أرسل لي صديق هذا الخبر .. وعندما نظرت اليه فوجئت لأنني لم أعرف كيف أصيب حارس نتنياهو وكلبه الشخصي .. وطباخ البيت الابيض في حادث واحد .. فهل هي عملية ارهابية كما يسمونها في الغرب ام حادث سير عابر؟ .. ام ان محور المقاومة أراد ايصال رسالة وترك نتنياهو هذه المرة؟ أم ان هناك عملية ثأر من اسرائيل بدأت ايران بتنفيذها انتقاما لمافعلته اسرائيل بشخصيات ايرانية كبيرة .. ولكن نجا نتنياهو منها وأصيب أخرون؟ هذا الخبر الذي تطالعونه مثلا سيذهلكم .. وماهي قصة اصابة طباخ الرئيس الامريكي وهل يعني هذا ان الحادث وفع اثناء اجتماع سري بين حفلة بروتوكولية؟؟ وهل لمقتل الحارس الشخصي لنتنياهو وكلبه دلالة سياسية وستكون تبريرا لعملية انتقامية ومقدمة لحرب مدمرة ؟؟ وهل ستدخل اميريكا هذه المعركة بسبب الطباخ؟؟
ولكن كل من سيقرأ الخبر رغم انه سيتعثر بخبر موت ماريا معلوف الا ان الذي سيسرق الاضواء من ماريا معلوف هو خبر مقتل كلب نتنياهو وطباخ البيت الابيض .. كل من سيقرأ الخبر .. لن يبحث عن سبب موت ماريا معلوف بل سيبدأ البحث عن سبب مقتل كلب نتنياهو وحارسه وطباخ البيت الابيض وتأثير ذلك على الوضع السياسي ومعادلات الاشتباك .. لأن ماهو أهم في نظر الناس هو كلب نتنياهو فهو يدل على رمزية وقوة المالك الذي يهاجم بطائراته سورية ويهدد لبنان ويهدد ايران ويتباهى انه يمسك زعماء العرب في الشرق الاوسط كما يمسك بكلبه .. وسيتساءل الكثيرون عن سبب اصابة طباخ البيت الابيض في حادث ما فيه كلب نتياهو وحارسه .. وهل هناك حدث ارهابي ما .. ولكن قليلون من سيتوقفون عند اسم ماريا معلوف وسبب موتها .. فربما ظنوا للوهلة الاولى انها زوجة الطباخ او مربية الكلب الاسرائيلي الجديدة اللبنانية الاصل أو ان ماريا معلوف هو اسم قطة الطباخ الامريكي ..


المهم ان الخبر الذي ارسله الصديق كان دعابة ومفبركا وقفشة فيسبوكية او طريقة لتحريض الناس على التفاعل .. ولكنه كشف شيئا مثيرا للغاية وحقيقيا للغاية .. وهو أن هناك بعض الناس الذين يعتقدون انهم كبار ولكنهم في الحقيقة عندما يوزنون في الاحداث فانهم لاشيء .. ولايتساوون مع الكلاب .. وماأريد قوله ان هذا الخبر الذي داهم عقولنا واستنفرها للحظات كشف لنا شيئا مهما وهو أن الناس يهمها مصير كلب نتنياهو قبل ان يهتموا ويفكروا بماريا معلوف التي تظن نفسها شخصية كبيرة وتعمل فيها مناضلة أممية من واشنطن .. ويبدو انها الطريقة الوحيدة كي نشرح بها أهمية ماريا معلوف في عقول الناس .. فمهما حاولت هذه الشخصية المريضة ان تصبح عملاقة بأن تقف على كتفي السيد حسن نصرالله كي يراها الناس فانها ستبقى مثل ذبابة غطت على كتفه وظنت انها صارت بقامته لأنها ترى نفسها مرتفعة .. ومهما اشرأبت ورفعت صوتها بالشتائم والكراهية والحقد كي تبدو كبيرة ومزعجة لمحور المقاومة فانها ستبقى بعوضة تحوم حول القصر الرئاسي السوري .. وصوتها مثل طنين بعوضة في حديقته وتنطح نوافذه وزجاجه بأرجلها العارية وأجنحتها الضعيفة كي تقتحمه .. ولاتقدر ..
مهما حاول هؤلاء الصغار ان يغيروا عقول الناس فان اللاوعي عند الناس هو الذي يقرر حجومهم .. بدليل ان خبرا مثل هذا يدل على ان مقتل كلب نتنياهو أكثر دلالة من خبر موتها .. وأن طباخا في البيت الابيض يصنع الشاي فقط للرئيس الامريكي أهم بكثير من اعلامية وثورجية لبنانية انتفخت وظنت انها شيء مهم جدا للعالم .. وانا على يقين ان احدكم اذا اعطي مسدسا ليختار ان يطلق النار على ماريا او كلب نتنياهو فانه لن يطلق النار على اي منهما .. لانهما متساويان في القيمة السياسية رغم ان قيمة ورمزبة كلب نتنياهو أكبر بكثير من قيمة ماريا معلوف ..
