آراء الكتاب: بوتين .. نسخة أندروبوف – بقلم: علاء مريش

الصديق نارام تحية محبة وتقدير :

‎قصة بوتين لا تبدأ منذ وصوله للسلطة بل تمتد لمرحلة وفاة الرئيس السوفياتي بريجينيف 1982والتي عرفت مرحلة حكمه مرض الاتحاد السوفياتي عندما جاء بعده للسلطة ” يوري اندروبوف”وحاول اعادة الامور الى نصابها على المستويين الداخلي والخارجي ( ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة قالها في جنازة بريجينيف رداً على القرار الامريكي انذاك بحظر تصدير القمح للاتحاد السوفياتي ) ( استقبل حافظ الاسد ولبى كل طلباته التي لم تكن تجد آذان صاغية إبان حكم بريجينيف ووقعا سوياً معاهدة دفاع مشترك رداً على اتفاقية التعاون الاستراتيجي التي وقعتها الادارة الامريكية مع الكيان الصهيوني ) ( طلب من ياسر عرفات مغادرة موسكو بعد انتهاء مراسم تسلمه السلطة رافضاً أستقباله طيلة فترة حكمه كون قائد ثورة يسلم سلاحه ويذهب للمنافي لا يستحق ) الا ان فترة حكمه القصيرة بفعل موته المفاجئ 1984 !! سمحت لمنظومة الفساد التي انتشرت في المرحلة السابقة من الانقضاض على السلطة بقيادة ( غورباتشيف و يلتسين) مؤسسي ما سمي حينها بالبروستريكا والتي اسهمت لاحقاً بتفكك الاتحاد السوفياتي 1991 رغم محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها قادة الجيش قبل انهيار الاتحاد السوفياتي بأشهر قليلة ، وسادت من يومها ما سمي بسياسة القطب الواحد.

الرئيس بوتين بما يحمل من صفات هو نسخة أندروبوف إن يكن تلميذه . “”ابتسم حافظ الأسد ابتسامة راضية، وهو يستمع إلى المترجم الروسي ينقل له كلمات يوري أندروبوف الحاسمة: «تأكد، يا سيادة الرئيس، أننا لن نخذلك. ولن نتركك تجابه أعداءك وحيداً». صمت الزعيم السوفياتي قليلاً، قبل أن يضيف، بنبرة ودودة، وهو يتطلع من خلف نظارته الطبية في وجه ضيفه السوري، ومرافقيه: «سيادة الرئيس، يسعدنا أن نخبركم بأننا نوافق على مطلبكم. وسنعمل على تزويد القوات المسلحة السورية بكل ما ينقصها، ويلزمها من المنظومات الدفاعية».

سكت أندروبوف، من جديد، ليترك للمترجم فرصة نقل عباراته إلى الضيوف السوريين، ثم أردف قائلاً: «وكذلك، فإننا سنعمل على تجهيز الجيش السوري، في القريب العاجل، بهذه المعدات القتالية الحديثة، وبالخبرات اللازمة لتشغيلها، وإدارتها، وصيانتها». فجأة، ارتسم شيء من الضيق على وجه وزير الدفاع السوفياتي ديمتري أوستينوف، وبدا عليه تململ من اندفاع زعيمه الجديد أندروبوف. وقال أوستينوف، وهو يرسم على شفتيه ابتسامة باردة: «أعتقد أن تزويد الأصدقاء السوريين بما طلبوه، يحتاج إلى مقدار وافٍ من الوقت. وأنا أعرف أنّ الرئيس الأسد لا يعوزه الصبر والتفهّم لما يحتاج إليه نقل هذه المعدات الجديدة إلى سوريا من عوائق فنية ولوجستية». ظهر تجهّم على وجه الرئيس حافظ الأسد، وقال لوزير الدفاع السوفياتي: «من سوء الحظ، يا مارشال أوستينوف، أنّ جنود الجيش العربي السوري وضباطه لم يعد باستطاعتهم الانتظار أو التحلي بفضيلة الصبر، بعد كل ما تعرّضوا له من عدوان إسرائيلي غاشم استهدف أرواحهم، وسلاحهم، وكرامتهم». أجاب أوستينوف بفتور: «لكن، يا سيادة الرئيس، يجب أن تتفهموا أنّ كثيراً من منظومات الدفاع الجوي التي تطلبونها ليست متوافرة حالياً، ونحن نحتاج إلى وقت كاف من أجل صناعتها وإرسالها».

حسم أندروبوف الجدل الدائر بين الرئيس السوري ووزير الدفاع السوفياتي، فقال للأخير بنبرة حادة: «إذا لم يكن هناك فائض كافٍ من السلاح الذي تطلبه سوريا، فاذهب وخذه من مخازن الجيش الأحمر، وأرسله، إلى دمشق، فوراً». وأضاف أندروبوف، وسط دهشة كل من استمع إلى كلماته القاطعة، في مساء يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، في قاعة الاجتماعات الكبرى، في مبنى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي: «إنّنا لن نسمح لأحدٍ بأن يهدد سوريا».

كان هذا الموقف العظيم المساند لسوريا بقوّة، أفضل كثيراً مما حلم به حاكم دمشق وتخيّله. شعر الأسد الجريح أنّ الأوان آن لكي يتنفس بعض الصعداء، بعد عَنَتِ السنوات العجاف الخوالي، ومهانتها، ومراراتها.”

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق