حبر من دم البروق .. ومحاولة اغتيال الرعود .. من سيقتل الحكاية ويأكل لحم البرق؟

الحكايات الخالدة والقصص التي تتوارثها الشعوب لها قدرة هائلة على ان تتحول الى أرواح .. وكيانها يتشكل ويصبح كالجسد المسكوب من الضوء وله سلوك العطر عندما يفوح ويسير فورا الى الروح لينعشها دون أن تراه .. ولذلك فان قتل الحكايات هو أكبر عملية ابادة جماعية لأنه يصيب بالدمار النفسي عددا هائلا من الناس ويفصلهم عن أرواحهم ..
وهنا أسألك عزيزي ان كنت قد رأيت يوما حكاية جريحة او حكاية تنزف من جسدها او بترت منها قطعة من جسدها الجميل الرشيق الممشوق؟ او هل صادفت عيناك مشهد حكاية قتيلة مضرجة بدمها وقد طعنتها السكاكين؟؟ وان كنت رأيت عملية اعدام لقصة شهيرة وقطع رأس لسيرة شعبية محببة للناس؟ واخشى أنني سأرهقك ان سألتك ان كنت قد رأيت ظلا جريحا او ظلا ينزف او ظلا مات وتركه صاحبه ملقى ومضى لايلوي على شيء من غير ظل في عز النهار؟
هل جربت أن تحكي حكاية جميلة بديعة لطفل ثم أعدت سردها في اليوم التالي وقد غيرت في سياقها وابطالها ومصائرها قليلا؟ ثق أن الطفل لن يغفر لك .. وسيرفض تعديلاتك عليها؟ وسينظر اليك بعينيه البريئتين اما غاضبا او عاتبا او مكذبا؟؟ وسيصحح لك الحكاية كي تستقيم كما كانت .. وقد يبكي ان رفضت تصويب الحكاية ورفضت انقاذها واعادتها الى الحياة على عهدها ..


اغفر لي أنني أطلت عليك بهذه القطعة من الأسئلة الكابوسية .. لكنني أسألك كي أقول لك انني أمرّ أحيانا بذلك الاحساس الطفولي بالغضب والرغبة في البكاء وأنا أسمع قتل الحكايات والقصص التي شكلت روحي ويقيني .. فثق بأنه لن يكون هناك منظر مؤلم مثل الحكاية التي تقتل وتموت أمام عينيك .. فما واحدنا الا مجموعة من الحكايات التي بنته وعاشت معه وصنعت عقيدته وعقله ونجواه الداخلية .. انها ظل الانسان .. وعندما تسير من غير ظل فاعلم ان جسدك صار غير موجود وأنك صرت في العالم الاخر لأن الشمس لاتراك .. ولايترك جسدك بصماته عندما تمر به أشعة الشمس ..


كان الله في عون هذا الشرق .. وكان الله في عون هذه البقية الباقية من ارواحنا .. لأن دهاء العدو صار فوق كل تصور .. لانه لم يعد يسدد بنادقه على أجسادنا .. بل انه يسدد النار على ظلالنا التي تسير معنا ويقتلها .. ربما يضحك أحدنا وهو يرى عدوه يقتل له ظله ويسدد البندقية على ظله ليتركه يسير تحت الشمس من غير ظل .. يضحك احدنا من غباء العدو وهو يسدد على الظلال .. ولكنه يدرك ان قتل الظل هو القتل الأعنف .. والعدو اليوم يقتل كل حكاياتنا ويفصل ظلالنا عن أجسادنا ..
وهنا ركز العدو على الحكايات التي تسكن فينا .. فقتلها .. وصرنا شعبا لاحكاية له .. نتسول الحكايات ونبني شخصيتنا من حكايات هوليوود وديزني فقد قتل العدو نصف الاسلام بقتله شخصيات المسلمين التاريخية عبر الحرب الطاحنة المذهبية التي أطاحت بكل المقدسات وقتلت كل طائفة شخصيات الطوائف الاخرى وأبادتها .. والعدو العنيد يبدأ اليوم عملية تصفية واغتيال لكل الشخصيات التي هزمته في التاريخ القديم والحديث .. ويسحبها من ذاكرتنا ويستدعيها كلها ليحاكمها ويلفق لها الاتهامات وشهادات الزور .. وقد جند لذلك مجموعات من الحاقدين على أنفسهم من ابناء العرب وابناء هذا الشرق .. ومعظمهم من المريضين نفسيا والطالبين للشهرة واللايكات والذين لايقرؤون ولا يؤلفون وليسوا فلاسفة ولامفكرين .. وهؤلاء هم فريق الاغتيال الذي له وظيفة واحدة فقط هي اغتيال الحكايات التي تستوطن الشرق .. وافراغ الشرق من كل رموزه التاريخية وحكاياته .. وعندها يصبح الشرق أرضا بلا حكايات .. ويصبح التزوير حكايات بلا أرض .. مثلما قيل ان فلسطين ارض بلا شعب واليهود شعب بلا أرض ..


