إن لم ترشدك الكلمات إلى نفائس المعاني وإن لم تجذب فكرك بعيدا عن السعي بين جحود الأقوال وفجور المحن فهي تريد منك أن تكون مع بقاء الحرب ولست ضدها وكما نشهد خلف وجوه الكلمات شموسا هناك أيضا ليل مقفر من الضوء ..
الحروب ليست بذاك الجمال ولا بتلك القداسة إلا عندما يكون هناك أمر واحد وهو إنقاذ الإنسان من توحش الإنسان ففي سوريا لم تستفق الحرب مصادفة فقد كان حجم الحرب مما هو من اعداد الدول والمسلحين ووسائل الاعلام وكم التحريض الطائفي المريع براهين كافية لمن عقل أمره بأن هذه الحرب وجدت نظريا قبل تفعيلها على أرض سوريا فإن قوة المقاومة في لبنان والمؤلفة من بضعة آلاف احتاجت لعقدين وأكثر من الدعم العسكري والتدريب السوري والإيراني لتدخل في مواجهات مع العدو الصهيوني والا فكيف اذاً تم تأمين نصف مليون مسلح أجنبي وعربي “مصادفة” وكيف عبروا إلى سوريا ؟؟!! وإن دقق أحدكم سوف يدرك كيف تم تعمية هذه الحقيقة بجهالة ثوار الدم عندما استغاثوا بالمسلمين حول العالم واظهر الأمريكي أنه تمت الإستجابة لهم والمثير للإشمئزاز من الأمريكي والثائر الدموي معا أن الفلسطيني كان يستغيث منذ مايقارب القرن لم يلبه في العصر الحديث سوى بضعة أشخاص خارج خارطة المسلمين والعرب ومنهم الشهيدة راشيل كوري ومن اليابان كذلك من ناصر فلسطين فلغة استغاثة الفلسطينيين وصلت إلى اليابان وأمريكا ولم تصل إلى من وصلوا إلى سوريا لقتال الجيش العربي السوري منذ نصف قرن. هكذا يعتبرالمسلم مظلوما عندما ترغب أمريكا واسرائيل بأن يكون مظلوما. الطوفان الاجنبي المسلح لم يصغ لقهر الفلسطينيين لأن هناك خطة إدارة مسبقة لتكتيك الحرب ..إن الذي تحكم بوجهة جهاد مئات آلاف (المجاهدين) من اجانب وعرب وسوريين بمحاذاة المحتل اليهودي المحتل من دون المساس جهاديا بجندي صهيوني يخبرنا
بأن إدارة هذه الخرب لم تتشكل بظرف مؤقت بل بتخطيط منذ سنين .
الجميع يذكر تكرار اوبريت التصريحات العالمية لرؤساء الدول في كل مناسبة تجمع هؤلاء وهي تردد قول: إن على الأسد أن يرحل وتزامنت هذه التصريحات مع كل يوم جمعة تطالب الأسد بالرحيل الكل كان ينادي بالرحيل حتى أن كلمة رحيل الأسد قيلت بكافة لغات العالم .. ماذا كان يريد هذا العالم المادي من خلف هذه التصريحات المتفق عليها بين عشرات الرؤساء كيف اتفق قلب غربي صليبي الهوى مع قلب مسلم اخواني ..لقد كان المراد من هذه التصريحات العمل على جعل الأوضاع المأساوية التي ستنتج عن اشعال الفتن من قبل الوهابية والاخوان هي من نتاج وجود الرئيس الأسد وليس من نتاج اعلانهم الحرب على دمشق بحيث سيستدل على مايحدث أن سببه هو بقاء الأسد وليس بسبب مخطط مسبق أعد في واشنطن ومحاوره ترتكز في الخليج وتركيا والأردن وهكذا تبدو المشكلة هي في بقاء الأسد وليست في حربهم على سوريا فهم يدمرون سوريا ويقولون ثورة ويشن ضد دمشق عدوان غربي ثلاثي مباشر ومازال يقال إن هناك ثورة ويدخل الأمريكي ويحتل بحور النفط والقمح ومازال الأمريكي يقول على الأسد أن يرحل ويدخل الناتو عبر التركي إلى الشمال ومازال هناك ثورة وانفصاليون يحتلون أرضا ليست لهم ويعتدي اليهودي المحتل على سوريا وإنه مازال هناك ثورة وتدخل داعش على مرأى من أعين الأمريكي وتحتل بلمح البصر مدنا في العراق وسوريا وتقام دولة داعشية وتبقى هناك ثورة ومع كل هذه الوقائع لم يتمكن دماغ المسلح من معرفة أنه مجرد أداة في حرب عالمية .

