هذا المقال ليس للسوريين .. بل هو لشخص واحد كي يقرأه بتمعن .. وهو مواطن مصري وجه الي رسالة .. ووجدت ان من واجبي ان أرد تحيته بأحسن منها ..
ويبدو أن تنويهي الى اسم السادات في بعض مقالاتي استنفر بعض محبيه ومريديه المصريين وكتب لي أحدهم بين العتاب والغضب قائلا:
أنا كنت بقرالك بس انت زودتها أوي في حكاية التشهير بالرئيس السادات رحمة الله عليه .وامبارح نشرت مقال لواحد سوري برضو بيتكلم على خيانة السادات. ياأخي الراجل اللي يتقول عنو خاين اثبت انو عندو بعد نظر خارق عشان هو توقع البلاوي السودة دي كلها وكأنه كان شايفها النهارده . دي عبقرية والكل بيشهد بذكاء السادات حتى مناحم بيغين قال انو الوحيد اللي ضحك علي هو انور السادات. وعشان كدة دلوقت احنا بنعرف انو هو اختار يسيب العروبة والعرب وينتبه لمصر أولا وانت شايف احنا رجعنا سينا وانتو مو بس خسرتو الجولان انتو خسرتو نص سورية يعني لو كان الراجل بتاعكو حافظ سمع الكلام من خمسين سنة وماركبش دماغو كانت سورية في عز ومش متبهدلة. انتو السوريين مع احترامي ليكم بقيتو مسخرة بحكاية الصمود والتصدي والشعارات الهايفة . والله عيب تتكلمو على الراجل العبقري وانتو متبهدلين عشان ماسمعتوش كلامو . وخلينا نشوف شعارات حافظ الاسد وحزب البعث ح تعمل لكم ايه.
محمد ****** – مصر
==========================
صديقي العزيز
لاأستطيع أن أخفي اعجابي بالشعب المصري الذي رغم كل سنوات التطبيع لم يلغ في وعاء الكيان الصهيوني وحافظ على مسافة بعيدة بينه وبين اسرائيل .. رغم دعوة التطبيع السخية وولائمه العامرة .. فأنا لم أسمع يوما بمهرجان اسرائيلي في مدينة مصرية رغم ان المصريين عموما قد تم استئصال شأفة التمرد فيهم على الغرب منذ لوثة كامب ديفيد .. ورغم انهم يرون في عرابي بطلا وفي سعد زغلول بطلا الا انهم يرون في السادات بطلا ولايرون في ناصر الا أنه مغامر فاشل مع أن جرأة عرابي على الخديوي والانكليز لاتقاس بجرأة عبد الناصر على الملك والانكليز كما ان مايلام الخديوي توفيق عليه فعله السادات تماما عبر انصياعه لكل طلبات الامريكيين والاسرائيليين .. الى حد أذهل قادته العسكريين الذين كانوا يفاوضون كعسكريين ويرفضون بشدة اقتراحات كيسنجر المهينة فيفاجئهم كيسنجر بالقول انه لاداعي للاعتراض لأنه حصل على التنازل المطلوب من الرئيس السادات قبل ان يدخل اليهم (راجع أعترافات ومذكرات عبد الغني الجمسي) ..


المصريون يعيشون أحيانا حالة من الفصام الوطني .. فهم وطنيون متعصبون جدا لمصر ولكنهم تعرضوا لهزة ورجة في معاييرهم الوطنية .. وصار هناك قطبان في العقل المصري هم قطب الساداتية وقطب الناصرية .. ولكن قطب الناصرية يتآكل لأن الافكار الساداتية يتم دوما اعادة انتاجها وتسويقها وتلميعها واعادة توزيعها بأشكال مختلفة .. حتى صارت ادانة السادات او لومه نوعا من العيب الوطني لأنه يمثل الوطنية المصرية التي حاربت وانتصرت واستردت سيناء وضحكت على الاسرائيليين وتوقعت سقوط العرب لانهم خرافة قومية .. ولكن عملية تعليب السادات وتلميعه مستمرة يوميا مثل تعليب الهولوكوست في اوروبة .. وعملية اخفاء عيوبه الشخصية وعيوبه النفسية وعيوبه الاخلاقية والرئاسية والايديولجية مستمرة ..
