ليس من السهل أن يغادر الفكر السوري اطواق الألم التي حاكتها الحرب حول كل تفصيل دقيق من حياتنا ولهذا فإن قراءة المتغيرات لاتخلو من غصات القهر الوحشي التي تقبض على قلوبنا ولهذا سوف يقرأ البعض منا تفسير المعارك الوجودية وكأنها نصوص من التلمود تتلى على مقامات الشهداء حتى يكاد أن يظن بأننا نرفع طاعن دمشق برماح جهله من معتد إلى محق إلا أنني لن أطعن تلك الآلام العظيمة التي اعتنقت ارواح أمتي بقراءة جوفاء خاوية من العقل وكأنني أتلو بيان سلام باهت هزيل على من حاولوا قتل دمشق فهناك دم واشلاء وصبر جندي مقاوم بزاد ناسك كما لست ايضا ممن يحصر النصر في محاورات الرصاص وصيحات القذائف فإن الحرب ليست في أن يمتشق الغضب عقولنا فقط. الحرب هي حرب حيث تريد الهمم بعث سوريا إلى سيرتها الأولى والنصر ليس سجينا داخل خطوط المعارك العسكرية بل هو يحيا أيضا في مسافات أخرى قد لا تستسيغها رؤيا قلوب البعض إلا أنني على يقين بأن القلب السوري المقاوم عندما يشهد جماجم قادة الحرب عليه وهي تصعق وتنسف في قلب تل ابيب وبسلاح سوري فلسوف يعلم أن دمشق تدير الحرب ولا تطوي آلامنا طي السجل للكتب في حقائب السياسة ثم لتبرزها على طاولات المفاوضات للإستسلام بل مفاوضات يقال فيها : كيف يريد من كان معنا قبل الحرب حليفا أن يخرج اليوم من الهزيمة لأننا اعتدنا في دمشق أن لانقدم حليفا مهزوما ليقف في وجه المحتل بل أن ننتشله من الهزيمة .إنك أيها السوري إن أعدت رماة الصواريخ حيث يجب أن ترمى صواريخنا الربانية فهذا انتصار وليس امرا آخر فكل سوري مقاوم هو برتبة قديس ليس فقط لأنه ُيسمع زفير صواريخنا السورية وهي تشق جدران السماء فوق جماجم المحتلين بل لأنه في الحروب هو أكثر من محارب يعمد السلاح بدم طاهر فتعود إلى وجهتها الحق..هذه ليست كلمات عاطفية لوأد الألم في قلوبكم إنها الحقيقة ..
في عودة حماس دفنت جثة الثورة الدموية و دفنت اكاذيب اثني عشر عاما من الجهاد الخليجي التركي الذي طالما كان خارج فلسطين لقد دفنت أكذوبة الأظافر المقتلعة واكذوبة مليشيا الأسد فالمقاومة لاتنتسب إلى ميليشيا بل إلى جيش أمة وإلى أمة هذا الجيش. عادت حماس بعديدها وعتادها وتسللت خلف خطوط أكبر اكذوبة في تاريخ الصراع الإنساني اليهودي هناك من خلف اكذوبة الثورة أكدت حماس للجميع أن الأسد يحرس المقاومة في قلب فلسطين فالمقاوم لايلجأ إلى حراس تل ابيب بل إلى حراس فلسطين.. حماس قدمت الى دمشق لكي تغفر خطاياها وتصلي صلاة الميت على جثة ثورة الدم .عادت حماس بعد أن جربت أن تعبر طرق الحرام إلى القدس منطلقة من قطر وانقرة..

عادت حماس وجناحها العسكري عاجز منذ اكثر من عقد عن شكر اردوغان وصبية قطر إذ أن كل قنبلة ورصاصة وقذيفة وصاروخ ممهورة بإسم الأسد . لقد عاد الرجال من عند انصاف الرجال إلى الرجال فلا مأوى للمقاومة سوى حرم كعبة المقاومة..
عادت حماس إلى دمشق لتقاتل من أجل فلسطين المحتلة منذ مايقارب القرن والمخذولة منذ عقود من غالبية أمة المليار مسلم إلى دمشق عادت والبعض في سوريا لايريد القتال خارج مدينته فلا يلومن أحدكم كل حماس إذ أن بعض حماس أعظم انتماء الى سوريا من بعض قومنا فهي ترى فلسطين من دمشق ولكن هناك من لايمكنه رؤية مدينته من دمشق بل يريد وهو من خلف أسوار مدينته كل شيء من سوريا دون أن يقدم شيئا لسوريا .
حماس والفصائل الفلسطينية تقاتل من أرض غزة المحاصرة بأقبح أنواع الحصار على ارض غزة لأجل فلسطين فمن الذي جعل الفلسطيني يعشق أرضه وقضيته وفي نفس الوقت جعل السوري يشتهي الهروب .كيف لجأت حماس مرة أخرة إلى دمشق لكي تحرر ارضها وكيف يفر ابن سوريا من أرضه لندقق هنا:
لايمكن لنا أن نقول إنه اختلاف ثقافات لأننا أبناء أمة سورية واحدة لكنها ثقافة الغاز والنفط والكراهية التي قدمت الواقع السوري بشكل ساخر وقميء إلى السوري المناوئ وغير المناوئ للدولة على التعمد في تقديم المشهد السوري المأساوي بأسلوب قبيح افقد البعض مجرد التفكير بالبقاء كرمى لمن فقدهم حتى لوكان من المسلحين .