فهذا الواقع البشع كان الأمريكي ومن معه يقدمونه على أنه واقع نتيجة بقاء الأسد وليس بسبب ثورة التدمير التي تعمل وعملت كنقاب على وجه مومس وهذا الواقع كان الأسد يحاربه منذ اليوم الأول إذ أن جميع هؤلاء مازالوا معتدين على أرض سوريا على الرغم من وجود الأسد فكيف كان لهذه الحال أن تكون لو أن الأسدغير موجود ؟؟!! إنه لمن الجنون والشذوذ الفكري أن يشاهد العاقل حجم ترسانة الحرب ضد الأسد ويعتقد أن المشكلة في الأسد بل كان الأسد يمثل مشكلتهم فما كان يمكن محاربته إلا بالتحريض الطائفي والكذب فهو لم يمس طوال فترة حكمه شعرة في رأس سني بل على العكس ضاعف دعم المقاومة الفلسطينية ومنهاحماس وأعاد العلاقات مع صدام حسين المحاصر من الخليج والامريكان وغالبية دول العالم .واستشهد رجال دين سنة وعلى رأسهم الشهيد الدكتور البوطي لأنه كان يعلم أنها حرب وليست ثورة ولأنه يعلم بأن ماخلف قولهم عن رحيل الأسد هو رحيل سوريا من الوجود وهذا ماكانت تنطق به التقارير الاستخباراتية الأمريكية عن اختفاء دول ومنها سوريا .
وفي العمق من هذه المعركة كان المراد من الأسد التنحي عن خوض الحرب وليس عن الكرسي ومن ثم ذهاب سوريا إلى التقسيم وتنحيه عن مواجهة التقسيم وحتى لاتظهر حقائق مايجري ففي بقائه كانت تظهر حقائق مغايرة لما يدعيه هؤلاء عن حل سياسي وتغيير نظام فقط بل كان المراد تغيير واقع سوريا..
الجريمة الكبرى التي قام بها الاسد في نظر الأمريكي أنه اخذ أهل السنة في سوريا والمنطقة إلى مواجهة مع تل أبيب أي مع العدو الحقيقي بعيدا عما يلهو به ساسة الخليج وكامب ديفيد والناتو فقد كان الأسد في مواجهة وحيدة مع تل ابيب وعملائها وكانت شعبية الأسد تتعاظم بشكل غير مسبوق في الشارع الاسلامي والعربي فكانت عقوبة الأسد هي أن يقوم أتباع أمريكا من أهل السنة بمحاربته لأخذ أتباعهم إلى محاربة الأسد وعليه كان يجب اظهار الأسد أنه ذاك الطائفي ولكن اليوم وبعودة حماس إلى دمشق يتأكدللجميع أن الأسد لم يكن شخصا في موقف ما ليصير في موقف آخر ففي عودة حماس تبيان لحقيقة مانقول.
الأسد لم يعد إلى حماس لأنه في الأصل لم يرحل عن الموقف المبدئي لدمشق ذاك الموقف الذي أراد الغرب رحيله عنه وعادت حماس إلى رشدها وليس الأسد من عاد .وما كان رحيل حماس عن دمشق فور اعلان الحرب إلا لنفي صبغة المقاومة فلسطينا وسنيا عن دمشق واظهار الأسد بعيدا عن موقفه الحقيقي وهذا هو الدور الذي لعبه جزء من حماس في الحرب على دمشق .
