقرر مصير السياسيين في بلده خلال ساعات وان اقدارهم الآن في يده) .. وهذا الشعور بالخيلاء الفارغ سببه ان الانسان الديمقراطي جاهل بحقيقة انه لايملك اي حق الا في ان يختار مايراد له ان ينتخب لأن عملية الانتخاب تجري في التلفزيون والصحف وتتقرر النتائج سلفا .. فالتلفزيون – رغم كل مايقال عن وسائل التواصل الاجتماعي – هو دار الفتوى وهو الكنيسة القديمة التي تسمع فيها العظات وتردد خلفها العامة التراتيل .. والاهم من ذلك ان المتنافسين في العمليات الانتخابية مختلفون في ألوان الجوارب وربطات العنق ولكن في الجوهر العام لافرق .. واذا حدث اختراق كوصول شخصية اشكالية مثل جيريمي كوربن اليساري البريطاني فان عملية سحق المرشح تتكفل بطحنه في وسائل الاعلام التي هي تصنع القيم الديمقراطية نفسها وتدار من قبل الدولة العميقة وتكون النتيجة مضحكة وهي ان مرشح الفقراء والعمال يهزم في مدن العمال وبين طبقات الفقراء التي تصوت لصالح ممثلي البنوك والاثرياء كما المنوم مغناطيسيا ..
واذا مانظرنا الى كل ماسبق سنجد انه من المستحيل ان تقوم ثورات في الغرب رغم ان الازمات الاقتصادية والبنيوية تعصف في الغرب أحيانا بسبب دورات الأزمات المنتظمة ويفلس الناس ويصلون الى حافة الفقر والعوز في الدورات الرأسمالية للاقتصاد .. فالانسان الغربي عاجز عن صناعة ثورات وقد تمكنت الديمقراطية من اقتلاع هذا المصطلح لديه .. فما هو الداعي للثورة طالما انه مخدر بقناعة انه يعيش في ذروة النجاح الاجتماعي والسياسي وان الثورة تحدث للقفز نحو الافضل .. ولكن لايوجد افضل للقفز اليه الا الفراغ والهواء .. وأقصى مايستطيع فعله وفق هذا اليقين والوهم أنه يظن انه قادر على تغيير النظام السياسي في لعبة الانتخابات وصناديق الاقتراع دون ثورة .. فثورته في الانتخابات .. لذلك فان الزعيم السياسي يتوعده الناس بيوم الانتخاب الذي يعتبر يوما للثورة التي ستصل في يوم محدد .. وأكثر مايحصل انه يتم تغيير موظف اسمه رئيس الحكومة او رئيس الدولة لكن النظام السياسي العميق الرهيب لايتغير على الاطلاق .. الا ان الناخب يعود مزهوا الى بيته وقد سدد طعنة نجلاء الى خصمه .. الذي هو عمليا الدمية التي اعطيت له لينتقم منها .. وطعنته تكون أصابت الدمية .. ويكون مثل ثور تمكن قرناه من اصابة وتمزيق قماشة حمراء لمصارع الثيران الذي يتفادى قرنيه بمهارة .. ولكن المباراة تنتهي بانهاكه وسقوطه صريعا .. ليأتي ثور آخر ويكرر العملية .. الى مالانهاية .. والثور هو الثور .. والمصارع هو المصارع .. والقماشة الحمراء هي القماشة الحمراء ..
قبل أن اختم هذا المقال .. أعيد أنني بالفعل لاأعبأ ولاأكترث بالممتلئين بعقد النقص .. والمبهورين .. لأنني عشت بين الغرب والشرق .. واعرف عيوبنا عن ظهر قلب .. ولكنني أعرف عيوبهم .. وأعرف ان للانسان المقهور سيكولوجية .. ولكن على من يظن انه حر ونقي وعظيم وخارق ان يدرك ان الفرق بينه وبين الانسان المقهور هو ان المقهور يعرف انه مقهور ولكن الانسان الغربي الخارق لايعرف انه مقهور أيضا .. وأنه لولا ثروات الشعوب المسروقة التي يناله بعض فتاتها لكان حاله بائسا .. فالثور ثور .. والمصارع مصارع .. وقطعة القماش الحمراء هي قطعة القماش الحمراء .. والدمية دمية .. والثور يطعن الدمية الحمراء ..

شكرا لكم الاستاذ نارام سرجون.
20210912
معك حق، قال لي رجل امريكي كبير بالعمر، (+70) نسبيا، ما تريدون في الشرق الاوسط دكتاتور يحب شعبه. ألا يعلم ان عقله مغسول وغير قادر ان ياتي برئيس افضل وهوا تحت ديكتاتورية الرأسمالية المتوحشة؟
إذ كان في بلاد ديمقراطي ثلاث اشخاص فقط، أثنين منهم مجانين والثالث عاقل هذا يعني ان العاقل سيكون تحت حكم المجانين ديمقراطيا.