بين فترة وأخرى يخرج علينا احد ما من صعاليك السوشيال ميديا ويسقط رمزا تاريخيا .. هكذا ومن دون سبب .. يهينه ويتهمه ويستخف به .. ويطعنه ويقطع أوصاله ويهتك عرضه ويكسر هيبته .. بل ويجعله عميلا وخائنا سريا ومندسا من مندسي الماسون ..
وفي كل حين أقرأ هذا النوع من تأليف الصعاليك .. ومنذ فترة قرأت مقالا جعلني أرتجف غضبا من مدعية أعرف انها لاتقرأ ولا تفهم .. ورغم انك بمجرد ان تراها تحس باللاارتياح ففي وجهها تلك السحنة الافعوانية التي لاتريح ولو لم تعرف عنها شيئا .. فالنظرة الحقودة الفارغة تجعلك تحس أنك تنفر من شيء غريب وتجعلك تتتذوق نكهة كابوسية مزعجة .. وهي ليس لها في العير الفكري ولا في النفير الأدبي ولا في الفلسفي ولاشك انها ليست من جماعة اقرأ بل من جماعة أكذب باسم ربك الذي خلق .. لكنها مثل كل الباعة الجوالين اجتذبت عددا من الجهلاء الذين يحبون سيرك الكلمات والحركات البهلوانية على اليوتيوب وألعاب الخفة في رواية التاريخ .. وهي في كل مرة تتلقى بعض المنشورات الاستخباراتية وتنشرها على انها جهدها وعصارة عقلها .. وفي أضعف الايمان فانها ليست أكاديمية ولم تحصل على دكتوراة في التاريخ كي تحقق فيما تقرأ وتبدأ رحلة فكرية مقنعة ..


ولكن المقال الذي نشرته أخيرا خطير جدا وليس عندي اي شك انه كتب لها لتنشره على صفحتها لتشوه مجموعة من المفكرين التنويريين الذين دمروا المرحلة الظلامية وخاصة المرحلة العثمانية السوداء التي كانت وبالا على هذا الشرق وكان هذا الشرق مدفونا في الحياة خلالها .. انه باختصار هجوم على التنوير ودعوة للعودة الى الظلام .. واغراء لمن يتبعها بأن يفقأ عينيه كي لايرى النور لأن هذا النور كارثة .. ووهم ..


ومثل كل التلفيق والتشويه الذي تمارسه مواقع اسلامية مشبوهة جدا منذ سنوات وتنسب الماسونية للتنويريين العرب حيث يتحول جمال الدين الافغاني في مقالها (او الحكاية الجديدة للأفغاني) من ثائر الى عميل ماسوني وهو تكرار لسردية وهابية اسلامية اخوانية تنشر منذ سنوات ويعمل على نشرها كحقيقة .. وتقدمه على انه شيعي ايراني ماسوني .. وقد اخفى مذهبه ليتسلل لتدمير المجتمع المثالي الفاضل لأهل السنة وعصر الخلافة الاسلامية الذهبي المتمثل بالعثمانية (ولا حول ولاقوة الا بالله) .. وفي زعمها أن جمال الدين الافغاني طرده العثمانيون من استانبول عندما اكتشفوا سوء نيته فاستقبله رئيس وزراء مصر – وهو سليل عائلة يهودية – وأكرمه واسكنه في حي اليهود ثم زرعه في الجامع الازهر ليخرب عقول الطلبة وليضخ السموم في عقول الناس .. قبل ان يضم للمحفل الماسوني التي اسست جمعية تركيا الفتاة وهي جمعية ماسونية خلقت لتدمير الخلافة العثمانية .. والتي ولدت منها جمعية مصر الفتاة – وكل اعضائها يهود كما تقول الحكاية الجديدة – ككل حركة تنوير وتحرر لابد من نسبها لليهودية .. وطبعا في الحكاية الجديدة عن الافغاني يصبح محمد عبده والافغاني ماسونيين وشاربين للخمر ومتهتكين .. وتفيض الحكاية بشهادت سوء السلوك من مصادر لانعرف عنها شيئا مثل مذكرات السلطان عبد الحميد وهي التي لم يقرأها أحد طبعا ولانعرف مدى صدقيتها .. وطبعا من بين هذه الحركات تخرج اليقظة العربية وحركة بدعة التنوير وتبدأ منها سلسلة تحرير المرأة والتفكير في ضرورة مناقشة أصل الحجاب .. واذا كان القارئ يافعا وكان هذا هو أول ماسيقرؤه عن جمال الجين الافغاني ومحمد عبده فان هذا المقال سيتحول الى نقطة المراجعة الاولى له والحكاية الاولى التي تحاكم كل ماسيقرؤه عن هذين التنويريين .. وتتحول بعده كل القراءات المنصفة الى كتابات طفيلية لأن المقال الاول سيكون مرجعا ..


