هل أقرّ وأعترف بأن أصغر الكلمات هي أخطر الكلمات .. ففي بعضها حشوة ناسفة تنسف كل مابعدها وماقبلها .. لكن كلمة لو هي التي يخشاها قلبي وعقلي .. وأتساءل عن هذا المخلوق اللغوي الغامض .. لأنه يفتح مجال الندم كلما تقدم الكلام .. وهو كائن كلما سكبته في شريان البيان أصيب الكلام بمرض اسمه الحيرة واللاأدرية .. وفيه شيء من الرياضيات والاحتمال والترجيح ولكنه يقينا يقول انك لاتملك الجواب القاطع واليقين ..
فماذا لو لم يكن الوجود؟ هل كان العدم أم شيء آخر؟ فهل هناك حيرة تفوق هذه الحيرة؟؟ وماذا لو ان يهوذا لم يسلم السيد المسيح أو ان احبار اليهود قبلوا بعرض بيلاطس ان يعفو عن السيد المسيح؟؟ وماذا لو ان النبي محمدا لم يعف عن أبي سفيان وأسرته في فتح مكة .. هل كان التاريخ الاسلامي سيتغير؟؟ وهكذا .. انها أسئلة لاتعرف قرارا وتلقي الحيرة في قلب الحيرة الحائرة .. انها الأجوبة المستحيلة .. والتي يتسرب منها الندم من بين أصابع الحيرة .. وتتسرب الحيرة من أحداق الندم ..
ولذلك فانني لم أعد أزور تلك الأمنية القديمة التي كانت تقول ماذا لو اننا سكبنا كل صواريخنا في تل أبيب في عام 2011 .. ؟؟ هل كنا سنمحو عشر سنوات من الحرب عندما تستغيث اسرائيل وتطلب من شيوخ النفط ان يوقفوا تمويلهم للحرب وتأمر اردوغان ان يخرس ويجمع عملاءه ويقعد في استانبول لينادي على البطيخ الذي كان عمله الاصلي .. مجرد هذه الـ (لو) تجعلني سقيما .. لأنني لاأدري كيف كان مصير الحرب فيما لو حدث ذلك؟ هل كان سيتعقد؟ .. هل كنا سنجر العالم الى حرب عالمية لأنه تبين ان الغرب والشرق كانا منقسمين جدا بشأن الحرب على سورية؟ ولكن يقينا ان اسرائيل كانت ستدفع معنا الثمن وستندم ويندم معها الغرب ان عشرات آلاف الصواريخ انغرزت في جسدها .. وربما لم تظهر داعش والنصرة وبقيتا في بطن السعودية وتركيا ..


اليوم وأنا أرى أنصار الله يصلون الى الأمارات فانني لاأخفي سروري ان الخليج يهتز .. لأنه لم يعد خليجا عربيا .. بل هو هندي او بنغالي أو بريطاني او اسرائيلي .. ونلاحظ ان المصابين والقتلى من هذه الضربات ليس بينهم عربي .. لأن العرب هم أقل من أقلية وهم العملة النادرة في بعض المدن التي تحولت الى خليط أممي.. عدد منظفي القمامة فيه أكثر من اعداد العرب .. وفي الضربات القادمة ربما سيموت اسرائيليون اكثر مما لو قصفت تل أبيب ..
ولكني سأعيد زيارة (لو) وأقول: لو يضرب كل المتألمين اسرائيل انتقاما لما يجري في بلدانهم فان آلامهم ستتوقف .. ان اسرائيل لم تتحمل سيف القدس من غزة .. واستنجدت بالوسطاء .. ولجمت طيرانها .. وصارت كلما أضرب أسير واقترب من الموت تخشى ان يموت فتعاقبها صواريخ غزة وصواريخ الكورنيت التي أوصلها محور المقاومة لغزة ..
اي ماذا لو ضرب أنصار الله اسرائيل بدلا من الامارات لأن اسرائيل أقرب من الامارات .. فرحلة الصواريخ الى الامارات قطعت 3000 كم .. بينما رحلتها الى اسرائيل اقل من 2400 كم .. هل تخشى اليمن ان تقصفها اسرائيل غضبا وتتعقد الحرب عليها؟؟ ولكن اسرائيل طرف رئيسي في الحرب .. وقرار الحرب ليس في السعودية بل في واشنطن وتل ابيب .. فهاتان العاصمتان لاتدفعان من جيبيهما قطرة دم او فلسا واحدا .. فتكاليف الحرب عربية .. والدم المراق عربي على الجانبين ولذلك قد تستمر هذه الحرب مئة سنة لأن اسرائيل واميريكا تبيعان التكنولوجيا والقنابل والطائرات والخبراء .. بل ويتدرب الطيارون الاسرائيليون على القصف الحي في مشاركات مباشرة مع الطيران السعودي والاماراتي .. اي ان ضرب تل أبيب من قبل انصار الله هو رد مناسب وانتقامي وهو من شروط الحرب الصحيحة لان الضرب يجب ان يسدد على جميع اقطاب الحرب وخاصة رأس الأفعى فيها ..