الديمقراطية في امريكا هي الديمقراطية للقلة بمعنى الأغنياء فقط. الولايات المتحدة تحت حكم ديكتاتور الدولار(الأخطبوط المالي العالمي) الذي يرسسخ القناعة في عقول الشعب، بغسل الدماغ، انهم افضل شعوب العالم في افضل بلد.
في الولايات المتحدة ديمقراطية ناقصة جدا ومستمرة بالنقص بعد إضافة وثيقة الحقوق (Bill of Rights) وبعد حق المرأة بالانتخاب(1920)
وستظل ناقصة:
بدون إصلاح تمويل الحملات الانتخابية (Campaign finance reform)
وبدون إعلام صادق وشفاف(غير موجود)
وبدون شعب مثقف ومطلع( قليل ويتدحرج)
وبدون شعب اخلاقي(قليل ويتدحرج )
وبدون رأس مالية غير متوحشة.
جميع الدول فيها حسنات وسيئات. من يدفع الثمن؟
شكرا
تحياتي الحارة اخي الغالي سرجون, اتابع منشورتك دوما ًوأتفق معك في معظم ما تقول, ولكن إسمح لي ان ادلو بدلوي اليوم بسبب اهمية الموضوع.
ما قلته سيدي وأخي الغالي صحيح ولكنه ليس دقيقاً 100% وليس تاماً 100% ايضاً وملاحظاتي هي كالتالي,
*1_* ان جميع الإنظمة التي تحكم شعوباً متطورة إستخدمت كافة العلوم وبشكل خاص علم النفس للفرد او المجتمع من اجل قيادة مجتمعاتها ليس فقط الرأسمالية ولكن ايضاً الإشتراكية والشيوعية, اعتقد انه فقط الأنظمة العربية والإسلامية هي التي لم تحاول الإستفادة من علم النفس بالتحديد لقيادة مجتمعاتها, لأنها تستخدم الخرافة الدينية في قيادة المجتمع وليست بحاجة لعلوم, كما ان حضرتك تستخدم هذا الأسلوب دوماً, والمقاطع الثلاث الأولى من منشورك اليوم تؤكد ذلك.
*2_* إن جميع دول العالم دون اي إستثناء, وبكافة انظمتها, هي عبارة عن عصابات مافيا بكل ما في الكلمة من معنى, وأكبر عصابة في اي مجتمع هي الدولة نفسها, نادراً ما نجد عصابة مافيا في اي مجتمع اكبر من الدولة, ولكن بشكل عام الدولة هي أكبر عصابة مافيا في المجتمع.
*3_* ما قاله فرويد بان النفس تتكون من عدة ارواح اعتقد انه من الأفضل ان نستخدم المصطلح الأدق والأصح في نفس الوقت, وهو عدة مشاعر, وهذا اصبح من البديهيات, ولكن جميع هذة المشاعر يمكن زرعها في الفرد او المجتمع زرعاً, ويمكن التلاعب بها جميعها دون استثناء حتى المشاعر الغريزية منها.
*4_* إن الديمقراطية المستخدمة اليوم, اصبح من الواضح لكل من يعمل العقل انها خاطئة, فليست الأكثرية دوماً على صواب, وربما الأصح هو ان الأكثرية في اي مجتمع, على خطأ في معظم الأحيان, لهذا اعتقد ان الحل في ديمقراطية الحق وقد طرحت هذا منذ سنوات عديدة منطلقاً من الحق والحقيقة والإنسانية, *الحقيقة هو كل امر تم برهانه علمياً, والحق هو إدعاء, لا يصبح حقاً إلا عندما يتم برهانه, اي عندما تدعمه وتؤيده الحقيقة وبرهانها, والإنسانية تنطلق من المساواة والعدالة بين انسان وأخر, وأحترام شرعة وحقوق الإنسان لكل فرد في المجتمع كاملة غير منقوصة, ومن هذا المنطلق, إذا كان هناك حق لفرد على المجتمع, فعلى المجتمع بكامله الخضوع لهذا الحق, ومن هذا المنطلق ايضاً *لا يجوز التصويت على اي من عناويين الحق والحقيقة والإنسانية, او على اي عنوان فرعي يقع تحت اي منها, والتصويت يكون فقط على طريقة إحقاق الحق الذي يجب إحقاقه بكافة الظروف دون إستثناء.*