اذا لم تتم محاكمة الرجل الا في اعلام محب له ومنحاز او اعلام غربي فهذا شأن المصريين ونحن سنترك محاكمته الحقيقية للتاريخ ولكننا معنيون بتفكيكه وتشريحه وتشريح عبقريته لك انت على الاقل لتعرف انه لم يكن عبقريا وان الكلمة الحقيقية التي تليق به هي أنه أخطر شخصية سياسية في التاريخ لأنه أغبى شخصية سياسية في التاريخ .. وأما اتباعه التقية السياسية واخفاء نواياه واستخدام مهاراته التمثيلية فهي موهبة في الخداع والتضليل كي يصل الى كرسي ناصر فانها كانت تمثيلية مدعومة الى حد بعيد ببروباغاندا اعلامية هائلة رافقته وبرعاية سعودية أرضعته النصائح منذ ان كان يتولى ملف حرب اليمن التي خسرها ولكنها أضيفت الى خسائر ناصر ولم يقل احد ان السادات فشل في اليمن كما فشل المشير في سيناء .. وحتى هذه اللحظة هناك شكوك عن دوره السري وعلاقته بالسعوديين – التي ظهرت لاحقا – أثناء توليه ملف حرب اليمن وتسببه بخسارتها بسبب معلومات كانت السعودية تحصل عليها بطريقة غريبة لم يفهمها المصريون .. والغريب أيضا انه بخلاف ناصر الذي لم يتدخل في حرب 67 في قرارات القادة العسكريين .. فان السادات وهو الضابط في سلاح الاشارة ولاخبرة له بالحرب والميدان الا لسنتين فقط – قبل ان يركب بالصدفة في مركبة الضباط الاحرار – هذا الضابط الضعيف والذي لم يلتحق بدورات عسكرية ولاقيادة أركان تدخل في حرب اكتوبر وكانت كل قراراته كوارث حقيقية .. ولن ننسى أنه تسبب في ابادة كتائب الصاعقة المصرية التي زج بها غرب القناة لمواجهة الاسرائيليين رافضا اي اقتراح لسحب كتلة مدرعة تواجه المدرعات الاسرائيلية … ولم ننس خطته المجنونة لتطوير الهجوم التي ابادت 250 داباة مصرية برجالها في ساعات الفجر .. موت مجاني لعبقرية السادات التي لم يكن فيها يستعمل عبقريته واستشرافه لليوم التالي رغم ان القادة الميدانيين جميعا حذروه وأكدوا له ان العملية انتحار وهي هدية مجانية لاسرائيل وقرابين مجانية من الجنود المصريين دون مبرر لانها دون غطاء جوي .. هكذا نحر السادات 250 دبابة مصرية بجنودها مجانا .. وسمي بطلا ..
المرضعة السعودية نصحت السادات بالتخلص من عصر ناصر واسمه بالتخلص من ثلاثة أشياء: أولا: رجال عبد الناصر عبر تدبير حكاية مؤامرة مراكز القوى التي تشبه انقلاب صدام حسين في قاعة الخلد التي تخلص فيها من كل البعثيين الراغبين بالوحدة مع سورية.. نفس التكتيك والمسرحية اتبعها السادات .. ثانيا: التخلص من شعارات عبد الناصر بتحويلها الى شعارات فارغة بلا قيمة واقعية وتحويلها الى ضوضاء للجماهير .. ثالثا: التخلص من جمهور عبد الناصر باطلاق الاخوان المسلمين في الجامعات المصرية التي كانت مصنعا لانتاج فكر عبد الناصر .. وهنا أهم وأخطر شيء حدث ونحن اليوم جميعا ندفع ثمنه وسندفع ثمنه الى عقود قادمة .. انه الموجة الاسلامية التي انطلقت من الجامعات المصرية في تلك اللحظة ..