الحرب تستسلم للأسد وترمي أسلحتها عند أقدام فرسانه لم ينتصر أحد على السوريين الأقحاح فحماس مع قدسية مقاومتها للمحتل عندما تحولت من محاربة تل ابيب الى محاربة دمشق لم تشفع لها مقاومتها للعدو الصهيوني في تشريع قتالها ضد الأسد فلا نفع لشرف القضايا إن لم تكن وجهة السلاح مبدأ ثابتا تجاه العدو الذي اكسبها عداؤه هذا الشرف .أقرب الناس لمعرفة موسى دمشق هم من يقارعون فرعون تل ابيب فالناظر إلى دمشق من غزة والضفة يعلم تماما أن القتال ضد سوريا يعني قتال موسى دمشق فكيف لك أن تحيا في مواجهة فرعون تل ابيب وتقاتل موسى دمشق حينها إما أن تكون موسويا في مواجهة فرعون تل ابيب أو تغرق في بحر النفط الخليجي ..عودة حماس اليوم يعني أن الأسد في حربه كان يدافع عن بقاء المقاومة فمن يطلق مصطلح الكيان المؤقت على تل ابيب لم يحارب من أجل استعادة دمشق فقط بل الأمة السورية كلها .لو يحدث وتقوم الفصائل الفلسطينية بتهجير بعض من قاتلوا بلادهم من السوريين إلى غزة ثم تجعلهم يعيشون كل المواجهات مع تل ابيب لرأوا بأمهات عيونهم أنهم كانوا يحاربون الله في دمشق وليس الأسد فقط ولتطهروا بالنار من رجس مافعلته بنادقهم بدمشق حصن فلسطين إنه لأول مرة في تاريخ الحروب ترى أن حصن المحاربين هو من خلفهم ودمشق خلف كل فلسطيني وأمام كل يهودي محتل ..مازالت الحرب تستسلم للأسد ومانشاهده اليوم هواستسلام للحرب الحرب التي فرضت على دمشق تهزم اليوم والصبر والوعي هما السلاحان اللذان سوف نحتاجهما مع كل لحظة قادمة لعودة سوريا إلى سوريا .
إنني أستغرب ممن ينادي بعودة قوة سوريا وعندما تكون منها القوة يرفضونها وفي وضع سوريا يجب علينا الاستثمار بالمتغيرات فلاوقت لدمشق إلا للعمل لصالح دمشق وليس لتصفية الحسابات ففي ساحات القتال كانت هناك العين بالعين فالسلام بالسلام والنار والحديد بمثليهما مع اعادة الحياة فلماذا لايريد البعض أن يعرف بأننا انتقلنا إلى حرب جديدة خارج سوريا وإن أردنا أن نتحدث عما فعله بعض قادة حماس علينا أن نذكر أنه وفي سوريا سبقهم سوريون بجنسية سورية وقلب عثماني فعلوا الكثير كذلك و ليست حماس فقط من حفر الأنفاق وحارب ضدنا بل هناك عشرات آلاف السوريين شاركوا في قتل وذبح وتقطيع جنودنا وضباط جيشنا ومقاتلته. من امتدت يده لقتل جيشنا قبل حماس هم أخوتنا في سوريا وليسوا من المكسيك ولهذا وجب قراءة هذه المتغير في مواجهة من كفر بنعمة سوريا لا في مواجهة الدولة علينا استخراج الدواء من السم فهل سيفهم أحدنا القصد؟؟!! ..نحن في حرب وجود والبعض يصر على قراءة الحرب من ذات الأنفاق التي حفرتها حماس في جسدها قبل أن تحفرها في جسد سوريا.من العبقرية أن نستثمر في عودة حماس وفي الحقيقة كانت هناك شروط سورية لعودة حماس وقد تم تنفيذها ومن بعدها استقبل القائد الأسد وفد حماس ..من الضعف والجهالة ألا تتخذ الدولة من خطوة حماس قوة ورقة في مواجهة الحرب التي فرضت علينا….عودة حماس تعني أن جزءا من الحرب على سوريا عاد ليكون مع سوريا ..عودة حماس تعني لجم التسعير الطائفي ضد سوريا وعودة لورقة قوة رابحة في يد دمشق .اليوم عادت دمشق إلى التماس مع تل ابيب عبر حماس ودمشق حاضرة من ذي قبل أيضا مع الفصائل الأخرى ولكن لعودة حماس عودة لدمشق في مكان لايرغب العدو أن تعود إليه .
عودة حماس أكبر من حماس نفسها ..حماس لم تعد إلى دمشق فقط بل حماس عادت إلى نفسها بعد أن عادت عن الخطأ الذي اعتقدته في يوم ما أنه ثورة ..