عندما أكون أسير تلك الرؤية التي تجذبني لكي أهبط من سماء العقل إلى سعير المزاج ظنا من أنني أحقق نفسي النيرة فأنا لسوف أحقق نفسي المصلوبة على خشبة الأنا والأنا في هذا العالم المنكوب بالظلمات ليست كما تشهدها الناس .الأنا حارس جبان يحرس فارسا جريحا في معركة لاتخسف فيها الاجساد بل الحقيقة والأنا وباء يفتك بجمال الإنسان وهو داء خفي لايعلن عنه إلا بعامل ضعف احيان وخبث احيانا أخرى والأنا كمائن الشر يقع فيها من لم يسلم من سطوة مزاجه الغالب عليه عزم اللحم والدم لا عزم الصفاء فمن لايستطيع الغفران لمن أخطأ بحقه فهو محكوم بالأنا الضحلة المستقرة في قرار الضعف والتي ليست بشيء من وقار الفكر والأنا المريضة العمياء هي التي لاتستطيع مغادرة رأيها إلى ممازجة الأراء الأخرى التي غايتها السلام ..
والأنا العاجزة عن النجاة من لجة الضعف هي تلك النفس التي لاتستطيع تحقيق وجودها في المجتمع إلا بعرض المظاهر كالمرء الذي يستعير قوته من السلاح حيث يظهره للناس يريد أن يقول لهم إنني قوي فما ذلك إلا لحاجة القوة المفقودة في نفسه. والأنا الضعيفة المفترسة من ذئاب المزاج تتجلى في مظاهر ابراز القوة فمن يلثم زجاج مركبته بالسواد ويغرقه بالظلام يريد أن يتخفى بقصد الظهور ولا أطلق هذه الظاهرة بلا تقييد إذ أنني أقيد هذه الظاهرة عند من يحب هذه المظاهر كذوق في الاقتناء وليس كعامل اثبات وجود نفسي .إن ماأتحدث به لكم هو مرض مستشر في مجتمعاتنا الشرقية التي تعاني من عدم القدرة على التمييز بين قوة الجمال وقوة الضعف.
ياصاح : كم من مرة جلست إلى الشيطان وأنت تظن أنك جالست التجربة والخبرات الاجتماعية وخضت المواجهات بروح الفروسية بينما الحقيقة هي أنك كنت رفيقا مخلصا لرفيق لايعرف شيئا عن الإخلاص وعلى الرغم من هذه الحقيقة فأنت تقفز من نفسك لتصارع الواقع والأحداث وتتفجر غضبا قائلا لماذا يقع كل هذا ضدي إلا أنك أنت من صنع كل هذا .إننا نحن من نصنع الواقع وليس الواقع هو الذي يصنعنا وما من أحد بريء من قيام المشكلة إلا حين يكون جزءا من حلها وليس من المشكلة أما عن الطقوس الدنيوية المنكوبة فإنه بمستطاعك أن تتعرف على الأنا وكيف يكون طمس الفكر التقي في مواجهة ويلات الزمان ومحن الدنيا.فإن النفس التي رشدت أمرها وعرفت مكرها واجتنبت يأسها وتفوقت على ضعفها تلك التي تتقلد القيادة و تؤسس النواة في أي مجتمع وتلك التي يهيء لها الظرف الوحشي الإشراق فتتمكن من قيادة المجتمع فكريا بلا تسلط وزعامة فكل رغبة جامحة الى تزعم هي رغبة ناتجة عن شهوة والشهوة لاتحكم الأنفس الكبيرة بل الأنفس الصغيرة التي لم تحقق كبرها إلى في الرغبة إلى السلطة.

وأما حين تشتد وطأة الأحداث على حياة الناس فإن كبار الأنفس بالفطرة أيا كانت أعمالهم يعملون على تجنب المواجهة البينية واستيعابها ومن ثم نفيها من أي حسابات لأن الأمة في حال غير عادية فلا يستنفر الناس إلا لأن يكونوا للناس ومعهم لا عليهم وهذا عمل النواة الإجتماعية وغير ذلك فهو عمل مدمر يعيق الإنتصار على الحروب. ومع هذه الوقائع تكون الرغبة لدى الناس في أمرين وهما معرفة حقيقة مايجري ورغبة التخلص مما يجري وهنا تعمل النفس النيرة على انجاب الحياة واشاعة الأمل قبالة شعوذة الأفكار الأخرى في قراءة الوقائع إذ لايمكن للضوء أن يشع عبثا لأن مهمة القنديل ليلا ليس أن ينير لك الدرب والبيت فقط بل أن يبعد اللصوص عنك أيضا وهكذا يعمل العقل النير في إبعاد الأراء المنفعلة عن قراءة الوقائع لأنها تخدم المشكلة بسوقها إلى أقاصي المجهول دون حلها. إن العقل التقي هو الذي يخرج الأفكار من الظلمات حتى لوكلف هذا الخروج ألما عظيما .إن الشعوب التي تعمل لأجل أن تأكل فقط هي شعوب تمارس حياة لاحياة فيها فكل أمة لا ترفع القضايا الأخلاقية راية هي أمم من الأمعاء ولابد أن تتفشى فيها الأمراض الاجتماعية لأنه لاقضية قدسية لها..
اتكلم إليكم و لست واعظا بل رافقت الخطيئة وكانت لي رفيقا ولهذا أكتب كلماتي من خمرة رحلتي مع الخطيئة والضعف وليس من ترفع صنعته الأنا الجبانة.
ياصاح : لوأن الجمال سأل القباحة عن الجمال لن تجيب القباحة عن ما في الجمال بل عما مافي ذاتها ولهذا قدر للأنفس النقية أن تتخلص من الأنا الملبدة بالضياع والمشوهة بالقبح .فإن ظننت أن الأنا العاجزة هي مجرد أن تتكلم بعض غرباء الاحوال الجميلة لإظهار الجمال والتحدث عن اعمالهم الطيبة فهذه الأنا تحتاج لدائرة من كبار الأنفس لتقبلها أما الأنا المتكبرة فهي في الحقيقة من تنهب كرامة الآخر عندما يقع في الخطأ فهنا تكون الأنا عند من يشهد الخطأ ويتحدث به ولايصلحه ولو كان ممتنعا من وجود الأنا المضمحلة في اللحم والدم لما طارد خطايا الآخرين.
من الـ iPhone الخاص بي