وهنا لاداعي للقول بأنه كانت للسادات نظرة استشرافية للمستقبل وأنه قرأ العيوب والكوارث القادمة .. بل انه هو شخصيا هو من تسبب بكل الكوارث التي نشهدها اليوم .. انه صانع كوارث اليوم وكوارث المستقبل .. ولولاه لكان الشرق في مكان آخر تماما أفضل .. فلو تخيلت معي انه لم يذهب الى سلام مع الاسرائيليين .. وانه ايضا لم يحارب الاسرائيليين ولكنه أبقى اسرائيل تحت الضغط بأن الجبهة المصرية ليست آمنة وان مصر حارسة للعمل العربي المشترك ..
تعال نشرّح ادعاءك انه (استشرف بعبقريته البلاوي المنيلة) لمصائبنا وخيبات العرب ورآها كا لو انه صوفي تجلت له الرؤيا .. وأرجو ان تنبش من ذاكرتك ان احدى أخطر الخطوات التي ارتكبها السادات باعتراف الساداتيين أنفسهم هو أنه أخرج التيار الاسلامي من القمقم الذي وضعه فيه الرئيس عبد الناصر .. وانتم تقولون بعظمة لسانكم ان السادات دفع ثمن تلك الخطوة في حياته عندما قتله من كان في القمقم .. هذا يدل على ان الرجل كان متواضع الذكاء ولم يقدر ان يرى أبعد من أنفه وانه يخرج العقارب من القمقم ويضعها في جيبه .. ويدل ايضا على انه لم يفكر ولم تسعفه عبقريه ليستشرف الفخ الاخواني عندما استمع الى نصيحة السعوديين باطلاق موجة اسلامية ولقب نفسه بالرئيس المؤمن لأن هذا القرار كان بتنسيق عال من السعودية التي طلبت ذلك وقدمته على شكل نصيحة من رئيس المخابرات السعودية .. ونتيجة هذا القرار تعال نعدد لك الكوارث التي حدثت اليوم بسبب ذلك القرار العبقري للعبقري سابق عصره انور السادات:
نهوض حركة الاخوان المسلمين من الرقاد وانتشارها وافرازها الأشكال الجديدة المعقدة المتمثلة بالقاعدة .. وماحدث هو ان الغطاء الذي كان يمنع الموجة الاسلامية من الفوران هو الغطاء الشعبي القومي الذي حرم السعودية من نشر وهابيتها او تسيدها المنطقة وكانت السعودية عاجزة عن مواجهة المد القومي دون مساعدة من السادات العبقري .. وكما تلاحظ فان رمزية شكل القاعدة (بن لادن السعودي وايمن الظواهري المصري) تقول بأن الوهابية السعودية المتمثلة ببن لادن التقت بالاخوان المسلمين المصريين عبر أيمن الظواهري حيث كانت القيادة للسعودية وليست لمصر .. وهي تعبير عن قرار السادات – العبقري – والسعودية بافراغ الشارع العربي من القومية التي اعتبرها السادات وبالا على مصر وأنها اخذتهم الى حروب لاناقة لهم فيها ولاجمل .. وبسبب ذلك انتشر الاخوان المسلمون في العالم العربي وتطعموا أكثر بالوهابية السعودية بكل قوة وأخذوا شباب العرب الى أفغانستان .. وظهرت نواة التطرف العربي العنفي كايديولوجية .. هل هذا عبقرية أم غباء؟؟ أليس السادات هنا صانعا للدمار لمصر وغيرها بيده أم انه استشرف سقوط العرب في الفخ الارهابي وفوضى الصراعات الدينية؟؟
الغريب ان المصريين اليوم خاضوا مواجهة قاسية جدا مع الاخوان المسلمين وكاد الاخوان يقودون البلاد الى حرب طائفية .. ولكن لاأحد يقول ان اخراجهم من القمقم كان عملا غبيا وساذجا ولعبا أحمق مع العقارب .. أي لاأحد يقول ان السادات كان في منتهى الحماقة والغباء وقلة النظر بتلك الخطوة التي دفع المصريون والاسلام كله ثمنا باهظا .. وكان الكثيرون يرون هذا الخطر منذ زمن ناصر .. ولكن وحده السادات – العبقري ووحيد عصره – لم تر عيناه ابعد من انفه .. فتسبب بهذه الكارثة التي شقت الهوية المصرية والعربية .. وكادت تجعل مصر ولاية تركية .. أو مصرين .. مصر اسلامية .. ومصر قبطية ..
