تحياتي الحارة اخي الغالي سرجون, اتابع منشورتك دوما ًوأتفق معك في معظم ما تقول, ولكن إسمح لي ان ادلو بدلوي اليوم بسبب اهمية الموضوع.
ما قلته سيدي وأخي الغالي صحيح ولكنه ليس دقيقاً 100% وليس تاماً 100% ايضاً وملاحظاتي هي كالتالي,
1_ ان جميع الإنظمة التي تحكم شعوباً متطورة إستخدمت كافة العلوم وبشكل خاص علم النفس للفرد او المجتمع من اجل قيادة مجتمعاتها ليس فقط الرأسمالية ولكن ايضاً الإشتراكية والشيوعية, اعتقد انه فقط الأنظمة العربية والإسلامية هي التي لم تحاول الإستفادة من علم النفس بالتحديد لقيادة مجتمعاتها, لأنها تستخدم الخرافة الدينية في قيادة المجتمع وليست بحاجة لعلوم, كما ان حضرتك تستخدم هذا الأسلوب دوماً, والمقاطع الثلاث الأولى من منشورك اليوم تؤكد ذلك.
2_ إن جميع دول العالم دون اي إستثناء, وبكافة انظمتها, هي عبارة عن عصابات مافيا بكل ما في الكلمة من معنى, وأكبر عصابة في اي مجتمع هي الدولة نفسها, نادراً ما نجد عصابة مافيا في اي مجتمع اكبر من الدولة, ولكن بشكل عام الدولة هي أكبر عصابة مافيا في المجتمع.
3_ ما قاله فرويد بان النفس تتكون من عدة ارواح اعتقد انه من الأفضل ان نستخدم المصطلح الأدق والأصح في نفس الوقت, وهو عدة مشاعر, وهذا اصبح من البديهيات, ولكن جميع هذة المشاعر يمكن زرعها في الفرد او المجتمع زرعاً, ويمكن التلاعب بها جميعها دون استثناء حتى المشاعر الغريزية منها.
4_ إن الديمقراطية المستخدمة اليوم, اصبح من الواضح لكل من يعمل العقل انها خاطئة, فليست الأكثرية دوماً على صواب, وربما الأصح هو ان الأكثرية في اي مجتمع, على خطأ في معظم الأحيان, لهذا اعتقد ان الحل في ديمقراطية الحق وقد طرحت هذا منذ سنوات عديدة منطلقاً من الحق والحقيقة والإنسانية, *الحقيقة هو كل امر تم برهانه علمياً, والحق هو إدعاء, لا يصبح حقاً إلا عندما يتم برهانه, اي عندما تدعمه وتؤيده الحقيقة وبرهانها, والإنسانية تنطلق من المساواة والعدالة بين انسان وأخر, وأحترام شرعة وحقوق الإنسان لكل فرد في المجتمع كاملة غير منقوصة, ومن هذا المنطلق, إذا كان هناك حق لفرد على المجتمع, فعلى المجتمع بكامله الخضوع لهذا الحق, ومن هذا المنطلق ايضاً *لا يجوز التصويت على اي من عناويين الحق والحقيقة والإنسانية, او على اي عنوان فرعي يقع تحت اي منها, والتصويت يكون فقط على طريقة إحقاق الحق الذي يجب إحقاقه بكافة الظروف دون إستثناء.*
5_ من الضروري ان نعلم ان عصابات المافيا الغربية (الدول الرأسمالية الغربية) لا تستغل الديمقراطية الخاطئة فحسب, بل انها تستغل الإنسانية, فأنت كإنسان مقيم في نيويورك او أقمت في نيويورك تعلم انهم من خلال مناهجم الدراسية يدرسون اطفالهم الإنسانية وحقوق الإنسان, وهذا يؤمن لهم الإستقرار في مجتمعهم المتنوع الأعراق والألوان والقوميات والأديان, بغض النظر إذا كانت الشعوب قد وصلت للإنسانية اولاً, ولكن هذا ايضاً يستغلونه في حروبهم الخارجية التي دوماً يتحججون امام شعوبهم انهم ذاهبون للحرب اما للإنتصار للديمقراطية وتخليص شعب مسكين ما من دكتاتور, او للإنتصار للإنسانية وتخليص البشرية من سفاح يقوم بمجازر ضد شعبه, وطبعاً هناك الحجة الثالثه لمعاقبة مجنون يهدد السلم العالمي. إذاً فالإنسان الغربي ينشأ ويترعرع على الديمقراطية والإنسانية وبما انه لم يعاني ولم يكتسب خبرات الشعوب الأخرى التي تعاني او عانت من الإستعمار, هو يعتقد بحق انه يستطيع ان يقرر مصير البلاد والحكم عن طريق الإنتخابات, ولا يعرف ان الدولة ستحارب الخالق لو حاول تغيير النظام.

