اميريكا: وما تدري نفس بأي أرض تموت .. تعويذة تايوان

عندما يسير الانسان الى قدره يبدو وكأنه يخطو ويسير خلف قوة قاهرة او مدفوعا بقوة قاهرة .. رغم انه يسير احيانا الى حتفه او الى ميلاده الجديد .. لانعرف على وجه الدقة ماالذي يطرأ على طريقة تفكيره وكيف يفقد السيطرة على قراره رغم انه يتخذ قرارات دون أن يعلم ان قوة خارقة اخرى هي القدر هي التي تدفعه الى هذا القرار .. وهذا ماقد يفسر مالايفسر في مسيرة التاريخ .. كيف تسقط امبراطورية رغم انها في ذروة القوة .. وكيف تنهض قوة تافهة لتصبح امبراطورية .. رغم كل نظريات التاريخ فان هناك حركات وتغيرات في التاريخ لايمكن تفسيرها بأية نظرية او تحليل الا على انها قوة الأقدار .. التي لاتفهم .. ولكن دوما هناك خطأ قاتل يستخف به صناع القرار ويقدمون عليه وهم لايدرون انه السم يتجرعونه وهو السهم في عقب أخيليس .. يقتل العدو او يقتل به الشخص نفسه .. فيغامر نابوليون في عمق روسيا ويكرر الامر نفسه أدولف هتلر .. ويستخف الشيوعيون باللغم الافغاني الذي زرعته اميريكا .. ولايقدر الصليبيون ان يفهموا كيف سقطوا بشكل مفاجئ بعد 200 سنة .. ولايفهم العرب كيف نهضت فكرة غبية مجنونة اسمها اسرائيل دون مقدمات قوية .. وهكذا ..

ولذلك وبنفس الطريقة لايمكن فهم نهوض الامبراطورية العثمانية من تجمع قبائل مهاجرة من أواسط آسيا لتصبح قوة استيطانية قوية لاتنتمي للمنطقة بل ومأجورة تسكن في الاناضول .. تطيح بالسكان الاصليين وتطردهم وتحل محلهم ويصل الامر بها أنها تستولي على المدن والعواصم وتزعم انها عاصمتها لأنها ولغياب البعد الحضاري لاتقدر على بناء مدنية .. فكيف تنهض امبراطورية وتعجز عن بناء عاصمتها ببصماتها .. فتصبح القسطنطينية هي استانبول ودار الخلافة وتصبح أياصوفيا مسجدا .. عاصمة جاهزة ومسجد جاهز .. على عكس سكان الشرق الاصليين من العرب وماقبل العرب وحضارات مابين النهرين ووادي النيل حيث كانت الحضارات تبنى والمدن تنهض والمدنية تنمو .. فكانت بابل ودمشق والقدس والمدن المصرية الفرعونية .. بل والمدن الاندلسية التي بنيت وفق طراز عربي وببصمات عربية .. فقط المستوطنون الاتراك سرقوا عاصمتهم الجاهزة وجلسوا مثل صناع الحضارات دون وجه حق ودون قوة حضارية فشلت حتى في أن تبني مدينة أو عاصمة أو حضارة .. ناهيك عن تأسيس اي نوع من العلوم الجديدة او تطوير اي علم قديم .. سوى علم الخازوق الذي تختص باختراعه العبقرية التركية ..

مادفعني الى هذا الاسترجاع لنشوء الأمم وسقوط الامبراطوريات هو هذه الرعونة الامريكية في التحرش بالصين وروسيا في وقت واحد رغم أنها في مواجهة لم تنته بعد في الشرق مع محور ايران وسورية وحزب الله .. وكأنها دفعة من الاقدار لهذه الدولة المجنونة كي تسقط بسرعة ..

قد يقول قائل بان الاميريكيين لايتحركون بشكل عشوائي ودون تخطيط .. وهناك من يراها عبقرية سياسية لأن هذا التحرش بالصين هو تحذير للصين كي تبتعد عن روسيا في حرب اوكرانيا وتترك روسيا وحيدة او توجه لها طعنة بالتخلي عنها في الاقتصاد والحرب على الدولار التي يشنها البريكس والرئيس بوتين لاسقاط القطبية الامريكية .. وهذا مشروع ضخم تحتاج روسيا فيه الى العمق الصيني الاقتصادي .. وبذلك فان الصين سترى في تايوان أوكرانيا ثانية حيث ستحاربهم تايوان وتزعجهم بدعم امريكي وتهدد نموهم الاقتصادي .. وقد تجفل الصين وينخلع قلبها الأصفر ..

