لن أنتقد الإعلام بعد اليوم و لن أصفه بما يحط من قدره فما أراه يراه غيري و يسمعه .. لو قلت لأنصفه هو يبذل قصارى جهده أراني أكذب حين لا أجد بين تلك الجهود بعض الحد الأدنى الذي يمكن لهواة في نقل الأخبار فعله .. لو قلت هو إعلام .. لبدا الأمر كأني أسخر منه و من نفسي .. لأنه حقيقة ليس إعلاما بل قسما يتبع قاعة اجتماع حزبي حيث يسود الرضى المبدئي و السكينة و الهدوء حتى لو ضج الخارج بالضوضاء و الفوضى أو خرق الرصاص نوافذها .. و لأن حالة إعلامنا ليست طارئة و لأنه لم يتغير رغم ما مر على سورية من أحداث يمكن القول بكل ثقة إن هناك إرادة في أن يبقى على حاله من البلادة و اللامبالاة فيما يخص القضايا الحيوية للوطن و المواطن .. و من العاطفة المثيرة للغثيان فيما يخص بقية القضايا خاصة ما يدعوها قومية .. أؤمن ان تلك الإرادة ليست واعية أو ذات هدف سئ بل تحصيل حاصل و فيض من فيوض الجهة ” المسؤولة ” بفعل الأمر الواقع لا بفعل الحاجة لها أو بفعل الضرورة .. لأن الضرورة تحتم كنس كل من كان سببا بجعل وجودنا ذاته يبدو غير ذي معنى أو جدوى ..
ما السر في أن يعين وزير جديد كل مرة بميزات و مقدرات مختلفة عن سابقه ثم نراه يسلك ذات مساره لا يحيد عنه لحظة حتى لو كان مسارا خطأ .. ما السر في أن تعين حكومة جديدة كل مرة بتشكيلة من أكاديميين و ذوي خبرة كما يوصفون ثم تنحو ذات نهج سابقاتها حتى لو كان نهجا فاشلا معيقا للحلول و مكرسا للمشاكل القائمة و مخلقا لأخرى جديدة .. ما السر في أن كل التعيينات في الدولة تخضع لذات المقياس و ذات الرؤية و لم الإصرار على رؤى و مقاييس أثبت الزمان كارثيتها .. لا سر في الأمر و هو ظاهر كالشمس ..
إعلامنا عينة عن باقي المزيج المترهل و أداءه صورة و مثال عن الآلية التي تدار بها شؤون الدولة .. إعلامنا لا هو بالغبي و لا هو بالذكي هو فقط مغلوب على إمره ..
إن أكثر ما يثير الأسى هو أننا أضعنا فرصة لن تتكرر .. النار التي نشبت و الدماء التي بذلت كانت حرية بإيقاظ المومياءات لكنها لم تغير ساكنا بالقيمين على الإعلام و البلاد و على الأنفاس ..
ملاحظة .. بعد سنتين من تشكيل الحكومة وزارة الإعلام ما تزال بصدد وضع الخطة الإعلامية المناسبة
