ما زلنا نختلف كثيرا في تقييم ما حصل في أفغانستان: هل هناك هزيمة أمريكية مدوية؟ أم انسحاب، وتراجع تكتيكي، وإعادة انتشار؟ أما من يرى ما حصل كهزيمة تاريخية فإنه يستند إلى حقيقة أن أمريكا سبق لها أن هُزمت في فيتنام، وللهزيمة قوانينها التي تسري في كل زمان ومكان! الفيتناميون كانوا يمتلكون إرادة القتال من أجل قضية عادلة، وكانت لديهم قيادة كفوءة ومجربة، وكانوا فوق هذا وذاك يتلقون الدعم من الاتحاد السوفيتي والصين – أما الأمريكيون فكانوا في موقع المعتدي الأثيم. ألم تكن هزيمة الأمريكان محتمة؟ والآن، الأفغان أيضا متمرسون في القتال، ويمتلكون عقيدة راسخة، وقيادات تعرف ما تفعل. أما الدعم من دول كبرى فاستعاض الأفغان عنه بدعم إلهي! والأمريكيون كانوا هناك، مرة أخرى، في موقع الباغي اللئيم. والصور من مطار كابل في أغسطس 2021 تبدو نسخة طبق الأصل من الصور من سايغون عام 1975. إنها هزيمة حقيقية نكراء بصرف النظر عما دار وراء الكواليس، وما تم ترتيبه!
وأما من يرى الأمر غير ذلك فلأن هناك مؤشرات واضحة على أن أمريكا، التي لا يمكن أن نشك في أنها ما تزال قوة عظمى إن لم تكن القوة الأعظم في العالم، تحتاج إلى قوتها في مكان آخر أهم من أفغانستان، وتواجه عدوا أقوى من حركة طالبان وأخطر منها، وقد يكون من بين خططها استخدام طالبان نفسها في مواجهة العدو الآخر، ومن هنا التنازل لها، وإكسابها صفة المنتصر. وأمريكا في عجلة من أمرها حتى أن الانسحاب كان يمكن، على ضوء التفاهمات مع حركة طالبان، أن يكون هادئا ومنظما. فلماذا هذه الفوضى؟ ألم يكن ممكنا لمن ضيّع عشرين عاما في أفغانستان أن يضيّع شهرا آخر، وينسحب بهدوء مع الحفاظ على ماء الوجه؟ إن هذه العجالة مؤشر على أمر جلل سنعرفه ذات يوم عندما تنكشف الاتفاقيات السرية بين الأمريكان وحلفائهم من جهة وطالبان من جهة أخرى.

شكرا الدكتور عمر ظاهر
20210925
“ماذا يحدث عندما تصبح الصين رقم واحد؟”
وفي عام 2015 ألقى كيشور محبوباني ( Kishore Mahbubani) محاضرة في معهد السياسة في كلية كندي بجامعة هارفارد ( Kennedy School’s Institute of Politics at Harvard ) تحت عنوان:
“ماذا يحدث عندما تصبح الصين رقم واحد؟”
Video Link
ينهي حديثه بهذا:
“هل ستكون الولايات المتحدة مرتاحة للعيش في عالم تتصرف فيه الصين تماما كما تصرفت أميركا عندما كانت القوة العظمى الوحيدة
وفي إجابة على سؤال بعد حديثه، محبوباني، الذي يعتقد أن الصين ستكون قريبا رقم واحد، يشرح (58:00 دقيقة):
وعلى عكس الولايات المتحدة الأمريكية، لا يؤمن الصينيون بالتبشير بمعتقداتهم.” …
لذا بمعنى من المعاني سيكون لدينا عالم مختلف جدا عندما لا تعود القوة الأولى في العالم قوة تبشيرية وتزوير.
شكرا.