هاقد عدنا يامحمد .. الاسرائيليون يحومون حول قبر النبي .. الانتقام من نبي

لايزال التاريخ هو الذي يمسك بالحاضر والمستقبل .. وسطوة التاريخ وسلطانه على الحاضر تصبح مثل سلطة الاب على الابناء .. ويكاد الحاضر يعمل فقط لخدمة الماضي السحيق .. ولذلك نرى ان فكرة العودة الى أرض الميعاد اليهودية هي التي تتحكم بالعقل اليهودي مهما حاول ان يتخلص من سلطة التاريخ وسطوة الذاكرة .. والعقل اليهودي الذي كان يحرك المحافظين الجدد ضد العراق لم ير في الحرب سوى انها الانتقام من بابل .. وقصة السبي .. واستجابة لنداء الهارماجدّون وكان اليهودي يصلي صلاة الشكر وهو يرى بابل تسقط بعد ثلاثة آلاف عام من الاذلال اليهودي وعار السبي .. والعقل الغربي الاوروبي وكونه متأثرا بالايمان المسيحي فانه ينظر الى القدس على انها أورشليم اليهودية الواردة في الانجيل .. مهما قال المنطق وعلم الاثار انها قصة قديمة وخرافية واسطورة تلمودية ولايجب اضاعة الوقت في البحث عنها ..
الاتراك أيضا لاتحركهم مصالحهم بقدر ان التاريخ يشغلهم فالمصلحة في ايجاد سوق شرق أوسطي وتحالف اقليمي مع العرب وايران افضل بكثير من عملية الاستيلاء على الشرق العربي واقل كلفة .. ولكن التاريخ يدغدغ أهواء الاتراك ويداعب خيالهم ومشاعرهم ويجذبهم الى غواية العودة الى احتلال دمشق والقاهرة لأربعمئة سنة أخرى ..
حتى في معاهدة سايكس بيكو لايبدو ان التاريخ كان بعيدا .. لأن عنوان الصحف البريطانية عند دخول الجيش البريطاني مدينة القدس في اعقاب الحرب العالمية الولى كان يشم منه النشوة التاريخية وهي تحتفل بعناوين (المدينة المقدسة في أيدينا) .. ويروى ان اول زيارة قام بها الجنرال غورو بعد اقتحامه لدمشق اثر معركة ميسلون وهزيمة جيش المتطوعين بقيادة يوسف العظمة عام 1920 .. اول زيارة كانت لضريح صلاح الدين قاهر الصليبيين ومحرر القدس .. ويقال ان غورو عندما وصل الى الضريح وضع قدمه على قبر صلاح الدين وقال مستهزئا ومتحديا بقوله: هاقد عدنا ياصلاح الدين ..


العبارة التي قالها غورو تدل على تجذر التاريخ واحداثه في السياسة الغربية الاوروبية والنفسية الاوروبية وان الانتقام والثأر من التاريخ او الاستجابة لنداء التاريخ هو مايحرك السياسة وليس مجرد المصالح .. ولذلك فان المشروع الصهيوني لايمكن ان يغفل اي قطعة من تاريخه التلمودي والتوراتي .. ويعتبر تصحيح الحاضر مهمة أبوية من التاريخ .. ولذلك فان خيبر هي ملك لليهودي وان بيوت اليهود في المدينة التي تم اجلاؤهم عنها شيء يجب ان يستعاد .. وان يعاقب من أخرجهم منها كما عوقبت بابل في عراق 2003 .. ولذلك فانها ليست فقط المصالح من يحرك الاسرائيليين في التدفق نحو الخليج العربي واحتلاله رسميا عبر الانتشار في المراكز الصناعية والتجارية وعمليات الانغماس ونثر البذور والمستوطنات .. بل هي جزء من التخطيط للعودة لايختلف عن مشروع العودة الى فلسطين عبر الكيوتزات والمستعمرات تحت حماية الاحتلال البريطاني .. واليوم تتم العودة الى الخليج العربي تحت حماية الاحتلال الامريكي للقرار الخليجي والارض الخليجية والعقل الخليجي .. ليس لبناء المستوطنات الزراعية كما في فلسطين بل لبناء المستوطنات الاستثمارية والشركات التي تتغلغل في شرايين الاقتصاد النفطي وأمنه وتعيد ترجمة مقولة بيريز ان اسرائيل كجزء من المنطقة يجب ان يكون لها نصيب كبير في النفط العربي !! ..


