إن الكلمات التي لا تشعرك بأنك أعظم من النكبات هي أشباح لفلول جبناء فروا من أرض المعركة قبل أن تبدأ ..ولهذا نحن لسنا مع سرقة القمح والسطو على ماهو لكل السوريين ولكننا أيضا لسنا مع سرقة قمح الفكر التقي وسلب الأمة السورية من الشرف .نحن مع اقتلاع الفاسد من جذوره التي تقبض على مصير الوطن ولكن لسنا مع اقتلاع الوطن من صدورنا لأن الفاسد موجود وبهذا نجعله قدرا وهذا مالانطيق ومالانريده فإن كنا لانقدر على مواجهة واقع مريض فلن نستطيع بناء واقع سليم فما من بيئة سليمة قامت إلا لسبب فكر قاوم فأنجب أمة عظيمة لأن من يفر من أمام واقع مريض لن يساهم في بناء واقع صحي سليم وهل من طبيب دخل غرف إنقاذ الأنفس وبعثها إلى الحياة إلا بعد أن استنزف جهده الجسدي والفكري حتى رافق وعرف المرض أكثر مما عرف نفسه ؟! الإنسان السوي مقاوم بالفطرة ومن يجتهد لعون أهله يقاوم كي لا ينتصر الفقر على أهله ومن يشق عباب الظروف لكي يكمل دراسته إنما هو يقاوم الجهل ومن يعمل لأجل لقمة فهو يقاوم غول الجوع والأهم من هذا كله إن من يقاوم ظلمات نفسه فهو يوقد قنديل أفكاره على منافذ أدمغة الآخرين ولايذيع الوساوس والهزائم التي تغرق فيها نفسه على أنها فلسفة مواجهة.. فقاموس العظماء لايوجد فيه مايدعى الفرار من المواجهة بل المواجهة فقط لاغير فإن لم أواجه الهزائم فمن أكون أنا سوى أمعاء تسعى حيث الطعام فقط لاغير …
آرنستو غيفارا هجر وطنه لكي يحارب في كوبا وبوليفيا وجاب العالم لكي يرد الظلم ويقاوم الأمريكان وعبيدهم وجاء إلى العرب ودعمهم بحضوره الثوري ..تشي غيفارا تخلى عن حياته الهادئة وعن منزله والتحق بقلة قليلة كان يعتبرها البعض فئة مغامرة الا انها اذاقت باتيستا العميل والامريكان هزيمة مابعدها هزيمة آرنستو غيفارا إتجه لينقذ الأوطان اما المثقف العربي فقد إتجه ليفر من وطنه وهو في وطنه ولم يرض أن يواجه الواقع بروح غيفارا وفكره هنا ندرك الفالق بين الفكر الوجودي والفكر الانهزامي فعندما تواجه أي قضية بفكر انهزامي فأنت من يعلن التخلي عن المواجهة أي أنك تفر من إنقاذ وطنك إلى قتله مرارا ..إن ربط الوطن بامتلاك المنزل في زمن استطاع فيه غالبية السوريين الحصول على منازلهم ينبئ عن أمر آخر في فكر الكاتب وفي أي فكر وهذا الأمر لايخرج عن دائرة الفكر الضيق لقد كانت كلمات الماغوط بما يتعلق في الانتماء إلى الوطن هزيلة الروح مظلمة الرؤى و مع كل هذا الموت الذي استوطن كلمات الماغوط كانت تل أبيب تكبر رويدا رويدا فمن عقل أمر تل أبيب لا يحاكي الأوطان بالهروب منها أمام كيان يحتل ويبتلع أراضي الغير نحن لانريد فكرا يحفر الخنادق ويفتح الطرقات للهزائم وهنا نحتكم للعقل ونستحضر القدرة الذهنية للكاتب ونسأل هل هي فاعلة مستدركة لما تكتب لقد قال الماغوط بحق الوطن مالم يقله المستوطن الصهيوني بحق أرض ليست بأرضه مع أن الماغوط لم يتعرض لواحد من مئة مما يتعرض له السوري اليوم فماذا كان ليقول لو كان بيننا اليوم ؟؟ هنا نسأل أين فكر الماغوط من فروسية المواجهة إن من دعم همم الاستسلام في زمن المعارك العادية فما عساه يفعل لنا في حروب لم تشهدها البشرية من قبل؟؟ من هنا نحكم على الكاتب أن المواجهات هي التي تكشف العقول .كلام الماغوط لاينبت لنا حلولا ولا يبني لنا حياة .المفكر رسول ومخلص وليس مؤلفا لفلسفة اليأس والنحيب والتخلي ..

وكأن الخليجي على قيد الحياة إن حصل على كل مايريد في وطنه والأمريكي يمتطي كرامته منذ نصف قرن واكثر .لاترتبط العلاقة بين الإنسان ووطنه بالمسؤول الوطن حالة لاعلاقة لها بالحكومات من ناحية الانتماء الوطن تراب ومطر وذكريات .عشق وألم وأم وأقارب وأصدقاء مدرسة بحر ونهر جدة وحفيد صلح بعد مشكلة تعاون مع محتاج .بسمة في وجه يتيم وفاء ديون محتاج بالسر دعوة للحياة معا في مواجهة التطرف المنغلق الوطن دعوة لتنثر روحانية أفكارك التقية لا لكي تستعرض الهزيمة على أنها الخلاص ..وعندما يحتل وطنك أتفر منه أم تقاوم؟؟ الوطن ليس رأيا ومسودة طلبات .الوطن أرض وثقافة حياة ورسالة فكر إذ لايعقل أن أعادي وطني لأجل مسؤول وفاسد بل أن أعادي وأحارب الفاسدلأجل وطني..