وبسبب هذا القرار الاحمق باطلاق موجة اسلامية عنفية جهادية مدججة بالوهابية من قبل السادات قبل خمسين سنة تم تدمير الاتحاد السوفييتي بالدم العربي والاسلامي الذي لو وفره السادات او وجهه لتحرير سيناء لحررها دون حرب اكتوبر بل بحرب على شاكلة افغانستان .. ولكن عبقرية السادات اعطت اميريكا سلاحا فتاكا هو المقاتل العربي الجهادي الانتحاري الذي دمر الاتحاد السوفييتي الذي كان يساند العرب .. تم تدميره من خلال قنبلة نسفته في أفغانستان زرعها السادات والسعودية .. وطبعا كان لدمار السوفييت اثر سلبي على الموقف العربي وعلى قوة اسرائيل عموما ولم يكن الانهيار العربي لأن السادات توقعه بعبقريته بل لأنه ساهم فيه بتدمير القوة الوحيدة التي كان العرب يستندون اليها قليلا .. واليوم انت والساداتيون تقولون ان السادات بعبقريته تخلص من السوفييت لأنه عرف انهم فاشلون .. ولكن .. من أفشل السوفييت وساهم في تدميرهم؟؟ العرب الجهاديون طبعا والمال النفطي العربي الذي تعزز بالسادات والسلاح الامريكي وقتل القومية العربية بيد السادات التي كانت ستمنع انزياح الشباب العربي نحو اميريكا والجهاد الفارغ في جبال افغانستان ..
وماذا عن اسرائيل وهي تتمتع بهذه الهدايا الثمينة للرجل التوراتي أنور السادات؟؟
وانت لاأظنك تجهل انه بسبب غياب مصر عن أي معركة تمددت اسرائيل شمالا واجتاحت لبنان مرتين .. انه ليس استشرافا لانتصار اسرائيل الحتمي كما يقول الساداتيون .. بل انه نتيجة طبيعية لغياب 90 مليون مصري .. ومليون جندي مصري .. واسرائيل لم يكن بمقدورها ان تفكر باستسهال الامر وتدمير الوجود الفلسطيني في لبنان وتهجيره الى بقاع العالم لولا انها مرتاحة جنوبا وأنها تخلصت من ضغط مليون جندي مصري .. فكل جيشها محتشد شمالا ويمكنه الحرب بدل ان يكون متيقظا من احتمال مواجهة في الجنوب ..
وبالطبع انت لايمكنك ان تتجاهل أنه بسبب قرار السادات بالسلام مع اسرائيل .. فان ايران الثورية عندما وصلت الى معادلة الصراع العربي الاسرائيلي وجدت مصر السادات في طرف اسرائيل .. ولم يكتف السادات بذلك وبدل ان ينأى بنفسه عن الصراع الايراني الداخلي فان السادات الذكي والعبقري استفز الايرانيين وأهانهم وتحداهم باستقبال الشاه ولم يكن مضطرا لذلك .. بل ان اي ساذج ديبلوماسي سيتخذ قرارا انه لاناقة له ولاجمل في صراع الشاه مع شعبه .. وحده العبقري السادات اكتشف معادلة ديبلوماسية لم تجرؤ عليها اميريكا نفسها .. فكان السادات هو الشخص الوحيد على هذا الكوكب الذي قرر تحدي ايران وشعبها واهانتهم واستعداءهم باستقبال الشخص الذي لفظوه وطردوه .. وبرر ذلك بكذبة ان الشاه زود مصر بالنفط في حرب اكتوبر .. وكل وثائق التاريخ فشلت في اثبات هذا الادعاء الكاذب .. وزاد العبقري السادات الطين بلة بأنه قرر الوقوف ضد ايران وبارك اندلاع الحرب العراقية الايرانية .. فلو كان السادات لم يذهب الى القدس ووصلت ثورة ايران ووجدته بانتظارها لتكون مصر مع ايران وسورية والعراق في تنسيق واحد لكان حال اسرائيل مضطربا جدا جدا ..