واذا غضبت اسرائيل فانها لن تجد اي هدف تضربه بعد اليوم لان الحرب التي تقوم بها دويلات النفط مع اسرائيل على اليمن دمرت كل شيئ .. واذا قررت اسرائيل القضاء على انصار الله فان عليها ان تبيد الجبال القاسية والقاحلة الصخرية في اليمن كي تنتصر .. انها أعقد من جبال افغانستان .. وتحتاج الى كل القوات الجوية الامريكية وكل مخازن السلاح في الناتو لتدمر 2% من تلك الجبال والقمم والمغاور والحصون الطبيعية التي تصنعها تلك الجبال .. انها قمم لاتقهر ..
من جديد لاتزال نظريتي في انهاء الحروب متمسكة بأن ضرب اسرائيل أجدى واوفى وهو الطريق لانهاء الحرب .. فما ان يسل دم اسرائيلي وتتعطل فنادق تل ابيب ومنتزهات المستوطنات والاستثمارات حتى تولول اسرائيل .. ويتصل موظف في البيت الابيض بالملك سلمان وينقل له امر جون بايدن باعلان وقف اطلاق النار في اليمن ..
بالرغم من أهمية الضربة على الامارات فانني لاأزال مقتنعا ان حكام الامارات والخليج عموما لايملكون من قرارهم شيئا .. وانهم مرغمون على الحرب بقرار اسرائيلي .. هم وكلاء ينفذون تعهداتهم والتزاماتهم .. فهم فاقدون للاستقلال .. والقواعد العسكرية هي احتلال علني .. ومن لاينفد القرارات الامريكية فانه في اليوم التالي سيجد أميرا جديدا في مكانه او ابنه او حفيده .. وسيلقى به في غوانتانامو بذريعة دعم الارهاب ..
لو أن اليمني ينتقم لهذه الحرب في اسرائيل .. ولو ان العراقي ينتقم لكل ماجرى فيه من أسرائيل .. قبل ان تحل به الكارثة القادمة التي يدخل بها الان في الصراع الداخلي بسبب اميريكا واسرائيل .. ولو ان السوريين يضربون اسرائيل ربما ستخرج اميريكا وتركيا من الاراضي السورية مقابل ايقاف هذا الرعب .. ولو ان اللبنانيين الوطنيين يضربون اسرائيل لانتهت مشاكلهم وهزم الدولار وصار تحت أقدام الليرة اللبنانية .. وبني ميناؤهم .. وانتهت صراعاتهم لأن اسرائيل ستخرس عملاءها في لبنان من أجل ان توقف ضربها .. بل لو ان المصريين ارادوا ان يستردوا نهر النيل المسروق منهم فانهم سيجدونه في خزائن اسرائيل .. وسيتحرر النيل في اثيوبيا اذا اهتزت تل ابيب … بل ان الليبيين الذين دمرهم الناتو وكان الاسرائيلي برنار هنري ليفي يزور ثوارهم ويحرضهم .. لو انهم اليوم انتقموا وقرروا انهم لن يقاتلوا بعضهم بل يضربوا اسرائيل فان حربهم ستنتهي وسيجدون ان العالم كله يتداعي لحل ازمتهم وصراعاتهم .. ولكنهم أيضا ان لم يفعلوا فانهم على موعد مع نزاع ليبي ليبي سيستمر 100 سنة .. وربما حبة دواء في اسرائيل ستجعل هذا المرض الليبي من المنسيات ..
كم ( لو) يجب ان نعد .. وكلها لو حدث مابعدها وتحقق كنا وبشكل يقيني سنغير وجه التاريخ .. لأن اسرائيل هي مفتاح السر في كل هذا الشقاء الذي تمر به بلداننا وهذا الويل .. واسرائيل هي الكلمة المقدسة التي يخفيها الغرب .. وهي الدمل الذي يجب جرحه ليشفى هذا الشرق المحموم بالحروب ….
هذه أمنية ورأي .. لنا جميعا .. وأخص بها أنصار الله الذي لاتسمع أوجاعهم أذن على هذا الكوكب الا قليلا ..فاذا رآهم العالم اليوم لأنهم وقفوا على أبراج دبي ولوّحوا بأنهم موجودون .. فان هذا العالم الاناني المتوحش لن يسمع وجعهم الا من تل أبيب .. هناك سيسمعون جدا .. وسيكونون على قمة ايفرست في اهتمام العالم وأخباره .. ومن فوق تلك القمة سيصيح اليمنيون في وجه هذا العالم الحقير الذي كان لايراهم ولايرى ضحاياهم ولاأطفالهم الجياع ولايسمع أيتامهم وأطفالهم .. انهم موجودون .. وليكن شعارهم .. أنا أضرب في تل أبيب .. اذا أنا موجود ..