لو أن المجتمعات اتبعت فكر يقول أن الانتماء أكذوبة لماكان هناك أوطان ولكانت الأرض ستحكم بالكامل من قبل الماديين و لماكان هناك مقاومة للشر والاحتلال ..
الإنسان بذاته وطن فالأم وطن والأب وطن والأخ وطن والأخت وطن .الأرض مع الإنسان هي الوطن .لو حدث أنه كلما واجهنا إزعاج فهجرنا الوطن أوكفرنا به لأصبحنا غجرا رحالة لا تاريخ لهم ولاعنوان ولا تاريخ مشرف ولايمكن لك أن تقول من أنت لأنك ستكون مبهما بلا هوية والهوية لاتحددها سوى المواجهة ..
الإستقرار والتعلق بالأرض يعكس قيمتك الإنسانية والفكرية ويحدث البشرية عن رسالتك وهكذا تحقق وجودك ومن دون وطن لايمكن لك إلا أن تكون هاربا من المواجهة إذا فما ذنب الوطن إن كنت لاتستطع المواجهة وولدت ميتا ..لن نكون كما قالت معاشر الكفر لرسول لهم وهو يقاوم الشر …/إذهب انت وربك فقاتلا /.
لقد دافع عن وطنك منذ ولادته الملايين لكي تبقى على نفس النهج في دفع كل ذل وقهر وعدوان لا لكي تنفي الانتماء فالانتماء لم يخترعه المسؤول بل هو هبة فطرية خلقت معك وانت لم تولد تحديدا في وطنك عبثا فالانتماء نطقت دماؤه في الملاحم المقدسة شرفا ضد أعداء لايحصون منهم العثماني والفرنسي والصهيوني والمتدين الدموي وكرمى لهذا الانتماء التاريخي لايمكن أن يقال إن الانتماء كذبة لأن من دافعوا عن وطنهم هم عظماء من سوريا ومنهم المسؤول كما (يوسف العظمة) ومنهم سلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي وابراهيم هنانو وعز الدين القسام والكثير من أمثالهم هؤلاء دافعو بلا أي مقابل أي أن الانتماء قضية أخلاقية وجودية لاتنحسر بمقابل زائل..
أيا كان القصد من خلف الكلمات التي تطالب بالانتماء إلى وطن مقابل منزل فهي لن تفهم ولن تفسر إلا بالانتماء المادي وإقصاء الانتماء الحقيقي الأعظم لقد حصل اسامة بن لادن على أموال لاتحصى وحارب تحت جناح الامريكي في افغانستان إننا ومنذ تلك الأيام كنا في مواجهة فكر مادي مخصب وهابيا كان يجب مواجهته عن طريق التعلق بالفكر التقي المقاوم وليس بالمنزل أن نحارب الفاسد ليس بالمقابل بل بحقنا كاملا وهو أن يكون المنزل آخرها وليس أولها وأخرها..
لم تبن سوريا منزلا لكل سوري بل أمة لكل السوريين وهذا ماتبين عندما فقد السوريون الأمن وبرز لهم الجوع محاربا بعد أن خطفت جنوده الحمقى قمحهم ونفطهم .لقد كفر جزء من السوريون بما يزعمون الإيمان به فهل كانوا عميانا لايفقهون عظيم نعمة سوريا أم أنهم حقا قد كفروا بما جاء به القرآن عندما تحدث عن نعم الأمان والرزق حتى الله حين تحدث عن نعمه قدم ذكر نعمة الإطعام من جوع والأمن من خوف ..كيف تكون الغاية المستهدفة من خلف الحصول على بيت مقابل الوطن هو تحريض المسؤول على العمل وقد قرن الماغوط هذا القول بقوله الانتماء كذبة؟! أقول للراحل الماغوط : إن لم يكن بمستطاعك أن تعلمني النهوض فلا تقتلني وإن لم أستطع التحليق بأجنحتي فلا تمزقها .وأقول وأختم قولي إن من لايمتلكون البيوت حاربوا جيوش العالم الهمجي وأعادوا منازل ملايين السوريين وأعادوا أمة .إسألوا أنفسكم أيها السوريين ماهي قيمة العالم إن لم يكن هناك منزلا آمنا مطمئنا بحجم أمة…هل كانت ذخيرة القائد العظيم عصام زهر الدين ورفاقه في حصار دير الزور هي فكر الماغوط ؟؟!!ماذا كان ليفعل فرسان الجيش العربي السوري لو كان فكر الماغوط ذخيرتهم وداعش وجبهة النصرة تحاصران مدينته وقريته؟؟!! أم كان على فرسان الجيش السوري المقاوم أن يلقوا سلاحهم ويتخلون شرف المواجهة ويفرون حيث فر الخونة والجبناء هل هكذا فكر ينقذنا ؟؟!! ليعلم أصحاب تبني الفكر الإنهزامي في مواجهة الفكر المنهزم الذي يتبعه الفاسدون أن فلسفة الهزيمة لايمكن أن تواجه حتى الهزيمة نفسها..