نهاية فلاديمير بوتين ووصوله الى الغواصة الروسية في طرطوس .. الغرب يريد يلتسين جديد

ربما كان الخوف الكبير وراء الأحلام الكبيرة .. فالخوف من الموت ربما أوصل الناس الى حلم البعث والنشور .. والخوف من الظلم أوصل الناس لفكرة الحساب ويوم الدينونة والجنة والنار .. والخوف من الحقيقة قد يوصل الخائف الى الحلم والوهم والخرافات والأساطير ..

في كثير من الأخبار الغربية ليس هناك أخبار .. وليس هناك تحليل .. وليست هناك قراءة .. بل أمنيات ورغبات وأحلام وخوف كبير خفي .. وكأن الاحلام ستتحقق عندما نكتبها ونقولها ونعبر عنها .. ومن بين هذه الاحلام القوية هو حلم كبير بنهاية عهد الرئيس بوتين المخيف للغرب .. ومن يقرأ الاخبار الغربية يحس ان الرئيس بوتين يختبئ في غواصة روسية ويفكر باللجوء الى ايران او الصين او ربما الى طرطوس ..


فرغم ان الروس يحشدون مئات آلاف الجنود وقرروا نقل العملية العسكرية الى مستوى أعلى بعد ان أنجزوا تحرير 100 ألف كم مربع اي خمس اوكرانيا … فانه وبعد كل هذا الانجاز كبرت الاحلام الاميريكية .. والاحلام الكبيرة لاتأتي دوما من الامل الكبير بل من الخوف الكبير .. والقلق الكبير .. فكلما عظم الخوف بالغ الخائف من حجم أحلامه وكأنه يحتمي بها ويلجأ لها .. ويعوذ اليها ..
ولاشك ان هناك حربا نفسية يشنها الغرب على روسيا وهناك تصوير لما يحدث هناك على انه هزيمة عسكرية مهينة تلحق بروسيا .. ولكن الحقيقة هي ان الحرب الحقيقية ستبدأ الآن .. ولايمكن ان يكون حشد نصف مليون جندي روسي فقط من أجل استعراض عسكري للعضلات .. بل هؤلاء الجنود مكلفون بمهمة قتالية يجب على الغرب ان يقول الحقيقة من خلالها وهي ان الروس عازمون اليوم على تحدي الغرب وعلى اسقاط حكم زيلينسكي .. وتصويب الخطأ الذي حدث عام 2014 .. وتركته روسيا من غير تدخل لانقاذ الشرعية ضد البلطجية المتطرفة ..


فماحدث في اوكرانيا عام 2014 كان هو ماسيحدث في سورية علم 2011 .. ففي سورية كان المفروض احداث هزة عنيفة في الدولة وتصوير الرئيس على انه خرج من السلطة وتبخرت الأجهزة الرسمية .. ولذلك تم تنفيذ عدة محاولات اسقاط الدولة افتراضيا عبر اعلان ساعة الصفر واغتيال خلية الازمة التي أعقبه اطلاق عملية اقتحام العاصمة فورا في ظل القلق والفوضى .. وحاول الاعلام الغربي ان يصور الرئيس في هذه الاثناء على انه يحزم حقائبه وانه مشغول بالبحث عن ملاذ آمن في غواصة روسية .. بل وصار الاعلام الغربي يقدم اقتراحات باللجوء الى ايران او سيبيرية .. وكل هذا الضخ الكبير للأكاذيب من أجل تحقيق الحلم الغربي بسقوط الدولة السورية عبر اقناع الناس ان الدولة تفككت قبل ان تتفكك فعلا .. ولكن الحلم الغربي لم يتحقق لأن الرئيس بقي في مكانه .. ولم يكترث بشدة الحرب النفسية ولا بسقوط القذائف حول القصر الرئاسي .. ولم تغره فكرة الهروب الى الغواصة الروسية .. فبقي الناس وبقي الجيش .. وكان أهم سلاح لكسر الحلم الغربي هو ألا يسمح له الا ان يكون حلما .. وكانت اي استجابة لهذا الحلم وأي تصديق له من قبل الوطنيين السوريين تعني انه سيتحقق .. فكل تصديق للحلم والوهم يحوله الى حقيقة وواقع ..


في أوكرانيا عام 2014 كانت هناك مجموعات متطرفة لها ميول عدوانية تستولي على السلطة بالقوة والبلطجة وبمعونة نفس الغرف السوداء الاستخباراتية الغربية التي تدير الربيع العربي .. ولكن في اوكرانيا لم تصمد الدولة عام 2014 وفرّ الرئيس في ساعات وترك الروس في حيرة من امرهم لأنه لم يبق لهم مبرر للتدخل بعد تبخر الدولة الاوكرانية .. وبمجرد تبخر الدولة ملأ الاميريكيون الفراغ عبر مجموعاتهم الموالية لهم ..