هذه الأفعى العثمانية لاتكتفي بأن تطعن الثائر الافغاني وتقتله بل انها تغمز للقارئ انه شيعي وايراني وعميل للماسون أي انها ربطت بشكل خبيث ودون ان ندري بين ثلاثة لاتجمعهم اي علاقة الا في نشرات اخبار الجزيرة والعربية وهي الشيعي و الايراني العميل للماسون ولبريطانيا .. ويصبح في اللاوعي العربي ان الشيعي الايراني دوما مندس وعميل ومخرب في المنطقة وان هذا التسلل الى الديار السنية قديم ومقصود وان هناك دوما تنسيقا بين الانكليز والايرانيين للغدر بالمنطقة وبدينها الاسلامي .. وتبدأ اسقاطات ربط ايران وحزب الله واسرائيل بالعمالة والتآمر ضد العرب السنة والمسلمين ..


وبالتالي فانه حسب هذه الحكاية التي تقتل الحكاية القديمة البيضاء لعصر الانوار تصاب كل عملية التنوير التي اوقفت المد الظلامي العثماني بالتسمم لأنها تحولت الى مؤامرة ماسونية حقيرة ضد الحكم العثماني الاسلامي .. ويصبح التنوير والتحرر من الخازوق العثماني والاحتلال مكروها لأن فيه رائحة الخيانة والعمالة الشيعية لبريطانية .. وباللاشعور يرتد الوعي بحثا عن اللاتنوير وماقبل عصر الانوار العربية لأنه الملاذ الآمن .. فالظلام أفضل من الضوء المليء بالجواسيس والعملاء والماسون ..
ولاتكتفي هذا الأفعى بذلك بل تهاجم الوطني المصري سعد زغلول باشا وتتهمه بالتواطؤ سرا مع اللورد كرومر وتتحول كل حكاية ثورة 1919 ضد الانكليز التي تسببت بنفي سعد زغلول باشا خارج مصر تصبح تمثيلية حقيرة بين سعد زغلول واللورد كرومر .. اي ان الحكاية التي يرضعها الوعي الوطني المصري والعربي عن صلابة سعد زغلول ووطنيته تصبح كذبة ونكتة سخيفة بل ومهينة للوعي لأن سعد زغلول عميل بريطاني ..


وتتمدد هذه المعتوهة لتصل حتى الى فكر وشخصية طه حسين عميد الادب العربي الذي تتهمه بأنه المفسد والمخرب لأنه كان تنويريا .. ويصبح طه حسين الذي كان يقول: ان الفقر لايحارب بالدعاء .. والجهل لايحارب بالمناهج الدينية .. والمذهبية لاتموت بالتكفير .. والتخلف لايحارب بالفتاوى والبطالة .. والفساد لايحارب بخطب المنابر .. ويصبح طه حسين بهذا مخربا وفاسدا وضد الدين .. ويصبح كتابه البديع الذي ألفه عن (الشعر الجاهلي) هو الأداة التي اراد بها تحطيم القرآن .. وتسخر هذه الصعلوكة من عصر التنوير .. ويصل بها الحقد الى درجة انها تنسب شعار (الدين لله والوطن للجميع) الى مؤامرة لاسقاط الاسلام .. وطبعا كل ماتجده هذه الصعلوكة في طريقها تحاول جرفه وتجريفه ورميه بالشتائم والاتهامات والتخوين مهما كان مفكرا تنويريا .. وستصل الى كل وطني وتنويري وتقتله بحكايات لابحث فيها ولاتحقيق ولاتدقيق ولارسالة دكتوراه .. بل رسالة يوتيوب وماجستير الفيسبوك .. ورسالة تخريب وتدجين العقل العربي بتحويله الى دجاجة عندما يفقد كل نواجذه واسنانه .. ويصبح همه ان يعيش في قن الخلافة العثمانية والاسلامية ..