*5_* من الضروري ان نعلم ان عصابات المافيا الغربية (الدول الرأسمالية الغربية) لا تستغل الديمقراطية الخاطئة فحسب, بل انها تستغل الإنسانية, فأنت كإنسان مقيم في نيويورك او أقمت في نيويورك تعلم انهم من خلال مناهجم الدراسية يدرسون اطفالهم الإنسانية وحقوق الإنسان, وهذا يؤمن لهم الإستقرار في مجتمعهم المتنوع الأعراق والألوان والقوميات والأديان, بغض النظر إذا كانت الشعوب قد وصلت للإنسانية اولاً, ولكن هذا ايضاً يستغلونه في حروبهم الخارجية التي دوماً يتحججون امام شعوبهم انهم ذاهبون للحرب اما للإنتصار للديمقراطية وتخليص شعب مسكين ما من دكتاتور, او للإنتصار للإنسانية وتخليص البشرية من سفاح يقوم بمجازر ضد شعبه, وطبعاً هناك الحجة الثالثه لمعاقبة مجنون يهدد السلم العالمي. إذاً فالإنسان الغربي ينشأ ويترعرع على الديمقراطية والإنسانية وبما انه لم يعاني ولم يكتسب خبرات الشعوب الأخرى التي تعاني او عانت من الإستعمار, هو يعتقد بحق انه يستطيع ان يقرر مصير البلاد والحكم عن طريق الإنتخابات, ولا يعرف ان الدولة ستحارب الخالق لو حاول تغيير النظام.
*6_* لا نريد ان ننسى ان النظام الرأسمالي اكثر ذكاءً من حيث تعامله مع الجماهير, فهو يسمح لها بهامش لا بأس من الحرية يجعلها تعتقد انها الحاكمة وانها قادرة على التغيير في اي وقت, كما انه يتجاوب مع الجماهير, او يتظاهر انه تجاوب مع الجماهير عن طريق صندوق الإقتراع, أضف إلى ذلك ان حاجات الشعب الأساسية مؤمنة وقلما تجد إهتماماً بما يحدث في الخارج, ومعظم الشعب يصدق كذبة النظام او يجبرونه على تصديقها من خلال إعلام قوي جداً وذكي جداً قادر على توجيه الشعب بالإتجاه الذي يريده النظام.
*7_* رغم أهمية ما قلته سيدي فهو لن يصل للشعوب الغربية ليجعلها تصحو طالما انك كتبته بالعربية, كما ان الشعوب العربية لن تستفيد منه بل يجعلها تغوص سعيدة في مستنقعاتها, ما يفيد الشعوب العربية هو تسليط الضوء على واقعها على امراضها من جهل وتخلف وعنصرية دينية وقومية وسياسية وجنسية وطائفية, علينا ان نخبر هذة الشعوب انه عيب على عقولها ان تُحْكَم وتقاد بالخرافات الدينية والعنصرية بكافة انواعها, وليس عيباً على العقل ان يُحْكَم بالديمقراطية والإنسانية, التي تدعيها دولته, على اشعوب العربية ان تدرك انه عيب على عقولها ان تستبدل الخرافة الدينية بالعلم والمعرفة والحقائق وتصر على ان الخرافة اصدق من كل الحقائق, على اصحاب هذة العقول ان يعرفوا ان عقولهم مريضة بكافة المقاييس, ما عدا مقياس الخرافة نفسه, فعرضنا لأمراضنا وكيفية علاجها يفيدنا أكثر من عرض امراض الغرب.
*8_* لا بد ان نلاحظ, ان الهجرة هي دوماً في إتجاه واحد هي من بلاد الجهل والتخلف والإيمان, إلى بلاد الغرب الرأسمالي الكافر, ففي بلاد الإيمان يعامل كحيوان وينظر إليه كحيوان, بينما في بلاد الرأسمالية والكفر يعامل كإنسان, وينظر إليه *سراً* كعبد يخدم مصالح الدولة, ومصالح المنظومات العالمية التي تسيطر على الدولة, لهذا عندما يصل المهاجر من بلاد الإيمان التي يعرف انه كان يعيش فيها كحيوان, إلى دول الكفر والرأسمالية التي تجعله يشعر انه إنسان, وأريد ان اضع مليون خط تحدت كلمة يشعر, كما تجعله يشعر ان النظام ينظر إليه كإنسان, وطبعاً ان سيكولوجية هذا الإنسان تختلف كلياً عن سيكولوجية الإنسان في العالم العربي والإسلامي, الذي يشعر انه يعامل كحيوان وان النظام ينظر إليه كحيوان.
شكراً جزيلاً لجهودكم ومنشوراتكم الرائعة,
تحياتي الحارة مع فائق محبتي وبالغ إحترامي.
الياس نجار