وهذه الهجمة الاستيطانية المندسة في الخليج ليست غايتها اقتصادية بحتة بل انها تمهيد لمشروع عودة تاريخي لليهود الى خيبر والمدينة وتصويب الخلل التاريخي والظلم الذي يعتبرون انه حدث باجلائهم عن المدينة .. وان ساعة الانتقام من تلك الفترة وصانعها اقتربت .. اي انها الانتقام من النبي محمد ومن صحابته ومن أهل بيته لأنهم جميعا كانوا أصحاب مشروع تسبب في اجلاء اليهود عن خيبر والمدينة .. اللتان هما من ممتلكات اليهود الذين يعتبرون ان ارضهم هي مابين الفرات والنيل ومابينهما من أرض عربية تصل الى أعماق الجزيرة العربية ومصر .. وكما سقطت بابل عام 2003 وسقط من كان يجلس على كرسي نبوخذ نصر فان مكة يجب ان تسقط اليوم .. ومن كان صاحب القرار في انهاء الوجود اليهودي في جزيرة العرب يجب ان يحاكم ويعاقب ..


الاسرائيليون اليوم وصلت طلائعهم الى السعودية .. واقتربوا من المرقد النبوي الشريف .. وهم يحومون حوله .. فقد دعا صحفي يهودي وعضو بارز في مجلس السياسة الخارجية الامريكي عبر صحيفة حيوزاليم بوست دعا الرئيس الامريكي بايدن الى زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة ابان زيارته المرتقبة الى السعودية ليبني جسورا من التواصل مع العالم الاسلامي .. وقد عبر الصحفي اليهودي عن بهجته من اقار الغاء المنع السابق لغير المسلمين من دخول المدينة بل وأزيلت العلامات التحذيرية على الطريق التي كانت قبل ذلك .. والاكثر من هذا ان 50 مستثمرا يهوديا من 13 دولة مختلفة ولكن بارتباطات وثيقة باسرائيل قد زاروا بانفسهم المسجد النبوي بالمدينة الشهر الماضي في زيارة لتعزيز الفهم المشترك واحترام التسامح الديني كما قال (طبعا التسامح الديني مطلوب منا اما في المسجد الاقصى فمطلوب من المسلمين التنازل الديني حيث لاتسامح يهوديا مع الاقصى والقدس) ..


الاسرائيليون يقتربون من قبر النبي .. وحجرة عائشة .. ودار فاطمة وعلي .. وبيت عمر وابي بكر .. وكل هؤلاء على قائمة الارهاب اليهودي التي تريد ان تنتقم ممن تسبب بذلك الخروج اليهودي من الجزيرة العربية .. ويحضر كل اسرائيلي ويسابق غيره من اليهود ليصل الى قبر النبي ليضع قدمه عليه كما فعل غورو في دمشق امام قبر صلاح الدين وسيقول له متشفيا: هاقد عدنا يامحمد ..
ايها السذج العرب ..اياكم ان تعتقدوا أنها المصالح فقط هي التي تثير أسماك القرش اليهودية كما يثيرها الدم .. بل انها الذاكرة التلمودية والرغبة العارمة بالاستجابة لنداء التاريخ بالانتقام والثأر .. وليست نيوم وحفلات التطبيع الا حفلات رقص لعودة الشعب اليهودي الى أرض يعتبرها له .. وكل قطعان العرب الاغبياء ترقص وتحتفل بالاسرائيليين وصمت الجمهور العربي المريب – الذي كان يجلجل في الجهاد والنفير الى سورية – يساعدهم للانتقام من نبي العرب وصحابته وآل بيته ..


