الباشا والكلاب .. غضبة الكلب وانتقام الباشا

تخيلوا ان علما تركيا تم احراقه خارج الأراضي التركية من قبل مواطنين لايعتبرون أتراكا .. بل سوريون معارضون .. وكانت النتيجة ان كل تركيا استفزت .. ولم يشف غليل الاتراك سوى اذلال واعتقال الفاعلين .. ومعاقبتهم بقسوة ..


ولكن هناك حقيقة مذهلة يكشفها هذا السلوك العنصري التركي .. وهي ان الاتراك يتصرفون باحتقار شديد ضد السوريين جميعا مهما كانت درجة ولائهم للسلطنة العثمانية .. فلو أحرق العلم التركي مواطنون اوروبيون او من أي جنسية أخرى فان الاتراك لن يحسوا بهذا القدر من الاستفزاز والاهانة .. ولكن عندما يكون الفاعل سوريا فان درجة الغليان مرتفعة للغاية .. وليس السبب هو فقط الرغبة في ايجاد اي عذر لرفع مستوى العنصرية والكراهية ضد السوري على الارض التركية الذي ينظر اليه الاتراك على انه مستوطن يجب طرده .. فهذا الحدث سييجده الاتراك فرصة ثمينة لتبرير رفع مستوى عنصريتهم .. بل السبب هو تدني مستوى الشعور بانسانية السوري وحقه في التعبير عن نفسه .. وهناك كم هائل من الاحتقار للسوريين والنظر لهم بدونية مفرطة لدرجة ان احراق احدهم للعلم التركي اعتبر تمردا على السيد وشقا لعصا الطاعة واعتداء على شرف كل تركي في اصغر قرية .. وان الكلب السوري يعض يد سيده العثماني ..


احراق الاعلام هو مشهد متكرر روتيني في كل المظاهرات الغاضبة في كل العالم ولكن احراق العلم الامريكي او اي علم اوروبي ملايين المرات لم يجعل اميريكا او غيرها من الدول الاوروبية تقبل على ملاحقة الفاعل واعتقاله .. ولو احرق العلم التركي في اي أرض خارج تركيا فان الدولة التركية لن تلاحق الفاعلين .. والشعب التركي سيرى الامر تعبيرا عن الغضب .. ولكن طالما ان الفاعل سوري فان هناك شعورا بأن الفاعل عبد وانه تجرأ على سيده .. والعبد يجب ان يعاقب .. كما كان الفلاح السوري يعاقب بقسوة من قبل الباشا العثماني لدرجة وضعه على الخازوق بسبب اي مخالفة .. وهذا هو جذر المشكلة .. وهي ان التركي لايزال يرانا فلاحين ومكاننا الخازوق .. ويرى نفسه الباشا ..


اضافة الى ان هذا السلوك التركي يعتبر احراق العلم التركي حدث على ارض تركية وليست سورية .. وهو يطبق القوانين التركية على سوريين في ارضهم .. أي انه ألغى الاعتراف أنه قوة غريبة محتلة .. ويرى ان الارض التي يقف عليها الجنود الاتراك والمعارضون السوريون هي ارض تركية وتخضع لقوانينها ..

اليوم يعلم الاتراك على اختلاف انتماءاتهم ان العلم ليس ملكا لحزب ولا لمذهب ولا لزعيم .. ومن يريد السلطة لايغير العلم ولا يهينه .. ومن يهين علمه سيهان .. أما المعارضون السوريون فانهم منذ بداية الاحداث تسابقوا بحماس منقطع النظير لاهانة علمهم الوطني .. علم الدولة والشعب السوري ولم يكونوا مضطرين لتغيير العلم السوري ولاقبول تبديله .. ولم يفكروا حتى ان يحموا هذا العلم كرمز جامع للبلاد .. ولكنهم قبلوا باذلال علمهم واعتبروه خاصا بعدو .. رغم ان العلم السوري الوطني موجود قبل هذا العهد وقبل مجيء حزب البعث الى السلطة .. ومع هذا فانهم لم يتركوا طريقة لاحتقار واذلال هذا العلم ولم يفعلوها .. أحرقوه ومزقوه ونثروه وبصقوا عليه وأنزلوه ودفنوه بشكل هستيري مما عكس حالة من نضوب الوطنية وحلول الانتهازية .. وتعاملوا مع علم بلادهم بحقد لايفهم سببه .. أهانوا علمهم وقبلوا بعلم وضعته دولة محتلة فرنسية .. ولذلك كان انتماؤهم لأي علم آخر مشكوكا به .. وهذا مايراه التركي اليوم .. فمن يتخلى عن علم بلاده تحت اية ذريعة سيحرق اي علم آخر .. وسيحرق اي بلاد يكون فيها ..


اليوم يتذوق السوريون المحبون لتركيا عدالتها وسماحتها .. ويتلذذون بمحبة الوالي وحب السلطان .. ويعيشون النعيم الذي حلموا به .. وسيرون قيمتهم الحقيقية كلما غضب التركي واستشاط غضبا .. أليست هي الحرية هي كل مايطلبون؟ ألم يمارسوا هذه الحرية في شوارعنا وطرقاتنا؟ ألم يحرقوا اعلامنا وشبابنا أحياء؟؟ واعتبروا الدولة السورية قاسية وطاغية لأنها رفضت هذا السلوك البهيمي .. اذا أردنا أن نعامل هؤلاء على الطريقة التركية وعلى الطريقة التركية فان مافعلوه ببلادهم ورفاقهم وجيرانهم وأهلهم من عنف وخيانة واهانة للبشر والحجر والشجر .. يوجب علينا ان نستعير من تركيا كل مالديها من خوازق عثمانية لتنفيذ احكام عثمانية تليق بهؤلاء المجانين والخونة ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s