نار في بطنها .. الليرة التركية المريضة بانهيار جهاز المناعة .. عندما باعت تركيا شرفها

أعرف ان مجرد النظر الى هذا العنوان سيستفز كثيرين من السوريين من المعارضين والموالين الوطنيين .. وقبل أن يقرأ كثيرون المقال سيقولون ان ليرتنا السورية من زجاج ولايجوز ان ترمي الاقتصاد التركي بالحجارة .. وسيثور كثيرون ويهيجون .. وربما يتوحد الطرفان لأول مرة في استهجان المقال لأن الاقتصاد السوري تعرض لضربة قوية في السنة الاخيرة ونجحت جهود الغرب في اضعاف الليرة السورية عبر عملية معقدة ومنسقة بدأت بمصادرة الثروة الغذائية والنفطية في الجزيرة واكملت طوق الحصار القديم باضافة تفجير ميناء بيروت وتفجير بنوك لبنان التي كانت خزانات السوريين وأموالهم خوفا من عدم استقرار الوضع في الاقتصاد السوري الذي كان اقتصاد حرب .. وكل الناس تفر من اقتصاد الحرب ..
ولكن معاناة الليرة السورية تبدو مؤقتة والرهان الامريكي كان احداث الصدمة والروع في الاقتصاد السوري ليتفجر ويتسبب في تدمير الاستقرار والحياة الاجتماعية السورية نهائيا تمهيدا لتفجير نقمة شعبية تدمر كل ماأنجزته الدماء والاجساد .. وهناك مظاهر كثيرة تشير الى ان طرق معالجة الاقتصاد السوري بدأت تتحرك ولو بشكل بطيء وان الامريكي بدأ يرخي قبضته لاعتبارات عديدة سنتطرق اليها لاحقا .. انها مثل المرأة الحرة التي يريد نخاس افسادها وافقارها كي تبيع عفتها وعرضها فترفض .. تفضل الفقر والموت على ان تبيع شرفها له .. وتبيع قضيتها وابنتها فلسطين له ولنزواته ..


ولكن لماذا تصاب الليرة التركية بالمرض؟؟ وتصاب بالاسهال وتفقد من وزنها ولونها وشحمها وتبدو وكأنها مصابة بالسرطان ولاعلاج لها؟؟ وكأنها هي التي خاضت حرب عشر سنوات وحوصرت ونهبت وسرقت معاملها ونفطها ؟؟
تركيا ليست سورية .. وكانت الكذبة الكبيرة عن الاقتصاد المعجزة والاقتصاد السابع عشر في العالم هي عكازة الاسلاميين الذين أرادوا تجويلنا بالقوة الى بلاد عثمانية ليس بذريعة ان الاسلام هو الحل .. فليس اي اسلام هو الحل بل العثمانية الجديدة هي الحل .. والدليل معجزة أردوغان .. البطل الذي أنقذ اقتصاد تركيا وحوله الى اقتصاد قوي ..


وكنا دوما نشكك بهذه المعجزة التركية ونقدم تفسيرات علمية واقتصادية وهي ان تدفق الاموال الغربية فجأة الى عروق الاقتصاد التركي كان مقابل ثمن .. وان الاقتصاد التركي الناهض يقف على عكازات البنوك الغربية التي ان سحبت عكازاتها فان هذا العملاق سيقع ويتدحرج وتتكسر عظامه .. رغم ان اهم عامل في نهوض اقتصاد تركيا اردوغان كان الانفتاح السوري على تركيا دعما لها عندما صارت تجعجع وتنبح لصالح فلسطين .. وكافأها السوريون بدعم اقتصاد أردوغان الذي طلب دعم دمشق وقدم اوراق اعتماده عندما زار دمشق مع أمينة .. وكان يطلب فيجاب .. وانفتح الاقتصاد والثقافة والاعلام السوري على تركيا ولحقته اقتصادات المنطقة العربية .. وكان هذا التدفق في السلع والبضائع التركية الذي كان يشبه الغزو عبر الشمال السوري سببا في انتعاش اقتصاد الاناضول حيث الكتلة الاسلامية الداعمة لاردوغان ضد اقتصاد استانبول .. وهذا زاد من سيطرة الاقتصاد الجديد الذي نشأ في الاناضول بحكم الدعم السوري الذي كان بغاية خلق أرضية لمشروع البحار الخمسة الذي سيغني تركيا والعرب عن اوروبة .. ويخلق اقتصادا مشرقيا ينافس اقتصاد اوروبة ..