عندما تتبخر الدولة والرئيس ويتحلل الجيش يحدث السقوط المدوي ويصبح اي تدخل بلا معنى لأنه دخول في الفراغ .. وهذا هو سر الانتصارات الامريكية في الشرق الاوسط .. فبغداد سقطت تلفزيونيا عندما سقط التمثال قبل ان تسقط الدولة .. وأغلق الاعلام الغربي اي أخبار عن الرئيس العراقي للايحاء انه تبخر .. فانهار كل شيء .. وتكرر نفس الشيء في ليبيا بحذافيره ..


مايحاول الغرب احداثه في روسيا هو اثارة الذعر والهلع من أخبار الهزائم الروسية والمبالغة الشديدة في تصوير الانتصارات الاوكرانية على انها زلازل .. والحديث عن مئات الاسرى واحتراق مئات الدبابات وفرار آلاف الضباط .. عل هذا يحرك الغضب في الشارع الروسي .. ويشق صفوف الروس في داخل روسيا ويخلخل تماسك القيادات والتماسك الاجتماعي مما يسمح لقوى الفوضى والغرف السوداء ان تتحرك بحرية في موسكو واعادة تنصيب يلتسين جديد في الكرملين .. وانهاء عصر بوتين .. رغم أن الحقيقة بسيطة جدا .. فالروس في اوكرانيا تراجعوا في قطاعات صغيرة لاسباب متعددة ولكنهم ممسكون ب 100 ألف كم مربع .. ولايزال وضع القوات الاوكرانية التي دخلت القطاعات الاخيرة غامضا اذا ماكانت دخلت منطقة مكشوفة ستتم ابادتها فيها عندما يتعذر انسحابها منها اثر سقوط امطار وثلوج الشتاء ..


ولكي نفهم الوضع في اوكرانيا فانه يتلخص في أن الروس يكمنهم ان يبقوا حيث هم الان ولايتقدموا لأن أحد أهم أهدافهم هو تحرير المناطق الناطقة بالروسية وقد تحقق .. ولكن تقديراتهم الآن ان الغرب سيستعمل حكم زيلينسكي كغطاء لاقلاق وجودهم في المناطق المحررة .. كما يستعملون اي دمية في الشرق الاوسط مثل شيوخ الخليج في تحريكهم ضد عبد الناصر وضد الخميني وضد الاتحاد السوفييتي .. وكما يستعملون كركوزات لبنان ضد لبنان وضد سورية وحزب الله .. فقرر الروس اطلاق المرحلة الثانية من الحرب .. والتي من خلال الحشود الضخمة لن تتوقف الا في كييف .. واعلان سقوط حكم عصابة زيلينسكي وازالة الشرعية عنه .. وهذا ماأطلق العنان لأحلام الغرب بتدمير قوة بوتين وهزيمتها افتراضيا .. وتطوير الهجوم الاعلامي للوصل الى داخل قصر الكرملين والبدء بكتابه سيناريوات أفلام كرتون عن صراع وخلافات واختلافات وعن صعوبة حياة الرئيس بوتين وتوجسه من اخبار الهزائم المتلاحقة .. والحديث بلا توقف عن انتصارات جيش زهران علوش الاوكراني زيلينسكي .. طبعا تلاشى سيناريو اصابة الرئيس بوتين بمرض عضال والذي كان يفترض حسب القصص الاعلامية الغربية أنه يحتضر وان طواقم الاطباء الروس فقدوا الأمل في شفائه .. كل هذا والجميع يعرف ان المرحلة الثانية من الحرب لم تبدأ بعد وان الاوكرانيين ينتصرون في التلفزيونات .. وفي تقارير ال سي ان ان .. و بي بي سي .. وأن الرئيس بوتين يطوقه الشعب الروسي بتأييد جارف في الحرب ..


لأننا عشنا الحرب الحقيقية .. ولأننا عشنا الحرب النفسية الضارية علينا .. ولأننا عشنا حرب الشائعات .. ولأننا عرفنا كيف يفكر الغرب .. وكيف ينتصر بالصورة والشائعة والفبركة .. وكيف يحاول ان يصنع انتصارات قبل ان تحدث .. فاننا نعرف ان زيلينسكي ماهو الا مثل زهران علوش الذي كان يقيم الاستعراضات العسكرية لجيوشه الجرارة وكان قد كلف بعملية اقتحام دمشق .. ومثل ابو محمد الجولاني .. الذي كان يلتقط الصور في غرف العمليات في حلب .. رغم انه كان يهرب مثل الجرذ من منطقة لاخرى .. ولكن الاول انتهى في غارة جوية وتبخر .. والثاني انتهى في جحر ادلب .. وزيلينسكي او زهران علوش اوكرانيا او جولاني الناتو .. فانه سينتهي باحدى النهايتين .. وهذا ليس حلمنا الخائف .. بل هو الحقيقة التي صنعناها يدا بيد مع روسيا ..

روسيا لاتبحث عن يلتسين جديد ولن تعيد تلك الخطيئة والكارثة .. بل تبحث عن قياصرتها .. ويمكن لاميريكا ان تحلم كما تشاء .. وأن ترفع شعار الشعب يريد ان يسقط بوتين .. ولكنها أحلام العصافير .. عصافير البنتاغون حلمت يوما ان ترفرف فوق قاسيون .. واليوم تحلم ان ترفرف فوق الكرملين ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s