6_ لا نريد ان ننسى ان النظام الرأسمالي اكثر ذكاءً من حيث تعامله مع الجماهير, فهو يسمح لها بهامش لا بأس من الحرية يجعلها تعتقد انها الحاكمة وانها قادرة على التغيير في اي وقت, كما انه يتجاوب مع الجماهير, او يتظاهر انه تجاوب مع الجماهير عن طريق صندوق الإقتراع, أضف إلى ذلك ان حاجات الشعب الأساسية مؤمنة وقلما تجد إهتماماً بما يحدث في الخارج, ومعظم الشعب يصدق كذبة النظام او يجبرونه على تصديقها من خلال إعلام قوي جداً وذكي جداً قادر على توجيه الشعب بالإتجاه الذي يريده النظام.
7_ رغم أهمية ما قلته سيدي فهو لن يصل للشعوب الغربية ليجعلها تصحو طالما انك كتبته بالعربية, كما ان الشعوب العربية لن تستفيد منه بل يجعلها تغوص سعيدة في مستنقعاتها, ما يفيد الشعوب العربية هو تسليط الضوء على واقعها على امراضها من جهل وتخلف وعنصرية دينية وقومية وسياسية وجنسية وطائفية, علينا ان نخبر هذة الشعوب انه عيب على عقولها ان تُحْكَم وتقاد بالخرافات الدينية والعنصرية بكافة انواعها, وليس عيباً على العقل ان يُحْكَم بالديمقراطية والإنسانية, التي تدعيها دولته, على اشعوب العربية ان تدرك انه عيب على عقولها ان تستبدل الخرافة الدينية بالعلم والمعرفة والحقائق وتصر على ان الخرافة اصدق من كل الحقائق, على اصحاب هذة العقول ان يعرفوا ان عقولهم مريضة بكافة المقاييس, ما عدا مقياس الخرافة نفسه, فعرضنا لأمراضنا وكيفية علاجها يفيدنا أكثر من عرض امراض الغرب.
8_ لا بد ان نلاحظ, ان الهجرة هي دوماً في إتجاه واحد هي من بلاد الجهل والتخلف والإيمان, إلى بلاد الغرب الرأسمالي الكافر, ففي بلاد الإيمان يعامل كحيوان وينظر إليه كحيوان, بينما في بلاد الرأسمالية والكفر يعامل كإنسان, وينظر إليه سراً كعبد يخدم مصالح الدولة, ومصالح المنظومات العالمية التي تسيطر على الدولة, لهذا عندما يصل المهاجر من بلاد الإيمان التي يعرف انه كان يعيش فيها كحيوان, إلى دول الكفر والرأسمالية التي تجعله يشعر انه إنسان, وأريد ان اضع مليون خط تحدت كلمة يشعر, كما تجعله يشعر ان النظام ينظر إليه كإنسان, وطبعاً ان سيكولوجية هذا الإنسان تختلف كلياً عن سيكولوجية الإنسان في العالم العربي والإسلامي, الذي يشعر انه يعامل كحيوان وان النظام ينظر إليه كحيوان.
شكراً جزيلاً لجهودكم ومنشوراتكم الرائعة,
تحياتي الحارة مع فائق محبتي وبالغ إحترامي.