الحرب في أوكرانيا .. هل هي بين الكنيسة الارثوذوكسية والكنيس الصهيوني .. بين الانجيل والتلمود؟

أحاول ان أقرأ الحروب دوما كما لايقرأها الاخرون .. فكل الحروب خرساء رغم ضجيج القذائف وصراخ الرجال وحمحمة الموت الهادرة .. لأن الحرب أنثى ولاتقول سرها الدفين بل تقوله الاحداث التي تليها عندما تنتهي الحرب .. فالحروب الصليبية لم تكن من أجل قبر السيد المسيح وحمايته بل كانت استكمالا للصراع بين الغرب والشرق .. الشرق والغرب في تفاعل مستمر وصراع دائم لاينتهي بل يتوقف في استراحات وهدن قبل ان يستأنف حيويته .. الغرب كان يريد اعادة استعمار الشرق ووراثة الامبراطورية الرومانية بحجة حماية الديانة المسيحية .. كما يفعل اردوغان اليوم بحجة اقامة الخلافة الاسلامية فانه يريد اعادة السلطة للعنصر التركي على كل الأعراق المشرقية ليلحق العرب وغيرهم بالاتراك كمواطنين يخدمون العنصر التركي كما حدث طوال 400 سنة ..


في الحرب العالمية الاولى كان البعض يظن ان حادث اغتيال الارشيدوق فريديناند ولي عهد النمسا هو سبب الحرب .. ولكن الحرب قامت لانهاء النظام العالمي القديم التي اهترأ وتعب وكان لابد من الاطاحة به .. ويبحث عن أي ذريعة ليمزق الخطوط والحدود والعلاقات القديمة .. فولدت منه مجموعة الدول الاستعمارية الاوروبية كقوة استعمارية ذات شهية واسعة للاستعمار تحت ذريعة أخلاقية وهي مساعدة الدول الوليدة حديثا من النظام العالمي الجديد والأخذ بيدها لأنها لاتقدر على ادارة شؤونها بنفسها وليست لها الخبرة ولا البنية السياسية والاقتصادية للقيام بذلك .. ووصول غورو الى قبر صلاح الدين ليعلمه بعودة الغرب هي اعلان بداية حروب الاستعمار القديم الذي بدأته الحروب الصليبية ..


ولكن الحرب الروسية الاوكرانية قد تظهر على انها صراع بين على زعامة العالم ومحاولة اعادة رسم العالم بأقطاب جديدة تتشارك السلطة العالمية السياسية والاقتصادية .. وهي كذلك .. ولكنها في احد أشكالها العميقة صراع بين الكنيسة الارثوذكسية والكنيس اليهودي .. الكنيس اليهودي الذي يمسك بالنظام المالي العالمي مثل السوط في وجه الجميع ..