وبغياب مصر التي كانت صمام أمان للشرق وضابط ايقاع يلجم الثروات النفطية من الاستيلاء على القرار العربي وتضبط الملوك العرب ونزواتهم الخيانية فان الخلايجة استفردوا بالقرار العربي فلم يعد هناك ضابط ايقاع للعرب .. وأخذوا العراق الى حربهم مع ايران وورطوه في حرب 8 سنوات نزف فيها ونزفت فيها ايران .. وخرجت معادلات جديدة في الشرق تلغي الصراع العربي الاسرائيلي وتحل محله صراعا عربيا فارسيا .. وصراعا سنيا شيعيا .. هي أول بذرة لظهور داعش والنصرة والعنف الاسلامي ضد المسلمين .. لأن الحرب العراقية الايرانية كانت اول مظاهر الحرب الطائفية لأن الحرب رغم انها صورت كالقادسية الا انها نقلت الى الوعي العربي على انها حرب السنة والشيعة .. وهي أول بذرة لتحريك الشعور الطائفي الذي اجتاح المنطقة منذ تلك اللحظة .. والتي وصلت الى مصر نفسها في عصر وخطابات محمد مرسي ..
وبسبب انكسار الحاجز النفسي والخجل من التطبيع والتفاوض مع الاسرائيليين ظهر الملك الجاسوس حسين وجاهر برغبته في ترجمة الخيانة الى معاهدة وادي عربة .. وبسبب ذلك تقاطر المطبعون العرب زرافات ووحدانا لأن مصر السادات كسرت ذلك التابو وصار الحرام حلالا .. وبسبب كل الضعف والخلل الذي أصاب المنطقة وغياب السوفييت وتآكل الردع القومي ضد الخلايجة واضعاف ايران وقع الفلسطينيون في فخ أوسلو ظانين انهم قد ينالون شيئا وان خيار السلام يمكن تجريبه .. ولو كانت مصر لاتزال في موقع ليس في جانب اسرائيل لكان جناح أوسلو الفلسطيني لايجرؤ على الظهور لأن هناك من سيقول لسنا ضعفاء .. معنا مصر وسورية وايران وباقي العرب .. فهل وقعت المنطقة تلقائيا بيد اسرائيل أم أنها وقعت بسبب عبقرية هذا الرجل الذي لم يكن يدري انه أعظم هدية لاسرائيل التوراتية؟
مايدهشني أن كل المصريين لايزالون مقتنعين في كلامهم وخطاباتهم أن اسرائيل عدو .. وان اسرائيل تتآمر على مصر في داخلها وفي خارجها وأن لها يدا في سد النهضة .. وفي اطلاق الارهاب الاسلامي في داخل مصر وفي سيناء .. وفي وصول الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر .. ومع هذا يقولون لك ان السلام مع اسرائيل عبقرية مصرية ابتدعها السادات سابق عصره .. وهذا تناقض غريب لايفهم .. فكيف ترى السلام مع من تراه عدوا لايتوقف عن ايذائك ؟؟ بل هل تفعل مصر مايسيء لاسرائيل وترسل وتدعم مقاتلين يهددون أمنها من باب المعاملة بالمثل ؟؟ لأن اسرائيل لن تتصرف مثل مصر في هذه الحالة وستقوم بالرد على مصر وتهديدها ..
منذ فترة استمعت الى لواء في الجيش المصري شرح بدقة استراتيجية اسرائيل في سيناء .. فهي ترسل مجموعات (أكناف بيت المقدس) من غزة وتقوم هذه المجموعات بقتل ومهاجمة قوات الشرطة والجيش المصريين .. ثم تفر هذه السيارات التي تنقل مقاتلي (أكناف بيت المقدس) الى اسرائيل وليس الى غزة !! .. وهذا غريب لأن المنطق يفترض ان يفر هؤلاء الى اي مكان الا اسرائيل .. ولكنهم يتوجهون بقوة نحو الحدود مع اسرائيل وكانهم مطمئنون انهم سيلاقون ملاذا ووعدا بالحماية .. وهناك يتم قصفهم وتصفيتهم جميعا عبر طائرات اسرائيلية تكون وكأنها تنتظرهم وعلى علم بالممر الذي سيتخذونه .. وتفسير ذلك حسب الضابط المصري هو ان هؤلاء الارهابيين صناعة اسرائيلية لابتزاز مصر .. وكيلا يتم كشفهم يطلب منهم الاسرائيليون تنفيذ العمليات والهروب نحو اسرائيل لاخفائهم .. ولكن تتم تصفيتهم فورا كيلا تضطر اسرائيل لشرح سبب دخولهم اليها .. وسيكتشف المصريون عندها انها خلايا اسلامية يديرها الموساد فيتم تصفيتها فورا قبل ظهور اي تحقيق .. وتبدو اسرائيل انها تصرفت ببراءة لحماية حدودها وليس لاخفاء معالم الجريمة وأدواتها .. أي مثل شخص يقتل المجرم الذي نفذ له جريمة وقرر التخلص منه كي لايقع في أيدي الشرطة ويعترف .. وماتستغله اسرائيل ان معاهدة كامب ديفيد لاتسمح للجيش المصري بتجاوز بضعة كيلو مترات شرق السويس الا بعد الحصول على اذن اسرائيلي .. يمنح ل 30 يوما فقط وبعدها يجب ان تخرج هذه القوات دون أي تأخير .. اي ان الجيش المصري صاحب انجاز العبور لايقدر ان يعبر شرق القناة الا بعد الحصول على فيزا سياحية في سيناء فقط ل 30 يوما فقط .. يغادر بعدها دون أي تأخير ..
أعرف ان ماقلته سيستفزك أكثر وسيغضبك أكثر وأنك ستنبش مشاغبات كثيرة عما يقال عن الجولان وعن الوجود الروسي والايراني .. ولكن تذكر ياصديقي ان اسرائيل تقصقنا نحن ولاتقصف تركيا ولامصر ولاالسعودية ولاقطر ولا القاهرة ولا موزامبيق .. العدو يقصف عدوه ومن يسبب له خطرا وقلقا .. وهذا شرف لنا اننا ورغم كل المآسي التي تسبب بها السادات فاننا لم نمنح اسرائيل الشعور بالأمن والامان .. وأنها لاتزال تحس انها في خطر وانها لاتنام .. ومعها كل الحق .. فانها ستصل يوما الى نهايتها ككيان غريب .. وسيحاكم التاريخ كل شخصيات هذا الزمان .. وسيعرف الجميع ان اسرائيل عاشت أكثر بسبب هدية توراتية اسمها .. أنور السادات ..
الله يحمي مصر والمصريين الطيبين الأنقياء الذين تعلمنا منهم .. وأكلنا معهم وقاتلنا معهم ومتنا معهم .. والذين استقبلوا السوريين دون أن يذلوهم بعنصريتهم كما الاتراك .. وليس لدي أي شك أنهم سينهضون ويقاتلون ويعبرون ماهو أهم من قناة السويس .. أهم مانع نفسي حل محل قناة السويس وهو كامب ديفيد التي اقنعتهم ان اسرائيل ستتركهم في حالهم ..
حمى الله مصر من مصر نفسها ومن بعض المصريين الذين لايزالون يدخنون الكيف من حشيشة اسمها كامب ديفيد ..
مع فائق محبتي ومودتي