سفراء النفط الأسود وفرسان الاقامات الذهبية .. فن الرسم بالزيت الأسود .. وفن الاحتراق بالنفط

قد تكون الحرب مكلفة وقاسية .. ولكنها عملية تنقية وتقطير .. وهي على قسوتها ومرارتها فانها تكشف لك الغث من السمين .. وهي الاختبار الوحيد على الاطلاق الذي يكشف الشجاع من الجبان .. والخائن من البطل .. والواعظ من المنافق ..
كم كانت أوطاننا تعج بالثرثارين والوعاظ .. الذين كنا كلما مروا بنا وقفنا لهم احتراما وضربنا لهم التحية والسلام .. والذين كانوا يقرعوننا على اننا لن نتقدم ولن ننهض لأننا قاعدون بلاهمم .. وأننا لانتعظ ولانتعلم .. وأننا نباع ونشرى .. وأننا مرضى وهم الأطباء .. وأننا جاهلون وهم الفلاسفة .. وأننا الجهلة وهم الأنبياء .. وكم كنا نباهي بهم ونتفاخر بأنهم عزنا ونخبتنا ولساننا وسفراؤنا .. فاذا بالحرب تكشف لنا ان من يؤستذ ويلقي الدروس والمواعط هو تلميذ راسب فاشل في اختبار الوطنية والمروءة .. وانه يجب ان يبقى موعوظا له الى ان يموت .. وأننا صغرنا بهم .. واننا نحس بالاهانة والعار من أنهم كانوا من يعلمنا ويتفلسف علينا .. واننا اليوم نحس بالذل بسببهم والخجل بسببهم .. وانهم يباعون ويشترون .. وانهم ليست لديهم قلوب بل جيوب .. قلوبهم في جيوبهم .. وجيوبهم عميقة وواسعة وان سراويلهم التي يرتدونها هي كلها جيوب .. بل انهم مستعدون لتحويل ربطات عنقهم الى جيوب .. ومناديلهم الى جيوب ..


عندما تسمع مايقوله فنان مصري مثل محمد صبحي عن فلسطين والصهيونية .. وهو من بلاد كامب ديفيد تعرف ان الوطنية والبطولة لاتحتاج حقنا من الشجاعة .. بل هي في الدم ومنغرزة في الجينات .. ولاتظهر الا عندما تجرد من أوسمتك ونياشينك … وستعرف أن الرخاوة الوطنية والميوعة الوطنية والسياسية والتبلد الانساني سببه ان من يشرب النفط ستكون له لزوجة النفط في الروح والنفس .. وستكون له موهبة الرسم بالزيت الاسود .. فريشة فنه التعرف الالوان السبعة .. تعرف فقط اللون الاسود النفطي ..

ومن تكن له موهبة الرسم بالزيت سيكسب منه سواده وسهولة احتراقه .. فما أكثر من احترقوا في هذه الحرب وتفحموا .. بمجرد ان لامست أجسادهم نار الحقيقة ..

محمد صبحي تفوق على كل ثرثاري الكوميديا السوداء وابطال المسلسلات النفطية .. وفرسان الاقامات الذهبية .. والذين صاروا الان سفراء النفط الاسود .. وسفراء التطبيع الذين يطبعون بصمتهم .. ويطبعون بمدائحهم .. فكل من يصمت عن التطبيع بحجة ان الفن لايتدخل في السياسة فانه يساعد التطبيع والمطبعين .. بل انه هو أول المطبعين .. فالتطبيع يحتاج فقط الى شيء واحد وهو الصمت .. الصمت الذي لف المنطقة فجأة ولم نسمع اي ثرثار غمس صوته بالنفط خرج ليقول حرفين في كلمة (لا) .. سكت المفكرون والفنانون .. ومارسوا فن الغوص والغطس في بحار النفط الاسود .. والاقامات الذهبية .. والجوائز .. والعقود ..

اتحدى اي فنان ممن نالوا شرف التطويع من اجل السكوت عن التطبيع .. أتحداهم فردا فردا .. ان يقولوا كلمة واحدة فقط عن فلسطين هذه الايام .. انكن ستسمعون زمجرة الديناصور .. ولن تسمعوا تغريدة صغيرة لعصافير الفن العربي .. التي تغرد في أقفاص الخليج .. وكل امير نفطي محاط باقفاص .. فيها طيور عربية من كل الانواع .. وفيها نسانيس وقرود وطيور بطريق .. فاجأني كم النسانيس التي كانت بيننا تمشي وكأنها أسود ونمور ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s