طبعا هذه نبذه عن كيفية قتل الحكايات بالكذب والطعن والتلفيق .. والتسميم والتشكيك .. في الطريق الرهيب لقتل الامم .. وهذه سلسلة مترابطة من عملية قتل الرموز والحكايات في الأمة لتصبح أمة بلاحكايات وأمة لاظل لها .. فمن لاظل له هو في عداد الاموات وليس الاحياء لأن الشمس لاتراه ..
فماهي الامة وماهو وجدانها وماهو عقلها وكيف يتشكل؟ انه مانسميه الذاكرة الجماعية والتاريخ وسلسلة القيم الثقافية والشخصيات المتتالية والحكايات والاساطير التي تشبه سلسلة الدي ان اي هي التي تحمل كل عقل الامة وكل مكوناتها .. واي تغيير فيها يسبب الطفرات والتشوهات الثقافية التي قد تكون مميتة .. ولذلك فان قتل الحكايات والقصص هو عملية اعتداء على تكوين الامة ويشبه الحرب البيولوجية بالفيروسات على الجسد .. فهي عملية ابادة جماعية متطورة جدا لأنها بتغيير شيفرات التفاهم واللقاء على القيم والمعاني المنشتركة وتدجين العقل فانها تفكك المجتمع اذ تتلاعب في مورثات الثقافة ومكوناتها الاساسية ..


ومن هنا نفهم عملية قتل الرمز النبوي المستمرة للنبي محمد بتصويره كاريكاتيريا وتقديمه على انه ارهابي وزعيم لداعش والنصرة التي هي نسخ مكررة عنه .. ويصبح في اللاوعي كل داعشي بجدائله ومنظره الكريه سفيرا للنبي وشبيها به وظلا له .. وله رائحته ودمويته ولحيته الكريهة .. وترافق ذلك كتابات لاتتوقف بحجة البحث التاريخي كي تقول ان النبي كان مجنونا او مأفونا او مهووسا أو دمويا أو أو أو أو .. ومنها جاءت آيات سلمان رشدي الأيات الشيطانية في نفس السياق الذي يهدم الرمز بحجة حرية الفكر ..


حتى صلاح الدين الايوبي لم ينج من عملية القتل والتكريه حيث يتناوله البعض عن جهل وينهال عليه بالشتائم او التقريع بحجة انه أنهى الخلافة الفاطمية أو تخلص من مكتبة هنا او هناك .. رغم ان البحث التاريخي الرصين لايقدمه على انه كان قديسا وبلا أخطاء .. ولكنه يقدمه على انه صنع معجزة وعبقرية عسكرية في النهاية وربما كان الانقلاب على الدولة الفاطمية لتوحيد كل المنطقة تجاه الصليبيين ضروريا او عملا تبين انه زاد من حظوظ مشروعه التحرري المواجه للمشروع الاستيطاني الاوروبي المتثمل بالهجمة الصليبية فلا يوجد تقييم واضح لتلك المرحلة … ويبقى انجازه العظيم الذي لايقدر بثمن في أنه دمر مشروعا أوروبيا في الشرق استمر 200 سنة وتمكن من اقتلاعه وهو نسخة عن مشروع اسرائيل التي يحتار العرب في كيفية اقتلاعها .. وهذا يكفيه ليكون أحدى الحكايات التي يجب ان تعيش معنا وفي عقول أطفالنا .. وشبابنا .. بدل أن نقتلها.. لنترك عملية تشريحها للدراسات الاكاديمية التاريخية .. فرمزيتها صارت أهم من حقيقتها ..