لتبسيط الامر نجد ان المجتمع الروسي لايزال عموما مجتمعا ارثوذكسيا تحتل فيه القيم المسيحية التقليدية جانبا مهما رغم الفترة الشيوعية .. وترفض القيم الغربية الحديثة التي تتستر باسم الليبرالية الغربية والحريات بلا قيود .. ولكن القيم الغربية الليبرالية بمعناها الاجتماعي والاقتصادي في النهاية توصل المجتمع عبر تحرير الفرد من القيم الجماعية الى عبودية الفرد لرأس المال وسيطرة الشركات العابرة للقارات على سلوك الافراد والجماعات .. وهذه الشركات التي ترتبط بالبنك الدولي والبنوك الغربية كلها بيد مجموعة من العائلات ذات الاتجاه الماسوني وعلى راسهم عائلة روتشيلد … وهذه القيم الليبرالية كي تمسك بتلابيب المجتمع فانها تشيع التحلل القيمي في المجتمع وتفكك الاسرة والقيم الوطنية لصالح الدولة القوية الراعية للأفراد .. وهي تركز على تحطيم متانة الاسرة والعلاقات الاجتماعية البينية والانتماءات المعنوية الرمزية وخاصة الوطنية .. ويصبح الانتماء فقط للمال والعمل والأنانية الفردية فيما تتراجع القيمة الوطنية والانتماء الوطني .. والاهم أن سلطة الدولة في القيم الليبرالية الغربية أقوى من سلطة الاسرة على الابناء والافراد .. وبالتالي يكون الابناء أفرادا تابعين للدولة نفسيا وعقليا قبل تبعيتهم لسلطة الاب والأم والأمة ..
الكنيسة الارثوذكسية لاتزال متوجسة منذ التجربة الماركسية من محاولة تحطيمها بدين جديد هو الليبرالية الغربية التحللية لأن الماركسية كثيرا مااتهمت بأنها مؤامرة يهودية أساسها النظري اليهودي كارل ماركس والمنفذون هم البلاشفة الذين كانت قياداتهم بنسبة 80% منها من الشخصيات اليهودية وأشهرهم تروتسكي الذي كان في منتهى القسوة في ملاحقة الكنيسة .. وكان لاطلاق نشاط الالحاد الديني أثره في تضاؤل دور الكنيسة لأن الدين الجديد الشيوعي حل محلها .. وهاهي اليوم مجموعة زيلنسكي واسرائيل والغرب يثبنون اوكرانيا كمؤامرة يهودية علنية في بطن روسيا ..


الكنيسة الارثوذكسية ترى ان الليبرالية الغربية هي شيوعية جديدة يهودية الهوى تمكنت من هزيمة الكنيسة الكاثوليكية وحولتها الى أداة سياسية ملحقة بالعالم السري للماسونية التي أدخلت كل المحرمات على عقل الكنيسة الكاثوليكية التي صارت جزءا من حلف الناتو وأسلحته .. بل وصارت تفقد مناعتها ولم تعد قادرة على حماية القيم الكاثوليكة القديمة تحت وطأة وعواصف التشويه التي تتعرض لها ..
ويمكن ان نتفهم قلق الكنيسة الروسية الارثوذكسية وننظر بعين التوجس بنفس الطريقة الى ماحل بالمؤسسة الاسلامية المتمثلة بالمسجد الذي تحول بسبب اختراقه بالماسونية العالمية الى مؤسسة من مؤسسات الناتو وتحول المسجد كعامل قوة للمجتمع الاسلامي الى قوة تفتيت للمجتمع وقوة تذويب للانتماء الوطني .. وصار الجامع ذا سلطة أقوى من سلطة العائلة وسلطة الام والاب .. وهو الذي يوجه الافراد والجماعات كقوى عابرة للحدود .. ولذلك تجد ان انتماء الأجيال الجديدة للمسلمين صار لصالح الانتماء العابر للقارات .. فصار المسلم العربي في الاردن يهاجر ليحارب في أفغانستان رغم ان القدس هي مرمى حجر منه وهي محتلة في أقدس شيء يخص الاسلام وهو المسجد الاقصى .. وتجد ان السعودي او السوري يذهب لينتحر في افغانستان او ليناصر الايغور او يفجر نفسه في شوارع العراق وسورية او في الفيليبين وربما في ناطحات سحاب نيويورك وفي شوارع اسبانيا ولايفكر ان يتوجه الى فلسطين رغم انه يستطيع ان يسمع من حارته أصوات اطلاق النار على الفلسطينيين .. والسبب هو ان الاسلام تعرض لعملية اختطاف تدريجية وصار مثل الكنيسة الكاثوليكية جزءا من حلف الناتو واسلحته .. والدليل هو ان القرضاوي واردوغان وكل الاخوان المسلمين لايقتربون من فلسطين ولكنهم لايتركون حربا تسير اليها اميريكا الا ويسيرون في ركابها .. ونلاحظ غياب كل انواع الجهاد الذي حضر في كل الحروب الداخلية والخارجية وغاب عن فلسطين ..