هذه هي القصة الحقيقية لمعجزة أردوغان .. ولكن كالعادة فان المحبين لايرون عيوب المحبوب .. فالعاشق لايرى ان حبيبته التي كانت فقيرة وصارت تبدو كالاغنياء بين عشية وضحاها انما باعت شيئا عزيزا .. مثل عفتها وشرفها وبكارتها .. وهذا ماحدث مع تركيا التي باعت شرفها الاسلامي وبكارتها الشرقية وقبلت ان تحارب نيابة عن الغرب بجسدها وصوتها ومالها .. ودست السم الناتوي في أطباق المسلمين .. وخاضت الحرب الصهيونية على كل العالم الاسلامي ودمرت فيها عدة جمهوريات عربية اسلامية وقدمت هذا الانجاز على طبق من فضة لاسرائيل دون ان يرف لها جفن من هول الكارثة التي ألحقها سلوكها التحريضي والتمويلي بمئات المدن العربية وملايين العرب .. ومقدسات العرب ..
تركيا التي ظهرت صاحبة معجزة كانت في يد قواد اسمه رجب طيب اردوغان وعصابة حزب العدالة والتنمية .. دفعها دفعا للنوم في فراش الغرب وصارت عاهرة الشرق .. ترتدي الحجاب الاسلامي ولكن تحت الحجاب تسكن الرذيلة .. وصارت مثل كل العاهرات الحاقدات .. تريد كل صبية ترفض العار ان تهتك عرضها مثلها بالقوة ..
الذي يجب ان يسأله اي شخص عن سبب هذا الترهل في الليرة التركية الآن رغم ان تركيا لاتعيش حربا .. بل هي التي تعيش من الحروب المحيطة بها وتأكل من أكتاف الاقتصادات العربية التي تحيط بها في العراق وليبيا وسورية .. فكل اموال اللاجئين السوريين والعراقيين هاجرت الى تركيا وحقنت الاقتصاد التركي بمئات المليارات من الدولارات .. وامتصت هذه العلقة المسماة تركيا دم السوريين والعراقيين طوال العقدين الماضيين بحكم انها الجوار والملاذ القريب من اوروبة .. ومع هذا فالليرة التركية تصاب بالضنك والتعب والاصفرار والحمى وكأنها اصيبت بالملاريا ..
وتركيا حقنتها السعودية وقطر ودول الخليج في بدايات الحرب بعشرات مليارات الدولارات كما قال حمد بن جبر (في حديث الصيدة الشهير) لان 137 مليار التي مررت لدعم المتمردين والفوضى في سورية كانت معظمها تمر عبر تركيا كأهم دولة مرور للمسلحين الذين توافدوا بعشرات الالاف وناموا في مدنها وفنادقها واستعملوا مطاراتهم وشركات طيرانها وأنفقوا رواتبهم الضخمة في بضائعها و في مدنها وكانت كل الاموال المحولة اليهم تمر عبر البنوك التركية التي أتخمت بالبنكنوت .. اي ان مالايقل عن مئة مليار دولار مررت الى تركيا على الاقل .. ومع هذا تبدو الليرة التركية اليوم وكأنها تشرب زيت الخروع .. وتبقى في حالة اسهال دائم ..


وتركيا سرقت علنا النفط السوري عبر داعش والاكراد .. وسرقت المحاصيل والاثار وحنى انها صارت اكبر مركز لتصدير الاعضاء البشرية من الضحايا السوريين .. وسرقت آلاف المعامل السورية ودمرت كل الصناعات السورية المنافسة في الشرق .. لينهض اقتصاد الصناعيين الاتراك الذي صاروا بلا منافس بعد تدمير معامل حلب التي كانت تمثل مصنع الشرق الاوسط .. ومع هذا فان الليرة التركية تضعف وتصاب بالهزال وتبرز عظام وجهها وأضلاع صدرها ويتورم بطنها الى مايشبه اطفال المجاعة الافريقية ..
وتركيا باعت اللاجئين السوريين بمليارات الدولارات حيث تسولت باسمهم من اوروبة وتركتهم يعيشون في أحقر الظروف المعيشية .. ومع هذا فان المواطن التركي يبدو أفقر من اللاجئ السوري حتى صار يحقد عليه .. وتبدو الليرة السورية أكثر عنادا في مواجهة الدولار من الليرة التركية التي في كل يوم تخلع بعضا من ثيابها امام الدولار عله يتزوجها او يطارحها الغرام .. ولكن الدولار لاتغريه الليرة التركية ولايغريه لحمها الغض البض وهاهو اليورو يحزم حقائبه ويصادر ثيابها ويتركها عارية ..
الليرة التركية مريضة جدا وتلهث وليس السبب هو كورونا لأن الاقتصادات القوية لاتزال صامدة بينما الاقتصادات المزيفة والمزورة بدأت تنكشف لأنه لايوجد اقتصاد حقيقي في تركيا بل اقتصاد لصوص .. لصوص حزب العدالة والتنمية وعائلة اردوغان ولصوص العثمانية الجديدة التي حاولت بناء العثمانية كما بناها روادها الاوائل من السلاطين بسرقة الشعوب ونهبها واستعبادها .. وعندما نجحت الفكرة صارت امبراطورية للصوص دامت عملية السرقة والاستعباد 400 سنة ..


مشكلة الليرة التركية هي مغامرة اردوغان نحو الجنوب .. ولن تقوم لها قائمة .. وكل الاموال التي حقنت في البورصة التركية من البنوك الغربية توقفت .. ليس لأنها تريد ان تعاقب اردوغان على شرفه الاسلامي كما يريد البعض ان يصور .. بل لأن البنوك الغربية اعطت حزب العدالة والتنمية كل مايريد من أجل انجاح مشروع اسقاط الدولة السورية والحاق الشرق بالنموذج التركي الذي هو مصالحة بين الاسلام والصهيونية وتحالف بينهما تحت قيادة الاخوان المسلمين .. ولكن المشروع تآكل او تداعى وفعل كل مافي وسعه ولم يعد قادرا على ان يقدم المزيد .. والبنوك الغربية ليست بالساذجة كي تحقن اقتصادا كاذبا بالمال .. فاللعبة انتهت ولاداعي لدعم هذا الاقتصاد المارق .. وبدأت الليرة تحس ان كل الحقن الداعمة توقفت .. وأن اموال الخليج توقفت لأنه لم يعد هناك مقاتلون يهاجرون الى تركيا وينفق عليهم .. وتوقفت حركة التبرعات لما يسمى الثورة السورية .. وتوقفت التحويلات للمقاتلين الذين قتل عشرات الالاف منهم وفقد عشرات الالاف وتوقفت الهجرة الجهادية الى تركيا الى حد كبير خاصة بعد ان أبدع اردوغان في ابتزاز السعوديين والاماراتيين في قضية الخاشقجي التي كانت حركة غبية جدا من اردوغان تسببت في نضوب التحويلات الخليجية رغم انه تلقى في الأشهر الاولى رشوات بالمليارات من السعودديين للملمة القضية مما رفع الليرة التركية بضع نقاط .. ولكنه بجشعه وطمعه أصر على اكمال كشف الفضيحة بطلب اسرائيلي وامريكي لأن ذلك سيسهل ارغام السعوديين والاماراتيين على اظهار العلاقات والتطبيع علنا بعد ان كانت سرية لأن اسرائيل كانت تريد دخول الخليج من بوابة الامارات واختراق كل الاقتصاد ونشر الموساد في الجاليات العربية وبدء التطبيع مع المهاجرين وتجنيد كثيرين منهم كجواسيس للمرحلة القادمة .. فكل مهاجر عربي في الخليج صار مشروع جاسوس لدى الموساد ..
من ينتظر شفاء الليرة التركية فاننا نقول له ناصحين .. انها أحلام مضحكة فلا تعاند .. الليرة التركية مريضة جدا .. ويحاول اردوغان حقنها باكسير الحياة .. وقراءة القرآن والتعويذات ويكتب الحجابات لها والهروب الى حروب مع السوريين والاكراد وتفجير شوارع دمشق وباصات المبيت لارغامنا على قبول التفاوض معه .. ولكن لن ينفعه شيء .. فهي دمرت في جهازها المناعي .. وأصيبت بمرض عضال .. وهذا المرض العضال هو الذي سينتقل الى حزب العدالة والتنمية .. وسينتشر في المجتمع التركي كله الذي يودع ايام العز والرفاه يوم كان اردوغان يبيعه وعودا ويستدين من الغرب لبناء كذبة الاقتصاد الثري التركي .. رغم انه كان قروضا ومساعدات وخصخصة للقطاع العام ..


ومن جديد .. نصيحة لكل من يضع أمواله في تركيا .. اهرب بجلدك وأموالك بسرعة .. قبل ان تفاجأ بانهيار كما انهارت بنوك بيروت وبقرارات السلاطين بالاستيلاء على اموالك .. وربما ستجد ان المكان الذي هربت منه الى كل العالم هو أكثر الأماكن أمنا لأموالك .. أي استثمر في بلادك التي في ذروة الحرب لم تطعنك ولم تعلن افلاسها .. ولاتراهن على ليرة اردوغان .. كل المؤشرات والنبوءات التي في فنجان تركيا تقول انها ليرة ستدخل العناية المشددة .. لأنها أكلت من أموال اليتامى والأيامى والفقراء .. فكانت كمن يأكل في بطنه النار .. ان النار في بطن الليرة التركية .. وسنتأملها بتلذذ وحبور وسعادة وهي تحترق أمام عيوننا من بطنها .. بل سنضع قهوتنا على تلك النار ونسخن الشاي .. ونشرب ونحتسي في هذا الشتاء قهوة تركية امام هذا الجسد المحموم ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

3 Responses to نار في بطنها .. الليرة التركية المريضة بانهيار جهاز المناعة .. عندما باعت تركيا شرفها

  1. صفا سليمان كتب:

    إيردوغان فُقاعة الشمال أمس أمر بطرد 10سفراء اوروبيين…
    هل سنشهد قريباً طرد تركيا من حلف الناتو؟؟!!

  2. التنبيهات: نار في بطنها .. الليرة التركية المريضة بانهيار جهاز المناعة .. عندما باعت تركيا شرفها | UPROOTED PALESTINIANS: SALAM ALQUDS ALAYKUM

  3. التنبيهات: نار في بطنها .. الليرة التركية المريضة بانهيار جهاز المناعة .. عندما باعت تركيا شرفها | UPROOTED PALESTINIANS: SALAM ALQUDS ALAYKUM

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s