كل وطني في تاريخنا هو عميل في هذه المرحلة الصعبة من عملية تقتبل الحكايات والابادة الجماعية للقصص والأبطال والرموز التي تشكل أعمدة الوعي .. فيصبح عبد الناصر في الحكايات الجديدة عميلا للسفارة الامريكية .. فقد خرج من اجتماع غامض في السفارة الامريكية قبل ثورة الضباط الاحرار بأيام .. وهو نفذ مخططا أمريكيا سريا لاخراج بريطانيا من الشرق .. وحافظ الاسد هو الذي جاء بكوهين الجاسوس وزرعه .. وهو الذي باع الجولان وهو نفذ مؤامرة صهيونية من أجل كرسي الحكم .. والقذافي هو ابن مهاجرة يهودية مغربية .. وكل من وقف ورفض الاستسلام للغرب ودعا الى التحرر والتطور والتنوير .. له حصته من التدمير والقتل المعنوي والرمزي ..
وسيصل القتل الى شخصيات أسطورية شبه مقدسة .. ولن ينجو المتنبي يوما منها وسيطعن سيف الدولة الحمداني .. وسيقال انه كان حاكما علويا لدولة علوية وان لقاءه بالمتنبي كان بسبب شيعية المتنبي .. وان قتاله للروم كان تمثيلية لاضعاف سلطة الخليفة .. وهناك لاشك أنك ستبكي وانت ترى حكايات حلب ومجالس العظمة الفكرية في مجلس سيف الدولة تتآكل وتنهار ويتحول أجمل الشعر العربي على الاطلاق الى متهم بالخيانة والطائفية والعمالة ..


وطبعا سيتم الانتقام من الشعراء الكبار والمفكرين والفلاسفة الذين صنعوا النهضة .. وصنعوا لنا ذائقة .. ولن يغفر لنزار قباني الذي سار على خطا التنويريين وحاول تحرير الحب من العقلية العثمانية وجعله حقا من حقوق الانسان المشرقي والمرأة المشرقية .. وأطلق عصر المرأة .. وعلمنا كيف نخرمش السماء قهرا من الهزيمة .. ورفض التطبيع ورفض السادات ورفض جرائد ابي لهب .. واحتقر النفط وأهل النفط .. واحتفل بالخميني وبأطفال الحجارة ..


هؤلاء هم الأمة .. ووعيها وظلها الذي لايفارقها .. فماهي الامة وماهو وجدانها وماهو عقلها وكيف يتشكل الا بهؤلاء؟ انه مانسميه الذاكرة الجماعية والتاريخ وسلسلة القيم الثقافية المتتالية والحكايات والاساطير التي تشبه سلسلة ال (دي ان اي) التي تحمل كل عقل الامة وكل مكوناتها .. واي تغيير فيها يسبب الطفرات والتشوهات الثقافية التي قد تكون مميتة .. ولذلك فان قتل الحكايات والقصص هو عملية اعتداء على تكوين الامة ويشبه الحرب البيولوجية بالفيروسات على الجسد .. فهي عملية ابادة جماعية متطورة جدا لأنها بتغيير شيفرات التفاهم واللقاء بين الناس على القيم وعملية تدجين العقل فانها تفكك المجتمع اذ تتلاعب في مورثات الثقافة ومكوناتها الاساسية ..
وهكذا تنهش هذه الديدان والزواحف الفيسبوكية لحم الحكايات وتمزق أسماك القرش أجساد الرموز .. فيما تترك هذه الديدان أكوام القمامة والجثث المتفسخة لحكام الخليج والاسر الخليجية التي لم تترك موبقة وخيانة وعمالة لم ترتكبها علنا .. وتعف هذه الحكايات عن الملوك العرب في المغرب والاردن وكل مكان .. تتركهم طليقين في خياناتهم وتطبيعهم وحفلاتهم مع ضباط السي اي اي والموساد .. بل ان بعضهم من عائلات يهودية معروفة .. وأمهاتهم يهوديات وآباؤهم حاخامات…


ولكن .. الديدان والحشرات الفيسبوكية لاتقترب منهم .. وكلاب الفيسبوك واليوتيوب لاتنبح عليهم .. لأن أصحاب الكلاب يزجرونها .. وهم لايطلقونها الا كلما سمعوا صوت صهيل حصان بري يقترب .. وكلما قصف الرعد .. وظهر البرق ليتحدى الليل .. فيطلقون كلابهم وهم يظنون ان نباح الكلاب سيغطي صوت الرعد .. وتظن هذه الكلاب ان لحم البرق مثل لحم البقر .. وأن أنيابها ستمسك به .. انه البرق ياأغبياء .. لايطفأ .. ولايحبس .. ولايخفى في خزائن الظلام .. بروقنا ستبقى تلمع .. ورعودنا ستبقى تقصف .. الى ان تسكت أصوات الكلاب .. والكلاب .. واصحاب الكلاب ..


فاياك ان تموتي أيتها الحكايات .. قلمي سيعطيك دمه كي لاتموتي .. وسأسكب في فمك الظمآن الحبر كالماء الزلال .. وسيبقى كل قلم حبره من دم البرق حارسا عليك .. فمن سيطفئ كلاما مكتوبا بحبر من دم البرق؟؟

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s