المثقفون الروس يدركون ان اوكرانيا هي محطة صهيونية ماسونية على تخوم المجتمع الروسي وقد نجحت في تحويل جزء من الشعب الاوكراني ميالا ليكون جزءا من الناتو .. وهناك سيندلع صراع عنيف بين القيم الليبرالية التي ترعاها البنوك اليهودية والمؤسسات الاعلامية الماسونية الاتجاه وبين القيم الارثوذوكسية المتمثلة بالحفاظ على انسانية الانسان وروحانيته وقيمه العليا ورفض التغيير الجذري في سلطة العائلة وتماسك المجتمع والقيم الوطنية لصالح سلطة عميقة تفصل بين الابناء والآباء وتحولهم الى أفراد مشتتين مثل الذئاب المنفردة .. وتجعل ولاء الاجيال للدولة والحكومة وليس للأب والام والوطن .. وبذلك يسهل توجيه الأجيال والتحكم بها لأن الدولة وليست الاسرة هي من يضع القيم والقوانين والتعاليم .. وفي أي صراع بين الابناء والاباء تكون الدولة في الغرب والمجتمعات الليبرالية ضد العائلة لصالح فصل الاباء عن الابناء .. وهذا مايعانية المهاجرون العرب والمشرقيون في الغرب حيث يصدمهم هذا التدخل القاسي من الدولة ضد أبنائهم عندما يحاولون الاعتراض على دخول قيم ليبرالية تحررية وانحلالية الى ثقافتهم المشرقية .. وهم لايفهمون ان المجتمع الغربي الذي يعيشون فيه مستلب الارادة لصالح قوة ليبرالية هائلة التأثير والسلطة ..


قد لايتفق معي كثيرون في قراءتي .. ولكن الحرب في اوكرانيا مهما قيل انها حرب اقتصادية ورغم انها ليست لفرض دين وانتصار عقيدة فانه خلاف على فهم العالم من منظورين .. أي ان قلبها هو صراع بين عقليتين وزمنين .. زمن وعقلية تلمودية مادية تريد اختراق المجتمع الروسي من محطة أوكرانيا .. وعقلية تريد دفع الخطر الفكري والثقافي المدجج بالاعلام الجبار والمنظرين والاموال والبنوك لحلحلة المجتمع الروسي التقليدي الذي استعاد قيمه الكنسية والوطنية القديمة وهاهو من جديد يتعرض لعملية اجتياح جديدة من اوكرانيا ومجموعتها الصهيونية في القيادة الحالية .. وسيكون للمنتصر فيها ان يقرر فعلا ان كانت الكنيسة بقيمها الانسانية القديمة أم الكنيس بقيمه المادية التلمودية هو الذي سينتصر ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to الحرب في أوكرانيا .. هل هي بين الكنيسة الارثوذوكسية والكنيس الصهيوني .. بين الانجيل والتلمود؟

  1. احمد حسامو كتب:

    حياك الله استاذ نارام سرجون و اسعد الله صباحك .. انا اتفق معك في كل ما اتى بعد ان قرأت في السابق . كتاب ضباب احمر يعلوا امريكيا .و الشيطان امير العالم . و احجار على رقعة الشطرنج الذي يدعوا فيها الكاتب الكندي و الذي قتل في ظروف غامضة الاخيار في كل المعتقدات و بقاع الارض لمواجهة الفكر الشيطاني المتمثل بالنورانيين و الماسونيين و ادواتهم الشيوعية و الرأسمالية و لن اطيل في تعليقي .. ان هذه الحرب حرب بين المنطق الناظم للحياة و الذي يودي الى الشرعية و العدل الدولين و اللامنطق القائم على استعباد الاخرين تحت شعارات ملونة بالحريات و الديمقراطيات القائمة جلها في السنتين الاخرين على المثلية الجنسية و نشر الشذوذ الاخلاقي و طمس الحق بوقاحة الباطل … هي حرب مقدسة انها كالرسالة السماوية لكف يد الشر في الحكومة العالمية العميقة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s