ماريا ليست وحدها فقط التي تحظى برتبة اقل من كلب نتنياهو .. فلو وضعنا خبر موت كلب نتنياهو ورحيل مارسيل غانم .. او نديم قطيش او اي من نجوم هذه الايام في عالم الخيانة والعمالة ودولرة الرأي والضمير فان صحة كلب نتنياهو وقطته أهم في الاخبار من هؤلاء المسوخ .. والحشرات الطنانة .. وقد راينا كيف ان الامريكيين الذين انسحبوا من افغانستان حملوا كلابهم معهم في الطائرات وتركوا عملاءهم يسحقون تحت عجلات الطائرات .. ولافرق بين عميل افغاني او لبناني .. مسيحي او مسلم .. رجل ام امرأة .. لأن الاميريكي ينظر الى كل من يعمل في خدمته على انه شجرة يملكها وكل ماعليها له من ثمار .. وعندما تموت يقطعها ويزرع غيرها ..
طبعا كثيرون منا سمع بتلك الحادثة التي رويت عن مشادة كلامية بين عباس محمود العقاد ومحمود شكوكو في خمسينيات القرن الماضي .. حيث سأل أحد الصحفيين العقاد سؤالا: من منكما أكثر شهرة، أنت أم محمود ﺷﻜﻮﻛو؟ وقد استغرب العقاد العقاد السؤال قائلاً: من هو شكوكو؟ وعندما وصلت القصة لـ شكوكو عن طريق الصحفي ذاته، قال له شكوكو: قول لصاحبك العقاد ينزل ميدان التحرير ويقف على أحد الأرصفة وسأقف على رصيف مقابل ونشوف الناس هتتجمع على مين؟”
وعندما أبلغ العقاد برد شكوكو رد بهدوء قائلاً: قولوا لشكوكو ان ينزل الى ميدان التحرير ويقف على رصيف مقابل “رقاصة” تقف على الرصيف التاني .. وسيرى الناس حول من ستتجمع أكثر .. عبارة العقاد هذه برغم قسوتها كانت تحمل رسالة بليغة عن الشهرة الاعلامية والصراخ والتهريج والمبالغة في الشتم والاستفزاز ليسا معيارا للنموذج الخلاق .. فكلما زاد الانحطاط زادت الشعبوية وزادت الغرائزية .. وكلما ارتقت الأخلاق ارتقت القيمة الشخصية لحامليها .. اي ان شهرة ماريا ليس لأنها خلاقة ولامتميزة بل لأنها تستعمل اسم السيد حسن نصرالله ومحور المقاومة في محاولة لبيع نفسها .. كحمارة محملة بالذهب .. سيتحلق حولها الجميع وهي تظن انهم معجبون بها ويتطلعون الى أذنيها الطويلتين .. ولكن في الحقيقة الناس يتجمعون لا للاستماع الى النهيق بل لسرقة الذهب ..
ظاهرة ماريا معلوف وغيرها من اللبنانيين واللبنانيات .. والسوريين والسوريات .. والخليجيين والخليجيات الذين يمارسون الرقص الخليع والتعري من أجل حفنة من الدولارات هم مجرد راقصات في بارات تل ابيب او بارات لاس فيغاس سيتجمع حولهم وحولهن اسرائيليون وعرب خلايجة ومهووسون بالجنس وتجار رقيق .. ولكن في النهاية في عالم السياسة مهما علا صوت احد من هؤلاء وظن انه يغير في معادلات السياسة فان خبر موت كلب نتنياهو أهم من اي واحد منهم في الاحداث والاخبار والسياسة .. واصابة طباخ البيت الابيض قد يسبب انهيارا في بورصة نيويورك .. أما موت ماريا معلوف او رقصها او خلاعتها فانها لن تؤدي الا الى تغير المنافسة بين الراقصات الخليعات المائعات .. وتغير اسعار الرقص في بورصة تجار الرقص الخليع والعري وتجارة الاجساد ..
قافلتنا تتابع الرحلة .. نحو الهدف ولن نتوقف لنستمع الى حمير اسرائيل وبغالها وذبابها .. بل ان زيادة الطنين وكثرة الذباب الذي يحوم بكثافة حولنا يدل على اننا نقترب من وكر العدو ومغارته .. وربما غرفة نومه القذرة .. أو جثته ..