كان من أهم أولويات الغرب أن يرى السوريون أن المشكلة في بقاء الرئيس الأسد إذ أن تكرار الغرب ومن معه لنغمة: أن على الأسد الرحيل كان يجب أن تصل إلى الموالين للدولة أن أدركوا هو ذاك الذي يقتلكم حيث يقال أن الأذى الذي يلحق بالموالي هو جراء بقاء الرئيس الأسد وليس بسبب المسلحين (الأبرياء )القادمين إلينا مع فتاوي الذبح والقتل والتكفير إلا أن الحقد الدموي لم يستطع تمالك نفسه حتى ظهرت حقيقة من حقائق لماذا يريد هذا العالم رحيل الأسد عن مواجهة شهوة الذبح والقتل وجعل دمشق عاصمة للإقتتال الطائفي فقد شهدنا أولى أيام ثورتهم الدموية كيف تم قنص الضباط العزل في حافلات المبيت (بانياس) ومن ينسى مسرح مجزرة ذبح الفلاح نضال جنود فهي ليست جريمة قام بها شخص واثنان بل مجزرة ورسالة دموية أولية لكل من لايشبههم في الفكر حيث شارك بذبح الشهيد نضال العشرات بين طاعن وشاتم ومتفرج يستمتع بمايجري لم يتفوه بحرف ضد هذه المذبحة .
في الشمال السوري مدن ومناطق خارج سيطرة الدولة السورية ولايحكمها الأسد وقد رأينا جميعا كيف أن المسلحين هناك يأكلون لحوم بعضهم كما فعلوها مرارا في المناطق كافة هؤلاء هم نخب (الجهاديين )في أقدس معاركهم ضد الدولة ويمزقون أجساد بعضهم فكيف لأنفس هؤلاء أن تؤتمن على وحدة أمة وهم متناحرون فيما بينهم يطحنون جماجم اخوانهم في ذات العقيدة في كل حي و زقاق فلنتصور اذا مالذي سيحل منهم بمن لم يوافقهم الرأي ؟! هل تذكرون محمد علوش الذي وضع النساء في الأقفاص وكيف افتتح خلال سنين قليلة محالا وشركات في تركيا بعد فراره من سوريا.. فكيف استطاع هؤلاء ممارسة جهادهم وجمع ملايين الدولارات في آن واحد كل الوقائع تشير إلى أنهم كانوا يمارسون التجارة بإسم الدين فقد استطاعوا افتتاح المعامل والشركات والسؤال كيف جمع علوش ورفاقه هذه الأموال أكان يجاهد أم كان يضحك على قومه كيف لقائد (مجاهد) أن يكنز المال ومن هم هؤلاء وماذا كان ليكون الأمر لو أنهم حكموا سوريا ففي أقدس واعظم قضاياهم هم لصوص فماذا لو كانوا في حياتهم العادية .من أجل هؤلاء اراد الغرب رحيل الأسد فما هو شكل سوريا مع آلاف من علوش ومئات الآلاف من الجهاديين المبرمجة بنادقهم بحسب سياسات الخارج ..
بعد كل هذا لنضع في مخيلتنا أن الأسد رحل فهل يمكن لأي فكر نقي أن يتوقع المشهد بعيدا عن مشهد الدمار والدم والعبودية والسبايا وقطاع الطرق والقتل على الهوية وكيف يمكن لهذا (المجاهد ) أن يتقبلني وأنا معه على شفا فالق فكري مهول وهو من يقتل أخاه المشارك معه في حربه لأجل خلاف تافه .لا تدع الأحداث تمر من خلال أفكارك من دون ذكرها لكي تقرأ الحقيقة كاملة فقد قيل سابقا أن أردوغان غش الأسد ودفع ثمن علاقته معه وقد قمنا بالرد الشافي في مقالات سابقة على هذا الكلام المريب بل الأسد يحارب اليوم لأنه تجنب العلاقة العميقة مع سياسات أردوغان أن أردوغان هو من يعود إلى دمشق وسوريا اليوم لا تواجه مصير من بايع أردوغان خليفة فهذا كبيرهم وفي أعظم مواقفه التي اطلقها دعما لهم يرمي بهم في المجهول إن هؤلاء من أردوغان وأردوغان منهم فكرا وعقيدة واليوم يتاجر بهم في العلن فقد تبين من غش أردوغان ومن يدفع الثمن اليوم ممن وثق به ..
