ماذا يفيد من ماتوا وراحوا ان يعود العرب الينا .. فعودة العرب لن تعيد من فقدناهم .. ولكن أرواحهم ستستريح اذا أعدنا لها العدالة والحكاية التي لم تحك عنهم الحقيقة .. سيعود العرب صاغرين ليس لأنهم تحسسوا الهزيمة وليس لان ضميرهم استفاق .. وليس لأنهم شربوا حليب السباع .. بل لأنهم أمروا بذلك .. والعبد لايجيد الا الحلب والصر وتنفيذ الاوامر ..
المهم ان هؤلاء العرب سيعودون ولكن عودتهم مثيرة للشبهة وللارتياب .. فقبلهم عاد سعدو الحريري تائبا للشام ووليد جنبلاط عاد بكل تلونه وجلوده الحربائية .. وملك السعودية عبدالله ملك اشباه الرجال عاد معتذرا .. وقبلهم جاء اردوغان وبدا هذا الغدار انه يريد ان يقدم اعتذارا عن سوء الجيرة الذي استمر 400 سنة .. ولكن تبين ان كل هذه التوبات كانت لادخال حصان طروادة في دمشق .. وقد دخل الحصان وخرج من بطنه الويل والموت وفتح حصوننا لكل الجنون والموت والغزاة والحرائق لمدة عشر سنوات .. كاد فيها سقوطنا يذهل طروادة نفسها من هوله ..
واليوم أتساءل هل عاد العرب طوعا ام كرها؟؟ وهل عادوا بمهمة جديدة؟؟ في العودة الاولى عاد العرب لأن دمشق تحدّت كولن باول وخرج كالمطرود منها وقد طلب منه ان يعيد قائمة شروط الاستسلام الى جيبه قبل ان نضعها نحن في مكان آخر .. ثم خرج من دمشق مهزوما .. وفوجئ العرب ان اسرائيل قهرت في أعقاب ذلك وان الاميريكيين والاسرائيليين لم يعد بمقدورهم ان يتقدموا نحو الشام بعد ان أغرق السوريون الاميريكيين بدمائهم في العراق وأرسلوهم نعوشا الى اميريكا .. وبدل الجسور الجوية من السلاح الذي كانت ترسله اميريكا الى الشرق كان هناك جسر جوي للنعوش الامريكية يأتي اليها من الشرق . وهنا أرسل الامريكيون العرب والاتراك وصبيانهم في لبنان الى دمشق لأن القلعة حصينة ولم تقهر ويجب فتحها من الداخل بالخدعة .. واستفاد الامريكيون من الضغط الاعلامي الهائل على السوريين من أنهم قتلوا الحريري وانهم في مواجهة لجان تحقيق تتكاثر كالأرانب والقطط .. وطبعا كانت سورية متهمة انها جزء من الهلال الشيعي الخرافي المزعوم .. فاضطرت للقبول بتركيا السنية الاخوانية دفعا للتهمة عن هذا الاتهام الباطل والفرية السخيفة .. واليوم عرفنا لماذا جاء كل هؤلاء الى دمشق بعد ان نضجت ظروف الربيع العربي ونضج استعداد السوريين للخروج من الحصار الاعلامي والنفسي .. جاؤوا كأول طلائع الربيع العربي الذي كان الخطة ب الامريكية بعد فشل الخطة أ التي جاء بها كولن باول وأيهودا اولمرت ..

اليوم هذا الضغط الاقتصادي الهائل سيدفع السوريين على المستوى الشعبي والرسمي للترحيب بالعرب .. وكأن هذا الضغط الاقتصادي يقصد منه اعادة حشر العرب وفخاخهم في بيوتنا بحجة عودتهم الميمونة رغم انني لاأثق بهؤلاء العرب .. ورغم أنني أتوجس من لقاء هؤلاء العرب .. وأسأل نفسي مثلا كم من الاسرائيليين اليوم سيدخلون دمشق بجوازات سفر امارتية كمواطنين اماراتيين وقطريين وسعوديين .. لأن المطبعين في السر اهم من المطبعين في العلن .. والاسرائيليون الان لديهم جوزات سفر قطرية واماراتية وسعودية وبحرينية ..
كل الاسرائيليين يمتلكون جوازات سفر غربية ومنهم من يدخل سورية بجنسية غربية .. ولكن الغربي لايملك في سورية ويعامل كسائح وغريب .. اما العربي فيملك ويستقر ويحسب من أهل البيت .. وكما نعلم فان كثيرا من الاسرائيليين الان صاروا يمتلكون جوازات سفر عربية .. والعربي في سورية يعامل معاملة السوري .. لأننا قلب العروبة النابض !!! .. وهنا يجب ان نتحلى بالحذر الشديد ..
أما الأمر الاخر الذي يجب ان نعمل عليه باصرار فهو ان يكون أحد شروط العودة اعادة سرد الرواية الحقيقية للأحداث السورية في وسائل الاعلام العربية وكل مايتبع لها .. فماذا يعني ان يعود العرب فيما شعوب العرب لاتزال تحت تأثير الحشيش العربي والمخدرات التي وزعت بغزارة في الربيع العربي ؟؟.. وصار كل عربي لايعرف الا بعض العبارات عن سورية وقيادتها وشعبها ويرددها كالببغاء من مثل: الطاغية الذي قتل نصف شعبه بالكيماوي .. والبراميل المتفجرة .. والعمالة لأسرائيل .. ومسرحيات الممانعة .. وقتل الابرياء وتهجير نصف الشعب السوري من اجل الكرسي .. والتسلي بقتل الاطفال وقصف المشافي والمساجد .. وأظافر اطفال درعا .. وكل الخرافات الاخوانية الرهيبة التي قتلت المروءة والشهامة والنخوة في الشعوب العربية وقتلت مشاعرها تجاهنا وصارت تصفق لقصفنا بالناتو وبالطيران الاسرائيلي .. وحولتها الى شعوب مشوشة وحاقدة على الدولة السورية والوطنيين السوريين .. بل وساهمت في ارسال المجاهدين لقتلنا ..