هذا تحليل وارد ولاشك انه لايبتعد كثيرا عن النية الامريكية التي تركت تايوان دون ان تقترب منها مباشرة طوال عقود طالما ان الصين الشيوعية ابتعدت عن روسيا الشيوعية وفق صفقة نيكسون ميسنجر الشهيرة ..  وفجأة قرروا التحرك نحوها و:انه انتهاء لتلك الصفقة التي تهدمت باقتراب الصين والسوق الاجتماعية من روسيا زعيمة البريكس  ..

هذه حركة استفزازية وغرضها تهدديد للصين ان تعود الى رشدها والا .. ولكن هذه الخطوة هي ماأسميه تعويذة الاقدار التي كتبت هذا القرار وهي شربة السم التي قررت اميريكا أن تشربها .. وهي السير في حقل الالغام كي تضع اميريكا قدمها على لغم تايوان ولغم اوكرانيا وتفقد ساقيها .. كي ينتهي العصر الامريكي عندما تصبح مقعدة على كرسي متحرك ..

لايوجد قارئ للتاريخ يفكر بهذه الطريقة .. فابسط قواعد ووصايا الامبراطوريات التي انهارت وآخر كلماتها و هي تحتضر هي: احذروا التوسع في أي حرب .. واحذروا تعدد الجبهات .. فكلما اتسعت جبهات الصراع اقترب السقوط السريع كقانون من قوانين التاريخ وقوانين الوجود البشري .. فكل امبراطورية تتوسع الى ان تتمزق بسبب رقعة حربها .. منذ الامبراطورية الاشورية الى الامبراطورية البريطانية .. مرورا ينابلوليون وبهتلر الذي ارتكب نفس الخطأ وحارب على جبهيتن واسعتين ..

قد لاتقوم الصين برد مباشر رغم كل تهديداتها .. ولكن عليها الآن ان تقرر اما ان تستسلم للأفيون التايواني وتعود مثل الصين التي سقطت بحرب الافيون او ان تنتفض وتقرر استغلال الفرصة الثمينة التي لن تعود وهي ان روسيا تكسر اوروبة الغربية .. واوروبة هي درع اميريكا القوي والقديم في وجه العالم الذي ترتديه وهي تحارب العالم .. واميريكا نهضت عندما حطمت ألمانيا اوروبا القديمة فاستولت عليها أميريكا .. ولكن أميريكا ستضعف اذا تمكنت روسيا من تكسير اوروبة مابعد الحرب العالمية الثانية .. أو مايسمى أوروبة الامريكية ..

يظن الامبريكون ان الصين لاتزال تتعاطى الأفيون وستتقهقر وتترك الفرصة التي قدمتها لها روسيا .. ولكن هذا الخطأ في الحساب هو الذي سأسميه قوة القدر في تسيير الأحداث ودفع الانسان الى المكان الذي يموت فيه .. كي نقول ونردد تلك العبارة الساحرة التي تليق باميريكا اليوم: ولاتدري نفس ماذا تكسب غدا وفي اي ارض تموت ..

ربما تدري اميريكا الآن مذا كسبت في الماضي وماذا ستكسب غدا .. ولكنها ايضا لاتدري بأي ارض تموت .. ولكنها حتما تموت .. لاأعرف على أي أرض .. هل في اوكرانيا او اوروبة او تايوان او في الشرق الاوسط ؟.. ان واحدة منها او كلها هي الارض التي ستموت عليها أميريكا ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to اميريكا: وما تدري نفس بأي أرض تموت .. تعويذة تايوان

  1. KT كتب:

    انا لست مغرما باميركا واتمنى حقا ان يكون هناك تعددية في هذا العالم المجنون …ولكني متاكد تماما من ان اميركا ستبقى الدولة المهيمنة ,,,,, السبب حسبة بسيطة ياسيدي …..عندما كانت اميركا تواجه ثلاث ازمات …. اولا كورونا ثانيا الشغب على التفرقة العرقيه بعد حادثة مقتل جورج فلويد وكان ذلك اثناء تجديد الرئاسة الامريكية كل هذا ولم تستطيع هذه الدول ان تهز شعرة من راس امريكا ….السؤال هو هل هناك وقت مناسب اكثر من هذا ???…. الجينات التي تجري في عروق الذين يبنون سورا خوفا من المواجهة لن تهزم من يحملون جينات المغامريين وقطاع الطرق

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s