يجب أن نذكر دائما بأننا مازلنا ندفع ثمن مواقفنا من دمنا وخبزنا ونفطنا ليس من أجل أن لا نسلم نساء واطفال سوريا للجولاني والبغدادي ومحمد علوش فقط فإن ذلك من المسلمات الفطرية في أن يحمي الإنسان الطبيعي نفسه من التوحش البشري بل كانت مواقفنا ومازالت راسخة لأننا نعلم من هم هؤلاء وكيف يفكرون ولن نخون الله وإرث شرف هنانو وسلطان باشاالأطرش ويوسف العظمة والشيخ صالح العلي وشهداء حرب تشرين وحرب تحرير لبنان من تل ابيب لقد دافعنا عن السوريين منذ عصور ليس من أجل أن تحكمها الهزيمة بعد تلك الإنتصارات المعمدة بدم اشراف سوريا فبقدر ماامتد جهل ثوار الدم في الحقد امتدت طوابير الخبز والمحروقات فماعاشه السوريون من ضيق كان نتيجة ضيق عقول هؤلاء..لقد تنحى الأسد عن حكم الكرسي إنها الحقيقة ومنذ بدء الحرب تخلى الأسد عن الكرسي وتحول من موظف يشغل كرسي الرئاسة إلى موسى دمشق وهارون المقاومة ويسوع المصالحات فهل لعاقل أن يصدق أن حربا فكرية قذرة بحجم عالمي تقوم برصد و تتبع كل كلمة وتحرك للرئيس الأسد منذ اثني عشر عاما وعلى مدار الساعة كيف يمكن لمجرد موظف رئاسي أن يتحملها ؟؟!!. مجازر لقطع الرؤوس والسحل والتنكيل ونار وحديد تحاصر دمشق وأمطار من الرصاص والقذائف تهطل على مقربة من الأسد وقصف من العدو الصهيوني إضافة إلى تهديدات بالصلاة بالمسجد الأموي ومجانين السياسة وعبيدها يخرجون فذاك يريد حلق شاربه ان لم يسقط الأسد واولئك يكبرون في المساجد الخليجية واللبنانية والتركية والمصرية في عهد مرسي ويحرضون كل مسلم في العالم على قتل الأسد واعلام عالمي نفطي ثري معد لتهديد الأسد بمصير كمعمر القذافي ومحاولات شيطنته وتصويره بأنه زعيم مليشيا طائفية .من يقف اليوم في وجه هذه الحرب المشؤومة المشتملة على اخبث انواع الحروب هو قائد إنسانية مضاعف يقف مواجها لها ليس من موقعه كرئيس دولة بل من موقعه كمخلص لأمة .من يريد اليوم البحث عمن يحكم دمشق ففي دمشق لايوجد حاكم ولارئيس لقد تنحى الرئيس عن الكرسي وحكم قلوب أشراف السوريين ..اليوم بشار الأسد موكل من عقولنا لكي يتقلد منصبه الأقدس في قلوبنا ..بشار الأسد تنحى عن كرسي قاتلتم من أجله ياأهل الشذوذ الفكري ..الأسد اليوم يحكم مشارق ومغارب قلوبنا ولو كان الأمر أن نواجه الجوع لسنة أوسنتين بل إلى ألف سنة لن يستوطن عرش شرفنا علوش والجولاني فممالك قلوبنا للملوك وليست للعبيد..