ان من يضع قدم الاسرائيلي على قبر النبي هو العرب أنفسهم وان من ينتقم من النبي هم العرب أنفسهم .. وان من يعيد باب خيبر هم العرب انفسهم .. وان من خذل النبي دوما هم أهله وعربه .. وان النبي العربي هو أول نبي يقتله قومه بعد وفاته .. خذلوه يوم اختلفوا على خلافته ووصيته لهم .. وقتلوه يوم أتوا بعدوّه كي يقتلعه من قبره وينتقم منه بعد 1400 سنة ..

رحم الله نزار قباني وهو يشكو هذه الامة:

يا ابن الوليـد .. ألا سيـفٌ تؤجره؟ … فكل أسيافنا قد أصبحـت خشـبا

دمشـق، يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟

المشكلة انه حتى سيوف الخشب لايحملها العرب ..

رابط المقالة الاسرائيلية:

https://www.jpost.com/opinion/article-710916

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to هاقد عدنا يامحمد .. الاسرائيليون يحومون حول قبر النبي .. الانتقام من نبي

  1. MA كتب:

    يحيلني هذا المقال ومن لهفة عظيمة على بلادي سوريا.. يحيلني إلى عنوان: الإسلام بين قريش والقريشة(المصنوعة من الحليب)
    بداية كل الشكر وجزيله أستاذ نارام سرجون الرائع على هذه الإضاءة والتنوّر والبحث والحب.
    يبدو أن اليهود سيطروا على الاسلام منذ نشأته أو حتى من قبل، والله أعلم وقد نجحوا في تحويله منذ قريش من سمن إلى (قريشة) اي كما التصور عنها في الذهن والتوصف كدسم ولكن في الحقيقة هي بأساس صنعها خالية تماما من الدسم وقطعا لا تكون اذا كانت دسمة لكن يرصونها كما يرصون البشر ويحشدوهم برائحة ووهم من الدسم والسمن الذي يربطونهم به بالواقع ويفصلونهم عنه بطريقة عجيبة من الشيزوفرينيا الدينية التي لم ولا توجد في أي شعب وحضارة.. وهو خلل جلل يبدأ بالتبعية العمياء في الدين..
    اذاً ولكل المشاريع في المنطقة يكون المحرك و الطرح والجوهر هو ديني كما دائما.. لذلك برأيي آن الأوان بأن لا نداري ونخلط المفاهيم ومن هم المطايا و المسيطريين بنفس الوقت في المنطقة ولا نضيع الهوية والهويات إلى الهاوية حتى الهاويات و.. لذلك من الأفضل أن لا نقول هنا في المقال (العرب) ونستبدلها في المقال و نقول بكل جرأة وتحديد (المسلمين) و ليس أيضا كما نتنصل بقول المتأسلمين ونحميهم وحتى نكاد نقول الإسلامين الجدد فالدين يفترض أن لايتجزأ في الجوهر والحق.. ولا نقول المتأسلمين وغيره من توصيفات حتى لا نعزز حالة الفصام والتي يعتبر كثير من المسلمين وكأن المتأسلمين هم من دين آخر وهم بالتالي غير مسؤولين عن تصرفاتهم وأفكارهم التي دمرت وتدمر الأمة وإرثها من فجر الوجود الانساني وانبثاق الحضارة منها وحتى التوصيف العربي والمسيحي والإسلامي وكل حضارة وتنوع وتناغم فيها.. وإن أردنا النهضة فلنبدأ بالإشارة إلى الخلل الديني والتاريخي بجرأة حتى نستطيع التعامل مع التحديات..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s