من قلب موسكو أتابع كلَّ الصلابة السياسية المرنة و المرونة السياسية الصلبة , و أنا أقرأ كتاب “الخوف السائل ” ل “ريغمونت باومان ” لا لأمسك عصا الرأسمالية لأهشَّ بها على الشيوعية و الاشتراكية , و لا لأمسك عصا الشيوعية و الاشتراكية لأهشّ بها على الرأسمالية , ولا لأمسك مصاحف الكهنة لأهشّ بتفسيرات سارقيها على قطعان البشرية المنتشرة في أمكنة مترامية الأطراف ما بين الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب , و إنَّما هدفي تجلَّى في نبذ انحلال الحدود الفاصلة لتعريف الدول القوية على صعيد الخارج و الداخل و تحوّلها إلى سائل هلامي لا شكل له بحيث يأخذ شكل الإرادة الموضعية لمطلقيه ليخترق كلّ شيء بالعولمة و انفصال السلطة عن السياسة , فلم نعد قادرين على فرض سلطة السياسة و سياسة السلطة , و إنَّما حوَّلنا السائل السريع إلى نماذج عولمة نفتها الحداثة إلى المجهول بقدر ما انطلقت إلى الغد بسرعة كبيرة كسرعة السيلان بعد إذابة كلّ المنطلقات الصلبة للحداثة التي كانت الدولة تثبتها بقدرة شمولية تحقق التوازن بين ما يجري تنفيذه بقدراتنا المتناقصة و ما يجب القيام به بواجباتنا المتزايدة , لكنَّها في الانبطاح السائل تخلَّت عنها لصالح رأسمال الشركات العابرة للحدود و المستثمرين التجَّار العابرين لمفاهيم المواطنة و الوطنية بهدف تحويل الأوطان إلى بقع استهلاكية لا هوية اقتصادية لها و لا هوية وطنية لاستمرارها ,كلّ ذلك من أجل تحقيق الأرباح الفردية و أرباح الكيانات لا الأرباح المؤسساتية الوطنية الجمعية بمعنى أنّ صالح الفرد اكتسح بسيلانه صالح المجموع فاقد الهوية و الانتماء و السياسات التثبيتية , و بهدف تبديل هذه الأوطان أيضاً لتصبح مراكز عبور لا انتماء يحمي الماضي و الحاضر و المستقبل فهي لم تعد تنقذنا من فجوات التلاشي و الخوف الوجودي بعد شراء حمايتنا و فقدان أمننا النفسي الأهم بقدر ما ترمينا إليها مكرهين!…….

يعرف السيِّد بوتين مراسم الخوف و سوائل الخوف و الخوف السائل , و هو يدرك أنَّ سياسته الصلبة على قدر مرونة ممارساته السياسية المرتبطة بالهوية لا المنفصلة عنها لصالح اتجاه واحد هو اتجاه التلاشي و الذوبان , لكنَّ إصرار أقدام أميركا الغربية انطلاقاً من عاهرتها أوكرانيا بمفاهيم الممارسات و حذائها الحالي زيلينسكي على عدم إدراك المفاهيم الصلبة للأوطان بعد رمي هذا الحذاء في سائل الخوف الأميركي و خوفها السائل ليصبح قالباً لا قيمة له و لا ذاكرة ولا تعريف و لا هويَّة و لا قرار , أجبر السيد بوتين قيصر التثبيت القويّ في العالم على تحويل سوائل المرور في الجوار إلى أقسى حالة صلبة يتطلبها استمرار وجود الدولة و الوطن لا الأفراد و الكيانات التي تحاول أميركا بوقاحتها تأليبها ضدَّه بممارسة السرقة و الابتزاز ناسية أن الاقتصاد يذوب لصالح تثبيت الأوطان لا الأوطان تذوب لصالح الاقتصاد و الكيانات من أفراد و مؤسسات فمتى سيدرك الناتو خاصة بعد قمته في حلبة الثيران الإسبانية أنَّ صراع الثيران كبير على قادة الفئران ,و أنَّ السياسة التي ترمي بفئرانها إلى سدَّة القيادة لن تدرك مطالب السادة و لن تؤدي في العالم أجمع إلى أكثر من التوترات و فقدان السيادة لأنَّ من يركب الخيول الأصيلة ليس كفأرٍ يرمى بين أقدامها بقصد تهييجها على فرسانها ! …….
في مؤسَّسة القيامة السوريَّة الفينيقية يحاول الرئيس الأسد تجميع الخوف السائل ليرمي به خارج الأبجديات العربية السريانية الفينيقية الآرامية الآشورية السوراسية , رغم أنَّنا نرى مقدار توسّع فجوات الممارسات الحكومية و نعرف أنَّها ما زالت توسِّع ثقب التلاشي , فهل نجد في مؤسَّسة عبَّاس بن فرناس ذيولاً صلبة أم أجنحة استمرار الرغبة في السقوط السائل بلا ذيول , سنبقى مؤمنين برئيس سورية فينيق تثبيت المرور إلى القيامة لينقذ معلوم الوطن الأضعف و الأصغر من خارطة المجهول الأخطر و الأكبر ؟! …….
بقلم
الكاتب المهندس الشاعر
ياسين الرزوق زيوس
روسيا موسكو