ماذا ينفعنا ان عاد العرب وبقيت قصصنا التي رواها العرب هي التي تؤرخ لنا .. وتلطخ تاريخنا .. ووجوهنا .. ودماء شهدائنا .. وقبورهم .. وأضرحة الابطال؟؟ ..
ألا يستحق التاريخ منا ان نطالب بانصاف الرواية السورية الممنوعة والتي قطعت حنجرتها منذ ان قيل زورا وبهتانا ان النظام السوري اقتلع حنجرة القاشوش بلبل الثورة .. ومن يومها وحنجرة الشعب السوري اقتلعت وبقيت صامتة؟ .. وروايتنا بقيت صفحات بيضاء ولايوجد حرف واحد بالحبر فيها .. لأنما منعنا من كنتابتها ولأن الحبر السوري ألقي في البحر حتى صار لون البحر أزرق كما حدث في نهر دجلة عندما دخلها هولاكو .. كل الرواية السورية سرقت .. وكتب على الورق السوري الابيض بالحبر القطري المسموم .. وحبر النفط وحبر الصهاينة وحبر العثمانيين والأوروبيين .. وكل من يقرأ الرواية السورية سيقرأ كلاما مكتوبا بغير حبرنا ..
ومايجب ان يحدث في اي مصالحة مع العرب هو أن يلقوا بكل تلك الروايات عن الحرب السورية في البحر .. ويعيدوا تعليم شعوبهم الحقيقة كي تكتب للشعوب العربية التي تستحق ان نصالحها وان نبين لها انها كانت ساذجة وضحية خدعة كبيرة حقيرة شريرة ودعاية سوداء صهيونية ..
وغير ذلك سيبقى اعادة لنفس خطأ احداث حماة التي صالحنا فيها الجميع ولكننا تركنا الرواية الاخوانية هي التي تكتب عما حدث في حماة وسجن تدمر .. بل ان الرواية الاخوانية دخلت في الادب القصصي والروائي .. فكتبت احلام مستغانمي مثلا رواية (الاسود يليق بك ) وثبتت فيها الاحداث والسلوك الحكومي السوري من وجهة نظر اخوانية .. فعندما حدث الربيع العربي المشؤوم صدق الناس الروايات النفطية بسرعة ودون جهد لاقناع احد حتى السوريين العاديين .. لأنهم فورا تذكروا الرواية الاخوانية عما حدث في الثمانينات بكل مافيها من تزوير وتلفيق والتي كانت تتنقل حرة بين الناس دون من يعترض عليها او يبذل جهدا لتصحيحها او تحديها .. والسبب هو ان الرواية الاخوانية هي الرواية والسردية الوحيدة المتاحة كمرجع لسلوك الدولة السورية .. ونحن لم نكن نعتني بروايتنا الحقيقية ونعترف فيها بكل الاحداث والمذنبين فيها ومسؤوليتنا ومسؤولية الاخوان الكبرى .. وطمرناها مع قصص كثيرة دون تحقق ودون شرح .. فنبتت وكبرت كالأشجار وأثمرت فيما بعد أشواك الربيع العربي والثورة السورية وتعاطف الشعوب العربية مع حفنة من المتمردين القتلة والمجانين والأغبياء .. وتحولنا من جديد للدفاع ضد تهم وتزوير لاضفاف له .. ولكن كم هو صعب ان تقتل الروايات الشريرة بعد ان تكبر .. وكم هو صعب ان تقطع الأشجار المعمرة الكبيرة التي تصبح مثل أشجار ابليس وأنت لاتملك صوتا كالفأس … ولو كنا أكثر حكمة لصنعنا من أصواتنا ورواياتنا فؤوسا تقطع كل شجرة كاذبة ملعونة شيطانية منذ احداث الثمانينات .. واذا لم نقم بهذا اليوم فان اي معركة وتحريض علينا في اي مواجهة قادمة سنجد ان الناس ستتذكر فورا وبسرعة فائقة الربيع العربي والثورة السورية كما رويت لهم بكل وقاحتها وكذبها الأسود .. وسنجد اننا أمام غابات أمازون من الكذب ولن تنفع عندها أي فؤوس .. فماذا ستقطع الفؤوس في غابات الامازون المهجورة ؟؟
تذكروا ألا تعيدوا نفس الخطيئة .. ولتغيروا الرواية كشرط اساسي من شروط العودة كي تستعيدوا الشعوب ولايكفينا المديح العربي والعواطف عن العروبة وعن الحضن بل يجب ان نشترط ان يعاد قول الحقيقة في شروط صك العودة ..
ولتصنعوا من الأصوات فؤوسا تقطع الأشجار الملعونة منذ الأن .. الصوت كالفأس ان عرفنا متى وكيف نضرب به .. وكل تأخير سندفع ثمنه لاحقا بكل تأكيد .. واياكم من تصديق الكلام المعسول .. وخاصة ان كان عربيا او .. اسلاميا .. او عثمانيا ..


